الراضي بفعل قوم كان شريكاً معهم
الشيخ محمد كنعان
منذ سنتينالراضي بفعل قوم كان شريكاً معهم
رُبَّ قائل يقول لماذا هذا الأصرار على لعن قاتلي الإمام الحسين عليه السلام ؟ وهل بقي منهم أحد حتّى يأتي الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف يقتصّ منه ويأخذ بثأر جدّه وينتقم من قتلته ؟
الجواب على السؤال ينقسم إلى قسمين ، وفي بداية الأمر نطلب من السائل أن يسمع بتعقل ويتبصّر في درك مفاهيم الجواب :
القسم الأوّل : بإجماع المسلمين : من رضي بفعل قوم كان شريكاً معهم (1).
فاليوم الشخص الذي يخرج على الفضائية في برنامج ويقول أمير المؤمنين يزيد ين معاوية بن أبي سفيان كان حاكماً مسلماً ملكاً من ملوك الإسلام يرضى به كخلفية هذا ، هو راضي بقتل الإمام الحسين عليه السلام. حتى لو لم يصرّح بذلك لكن هذا القول له ملازمات ، ان التمسّك بشرعيّة حكم يزيد بن معاوية يعني التمسّك بكل ما نتج عن هذا الحكم ، وبالتالي هذا راضي بفعل القوم بل استحقّ نفس عقابهم أيّ شاركهم في عملهم.
القسم الثاني : آيات كثيرة في كتاب الله المنزّل تتحدّث مع قوم محمّلة إيّاهم مسؤوليّة سابقة عليهم ، مثلاً : ( وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ ) (2) ، حال عندما خاطبهم المولى في هذا الأمر لم يكن عندهم المنّ والسّلوى حيث نزل على من سبقهم ومع ذلك خاطبهم بخطاب الجمع ، ماذا يقول المولى جلّ جلاله عندما حكى مع بني اسرائيل : ( فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ ) (3) لماذا لم يقل قتلتم وقال تقتلون أشركهم بعد 500 عام في فعال آبائهم ( فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) ، المخاطبين لم يقتلوا بل الذين قبلهم قاموا بهذا الفعل ولكن أشركهم في المسؤوليّة. (4)
الهوامش
1. بحار الأنوار « للشيخ المجلسي » / المجلّد : 65 / الصفحة : 130 ـ 131 / الناشر : دار إحياء التراث العربي / الطبعة : 3 : عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال :
يا عطيّة سمعت حبيبي رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : من أحبَّ قوماً حشر معهم ، ومن أحبَّ عمل قوم اُشرك في عملهم ...
نهج البلاغة « للسيّد الرضي » / الصفحة : 499 / تحقيق : صبحي صالح / الحكمة : 154 :
وقال عليه السلام : الرَّاضِي بِفِعْلِ قَوْمٍ كَالدَّاخِلِ فِيهِ مَعَهُمْ. وَعَلَى كُلِّ دّاخِلٍ فِي بَاطِلٍ إثْمَانِ الْعَمَلِ بِهِ ، وَإِثْمُ الرِّضَى بِهِ.
2. البقرة : 57.
3. البقرة : 91.
4. البرهان في تفسير القرآن « للسيّد هاشم البحراني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 280 / الناشر : مؤسسة البعثة :
عن أبي عمرو الزبيريّ عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال الله في كتابه يحكي قول اليهود : ( إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ ) الآية ، وقال : ( فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) وإنما أنزل هذا في قوم يهود ، وكانوا على عهد محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يقتلوا أنبياء الله بأيديهم ولا كانوا في زمانهم ، وإنما قتل أوائلهم الذين كانوا من قبلهم فنزلوا بهم أولئك القتلة ، فجعلهم الله منهم وأضاف إليهم فعل أوائلهم بما تبعوهم وتولوهم.
التعلیقات