أسماء الله تعالى في الكتاب والسنّة ، وهل الأسماء توقيفيّة أم لا ؟
الشيخ حسن محمّد مكّي العاملي
منذ 15 سنةأسماء الله تعالى في الكتاب والسنّة
هل الأسماء توقيفية أو لا ؟
أسماؤه في الكتاب والسّنّة
ورد في القرآن الكريم مائة وثمانية وعشرون اسماً لله تعالى وهي :
الإله ، الأحد ، الأوّل ، الآخر ، الأعلى ، الأكرم ، الأعلم ، أرحم الراحمين ، أحكم الحاكمين ، أحسن الخالقين ، أهل التقوى ، أهل المغفرة ، الأقرب ، الأبقى ، البارئ ، الباطن ، البديع ، البرّ ، البصير ، التوّاب ، الجبّار ، الجامع ، الحكيم ، الحليم ، الحيّ ، الحقّ ، الحميد ، الحسيب ، الحفيظ ، الحَفِيّ ، الخبير ، الخالق ، الخلّاق ، الخير ، خير الماكرين ، خير الرازقين ، خير الفاصلين ، خير الحاكمين ، خير الفاتحين ، خير الغافرين ، خير الوارثين ، خير الراحمين ، خير المنزلين ، ذو العرش ، ذو الطّوْل ، ذو الانتقام ، ذو الفضل العظيم ، ذو الرحمة ، ذو القوّة ، ذو الجلال والإكرام ، ذو المعارج ، الرّحمن ، الرحيم ، الرؤوف ، الربّ ، رفيع الدرجات ، الرزّاق ، الرقيب ، السميع ، السلام ، سريع الحساب ، سريع العقاب ، الشهيد ، الشاكر ، الشكور ، شديد العقاب ، شديد المِحال ، الصمد الظاهر ، العليم ، العزيز ، العَفوّ ، العليّ ، العظيم ، علّام الغيوب ، عالم الغيب والشهادة ، الغني ، الغفور ، الغالب ، غافر الذنب ، الغفّار ، فالق الأصباح ، فالق الحبّ والنوى ، الفاطر ، الفتّاح ، القوي ، القدّوس ، القيّوم ، القاهر ، القهّار ، القريب ، القادر ، القدير ، قابل التوب ، القائم على كلّ نفس بما كسبت ، الكبير ، الكريم ، الكافي ، اللطيف ، المَلِك، المؤمن ، المهيمن ، المتكبّر ، المصوّر ، المجيد ، المجيب ، المبين ، المَوْلى ، المحيط ، المقيت ، المتعال ، المحيي ، المتين ، المقتدر ، المستعان ، المبدئ ، المعيد ، مالك الملك ، النّصير ، النور ، الوهّاب ، الواحد ، الولي ، الوالي ، الواسع ، الوكيل ، الودود ، الهادي.
وأمَّا في السنّة ، فقد جاءت الروايات من طرق الخاصّة والعامّة على أنّ لله تعالى تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنّة.
فمن روايات الخاصّة ما رواه الصدوق بإسناده عن الصادق عن آبائه عن علي ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : « إنّ لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين إسماً ، مائة إلّا واحداً ، من أحصاها دخل الجنّة وهي :
الله ، الإله ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، الأوّل ، الآخر ، السميع ، البصير ، القدير ، القاهر ، العلي ، الأعلى ، الباقي ، البديع ، البارئ ، الأكرم ، الظاهر ، الباطن ، الحيّ ، الحكيم ، العليم ، الحليم ، الحفيظ ، الحقّ ، الحسيب ، الحميد ، الحفي ، الربّ ، الرحمن ، الرحيم ، الذارئ ، الرزّاق ، الرقيب ، الرؤوف ، الرائي ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، السيّد ، السبّوح ، الشهيد ، الصادق ، الصانع ، الطاهر ، العدل ، العَفُوّ ، الغفور ، الغني ، الغياث ، الفاطر ، الفرد ، الفتّاح ، الفالق ، القديم ، الملِك ، القدّوس ، القوي ، القريب ، القيّوم ، القابض ، الباسط ، قاضي الحاجات ، المجيد ، المولى ، المنّان ، المحيط ، المُبين ، المُقيت ، المصوّر ، الكريم ، الكبير ، الكافي ، كاشف الضرّ ، الوِتْر ، النور ، الوهّاب ، الناصر ، الواسع ، الودود ، الهادي ، الوفي ، الوكيل ، الوارث ، البرّ ، الباعث ، التوّاب ، الجليل ، الخبير ، الخالق ، خير الناصرين ، الديّان ، الشكور ، العظيم ، اللطيف ، الشافي » (1).
والمذكور في الحديث مائة اسم ، لكن الظاهر أنَّ لفظة الجلالة ليس من الأسماء الحسنى ، ولابدّ أن يكون ذُكر بعنوان المسمّى الجاري عليه ، الأسماء وبذلك يستقيم العدد.
والمراد من إحصائها ليس عدّها بل الإحاطة بها والوقوف على معانيها ، أو التمثل والتشبّه بها ما أمكن.
ومن روايات العامّة ما في الدرّ المنثور قال : أخرج الترمذي ، وابن المنذر ، وابن حبان ، وابن مندة ، والطبراني ، والحاكم ، وابن مردويه ، والبيهقي ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : إنَّ لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلّا واحد ، من أحصاها دخل الجنّة ، إنّه وِتر يحبّ الوتر : هو الله الّذي لا إله إلّا هو الرّحمن الرحيم ، الملك ، القدّوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، الخالق ، البارئ ، المصوّر ، الغفّار ، القهّار ، الوهّاب ، الرزاق ، الفتاح ، العليم ، القابض ، الباسط ، الخافض ، الرافع ، المُعِزّ ، المُذِلّ ، السميع ، البصير ، الحكم ، العَدْل ، اللطيف ، الخبير ، الحليم ، العظيم ، الغفور ، الشكور ، العلي ، الكبير ، الحفيظ ، المُقيت ، الحسيب ، الجليل ، الكريم ، الرقيب ، المُجيب ، الواسع ، الحكيم ، الودود ، المجيد ، الباعث ، الشهيد ، الحقّ ، الوكيل ، القوي ، المتين ، الولي ، الحميد ، المحصي ، المبدئ ، المعيد ، المحيي ، المميت ، الحيّ ، القيّوم ، الواجد ، الماجد ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدِّم ، المؤخِّر ، الأوّل ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، البَرّ ، التوّاب ، المنتقم ، العفوّ ، الرؤوف ، مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام ، الوالي ، المتعال ، المُقسط ، الجامع ، الغني ، المغني ، المانع ، الضّارّ ، النّافع ، النّور ، الهادي ، البديع ، الباقي ، الوارث ، الرشيد ، الصبور (2).
هل أسماء الله تعالى توقيفيّة ؟
نقل غير واحد من المتكلّمين والمفسّرين أنّ أسماءه تعالى وصفاته توقيفيّة ، وجوّزوا إطلاق كلّ ما ورد في الكتاب والأحاديث الصحيحة دعاءً أو وصفاً له وإخباراً عنه. ومنعوا كلّ ما لم يرد فيهما ، وسمّوا ذلك إلحاداً في أسمائه ، وعلى ذلك منع جمهور أهل السنّة كلّ ما لم يأذن به الشارع ، مطلقاً ، وجوّز المعتزلة ما صحّ معناه ودلّ الدليل على اتّصافه به ولم يوهم إطلاقه نقصاً. وقد مال إلى قول المعتزلة بعض الأشاعرة ، كالقاضي أبي بكر الباقلّاني وتوقف إمام الحرمين الجُوَيْني.
والتفصيل يقع في مقامين :
الأوّل ـ تفسير ما استدلّوا به من الآية.
الثاني ـ تجويز ما لم يوهم إطلاقه نقصاً.
أمّا الأوّل : فقد قال سبحانه : ( وَلِلَّـهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (3).
الاستدلال مبني على أمرين :
أ ـ إنّ اللام في الأسماء الحسنى للعهد ، تشير إلى الأسماء الواردة في الكتاب والسنّة الصحيحة.
ب ـ إنّ المراد من الإلحاد ، التعدّي إلى غير ما ورد.
وكلا الأمرين غير ثابت. أمّا الأوّل فالظاهر أنّ اللام للاستغراق قدّم عليها لفظ الجلالة لأجل إفادة الحصر ، ومعنى الآية إنّ كلّ اسم أحسن في عالم الوجود فهو لله سبحانه ، لا يشاركه فيه أحد. فإذا كان الله سبحانه ينسب بعض هذه الأسماء إلى غيره كالعالم والحيّ ، فأحسنها لله ، أعني الحقائق الموجودة بنفسها الغنيّة عن غيرها. والثابت لغيره من العلم والحياة والقدرة المفاضة من جانبه سبحانه ، من تجليّات صفاته وفروعها وشؤونها. والآية بمنزلة قوله سبحانه : ( أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّـهِ جَمِيعًا ) (4).
وقوله : ( إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّـهِ جَمِيعًا ) (5) إلى غير ذلك.
وعلى ذلك فمعنى الآية أنّ لله سبحانه حقيقة كلّ اسم أحسن لا يشاركه غيره إلّا بما ملّكهم منه ، كيف ما أراد وشاء.
وأمّا الثاني : فلأن الإلحاد هو التطرف والميل عن الوسط إلى أحد الجانبين ، ومنه لَحْد القبر ، لكونه في جانبه. بخلاف الضريح الّذي في الوسط ، وأمّا الإلحاد في أسمائه فيتحقّق بأُمور :
1 ـ إطلاق أسمائه على الأصنام بتغيير ما ، كإطلاق « اللات » المأخوذة من الإله بتغيير ، على الصنم المعروف ، وإطلاق « العُزّى » المأخوذة من العزيز ، و « المَناة » المأخوذة من المنان ، فيلحدون ويميلون عن الحق بسبب هذه الإطلاقات لإرادتهم التشريك والحطّ من مرتبة الله وتَعْلية ما صنعوه من الأصنام. وسيجزي هؤلاء على طبق أعمالهم فلا يصل النقص إلى الله ولا يرتفع مقام مصنوعاتهم.
2 ـ تسميته بما لا يجوز وصفه به لما فيه من النقص ، كوصفه سبحانه بأبيض الوجه وجَعِد الشعر.
ومن هذا القبيل تسميته سبحانه بالماكر والخادع تمسّكاً بقوله سبحانه : ( وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّـهُ وَاللَّـهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ )(6). وقوله سبحانه : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ) (7). فإنّ المتبادر من هذين اللفظين غير ما هو المتبادر من الآية. فإنّ المتبادر منهما منفردين مفهوم يلازم النقص والعيب بخلاف المفهوم من الآيتين فإنّه جزاء الخادع والماكر على وجه لا يبقى لفعلهما أثر.
3 ـ تسميته ببعض أسمائه الحسنى دون بعض كأن يقولوا « يا الله » ولا يقولوا « يا رحمن » وقد قال الله تعالى : ( قُلِ ادْعُوا اللَّـهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَـٰنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ) (8). وقال سبحانه : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَـٰنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَـٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ) (9).
إلى غير ذلك من أقسام الإلحاد والعدول عن الحقّ في أسمائه .
وبذلك يظهر أنّه لا مانع من توصيفه سبحانه بالواجب أو واجب الوجود أو الصانع أو الأزلي ، أو الأبدي وإن لم ترد في النصوص ، إذ ليس في إطلاقها عليه سبحانه طروء نقص أو إيماء إلى عيب ، مع أنّه سبحانه يقول :( صُنْعَ اللَّـهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) (10).
هذا كلّه حول المقام الأوّل.
وأمّا المقام الثاني : وهو تجويز تسميته تعالى بكلّ ما يدلّ على الكمال أو يتنزّه عن النقص والعيب ، فذلك لأن الألفاظ الّتي نستعملهما في حقّه سبحانه لم توضع إلّا لما نجده في حياتنا المشوبة بالنقص والعيب ، فالعلم فينا الإحاطة بالشيء من طريق أخذ صورته من الخارج بوسائل ماديّة ، والقدرة فينا هي المَنْشَئِيّة للفعل بكيفيّة ماديّة موجودة في عضلاتنا. ومن المعلوم أنّ هذه المعاني لا يصحّ نسبتها إلى الله إلّا بالتجريد. كأن يفسّر العلم بالإحاطة بالشيء بحضوره عند العالم ، والقدرة بالمنشئيّة للشيء بإيجاده. ومثله مفاهيم الحياة والإرادة والسمع والبصر فلا تطلق عليه سبحانه إلّا بما يليق بساحة قدسه ، منزّهة عن النقائص. فإذا كان الأمر على هذا المنوال في الأسماء الّتي وردت في النصوص فيسهّل الأمر فيما لم يرد فيها ، وكان رمزاً للكمال أو مُعرباً عن فعله سبحانه على صفحات الوجود ، أو مشيراً إلى تنزيهه وغير ذلك من الملاكات المُسوّغة لتسميته وتوصيفه.
نعم بما أنّ العوام من الناس ربّما لا يتبادر إلى أذهانهم ما يدلّ على الكمال أو يرمز إلى التنزيه أو لا أقلّ يخلو من الإشارة إلى النقص ، فيبادرون إلى تسميته وتوصيفه بأسماء وصفات فيها أحد المحاذير السابقة ، فمقتضى الاحتياط في الدين الاقتصار في التسمية بما ورد من طريق السمع بل التجنّب عن الإجراء والإطلاق عليه سبحانه وإن لم يكن هناك تسمية.
هذا تمام الكلام في الأسماء والصفات.
الهوامش
1. التوحيد للصدوق ، ص 194 ، ح 8 .
2. الدرّ المنثور : 3 / 614 ، تفسير الآية 180 من سورة الأعراف.
3. سورة الأعراف : الآية 180.
4. سورة البقرة : الآية 165.
5. سورة يونس : الآية 65.
6. سورة آل عمران : الآية 54.
7. سورة النساء : الآية 142.
8. سورة الإسراء : الآية 110.
9. سورة الفرقان : الآية 60.
10. سورة النمل : الآية 88.
مقتبس من كتاب : [ الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل ] / المجلّد : 2 / الصفحة : 145 ـ 153
التعلیقات