في ذكر مولده عليه السلام واسم أُمّه
الولادة المباركة
منذ 4 سنواتفي ذكر مولده عليه السلام واسم أُمّه
ولد عليه السلام بسرّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين من الهجرة ، روى ذلك محمد بن يعقوب الكلينيّ ، عن عليّ بن محمد (1).
وكان سنّه عند وفاة أبيه عليه السلام خمس سنين ، آتاه الله سبحانه الحكم صبيّاً كما آتاه يحيى ، وجعله في حال الطفوليّة إماماً كما جعل عيسى عليه السلام نبيّاً في المهد صبيّاً.
فمن الأخبار التي جاءت في ميلاده عليه السلام : ما رواه الشيخ أبو جعفر بن بابويه ، عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن رزق الله ، عن موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة ابن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهمالسلام قال : حدّثتني حكيمة بنت محمد بن علي الرضا عليهما السلام قالت : بعث إليّ أبو محمد الحسن بن عليّ عليهما السلام فقال : « يا عمّة ، إجعلي إفطارك الليلة عندنا ، فإنّها ليلة النصف من شعبان ، فإنّ الله تعالى سيظهر في هذه الليلة الحجّة وهو حجّته في أرضه ».
قال : فقلت له : ومن أمّه ؟
قال : « نرجس ».
قلت له : جعلني الله فداك ، ما بها أثر ! فقال : « هو ما أقول لك ».
قالت : فجئت فلمّا سلّمت وجلست جاءت تنزع خفيّ وقالت لي : يا سيّدتي كيف أمسيت ؟
فقلت : بل أنت سيّدتي وسيّدة أهلي.
قالت : فأنكرت قولي ، وقالت : ما هذا ؟!
فقلت لها : يا بنيّة ، إنّ الله تبارك وتعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاماً سيّداً في الدنيا والآخرة.
قالت : فخجلتْ واستحيتْ ، فلمّا أن فرغتُ من صلاة العشاء الآخرة أفطرتُ وأخذت مضجعي ، فرقدتُ ، فلمّا أن كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة ، ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث ، ثمّ جلستُ معقّبة ، ثمّ اضطجعتُ ، ثمّ انتبهتُ فزعة وهي راقدةٌ ، ثمّ قامت فصلّت ونامت.
قالت حكيمة : وخرجتُ أتفقّد الفجر ، فإذا أنا بالفجر الأول كذنب السرحان وهي نائمة ، قالت حكيمة : فدخلتني الشكوك فصاح بي أبو محمد من المجلس فقال : « لا تعجلي يا عمّة ، فهاك الأمر قد قرب ».
قالت : فجلست فقرأتُ « الم السجدة » و « يس » فبينما أنا كذلك إذ انتبهت فزعة فوثبتُ إليها فقلت : اسم الله عليك ، ثمّ قلت لها : هل تحسّين شيئاً ؟ قالت : نعم.
فقلتُ لها : اجمعي نفسك ، واجمعي قلبك ، فهو ما قلت لك.
قالت حكيمة : ثمّ أخذتني فترة وأخذتْها فترة ، فانتبهتُ بحسّ سيّدي ، فكشفتُ الثوب عنه فإذا به عليه السلام ساجداً يتلقّى الأرض بمساجده ، فضممته إليّ فإذا أنا به نظيف منظّف ، فصاح بي أبو محمد عليه السلام : « هلمّي إليّ ابني يا عمّة ».
فجئت به إليه ، فوضع يديه تحت أليتيه وظهره ، ووضع قدميه على صدره ، ثمّ أدلى لسانه في فيه ، وأمرّ يده على عينيه وسمعه ومفاصله ثمّ قال : « تكلّم يا بنيّ ».
فقال : « أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله » ثمّ صلّى على أمير المؤمنين وعلى الأئمّة عليهم السلام إلى أن وقف على أبيه ثمّ أحجم.
ثمّ قال أبو محمد عليه السلام : « يا عمّة إذهبي به إلى أمّه ليسلّم عليها ، وائتني به » فذهبت به فسلّم ورددته ووضعته في المجلس ، ثمّ قال عليه السلام : « يا عمّة إذا كان يوم السابع فائتينا ».
قالت حكيمة : فلمّا أصبحت جئت لاُسلّم على أبي محمد عليه السلام وكشفت الستر لأتفقّد سيّدي فلم أره ، فقلت له : جعلت فداك ما فعل سيّدي ؟
قال : « يا عمّة استودعناه الذي استودعت اُمّ موسى موسى ».
قالت حكيمة : فلمّا كان يوم السابع جئت وسلّمت وجلست فقال : « هلمّي إليّ ابني » فجئت بسيّدي عليه السلام وهو في الخرقة ، ففعل به كفعلته الاُولى ، ثمّ أدلى لسانه في فيه كأنّما يغذّيه لبناً أو عسلاً ثمّ قال : « تكلّم يا بنيّ ».
فقال عليه السلام : « أشهد أن لا إله إلّا الله » وثنّى بالصلاة على محمد وعلى أمير المؤمنين عليهما السلام وعلى الأئمة حتى وقف على أبيه عليهم السلام ، ثمّ تلا هذه الآية ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ ) (2).
قال موسى : فسألت عقبة الخادم عن هذا فقال : صدقت حكيمة (3).
وروى الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ره) قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان القمّي قال : حدّثني أبو عبدالله الحسن بن يعقوب قال : حدّثنا محمد بن يحيى العطّار قال : حدّثنا الحسين بن عليّ النيسابوريّ. قال : حدّثني إبراهيم بن محمد بن عبدالله بن موسى بن جعفر [ عن السيّاري ] (4) قال : حدّثني نسيم خادم الحسن بن عليّ ومارية قالا : لمّا سقط صاحب الزمان عليه السلام من بطن أُمّه سقط جاثياً على ركبتيه رافعاً سبّابتيه إلى السماء ، ثمّ عطس فقال : « الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمد وآله ، زعمت الظلمة أنّ حجّة الله داحضة ، ولو أُذن لنا في الكلام لزال الشكّ » (5).
قال إبراهيم بن محمد : وحدّثني نسيم الخادم قال : قال لي صاحب الزمان ـ وقد دخلت عليه بعد مولده بليلة فعطست ـ فقال : « يرحمك الله » ، قال نسيم : ففرحت بذلك.
فقال : « ألا أُبشّرك بالعطاس ؟ » فقلت : بلى.
فقال : « هو أمان من الموت ثلاثة أيّام » (6).
الهوامش
1. أورد الكليني رحمه الله تعالى في الكافي (1 : 431) باباً أسماه بمولد الصاحب عليه السلام ، ذكر في صدره : ولد عليه السلام للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، ثم أورد جملة مختلفة من الروايات مختلفة التواريخ ، إلّا انّا لم نعثر على الرواية المذكورة أعلاه ، والمروية عن عليّ بن محمد ، ولعله من سهو القلم ، أو اشتباهات النساخ ، والله تعالى هو العالم.
2. القصص 28 : 5 ـ 6.
3. كمال الدين : 424 / 1.
4. أثبتناه من غيبة الشيخ الطوسي.
5. غيبة للطوسي : 244 / 211 ، وكذا في : كمال الدين : 430 / 5 ، الهداية الكبرى : 357 ، اثبات الوصية : 221 ، الخرائج والجرائح 1 : 457 / 2.
6. غيبة الطوسي : 232 / 200 ، وكذا في : كمال الدين : 430 / ذيل حديث 5 و 441 / 11 ، الهداية الكبرى : 358 ، اثبات الوصية : 221 ، الخرائج والجرائح 1 : 465 / 11 و 2 : 693 / 7.
مقتبس من كتاب : [ إعلام الورى ] / المجلّد : 2 / الصفحة : 214 ـ 217
التعلیقات