في ذكر مولده عليه السلام واسم أُمّه
الولادة المباركة
2024 Oct 8في ذكر مولده عليه السلام واسم أُمّه
ولد عليه السلام بسرّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين من الهجرة ، روى ذلك محمد بن يعقوب الكلينيّ ، عن عليّ بن محمد (١).
وكان سنّه عند وفاة أبيه عليه السلام خمس سنين ، آتاه الله سبحانه الحكم صبيّاً كما آتاه يحيى ، وجعله في حال الطفوليّة إماماً كما جعل عيسى عليه السلام نبيّاً في المهد صبيّاً.
فمن الأخبار التي جاءت في ميلاده عليه السلام : ما رواه الشيخ أبو جعفر بن بابويه ، عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن رزق الله ، عن موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة ابن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهمالسلام قال : حدّثتني حكيمة بنت محمد بن علي الرضا عليهما السلام قالت : بعث إليّ أبو محمد الحسن بن عليّ عليهما السلام فقال : « يا عمّة ، إجعلي إفطارك الليلة عندنا ، فإنّها ليلة النصف من شعبان ، فإنّ الله تعالى سيظهر في هذه الليلة الحجّة وهو حجّته في أرضه ».
قال : فقلت له : ومن أمّه ؟
قال : « نرجس ».
قلت له : جعلني الله فداك ، ما بها أثر ! فقال : « هو ما أقول لك ».
قالت : فجئت فلمّا سلّمت وجلست جاءت تنزع خفيّ وقالت لي : يا سيّدتي كيف أمسيت ؟
فقلت : بل أنت سيّدتي وسيّدة أهلي.
قالت : فأنكرت قولي ، وقالت : ما هذا ؟!
فقلت لها : يا بنيّة ، إنّ الله تبارك وتعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاماً سيّداً في الدنيا والآخرة.
قالت : فخجلتْ واستحيتْ ، فلمّا أن فرغتُ من صلاة العشاء الآخرة أفطرتُ وأخذت مضجعي ، فرقدتُ ، فلمّا أن كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة ، ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث ، ثمّ جلستُ معقّبة ، ثمّ اضطجعتُ ، ثمّ انتبهتُ فزعة وهي راقدةٌ ، ثمّ قامت فصلّت ونامت.
قالت حكيمة : وخرجتُ أتفقّد الفجر ، فإذا أنا بالفجر الأول كذنب السرحان وهي نائمة ، قالت حكيمة : فدخلتني الشكوك فصاح بي أبو محمد من المجلس فقال : « لا تعجلي يا عمّة ، فهاك الأمر قد قرب ».
قالت : فجلست فقرأتُ « الم السجدة » و « يس » فبينما أنا كذلك إذ انتبهت فزعة فوثبتُ إليها فقلت : اسم الله عليك ، ثمّ قلت لها : هل تحسّين شيئاً ؟ قالت : نعم.
فقلتُ لها : اجمعي نفسك ، واجمعي قلبك ، فهو ما قلت لك.
قالت حكيمة : ثمّ أخذتني فترة وأخذتْها فترة ، فانتبهتُ بحسّ سيّدي ، فكشفتُ الثوب عنه فإذا به عليه السلام ساجداً يتلقّى الأرض بمساجده ، فضممته إليّ فإذا أنا به نظيف منظّف ، فصاح بي أبو محمد عليه السلام : « هلمّي إليّ ابني يا عمّة ».
فجئت به إليه ، فوضع يديه تحت أليتيه وظهره ، ووضع قدميه على صدره ، ثمّ أدلى لسانه في فيه ، وأمرّ يده على عينيه وسمعه ومفاصله ثمّ قال : « تكلّم يا بنيّ ».
فقال : « أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله » ثمّ صلّى على أمير المؤمنين وعلى الأئمّة عليهم السلام إلى أن وقف على أبيه ثمّ أحجم.
ثمّ قال أبو محمد عليه السلام : « يا عمّة إذهبي به إلى أمّه ليسلّم عليها ، وائتني به » فذهبت به فسلّم ورددته ووضعته في المجلس ، ثمّ قال عليه السلام : « يا عمّة إذا كان يوم السابع فائتينا ».
قالت حكيمة : فلمّا أصبحت جئت لاُسلّم على أبي محمد عليه السلام وكشفت الستر لأتفقّد سيّدي فلم أره ، فقلت له : جعلت فداك ما فعل سيّدي ؟
قال : « يا عمّة استودعناه الذي استودعت اُمّ موسى موسى ».
قالت حكيمة : فلمّا كان يوم السابع جئت وسلّمت وجلست فقال : « هلمّي إليّ ابني » فجئت بسيّدي عليه السلام وهو في الخرقة ، ففعل به كفعلته الاُولى ، ثمّ أدلى لسانه في فيه كأنّما يغذّيه لبناً أو عسلاً ثمّ قال : « تكلّم يا بنيّ ».
فقال عليه السلام : « أشهد أن لا إله إلّا الله » وثنّى بالصلاة على محمد وعلى أمير المؤمنين عليهما السلام وعلى الأئمة حتى وقف على أبيه عليهم السلام ، ثمّ تلا هذه الآية ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ ) (٢).
قال موسى : فسألت عقبة الخادم عن هذا فقال : صدقت حكيمة (٣).
وروى الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ره) قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان القمّي قال : حدّثني أبو عبدالله الحسن بن يعقوب قال : حدّثنا محمد بن يحيى العطّار قال : حدّثنا الحسين بن عليّ النيسابوريّ. قال : حدّثني إبراهيم بن محمد بن عبدالله بن موسى بن جعفر [ عن السيّاري ] (٤) قال : حدّثني نسيم خادم الحسن بن عليّ ومارية قالا : لمّا سقط صاحب الزمان عليه السلام من بطن أُمّه سقط جاثياً على ركبتيه رافعاً سبّابتيه إلى السماء ، ثمّ عطس فقال : « الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمد وآله ، زعمت الظلمة أنّ حجّة الله داحضة ، ولو أُذن لنا في الكلام لزال الشكّ » (٥).
قال إبراهيم بن محمد : وحدّثني نسيم الخادم قال : قال لي صاحب الزمان ـ وقد دخلت عليه بعد مولده بليلة فعطست ـ فقال : « يرحمك الله » ، قال نسيم : ففرحت بذلك.
فقال : « ألا أُبشّرك بالعطاس ؟ » فقلت : بلى.
فقال : « هو أمان من الموت ثلاثة أيّام » (٦).
الهوامش
١. أورد الكليني رحمه الله تعالى في الكافي (١ : ٤٣١) باباً أسماه بمولد الصاحب عليه السلام ، ذكر في صدره : ولد عليه السلام للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، ثم أورد جملة مختلفة من الروايات مختلفة التواريخ ، إلّا انّا لم نعثر على الرواية المذكورة أعلاه ، والمروية عن عليّ بن محمد ، ولعله من سهو القلم ، أو اشتباهات النساخ ، والله تعالى هو العالم.
٢. القصص ٢٨ : ٥ ـ ٦.
٣. كمال الدين : ٤٢٤ / ١.
٤. أثبتناه من غيبة الشيخ الطوسي.
٥. غيبة للطوسي : ٢٤٤ / ٢١١ ، وكذا في : كمال الدين : ٤٣٠ / ٥ ، الهداية الكبرى : ٣٥٧ ، اثبات الوصية : ٢٢١ ، الخرائج والجرائح ١ : ٤٥٧ / ٢.
٦. غيبة الطوسي : ٢٣٢ / ٢٠٠ ، وكذا في : كمال الدين : ٤٣٠ / ذيل حديث ٥ و ٤٤١ / ١١ ، الهداية الكبرى : ٣٥٨ ، اثبات الوصية : ٢٢١ ، الخرائج والجرائح ١ : ٤٦٥ / ١١ و ٢ : ٦٩٣ / ٧.
مقتبس من كتاب : [ إعلام الورى ] / المجلّد : ٢ / الصفحة : ٢١٤ ـ ٢١٧
التعلیقات