القضاء والقدر واختيار الانسان
القضاء والقدر
منذ 15 سنةالمصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج2 ، ص 189
(189)
الثانية : إن كون التقدير والقضاء العينيَّين منه سبحانه لا يلازم كون
الإنسان مسلوب الاختيار ؛ لأنّ المفروض أنَّ الحرية والاختيار من
الخصوصيات الموجودة فيه ، فالله سبحانه قدر وجوده بخصوصيات كثيرة منها
كونه فاعلاً بالاختيار مقابل الفواعل الطبيعية الّتي لا تفعل إلا عن جبر
طبيعي.
كما أنّه سبحانه إذ قضى بأفعال الإنسان ، فإنّما قضى على صدورها منه
عن طريق المبادئ الموجودة فيه الّتي منها الحرية والاختيار . فقضى قضاءً
تكوينيّاً بصدور فعل الإنسان منه عن اختياره وحريته التامة . وعلى ذلك فكون
التقدير والقضاء العينيَّين منه سبحانه لا يسلب الاختيار عن فاعل مختار مثل
الإنسان.
نعم ، لو قدره بغير هذه الخصوصية ، وقضى على صدور فعله منه لا
عن هذا الطريق ، لكان لما توهم مجال . وسيوافيك توضيح ذلك عند
البحث عن العلميَّين منهما.
هذان هما التقدير والقضاء العينيَّان ، وهناك معنى آخر للعيني من القضاء
والقدر يستفاد من آيات كثيرة ، والمعنيان غير متزاحمين ، غير أنا نعبر عن
المعنى الأوّل بالقضاء والتقدير العينيَّين الجزئيَّين ، وعن الآخر بالعينيَّين
الكلّيَّين . وإليك بيان ذلك القسم الآخر:
التعلیقات