لا معبود سوى الله
التوحيد
2014 Jul 18المصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج٢، ص ٨٥ ـ ٨٦
(٨٥)
التوحيد في العبادة
(٩)
لا معبود سوى الله
التَّوحيد في العبادة ممّا اتفق على اختصاصه بالله سبحانه جميع
المسلمين بل الإِلهيّين ، فلا يسجل اسم احد في سِجِلّ الموحدين أو
المسلمين إلاّ أن يُخَصّص العبادة بالله وحده ، فلو عممها له ولغيره ، لا يكون
مسلماً ولا موحداً.
وهذه القاعدة الكلية لا يشكّ فيها أي مسلم ، كيف والقرآن يصرّح بأن
الغاية والهدف الأسنى من بعث الأنبياء هو الدعوة إلى التوحيد في العبادة ،
قال سبحانه: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا
الطَّاغُوتَ }(١). وشعار المسلمين من لدن بعثة النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ
إلى يومنا هذا هو تخصيص العبادة بالله سبحانه ، كيف وهم يقرأون في
صلواتهم :{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}(٢). وكانت مكافحة النبي ـ صلى
الله عليه وآله وسلم ـ للثنويين تتركز على هذه النقطة غالباً كما هو ظاهر لمن راجع
القرآن الكريم.
وبالجملة ، لا تجد مسلماً ينكر أصل الضابطة والقاعدة بل الكل
ــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سورة النّحل: الآية ٣٦.
(٢) سورة الفاتحة: الآية ٥.
________________________________________
(٨٦)
متفقون على صحتها قائلون بأنّ استحقاق العبادة من شؤون الربوبية ، فمن
كان ربّاً فهو مستحق للعبادة ، وإذ لا ربّ سواه فلا معبود سواه. وإنّما
الكلام في تشخيص مصاديقها وجزئياتها عن غيرها ، وهذه هي المشكلة
الوحيدة في هذا الفصل ؛ فإنَّ جلّ من يَعُدّون بعض الأفعال عبادة لم يتوفقوا
في تحديد العبادة تحديداً منطقياً يتميز به مصداق العبادة عن غيرها . فلأجل
ذلك ضربوا الكل بسهم واحد ، فخلطوا العبادة بغيرها ، وأجروا على الكل
حكم الشّرك . ومن هنا يجب على الباحث الكلامي تحديد مفهوم العبادة
حتى يتميز مصداقها عن مصداق غيرها كالخضوع والتعظيم.
وهذا البحث هو البحث الرئيسي في هذا الفصل ، وليس للباحث غنى
عنه ، ونحن نرسل الكلام في الموضوع لما نجد فيه من الأهمية الخاصة في
هذه الأعصار.
التعلیقات