هل مجلس توسّل أهل البيت عليهم السلام يكون فيه الخير بحيث لا يصيب أهله الأمراض خاصّة ؟
السيّد جعفر علم الهدى
منذ سنةالسؤال :
ذكر انّ أهل البيت بركة وخير ، فهل يعني إذا المؤمن قرأ مجلس ولو بسيط في البيت هل هذا المجلس يكون فيه الخير بحيث لا يصيب أهله الأمراض خاصّة مرض كروونا الذي أصاب العالم ؟ أليس نقول مجلس عاشوراء فيه البركة ؟
الجواب :
الدعاء والتوسل وطلب البركة من مجالس أهل البيت عليهم السلام لا ينافي مع مراعات الاحتياطات والجهات الطبيّة والوقائيّة ، بل وهكذا مراعات جميع الأسباب والعلل التكوينيّة ، فانّ الله تعالى أبى ان يجري الأمور إلّا بأسبابها ، والدعاء أو التوسّل انّما هو لتحصيل هذه الأسباب الطبيعيّة أو لضمان تأثيرها.
نعم ، قد يؤثر التوسّل والدعاء وإقامة مجالس العزاء بعد اليأس عن الأسباب الظاهريّة بنحو غيبي وبإعجاز النبي والإمام المعصوم عليهما السلام ، لكن ليس لذلك ضمان قطعي ، إذ هو تابع لإرادة المعصوم عليه السلام وإعمال قدرته بإذن الله تعالى.
فالنبي عيسى عليه السلام أحيى الموتى وأبرء الأكمه والأبرص بإذن الله تعالى ، لكن لم يحيى جميع الموتى كما لم يبرء جميع المرضى. والله تعالى وعد باستجابة الدعاء فقال : ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [ غافر : 60 ] ، ولكن معذلك أمرنا ان نتبع في حياتنا الأسباب الطبيعيّة ، بمعنى تحصيل ما نريده بالعلل التكوينيّة ، ولذا ورد انّ الله تعالى لا يستجيب لمن يدعو للرزق مع قدرته على العمل والكسب ، ولكنّه يترك ذلك ويدعو الله ان يرزقه ؛ فان الله يقول له : ألم أعطك القدرة على الكسب ، فلماذا تترك ذلك وتدعو للرزق ؟ نعم الذي يشتغل بالكسب والعمل لأجل الرزق يمكن ان يدعو لنجاح عمله وكسبه وحصول البركة في رزقه.
وكذلك ورد انّ نبيّاً من الأنبياء مرض فصار يدعو الله لشفائه ، وقال في نفسه لا أراجع الطبيب حتّى يشفيني الله تعالى. فأوحى الله إليه : لا أعافيك إلّا بعد ان تراجع الطبيب.
فنحن نعتقد ان المجالس الحسينيّة والزيارة والدعاء والتوسل لها آثار وبركات وكرامات واعجازات ، بل تربة الإمام الحسين عليه السلام شفاء من كلّ داء ، والاستغاثة والتمسح بالمراقد الشريفة توجب الشفاء والعافية ، لكن معذلك نوصي المؤمنين بمراعات الوقاية والاحتياطات والمعالجات الطبيّة ، وهذه وصيّة الأئمّة عليهم السلام أنفسهم. فإن العلل الطبيعيّة ومنها الفيروسات والمكروبات تؤثر في انحراف صحّة الانسان ، فالذي ابتلي بذلك يمكنه ان يطلب الشفاء من الله تعالى أو الإمام المعصوم عليهم السلام بإذن الله بعد استعمال الأدوية لتؤثر تلك الأدوية في العلاج ، وكذلك مع اليأس عن العلاج بالأدوية إذ يصل حينئذ دور الإعجاز والشفاء بالتوسّل والتبرّك والدعاء. لكن لا ضمان لمن يلقى نفسه في معرض الإصابة بالأمراض ، ان يستجيب الله تعالى دعائه بالشفاء ، أو ان لا يؤثر فيه أسباب المرض ، كما لا ضمان ان يشفيه النبي أو الإمام عليه السلام بالإعجاز ، وان كان المأمول منهم ذلك ، لكن الكلام في الضمان وعدم الابتلاء قطعاً.
وممّا يدلّ على ما ذكرناه انّ اغلب عليهم السلام استشهدوا بالسموم التي دسّت اليهم من قبل الظالمين ، وهذا يعني انّ السم قد أثّر في جسم الإمام المعصوم عليه السلام ، مع انّه كان له القدرة على ان يمنع من تأثير السمّ ، كما حصل للإمام الحسن عليه السلام ذلك مرّات عديدة ، لكنّهم لا يشاؤون إلّا ان يشاء الله ولا يسبقونه بالقول ويعملون ما يؤمرون.
وكذلك نرى الأئمّة عليهم السلام يعالجون أنفسهم ويأمرون شيعتهم بعلاجات يصفونها لهم مع قدرتهم على تحصيل الشفاء لهم ولشيعتهم بالإعجاز والكرامة.
وقد ورد عنهم الأمر بالوقاية ، كقولهم عليهم السلام : الحميّة أصل كلّ دواء.
التعلیقات