صور التقيّة في كتب العامّة
السيّد ثامر هاشم العميدي
منذ 15 سنةصور التقيّة في كتب العامّة
المبحث الأوّل : الصور القوليّة في التقيّة
روى العامّة الكثير من التقيّة القوليّة الصادرة عن الصحابة والتابعين وغيرهم ، منبهين على أن الأخبار أو الآثار التي سنوردها من كتب العامّة في هذا الفصل لا تعبر بالضرورة عن إلتزامنا بدلالتها على التقيّة واقعاً ؛ لا سيّما فيما سيأتي من الصور الفعليّة في المبحث الثاني ؛ لكون بعضها أقرب إلى النفاق منه إلى التقيّة ، وإلّا فهو على أقلّ تقدير من التقيّة ، ولكن في غير موضعها المطلوب شرعاً.
ومهما يكن ، فسوف نذكر من الصور القوليّة في التقيّة ما يأتي :
تقيّة عمّار بن ياسر :
وهي أوضح من نار على علم ، والإطالة فيها إطالة في الواضحات ، ويكفي أنّه نزل في عذره على ما واقى المشركين عليه من القول ، قرآناً مبيناً ، وقد علم الكلّ منزلة عمّار من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ويكفي أنّه ملئ إيماناً من فرقه إلى قدمه.
تقيّة ابن مسعود :
عن الحارث بن سويد قال : « سمعتُ عبدالله بن مسعود يقول : ما من ذي سلطان يريد أن يكلفني كلاماً يدرأ عنّي سوطاً أو سوطين إلّا كنت متكلماً به ».
أخرجه ابن حزم في المحلى ، وقال : « ولا يعرف له من الصحابة رضي الله عنهم مخالف » (1).
تقيّة أبي الدرداء وأبي موسى الأشعري :
أخرج البخاري في صحيحه بسنده عن أبي الدرداء أنّه كان يقول : « إنّا لنكشر في وجوه أقوام ، وإن قلوبنا لتلعنهم » (2).
وقد بيّنا سابقاً من نسب هذا القول إلى أبي موسى الأشعري ، كما ورد نظيره عند الإماميّة منسوباً إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام ، وقد تقدّم أيضاً.
تقيّة ثوبان وإباحته الكذب في بعض المواطن :
أورد عنه الغزالي أنّه كان يقول : « الكذب إثم إلّا ما نفع به مسلماً ، أو دفع عنه ضرراً » (3).
علماً بأن التقيّة لم تكن من الكذب كما يتصوّرها بعض الجهلاء ، ويدلّ على ذلك أنّ الله تعالى أخرجها عن حكم الإفتراء فقال عزَّ وجلَّ : ( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ * مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ) (4).
قال تاج الدين الحنفي في تفسيره : « والمعنى : إنّما يفتري الكذب من كفر بالله من بعد إيمانه ، واستثنى منه المكره ، فلم يدخل تحت حكم الإفتراء » (5).
أقول : أخرج ابن أبي الدنيا بسنده عن سوار بن عبدالله ، قال : « إنّ ميموناً (6) كان جالساً وعنده رجل من قرّاء أهل الشام ، فقال : إنّ الكذب في بعض المواطن خير من الصدق ، فقال الشامي : لا ، الصدق في كلّ المواطن خير. فقال ميمون : أرأيت لو رأيت رجلاً وآخر يتبعه بالسيف ، فدخل الدار فانتهى إليك فقال : أرأيت الرجل ؟
ما كنت فاعلاً ؟
قال : كنت أقول : لا.
قال : فذاك » (7).
على أن الكذب هو ما عقد كذباً ، والتقيّة إنّما تعقد للإحسان ، والإصلاح ، ودفع الضرر ، وتحقيق المصالح المشروعة ، وفي الحديث الشريف : « إنّما الأعمال بالنيّات » ، ثمّ كيف تكون التقيّة كذباً ! وقد اتّقى قومَه أشرفُ الأنبياء والمرسلين صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟
تقيّة أبي هريرة :
أخرج البخاري بسنده عن أبي هريرة أنّه قال : « حفظت من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعاءين : فأمّا أحدهما ، فبثثته.
وأمّا الآخر ، فلو بثثته قطع هذا البلعوم » (8).
وقد صرّح ابن حجر في فتح الباري بأن العلماء حملوا الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي تبيّن أسامي أمراء السوء وأحوالهم ، وأنّه كان يكني عن بعضه ولا يصرّح به خوفاً على نفسه منهم ، كقوله : « أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان » يشير إلى حكم يزيد بن معاوية ؛ لأنّها كانت سنة ستّين من الهجرة (9).
تقيّة ابن عبّاس من معاوية مع وصفه بالحمار :
أخرج الطحاوي بسنده عن عطاء أنّه قال : « قال رجل لابن عبّاس رضي الله عنه : هل لك في معاوية أوترَ بواحدة ؟ وهو يريد أن يعيب معاوية فقال ابن عبّاس : أصاب معاوية ».
هذا في الوقت الذي بيّن فيه الطحاوي ما يدلّ على إنكار ابن عبّاس صحّة صلاة معاوية ، فقد أخرج بسنده عن عكرمة ، قال : « كنت مع ابن عبّاس عند معاوية نتحدّث حتّى ذهب هزيع من الليل ، فقام معاوية فركع ركعة واحدة ، فقال ابن عبّاس : من أين ترى أخذها الحمار ؟ ».
قال الطحاوي بعد ذلك « وقد يجوز أن يكون قول ابن عبّاس : ـ أصاب معاوية ـ على التقيّة له » ثمّ أخرج عن ابن عبّاس في الوتر أنّه ثلاث (10).
أقول : هو عين التقيّة ، إذ كيف يستصوب حبر الاُمّة صلاة حمار !
تقيّة سعيد بن جبير وسعيد بن المسيّب :
أخرج أبو عبيدة القاسم بن سلام عن حسان بن أبي يحيى الكندي ، قال : سألت سعيد بن جبير عن الزكاة ؟ فقال : ادفعها إلى ولاة الأمر.
قال : فلمّا قام سعيد تبعته ، فقلت : إنّك أمرتني أن أدفعها إلى ولاة الأمر ، وهم يصنعون بها كذا ، ويصنعون بها كذا ؟! فقال : ضعها حيث أمرك الله ، سألتني على رؤوس الناس فلم أكن لأخبرك (11).
وأخرج أيضاً عن قتادة أنّه سأل سعيد بن المسيّب السؤال نفسه ؟ فسكت ابن المسيّب ولم يجبه.
قال الدكتور الهراس في هامشه : « يظهر أن سعيداً رحمه الله كان لا يرى دفع الزكاة إلى ولاة بني أميّة ، ولهذا سكت » (12).
هذا وقد أورد العلّامة الأميني تقيّة سعيد بن المسيب من سعد بن أبي وقاص في سؤاله إيّاه عن حديث الغدير ، فراجع (13).
تقيّة رجاء بن حيوة :
قال القرطبي المالكي : « وقال إدريس بن يحيى : كان الوليد بن عبدالملك يأمر جواسيس يتجسّسون الخلق ، ويأتون بالأخبار ، فجلس رجل منهم في حلقة رجاء بن حيوة فسمع بعضهم يقع في الوليد ، فرفع ذلك إليه.
فقال : يا رجاء ! أُذكَرُ بالسوء في مجلسك ولم تغيّر ؟!
فقال : ما كان ذلك يا أمير المؤمنين.
فقال له الوليد : قل الله الذي لا إله إلّا هو.
قال : الله الذي لا إله إلّا هو.
فأمر الوليد بالجاسوس ، فضُرب سبعين سوطاً. فكان يلقى رجاء فيقول : يا رجاء ! بك يُستسقى المطر وسبعين سوطاً في ظهري !!
فيقول رجاء : سبعون سوطاً في ظهرك خيرٌ لك من أن يُقتل رجل مسلم » (14).
أقول : إنّ تقية رجاء هنا مضاعفة.
أمّا أوّلاً ، فبإظهاره خلاف الواقع تقيّة.
وأمّا ثانياً ، فبمخاطبته لمثل الوليد الفاسق اللعين بخطاب الموافقين تقيّة أيضاً.
وقد حصل نظير هذه التقيّة لسعيد بن أشرس صاحب مالك بن أنس مع سلطان تونس ، إذ كان قد آوى رجلاً يطلبه السلطان ، ولما أُحضر أنكر ذلك وحلف بأنّه ما آواه ولا يعلم له مكاناً (15).
تقيّة واصل بن عطاء :
قال ابن الجوزي الحنبلي : خرج واصل بن عطاء يريد سفراً في رهط ، فاعترضهم جيش من الخوارج فقال واصل : « لا ينطقن أحد ودعوني معهم ، فقصدهم واصل ، فلمّا قربوا بدأ الخوارج ليُوقِعوا.
فقال : كيف تستحلّون هذا وما تدرون من نحن ، ولا لأيّ شيءٍ جئنا ؟ فقالوا : نعم ، من أنتم ؟ قال : قوم من المشركين جئناكم لنسمع كلام الله.
قال : فكفوا عنهم ، وبدأ رجل منهم يقرأ القرآن ، فلمّا أمسك قال واصل : قد سمعت كلام الله ، فأبلغنا مأمننا حتّى ننظر فيه وكيف ندخل في الدين ! فقال : هذا واجب ، سيروا.
قال : فسرنا والخوارج والله معنا يحموننا فراسخ ، حتّى قربنا إلى بلد لا سلطان لهم عليه ، فانصرفوا » (16).
تقيّة عمرو بن عبيد المعتزلي :
بعد ثورة إبراهيم بن عبدالله وأخيه محمّد ذي النفس الزكيّة على المنصور العباسي التي انتهت بقتلهما ، قال المنصور يوماً لعمرو بن عبيد : « بلغني أن محمّداً بن عبدالله بن الحسن كتب إليك كتاباً » قال عمرو : قد جاءني كتاب يشبه أن يكون كتابه.
قال : فبم أجبته ؟ قال : أوليس قد عرفت رأيي في السيف أيّام كنت تختلف إلينا ، أنّي لا أراه ؟!
قال المنصور : أجل ، ولكن تحلف لي ليطمئنّ قلبي !! قال عمرو : لئن كذبتك تقيّة ، لأحلفنَّ لك تقيّة. قال المنصور : والله ، والله ، أنت الصادق البرّ » (17).
تقيّة أبي حنيفة من القاضي ابن أبي ليلى :
أخرج الخطيب البغدادي في تاريخه بسنده عن سفيان بن وكيع قال : « جاء عمر بن حماد بن أبي حنيفة فجلس إلينا ، فقال : سمعتُ أبي حماد يقول : بعث ابن أبي ليلى إلى أبي حنيفة فسأله عن القرآن ؟ فقال : مخلوق. فقال : تتوب وإلّا أقدمت عليك ؟ قال : فتابعه فقال : القرآن كلام الله.
قال : فدار به في الخلق يخبرهم أنّه قد تاب من قوله : القرآن مخلوق.
فقال أبي : فقلت لأبي حنيفة : كيف صرت إلى هذا وتابعته ؟
قال : يا بنيّ خفت أن يقدم عليَّ فأعطيته التقيّة » (18).
ولعدم جدوى الاكثار من صور التقيّة القولية سنكتفي في اختتام هذا المبحث بما قاله الشيخ مرتضى اليماني بهذا الصدد فيما نقله عنه جمال الدين القاسمي في تفسيره.
قال : « وزاد الحق غموضاً وخفاءً أمران :
أحدهما : خوف العارفين مع قلتهم من علماء السوء ، وسلاطين الجور وشياطين الخلق ، مع جواز التقيّة عند ذلك بنصّ القرآن ، وإجماع أهل الإسلام ، ومازال الخوف مانعاً من إظهار الحقّ ، ولا برح المحقّ عدواً لأكثر الخلق .. » (19).
المبحث الثاني : الصور الفعليّة في التقيّة
إنّ الأفعال الواردة تقيّة ، المنسوبة إلى الصحابة أو التابعين وغيرهم من علماء المذاهب والفرق الإسلاميّة في كتب العامّة أكثر من أن تحصى ، وسوف نقتطف منها ما يأتي :
ما فعله ابن مسعود وابن عمر :
كان ابن مسعود يتّقي من الوليد بن عقبة بن أبي معيط والي عثمان على المدينة ، فيصلّي خلفه ، على الرغم من أنّ الوليد هذا كان مشهوراً بالفسق وشرب الخمر ، حتّى أنّه جُلد على شرب الخمر في عهد عثمان (20) ، وكان يأتي المسجد ثملاً ويؤمّ الصحابة في الصلاة.
وفي شرح العقيدة الطحاوية : « أنّه صلّى بهم الصبح مرّة أربعاً !! ثمّ قال : أزيدكم ؟ فقال له ابن مسعود : مازلنا معك منذ اليوم في زيادة » (21).
وأمّا ابن عمر فقد كان يصلّي خلف العتاة الفاسقين ويأتمّ بهم كالحجّاج بن يوسف الثقفي (22) وكان المعروف عنه أنّه « لا يأتي أمير إلّا صلّى خلفه وأدّى إليه زكاة ماله » (23).
وفي حديث جابر بن عبدالله الأنصاري ، قال : « سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على منبره يقول : لا تؤمّنَ امرأة رجلاً ، ولا يؤمّ أعرابي مهاجراً ، ولا يؤمّ فاجرٌ مؤمناً إلّا أن يقهره بسلطانه أو يخاف سوطه أو سيفه ».
وبهذا الحديث احتجّ ابن قدامة الحنبلي قائلاً : « لا تجوز الصلاة خلف المبتدع والفاسق في غير جمعة وعيد ، يصلّيان بمكان واحد من البلد ، فان من خاف منه إن ترك الصلاة خلفه ، فانّه يصلّي خلفه تقيّة ثمّ يعيد الصلاة » (24).
ومنه يعلم أنّه لا معنى لصلاة ابن مسعود وابن عمر خلف الفاسقين غير التقيّة.
ويؤيّد خوف ابن مسعود من الظالمين ما مرّ في تقيّته القوليّة من قوله : « ما من سلطان يريد أن يكلفني كلاماً يدرأ عنّي سوطاً أو سوطين إلّا كنت متكلّماً به ».
وأمّا خوف ابن عمر فيدلّ عليه مبايعته ليزيد بن معاوية وإنكاره على عبدالله بن مطيع خروجه على يزيد أبان ما كان من موقعة الحرّة الشهيرة (25) مع أنّ يزيد كان فاسقاً كافراً بإجماع أهل الحقّ من هذه الاُمّة.
ويدلّ على خوفه أيضاً ما رواه الهيثمي بسنده عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : « سمعتُ الحجّاج يخطب ، فذكر كلاماً أنكرته ، فأردت ان أغيّر ، فذكرت قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « لا ينبغي للمؤمن أن يذلّ نفسه ، قال : قلت : يا رسول الله ! كيف يذلّ نفسه ؟ قال : يتعرّض من البلاء لما لا يطيق » (26).
ويظهر من تاريخ ابن عمر أنّه وقرَ هذا الحديث في سمعه وطبقه في غير موضعه مراراً في حياته.
منها : مبايعته ليزيد حينما خاف سيفه ولم ينكر عليه كما أنكر الأحرار من هذه الاُمّة.
ومنها : أنّه حينما أمن من سوط أمير المؤمنين علي عليه السلام ، وسيفه ، لم يبايعه واعتزل الأمر ، ولو كان هناك أدنى خوف على حياته لبايع راغماً.
ومنها : سكوته على التعريض المباشر الذي وجهه إليه معاوية بعد أحداث قصّة التحكيم المعروفة بقوله كما في صحيح البخاري : « من كان يريد أن يتكلّم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه ، ولنحن أحقّ به منه ومن أبيه » (27).
وقد صرّح العلماء بأنّ مراد معاوية بقوله : « منه ومن أبيه » هو التعريض بابن عمر ، أيّ : ولنحن أحقّ به من عبدالله بن عمر ومن أبيه عمر بن الخطاب (28).
وقد فهم ابن عمر هذا التعريض ولكنّه سكت هلعاً من معاوية وزبانيّته ، باعترافه هو كما في ذيل حديث البخاري ، قال ابن عمر : « فحللت حبوتي ، وهممت أن أقول : أحقّ بهذا الأمر من قاتلك وأباك على الإسلام ، فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع ، وتسفك الدم ».
ما فعله عبدالله بن حذافة السهمي القرشي :
هذا الصحابي أرسله رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بكتابه إلى كسرى يدعوه إلى الإسلام ، في قصّة مشهورة ، وقد أسرته الروم في بعض غزواته على قسارية في عهد عمر ، واكرهه ملك الروم على تقبيل رأسه فلم يفعل فقال له في قول ابن عباس : « قبّل رأسي وأطلقك وأطلق معك ثمانين من المسلمين. قال : أما هذه فنعم ، فقبّل رأسه وأطلقه ، وأطلق معه ثمانين من المسلمين ، فلمّا قدموا على عمر بن الخطاب قام إليه عمر فقبّل رأسه ، قال : فكان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يمازحون عبدالله ، فيقولون : قبلت رأس علجٍ. فيقول لهم : أطلق الله بتلك القبلة ثمانين من المسلمين » (29).
ما فعله جابر بن عبدالله الأنصاري مع بسر بن أبي أرطأة :
أورد اليعقوبي في تاريخه : أن معاوية وجّه بسر بن أبي أرطأة في ثلاثة آلاف رجل إلى المدينة ثمّ مكّة ثمّ صنعاء ليدخل الرعب في نفوس المسلمين ، فطبق وصيّته حتّى أنّه خطب بأهل المدينة وشتمهم قائلاً : يا معشر اليهود وأبناء العبيد .. أما والله لأوقعن بكم وقعة تشفي غليل صدور المؤمنين .. ودعا الناس إلى بيعة معاوية فبايعوه ، .. وتفقد جابر بن عبدالله ..
فانطلق جابر بن عبدالله الأنصاري إلى أُمّ سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : إنّي خشيت أن أقتل ، وهذه بيعة ضلال ؟
قالت : « إذن فبايع ، فإن التقيّة حملت أصحاب الكهف على أن كانوا يلبسون الصلب ، ويحضرون الأعياد مع قومهم » (30).
ونظيرها في رواية ابن أبي الحديد أيضاً (31).
ما فعله حذيفة بن اليمان :
هذا الرجل الصحابي كان معروفاً بالمداراة ، حتّى قال السرخسي الحنفي في مبسوطه : « وقد كان حذيفة رضي الله عنه ممّن يستعمل التقيّة على ما روي أنّه يداري رجلاً ، فقيل له : إنّك منافق !! فقال : لا ، ولكنّي اشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كلّه » (32).
ما فعله الزهري في كتم فضائل أمير المؤمنين علي عليه السلام :
أخرج ابن الأثير في أُسد الغابة في ترجمة جندع الأنصاري الأوسي بسنده عن محمّد بن مسلم بن شهاب الزهري قال : « سمعت سعيد بن جناب يحدث عن أبي عنفوانة المازني ، قال : سمعت أبا جنيدة جندع بن عمرو بن مازن ، قال : سمعتُ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : « من كذّب عليَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار » وسمعته وإلّا صُمَّتا يقول : وقد انصرف من حجّة الوداع ، فلمّا نزل غدير خم ، قام في الناس خطيباً وأخذ بيد علي ، وقال : « من كنت وليّه فهذا وليّه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه ».
قال عبيدالله : فقلت للزهري : لا تحدث بهذا بالشام ، وأنت تسمع ملء أذنيك سب عليٍّ.
فقال : والله إنّ عندي من فضائل علي ما لو تحدّثت بها لقتلت » (33).
أقول : وقد كان زيد بن أرقم الصحابي المعروف يتّقي من الاُمويين وأذنابهم في كتم حديث الغدير ، وقد أشار لهذا أحمد في مسنده من طريق ابن نمير ، عن عطية العوفي قال : « سألت زيد بن أرقم فقلت له : إنّ ختناً لي حدّثني عنك بحديث في شأن علي يوم غدير خم ، فأنا أحبّ أن اسمعه منك ؟
فقال : إنّكم معشر أهل العراق فيكم ما فيكم ! فقلت له : ليس عليك منّي بأس ... الخبر » (34).
ما فعله أبو حنيفة مع المنصور العبّاسي :
كان أبو حنيفة يجاهر في أمر إبراهيم بن عبدالله بن الحسن ، ويفتي الناس بالخروج معه على المنصور العبّاسي ، ولكن لما انتهت ثورة إبراهيم بقتله ، تولّى أبو حنيفة نفسه مهمّة الإشراف على ضرب اللِّبن وعدّه في بناء مدينة بغداد بأمر المنصور العباسي (35).
ولا شكّ أنّه كان كارهاً لذلك ، ولكنّه اتّقى من بطش المنصور في هذه الوظيفة التي كُلِّف بها من قبل المنصور نفسه الذي كان على علم بموقفه من ثورة إبراهيم بن عبدالله ، فحاول أن يجد مبرّراً لقتله في هذه المهمّة ، ولكن أبا حنيفة أدرك ذلك منه فاتّقاه في قبول ذلك العمل.
ومن تقيّته الفعليّة مع المنصور أيضاً ما رواه الخطيب في تاريخه من أن أبا حنيفة قبل قضاء الرصافة في آخر أيّامه بعد الضغط الشديد عليه بحيث لم يجد بداً من ذلك.
وقد أيّد هذا ابن خلكان أيضاً ، فذكر أن المنصور لمّا أتم بناء مدينة بغداد أرسل إلى أبي حنيفة ، وعرض عليه قضاء الرصافة فأبى ، فقال المنصور : إن لم تفعل ضربتك بالسياط ! قال أبو حنيفة : أو تفعل ؟
قال : نعم.
فقعد أبو حنيفة في القضاء يومين ، فلم يأته أحد ، فلمّا مضى يومان اشتكى أبو حنيفة ستّة أيّام ثمّ مات (36).
ما فعله مالك بن أنس مع الأمويين والعباسيين :
ويدلّ على تقيّته من الاُمويين ما قاله الذهبي في ميزان الإعتدال ، قال :
« وقال مصعب ، عن الدراوردي ، قال : لم يرو مالك عن جعفر ، حتّى ظهر أمر بني العبّاس » (37).
وقد صرّح أمين الخولي ـ ت / ١٣٨٥ هـ ـ ، بان امتناع مالك بن أنس من الرواية عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام في عهد الاُمويين ، إنّما هو بسبب خشيته منهم (38).
وأمّا عن تقيّته من العباسيين فهي كنار على علم لا تخفى على معظم الباحثين المطلعين على حياته في ظلّ الدولة العباسيّة.
فقد كان مؤيّداً لثورة محمّد بن عبدالله وأخيه إبراهيم على المنصور العباسي ولكن سرعان ما تمّ توطيد العلاقة بينه وبين المنصور نفسه بفضل التقيّة حتّى أصبح ذلك الرجل الناقم على المنصور جبروته وطغيانه والمفتي بالخروج عليه والمحث على خلع بيعته ، هو نفسه كما جاء في مقدّمة تحقيق كتابه الموطأ الرجل الذي يأمر بحبس من يشاء ، أو يضرب من يريد وفي دولة المنصور نفسه (39).
المبحث الثالث : صور التقيّة في فقه العامّة
الأحكام الشرعيّة الفرعيّة : إمّا عبادات كالصوم والصلاة ، أو معاملات.
والمعاملات : إمّا أن تكون عقوداً مثل البيع والشراء ، أو إيقاعات كالطلاق والعتق ، أو أحكاماً مثل الحدود والتعزيرات.
ومع كون التقيّة من الفروع الشرعيّة بلا خلاف ، إلّا أنّ فقهاء العامّة لم يفردوا لها عنواناً باسم التقيّة في كتبهم الفقهيّة ، وإنّما بحث معظمهم مسائلها في قسم العقود من المعاملات ، وتحديداً في كتاب الإكراه.
والسبب في ذلك هو علاقة التقيّة بالإكراه مع دخول كلّ منهما في أغلب الفروع الشرعيّة. وهذا السبب ليس كافياً في الواقع ، فالشهادات مثلاً مع صلتها الوثقى بالقضاء ، ودخولها في أغلب الفروع إلّا أنّهم أفردوا لها عنواناً ، وكذلك الحال مع الإقرار والصلح وغيرهما من العناوين الفقهيّة ، وهذا ما يسجّل ثغرة في المنهج الفقهي الخاصّ بترتيب مسائل الفقه وتبويبها.
بل ، وثمّة إشكال آخر على بحث مسائل التقيّة تحت عنوان الإكراه ؛ لما مرّ سابقاً من انتفاء الإكراه في بعض أقسام التقيّة ، ولهذا ترك بعضهم مسائلها موزعة على مواردها في أغلب الأبواب الفقهيّة.
ومن هنا صار بحث التقيّة فقهيّاً بحثاً مضنياً يتطلب الرجوع إلى أبواب الفقه كافّة ، بغية الوقوف على مسائلها ، وهو ما حاولنا القيام به ، مع مراعاة الإختصار باجتناب الإطالة ما أمكن ، والإكتفاء بالأهمّ دون المهمّ ، والبعد عن كلِّ ما فيه من غموض أو تعقيد.
وقد ارتأينا تقسيم مسائلها على غرار التقسيم الفقهي السائد لفروع الأحكام ، مسبوقاً بما اتّصل منها بركن الرسالة الأعظم : الإيمان بالله تعالى ورسوله الكريم صلّى الله عليه وآله وسلّم ، أو بالأخلاق والآداب العامّة كما في مداراة الناس ومعاشرتهم بالحسنى ، كما سنبينه قبل ذلك التقسيم ، وعلى النحو الآتي.
أولاً : افتاء فقهاء العامّة بجواز التقيّة في لبّ العقيدة وجوهرها :
ويدلّ عليه أمور :
١ ـ إفتاؤهم بجواز تلفّظ كلمة الكفر بالله تعالى والقلب مطمئن بالإيمان ، عند الإكراه عليها :
وقد مرّ في دليل الإجماع أكثر من تصريح لهم بالإجماع على ذلك (40).
٢ ـ إفتاؤهم بجواز سبّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في حال التقيّة :
وهو ما أفتى به الفرغاني الحنفي وغيره (41).
٣ ـ إفتاؤهم بجواز ردّ أقوال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الصحيحة في حال التقيّة :
نقل ابن حزم الأندلسي عن إسحاق بن راهويه أنّه قال : « من بلغه عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خبر يقرّ بصحّته ثمّ ردّه من غير تقيّة فهو كافر » ، ويُفهَم منه جواز الردّ في حال التقيّة.
ثمّ قال ابن حزم معقّباً على ما نقله عن إسحاق بن راهويه ما هذا لفظه :
« ولم نحتجّ في هذا بإسحاق ، وإنّما أوردناه لئلّا يظنّ جاهل إنّنا متفرّدون بهذا القول ، وإنّما احتججنا في تكفيرنا من استحلّ خلاف ما صحّ عنده عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بقول الله تعالى مخاطباً لنبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (42) » (43).
٤ ـ إفتاؤهم بجواز السجود إلى الصنم في مالو أُكره المسلم عليه.
وهذا هو ما صرّح به القرطبي المالكي وابن جزي الكلبي المالكي أيضاً (44).
وإذا كان كلّ هذا جائزاً عندهم في حال التقيّة ، فمن باب أولى جوازها عندهم في سائر أصول العقيدة ، بل وفي سائر فروعها أيضاً. وكيف ينال المسك وتسلم فأرته ؟
ثانياً : افتاؤهم بجواز التقيّة في الآداب والأخلاق العامّة :
ويدلّ عليه قول الشيخ المراغي : « ويدخل في التقيّة مداراة الكفرة ، والظلمة ، والفسقة ، وإلانة الكلام لهم ، والتبسّم في وجوههم ، وبذل المال لهم لكفّ أذاهم ، وصيانة العرض منهم ، ولا يُعدّ هذا من الموالاة المنهي عنها ، بل هو مشروع » (45).
ولعلّ في مداراة الفرقة الوهابيّة لسائر المسلمين في عدم تهديم قبر النبي صلّى الله عليه وآله وإظهارهم في ذلك بخلاف ما يعتقدون بشأن هدم القبور مطلقاً خير دليل على تقيّتهم المداراتيّة.
ثالثاً : افتاؤهم بجواز التقيّة في العبادات :
ونكتفي بأهمّ العبادات التي جوزوا التقيّة فيها وقس عليها ما سواها.
١ ـ جواز التقيّة في الصلاة خلف الفاسق :
مرّ سابقاً عن ابن قدامة الحنبلي قوله : « لا تجوز الصلاة خلف المبتدع والفاسق في غير جمعة وعيد ، فيصلّيان بمكان واحد من البلد ، فان من خاف منه إن تَرَكَ الصلاة خلفه ، فإنّه يصلّي خلفه تقيّة ثمّ يعيد الصلاة ».
٢ ـ جواز ترك الصلاة تقيّة :
اتّفق المالكيّة والحنفيّة والشافعية على جواز ترك الصلاة المفروضة في مالو أُكره المسلم على تركها (46).
٣ ـ جواز الإفطار في شهر رمضان تقيّة :
صرّح المالكيّة والحنفيّة والشافعيّة بعدم ترتب الإثم على من أفطر في شهر رمضان تقيّة بسبب ضغط الإكراه عليه (47).
٤ ـ الإفتاء العجيب بشأن الإفطار المتعمّد قبل الإكراه عليه :
ومن الفتاوى العجيبة الداخلة في دائرة التقيّة عند الاحناف ، ما رواه ابن زياد عن أبي حنيفة ، كما في قول الفرغاني الحنفي : إنّه لو أفطر الصائم في يوم من أيّام شهر رمضان عن عمد وإصرار ، ثمّ أكرهه السلطان بعد ساعة أو ساعتين على إفطاره المتعمّد على السفر في ذلك اليوم ، فانّه سيكون حكمه حكم المكره ، وتسقط عنه الكفّارة (48).
٥ ـ سقوط الكفّارة عمّن جامع امرأته كرهاً في شهر رمضان :
قال الفرغاني : « لو أُكرِه الرجل على أن يجامع امرأته في شهر رمضان فلا كفّارة عليه ويجب القضاء » (49).
رابعاً : افتاؤهم بجواز التقيّة في المعاملات :
القسم الأول ـ العقود :
وتقتصر على بعض مسائله وهي :
١ ـ جواز التقيّة في البيع والشراء : تصحّ التقيّة فيهما بلا خلاف بين المالكيّة والحنفيّة (50) ، كما صحّحها غيرهم كالظاهريّة (51).
٢ ـ جوازها في الوكالة : صرّح القرطبي المالكي كما مرَّ في تقية أصحاب الكهف بالاتّفاق على صحّة توكيل الإنسان حال التقيّة ، فراجع.
٣ ـ جوازها في الهبة : وهي أيضاً ممّا تصحّ فيه التقيّة عند المالكيّة والحنفيّة والظاهريّة ، مشروطة بقيد الإكراه عليها (52).
القسم الثاني ـ الإيقاعات :
ونكتفي منها بالصور الآتية :
١ ـ جواز التقيّة في الطلاق : لو طلّق الإنسان زوجته تقيّة بسبب الإكراه ، فهل يصحّ الطلاق ، أو لا يصحّ ، بمعنى : هل يقع الطلاق تقيّة أو لا ؟
اختلفوا في ذلك على قولين ، أحدهما الوقوع ، والآخر عدمه.
فمن أجاز طلاق المكره ، هم : أبو قلابة ، والشعبي ، والنخعي ، والزهري ، وأبو حنيفة ، وصاحباه ، قالوا : لأنّه طلاق من مكلّف في محلّ يملكه ، فينفد كطلاق غير المكره.
وأمّا من ذهب إلى عدم وقوع مثل هذا الطلاق ؛ لأنّه وقع تقيّة بلا رضا الزوج فهم : أمير المؤمنين علي عليه السلام ، وعمر بن الخطاب ، وعبدالله بن عبّاس ، وابن الزبير ، وجابر بن سمرة ، وعبدالله بن عبيد بن عمير ، وعكرمة ، والحسن البصري ، وجابر بن زيد ، وشريح القاضي ، وعطاء ، وطاوُس ، وعمر بن عبدالعزيز ، وابن عون ، وأيّوب السختياني ، ومالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأبو عبيد ، صرّح بكلّ هذا ابن قدامة الحنبلي واختار القول الثاني (53).
وهو الصحيح الذي عليه المالكيّة (54) ، والشافعيّة (55) ، والحنبليّة (56) ، كما اختاره بعض فقهاء الاحناف (57).
٢ ـ جوازها في العتق : تجوز التقيّة فيه عند المالكيّة (58) وغيرهم (59) ، مع عدم ترتب آثارها بمعنى عدم وقوع العتق في حال التقيّة ، لحصوله من غير رضا المُعتِق.
٣ ـ جوازها في اليمين الكاذبة : لو حلف إنسان بالله كاذباً ، فلا كفّارة عليه إن كان مكرهاً على اليمين ، وله ذلك تقيّة على نفسه ، وتكون يمينه غير ملزمة عند مالك والشافعي وأبي ثور ، وأكثر العلماء على حدّ تعبير النووي الشافعي ، واستدلّ بحديث : « ليس على مقهور يمين » (60).
أقول : صرّح بهذا الشافعي ونسبه إلى عطاء بن أبي رياح (61) وقد أفتى به غير واحد من فقهاء المالكيّة (62) ونقل القرطبي عن ابن الماجشون : إنّه لا فرق في ذلك بين ان تكون اليمين طاعة لله تعالى ، أو معصية ، وإنّه لاحنث عند الإكراه على اليمين الكاذبة (63) وهذا هو محلّ اتّفاق فقهاء الأحناف (64).
وقد كان مالك بن أنس يقول لأهل المدينة في شأن بيعتهم للطاغية المنصور العبّاسي : إنّكم بايعتم مكرهين ، وليس على مكره يمين (65) يحثّهم بهذه الفتيا على الخروج مع إبراهيم بن عبدالله بن الحسن للثورة على المنصور.
القسم الثالث ـ الأحكام :
١ ـ جواز التقيّة في الأطعمة والأشربة المحرّمة :
أفتى القرطبي المالكي بجواز التقيّة في شرب الخمر (66) وقالت الحنفيّة : تجوز التقيّة إذا كان الاقدام على الفعل أولى من الترك ، وقد تجب إذا صار بالترك آثماً ، كما لو أُكرِه على أكل لحم الميتة أو أكل لحم الخنزير ، أو شرب الخمرة (67) وهذه المحرّمات المذكورة تجوز كلّها إن كان المتّقي بإتيانها مكرهاً عليها بغير القتل ، وأمّا لو كان الإكراه عليها بالقتل ، فقد صرّح الشافعيّة بوجوبها (68).
وقال ابن حزم الظاهري : « فمن أكره على شرب الخمر أو أكل الخنزير أو الميتة أو الدم أو بعض المحرّمات ، أو أكل مال مسلم أو ذمي ، فمباح له أن يأكل ويشرب ولا شيء عليه لأحد ولا ضمان » (69). وقد عرفت أن التقيّة في شرب الخمر ممنوعة عند فقهاء الشيعة ما لم يصل الإكراه إلى حد القتل.
٢ ـ جوازها في الزنا : إذا أكره الرجل على إرتكاب هذه الجريمة ، واتّقى على نفسه بارتكابها فهل يسقط الحدّ عليه أو لا ؟
اختلفوا على قولين :
أحدهما : سقوط الحدّ عنه ، وهو قول القرطبي المالكي (70) وابن العربي المالكي (71) والفرغاني الحنفي (72) وابن قدامة الحنبلي (73) وابن حزم (74) وقال أبو حنيفة : يسقط الحدّ إن كان الإكراه من السلطان ، وإلّا حُدّ استحساناً (75).
والآخر : إقامة الحدّ على الزاني تقيّة ويغرّم مهرها ، وهو قول مالك بن أنس ، والشافعي ، وقال أبو حنيفة لا يجب المهر (76).
وأمّا لو استكرهت المرأة على الزنا ، فلا حدّ عليها ، قولاً واحداً (77).
٣ ـ جوازها في الدماء : تقدّم أنّ أهل البيت عليهم السلام صرّحوا بأنّ التقيّة إنّما شرعت لحقن الدم ، وإنّه إذا بلغت التقيّة الدم فلا تقيّة ، وبهذا أفتى فقهاء الشيعة إقتداءً بأهل البيت عليهم السلام.
وقد وافقهم على هذا من فقهاء العامّة مالك بن أنس (78).
وهو ظاهر المذهب المالكي ، قال ابن العربي المالكي : « قال علماؤنا : المكرَه على إتلاف المال يلزمه الغرم ، وكذلك المكرَه على قتل الغير يلزمه القتل » (79). وهو أحد قولي الشافعي (80). وخالف بذلك أبو حنيفة وصاحبه أبو يوسف.
فقال أبو حنيفة : يصحّ الإكراه على القتل ، ولكن يجب القصاص على المكره ، دون المأمور.
وقال أبو يوسف : يصحّ الإكراه على القتل ولا يجب القصاص على أحد ، وكان على الآمر دية المقتول في ماله في ثلاث سنين (81) !!
واعترف بهذا الكاساني الحنفي ، قائلاً : « والمكرَه على القتل لا قصاص عليه عند أبي حنيفة وصاحبه محمّد ، ولكن يعزر القاتل ، ويجب القصاص على المكرِه.
وعند أبي يوسف لا يجب القصاص لا على المكرِه ولا على المكرَه ، وإنّما تجب الدية على الأوّل » (82).
وقد اعتذر السرخسي الحنفي عن أبي يوسف عن فتياه العجيبة هذه ، فقال : « وكان هذا القول لم يكن في السلف ، وإنّما سبق به أبو يوسف واستحسنه » (83).
أقول : ومن فروع هذه المسألة عند أبي حنيفة وصاحبه محمّد بن الحسن الشيباني ، أنّه يجوز للرجل أن يتّقي في قتل أبيه ، ولا يحرم من ميراثه.
قال الفرغاني الحنفي : « لو أُكرِه الرجل على قتل موروثه بوعيد قتل فَقَتَل ، لا يحرم القاتل من الميراث ، وله أن يقتُل المُكرِه قصاصاً لموروثه في قول أبي حنيفة ومحمّد » (84).
والخلاصة ، إنّ المذهب الحنفي يجوز التقيّة في الدماء !! وهو أحد قولي الشافعي (85).
٤ ـ جوازها في قطع الأعضاء : تصحّ التقيّة في قطع أعضاء الإنسان ، ولا قصاص في ذلك لا على الآمر ولا على المأمور ، بل تجب الدية عليهما معاً من مالهما عند أبي يوسف (86) !!
والأعجب من كلِّ هذا ، جوازها في قطع الأعضاء تبرّعاً من غير إضطرار أو إكراه !!!
إنّه لو أكرَه السلطان رجلاً على أن يقطع يدَ رجُلٍ فقطعها ، ثمّ قطع يدَه الاُخرى ، أو رجله تطوّعاً من غير إكراه من السلطان ، وإنّما قطعها إختياراً ، فهل يجب عليه القصاص فيما قطعه مختاراً أو لا ؟
الجواب : لا قصاص عليه ، ولا على السلطان ، بل تجب عليهما الدية من مالهما عند أبي يوسف (87) !!
٥ ـ جوازها في هتك الأعراض !! : ومن فتاوى العامّة المخجلة حقّاً تجويزهم التقيّة على الإنسان في هتك عرضه وشرفه وناموسه ، وعليه أن يقف ذليلاً وبكلّ نذالة وهو يرى الإعتداء على شرفه ولا يدفع عنه شيئاً ! ففي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي المالكي أنّه إذا أُكرِه الإنسان على تسليم أهله لما لا يحلّ ، أسلمها ، ولم يقتل نفسه دونها ، ولا احتمل أذية في تخليصها (88).
٦ ـ جوازها في قذف المحصنات : تجوز التقيّة في قذف المحصنات عند الجصاص الحنفي (89) وقد زاد على ذلك السرخسي ، جواز الإفتراء على المسلم تقيّة (90).
٧ ـ جوازها في إتلاف مال المسلم : جوّز الحنفيّة والشافعيّة وغيرهم التقيّة في إتلاف مال المسلم لمن يُكرَه على ذلك ، ولا ضمان عليه وإنّما الضمان على من أكرهه (91).
وأطلق الإمام الزيدي أحمد بن يحيى بن المرتضى القول بإباحة مال الغير بشرط الضمان في حال التقيّة (92).
٨ ـ جوازها في شهادة الزور : صرّح السيوطي الشافعي بجواز شهادة الزور عند الإكراه عليها ، فيما لو كانت تلك الشهادة في إتلاف الأموال (93)
كلمة أخيرة عن سعة التقيّة في فقه المذاهب الأربعة :
لقد تركنا الكثير جدّاً من المسائل التي جوّز فيها فقهاء العامّة التقيّة بغية للإختصار ، كتجويزهم التقيّة مثلاً في : الصدقة ، والإقرار ، والنكاح ، والإجارة ، والمباراة ، والكفالة ، والشفعة ، والعهود ، والتدبير ، والرجعة بعد الطلاق والظهار ، والنذر ، والإيلاء ، والسرقة ، وغيرها من الفروع الشرعيّة (94) ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات. ومن هنا قال المالكيّة : « الإكراه ، إذا وقع على فروع الشريعة لا يؤخذ المكره بشيء » (95).
تصريحهم بجوازها في كلّ شيء :
وهو ما صرّح به موسى جار الله التركماني بقوله : « والتقيّة هي : وقاية النفس من اللائمة والعقوية ، وهي بهذا المعنى من الدين ، جائزة في كلِّ شيء » (96).
وقال أيضاً : « التقيّة في سبيل حفظ حياته ، وشرفه ، وحفظ ماله ، وفي حمايته ، حقّ من حقوقه واجبة على كلِّ أحد إماماً كان أو غيره » وبهذا وغيره ممّا مرّ في فصول هذا البحث يتّضح أنّه لا مجال لأحد في النقاش بمشروعيّة التقيّة في الإسلام ، ولا مجال لإنكارها بحال من الأحوال ، وانّ إنكارها مرض طبعت عليه قلوب المنافقين ، والحمد لله ربِّ العالمين.
الهوامش
1. المحلّى / ابن حزم ٨ : ٣٣٦ مسألة ١٤٠٩ ، دار الآفاق الجديدة ، بيروت.
2. صحيح البخاري ٨ : ٣٧ ، كتاب الأدب ، باب المداراة مع الناس.
3. إحياء علوم الدين / الغزالي ٣ : ١٣٧.
4. سورة النحل : ١٦ / ١٠٥ ـ ١٠٦.
5. الدرّ اللقيط من البحر المحيط / تاج الدين الحنفي ٥ : ٥٣٧ ـ ٥٣٨ في تفسير الآيتين المتقدّمتين.
6. هو ميمون بن مهران التابعي ـ ت / ١١٧ هـ ـ.
7. الإشراف على مناقب الأشراف / ابن أبي الدنيا : ١١٨ / ٢١٦ ، دار الكتب العلميّة ، بيروت / ١٤١٢ هـ.
8. صحيح البخاري ١ : ٤١ كتاب العلم ، باب حفظ العلم ـ آخر أحاديث الباب ـ.
9. فتح الباري / ابن حجر العسقلاني ١ : ١٧٣.
10. شرح معاني الآثار / الطحاوي ١ : ٣٨٩ ، باب الوتر ، ط ٢ ، دار الكتب العلميّة ، بيروت / ١٤٠٧ هـ.
11. كتاب الأموال / أبو عبيدة القاسم بن سلام : ٥٦٧ / ١٨١٣ ، تحقيق الدكتور محمّد خليل هراس ، ط ١ ، دار الكتب العلميّة ، بيروت / ١٤٠٦ هـ.
12. كتاب الأموال : ٥٦٥ / ١٨٠١.
13. الغدير / العلّامة الأميني ١ : ٣٨٠ ، ط ٥ ، دار الكتاب العربي ، بيروت / ١٤٠٣ هـ.
14. الجامع لأحكام القرآن / القرطبي ١٠ : ١٢٤.
15. الجامع لأحكام القرآن ١٠ : ١٢٤.
16. كتاب الأذكياء / ابن الجوزي : ١٣٦ ، ط ١ ، دار الكتب العلميّة ، بيروت / ١٤٠٥ هـ.
17. تاريخ بغداد / الخطيب البغدادي ١٢ : ١٦٨ ـ ١٦٩ / ٦٦٥٢ في ترجمة عمرو بن عبيد المعتزلي.
18. تاريخ بغداد ١٣ : ٣٧٩ ـ ٣٨٠ / ٧٢٩٧ في ترجمة أبي حنيفة تحت عنوان « ذكر الروايات عمّن حكى عن أبي حنيفة القول بخلق القرآن ».
19. محاسن التأويل / جمال الدين القاسمي ٤ : ٨٢ ، ط ٢ ، دار الفكر ، بيروت / ١٣٩٨ هـ.
20. صحيح مسلم ٣ : ١٣٣١ / ١٧٠٧ كتاب الحدود ، باب الخمر.
21. شرح العقيدة الطحاويّة / القاضي الدمشقي ٢ : ٥٣٢ ، ط ١ ، مؤسسة الرسالة ، بيروت / ١٤٠٨ هـ.
22. المصنف / ابن أبي شيبة ٢ : ٣٧٨ ، الدار السلفيّة ، بومباي ، الهند. والسنن الكبرى / البيهقي ٣ : ١٢٢ ، دار المعرفة ، بيروت.
23. الطبقات الكبرى / ابن سعد ٤ : ١٤٩.
24. المغني / ابن قدامة ٢ : ١٨٦ ، ١٩٢. والحديث في سنن ابن ماجة ١ : ٣٤٣ ـ نقلنا ذلك من بحث « التقيّة في آراء علماء المسلمين / الشيخ عباس علي براتي : ٨٢ » منشور في مجلة رسالة الثقلين ، العدد الثامن ، السنة ١٤١٤ هـ ، إصدار المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام ، قم ـ.
25. صحيح مسلم ٣ : ١٤٧٨ / ١٨٥١ ، كتاب الامارة ، باب رقم ١٣.
26. كشف الأستار عن زوائد مسند البزار على الكتب الستة / نور الدين الهيثمي ٤ : ١١٢ / ٣٣٢٣ ، ط ٢ ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ١٤٠٤ هـ.
27. صحيح البخاري ٥ : ١٤٠ كتاب بدء الخلق ، باب غزوة الخندق.
28. اُنظر ما قاله العيني في عمدة القاري ١٧ : ١٨٥ ١٨٦. وابن حجر في فتح الباري ٧ : ٢٢٣. والقسطلاني في إرشاد الساري ٦ : ٣٢٤ ـ ٣٢٥ ، كلّهم في شرح حديث البخاري المتقدّم.
29. أُسد الغابة في معرفة الصحابة / ابن الأثير ٣ : ٢١٢ ـ ٢١٣ / ٢٨٨٩ في ترجمة عبدالله بن حذافة ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.
30. تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٩٧ ـ ١٩٩ ، دار صادر ، بيروت.
31. شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد ٢ : ٩ ـ ١٠ ، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم ، ط ٢ ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت / ١٣٨٥ هـ.
32. المبسوط / السرخسي ٢٤ : ٤٦ ، من كتاب الإكراه.
33. أُسد الغابة ١ : ٣٦٤ / ٨١٢.
34. مسند أحمد ٤ : ٣٦٨ واُنظر تعليق العلّامة الأميني عليه في الغدير ١ : ٣٨٠.
35. تاريخ الطبري ١ : ١٥٥ في حوادث سنة ١٤٥ هـ. وأحكام القرآن / الجصاص ١ : ٧٠ ـ ٧١ في تفسير الآية ١٢٤ من سورة البقرة.
36. تاريخ بغداد / الخطيب البغدادي ١٣ : ٣٢٩. ووفيات الأعيان / ابن خلكان ٥ : ٤٧ ، دار صادر ، بيروت / ١٣٩٨ هـ.
37. ميزان الإعتدال ١ : ٤١٤ / ١٥١٩.
38. مالك بن أنس / أمين الخولي : ٩٤ ، ط ١ ، القاهرة / ١٩٥١ م.
39. راجع مقدّمة تحقيق كتاب الموطأ ، ط ١ ، دار القلم ، بيروت / ١٣٨٢ هـ. مؤسسة آل البيت.
40. انظر : الجامع لأحكام القرآن / القرطبي المالكي ١٠ : ١٨٠. وأحكام القرآن / ابن العربي المالكي ٣ : ١١٧٧ / ١١٨٢. والمبسوط / السرخسي الحنفي ٢٤ : ٤٨. وبدائع الصنائع / الكاساني الحنفي ٧ : ١٧٥ ، ط ٢ ، دار الكتاب العربي ، بيروت / ١٤٠٢ هـ. وأحكام القرآن / محمّد بن إدريس الشافعي ٢ : ١١٤ ـ ١١٥ ، دار الكتب العلميّة ، بيروت / ١٤٠٠ هـ. والمغني / ابن قدامة الحنبلي ٨ : ٢٦٢ ، ط ١ ، دار الفكر ، بيروت / ١٤٠٤ هـ.
41. فتاوى قاضيخان / الفرغاني الحنفي ٥ : ٤٨٩ وما بعدها ، مطبوع بهامش الفتاوى الهنديّة ، ط ٤ ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت / ١٤٠٦ هـ.
42. سورة النساء : ٤ / ٦٥.
43. الإحكام في أصول الأحكام / ابن حزم الأندلسي ١ : ٩٧.
أقول : وقد بيّنا في مدخل كتاب مطارحات في الفكر والعقيدة « إصدار مركز الرسالة » حجم المخالفات الحاصلة لأقوال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وسنّته الصريحة الصحيحة الثابتة بعد غيابه صلّى الله عليه وآله وسلّم مباشرة من غير تقيّة ، ولا حاجة هنا لبيانها ، ومن أرادها فليطلبها من هناك. ولو لم يكن من بين جميع تلك المخالفات إلّا التمسّك بالصلاة المبتورة المنهيّ عنها في قبال التامّة المأمور بها كما في جميع كتب الصحاح والسنن والمسانيد والمجاميع والمستدركات لكفى ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله.
44. الجامع لأحكام القرآن / القرطبي ١٠ : ١٨٠. وتفسير ابن جزي الكلبي المالكي : ٣٦٦ دار الكتاب العربي ، بيروت / ١٤٠٣ هـ.
45. تفسير المراغي ٣ : ١٣٦ ـ ١٣٧ ، وقد صرّح بجواز المداراة المعتزلة كما في مسائل الهادي يحيى بن الحسين الرسي المعتزلي : ١٠٧ نقلناه من معتزلة اليمن / علي محمّد زيد : ١٩٠ ، ط ٢ ، دار العودة ، بيروت / ١٤٠٥ هـ ، وكذلك الخوارج الأباضيّة كما في المعتبر لأبي سعيد الكديمي الأباضي ١ : ٢١٢ طبع وزارة التراث القومي في سلطنة عُمان / ١٤٠٥ هـ.
46. الجامع لأحكام القرآن / القرطبي المالكي ١٠ : ١٨٠ وما بعدها. والمبسوط / السرخسي الحنفي ٢٤ : ٤٨. والأشباه والنظائر / السيوطي الشافعي : ٢٠٧ ـ ٢٠٨.
47. الجامع لأحكام القرآن ١٠ : ١٨٠ ، والمبسوط / السرخسي الحنفي ٢٤ : ٤٨. وفتاوى قاضيخان / الفرغاني الحنفي ٥ : ٤٨٧ ، والأشباه والنظائر / السيوطي الشافعي : ٢٠٧ ـ ٢٠٨.
48. فتاوى قاضيخان / الفرغاني ٥ : ٤٨٧.
49. فتاوى قاضيخان / الفرغاني ٥ : ٤٨٧.
50. البحر المحيط / أبو حيّان المالكي ٢ : ٢٢٤. وبدائع الصنائع / الكاساني الحنفي ٧ : ١٧٥. ومجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر / داماد أفندي الحنفي ٢ : ٤٣١ ـ ٤٣٣ ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.
51. المحلّى / ابن حزم ٨ : ٣٣١ ـ ٣٣٥ مسألة : ١٤٠٦.
52. البحر المحيط / أبو حيان المالكي ٢ : ٤٢٤. وبدائع الصنائع / الفرغاني الحنفي ٧ : ١٧٥ ، والمحلى / ابن حزم ٨ : ٣٣١ ـ ٣٣٥ مسألة : ١٤٠٦.
53. المغني / ابن قدامة الحنبلي ٨ : ٢٦٠ مسألة ٥٨٤٦.
54. المدونة الكبرى / مالك بن أنس ٣ : ٢٩ كتاب الإيمان بالطلاق وطلاق المريض أورده تحت عنوان « ما جاء في طلاق النصرانيّة والمكره والسكران » ، مطبعة السعادة ، مصر. والكافي في فقه أهل المدينة المالكي / ابن عبدالبر : ٥٠٣ ، ط ١ ، دار الكتب العلميّة ، بيروت / ١٤٠٧ هـ. والجامع لأحكام القرآن / القرطبي المالكي ١ : ١٨٠.
55. أحكام القرآن / الكيا الهراسي الشافعي ٣ : ٢٤٦.
56. المغني / ابن قدامة ٨ : ٢٦٠ مسألة : ٥٨٤٦.
57. بدائع الصنائع ٧ : ١٧٥.
58. الكافي في فقه أهل المدينة المالكي : ٥٠٣.
59. بدائع الصنائع ٧ : ١٧٥.
60. المجموع شرح المهذب / النووي الشافعي ١٨ : ٣ ، دار الفكر ، بيروت.
61. أحكام القرآن / محمّد بن إدريس الشافعي ٢ : ١١٤ ـ ١١٥.
62. أحكام القرآن / ابن العربي المالكي ٣ : ١١٧٧ / ١١٨٢. وتفسير ابن جزي المالكي : ٣٦٦.
63. الجامع لأحكام القرآن / القرطبي المالكي ١٠ : ١٩١.
64. بدائع الصنائع ٧ : ١٧٥ ، واُنظر تفصيل فتاوى الحنفية بشأن موارد التقيّة في اليمين الكاذبة وغيرها في مصادرهم التالية :
١ ـ البحر الرائق / ابن نجيم ٨ : ٧٠.
٢ ـ تحفة الفقهاء / السمرقندي ٣ : ٢٧٣ ، ط ١ ، دار الكتب العلميّة ، بيروت / ١٤٠٥ هـ.
٣ ـ تقريرات الرافعي على حاشية ابن عابدين / محمّد رشيد الرافعي ٢ : ٢٧٨ ، ط ٣ ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت / ١٤٠٧ هـ.
٤ ـ ردّ المحتار على الدرّ المختار / ابن عابدين ٥ : ٨٠ ، ط ٢ ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت / ١٤٠٧ هـ.
٥ ـ شرح فتح الغدير / ابن همام ٨ : ٦٥ ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.
٦ ـ غمز عيون البصائر / شهاب الدين الحموي ٣ : ٢٠٣ و ٤ : ٣٣٩ ، ط ١ ، دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٤٠٥ هـ.
٧ ـ الفتاوى الهنديّة / الشيخ نظام وجماعته ٥ : ٣٥ ، ط ٤ ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت / ١٤٠٦ هـ.
٨ ـ الفروق / الكرابيسي ٢ : ٢٦٠ ، المطبعة العصريّة ، الكويت / ١٤٠٢ هـ.
٩ ـ اللباب / الميداني ٤ : ١٠٧ ، ط ٤ ، دار الحديث ، بيروت / ١٣٩٩ هـ.
١٠ ـ المبسوط / السرخسي الحنفي في الجزء (٢٤) كلّه تقريباً ـ تقدم التعريف بطبعته ـ.
١١ ـ مجمع الضمانات / ابن محمّد البغدادي : ٢٠٤ ، ط ١ ، عالم الكتب ، بيروت / ١٤٠٧ هـ.
١٢ ـ النتف في الفتاوى / السغدي ٢ : ٢٩٦ ، مطبعة الإرشاد ، بغداد / ١٩٧٥ م.
١٣ ـ الهداية / المرغيناني ٣ : ٢٧٥ ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر.
65. تاريخ الطبري ٤ : ٤٢٧ في حوادث سنة / ١٤٥ ، ط ٢ ، دار الكتب العلميّة ، بيروت سنة / ١٤٠٨ هـ.
66. الجامع لأحكام القرآن ١٠ : ١٨٠ ، وبه قال الإمام الزيدي أحمد بن يحيى بن المرتضى في البحر الزخار ٦ : ١٠٠ ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ١٣٩٣ هـ ، وقد ذكرناه هنا ؛ لادعاء بعض خصوم الشيعة من الجهلة الأغبياء بأن الزيديّة أنكروا التقيّة ، ولولا خشية الأطالة لزدت البحث فصلاً في تقيّتهم.
67. فتاوى قاضيخان ٥ : ٤٨٩. واُنظر : أحكام القرآن / الجصاص الحنفي ١ : ١٢٧. والمبسوط / السرخسي ٢٤ : ٤٨ وما بعدها. وبدائع الصنائع ٧ : ١٧٥ وما بعدها.
68. التفسير الكبير / الفخر الرازي الشافعي ٢٠ : ١٢١.
69. المحلّى / ابن حزم ٨ : ٣٣٠ مسألة : ١٤٠٤.
70. الجامع لأحكام القرآن ١٠ : ١٨٠.
71. أحكام القرآن / ابن العربي ٣ : ١١٧٧ / ١١٨٢.
72. بدائع الصنائع ٧ : ١٧٥ ـ ١٩١.
73. المغني / ابن قدامة ٥ : ٤١٢ مسألة : ٣٩٧١.
74. المحلّى ٨ : ٣٣١ مسألة ١٤٠٥.
75. بدائع الصنائع ٧ : ١٧٥ ـ ١٩١.
76. المغني / ابن قدامة ١٠ : ١٥٥ مسألة ٧١٦٧.
77. كما في سائر المصادر المذكورة في هذه الفقرة ، وفي الصفحات المؤشّرة إزائها ، وهو قول الزيديّة أيضاً كما في البحر الزخار ٦ : ١٠٠.
78. تفسير بن جزي الكلبي المالكي : ٣٦٦.
79. أحكام القرآن / ابن العربي ٣ : ١٢٩٨.
80. التفسير الكبير / الرازي الشافعي ٢٠ : ١٢١.
81. فتاوى قاضيخان ٥ : ٤٨٤. واُنظر : الفرائد البهيّة في القواعد والفوائد الفقهيّة / مفتي الشام محمود حمزة : ٢١٩ ، ط ١ ، دار الفكر ، دمشق / ١٤٠٦ هـ.
82. بدائع الصنائع ٧ : ١٧٥ ـ ١٩١. وكذلك مجمع الأنهر ٢ : ٤٣١ ـ ٤٣٣.
83. المبسوط / السرخسي ٢٤ : ٤٥.
84. فتاوى قاضيخان ٥ : ٤٨٩.
85. التفسير الكبير / الرازي ٢٠ : ١٢١.
86. فتاوى قاضيخان ٥ : ٤٨٦.
87. فتاوى قاضيخان ٥ : ٤٨٦.
88. الجامع لأحكام القرآن / القرطبي المالكي ١٠ : ١٨٠ وما بعدها في تفسيره الآية ١٠٦ من سورة النحل.
89. أحكام القرآن / الجصاص الحنفي ١ : ١٢٧.
90. المبسوط / السرخسي ٢٤ : ٤٨.
91. مجمع الأنهر ٢ : ٤٣١ ـ ٤٣٣. والأشباه والنظائر / السيوطي الشافعي ٢٠٧ ـ ٢٠٨. والسيل الجرار على حدائق الأزهار / الشوكاني ٤ : ٢٦٥ ، ط ١ ، دار الكتب العلميّة ، بيروت / ١٤٠٥ هـ. وقد قيّد بعضهم مثل هذه التقيّة في حالة كون الإكراه عليها بالقتل وهو ما يسمّونه بالإكراه الملجيء الذي يكون معتبراً في التصرّفات القوليّة والفعليّة ، وفي مثل هذا الحال يكون الضمان على المكرِه ، وأما لو كان الإكراه غير ملجيء وهو ما كان التهديد فيه بما دون القتل فللمكرَه أن يتقي في المثال أيضاً بشرط الضمان.
انظر شرح المجلة / سليم رشيد الباز : ٥٦٠ المادة ١٠٠٧ ط ٣ دار إحياء التراث العربي ، بيروت.
92. البحر الزخار ٦ : ١٠٠.
93. الأشباه والنظائر / السيوطي : ٢٠٧ ـ ٢٠٨.
94. راجع في ذلك بدائع الصنائع ٧ : ١٧٥ ـ ١٩١. والمحلّى ٨ : ٣٣١ ـ ٣٣٥ مسألة : ١٤٠٦ وغيرهما ممّا ذكرناه من مصادر الفقه العامّي.
95. أحكام القرآن / ابن العربي ٣ : ١١٧٧ / ١١٨٢.
96. الوشيعة في نقد عقائد الشيعة / موسى جارالله : ٧٢ ، ط ١ ، مطبعة الشرق ، مصر / ١٣٥٥ هـ.
مقتبس من كتاب : [ التقيّة في الفكر الإسلامي ] / الصفحة : 135 ـ 165
التعلیقات