الصّفات السلبيّة : إمتناع رؤية الله سبحانه
الشيخ حسن محمّد مكّي العاملي
منذ 15 سنةالصّفات السلبيّة
إمتناع رؤية الله سبحانه
اتّفقت العدليّة على أنّه سبحانه لا يُرى بالأبصار لا في الدنيا ولا في الآخرة. وأمّا غيرهم ، فالكَرّاميّة والمُجَسّمة الذين يصفونه سبحانه بالجسم ويثبتون له الجهة ، جوّزوا رؤيته بلا إِشكال في الدارين. وأهل الحديث والأشاعرة ـ مع عد أنفسهم من أهل التنزيه وتحاشيهم عن إثبات الجسميّة والجهة له سبحانه ـ قالوا برؤيته يوم القيامة وأنه ينكشف للمؤمنين انكشاف القمر ليلة البدر ، تبعاً لبعض الأحاديث ، واستظهاراً من بعض الآيات وقد ذكر أبو الحسن الأشعري أقوالاً مختلفة حول الرؤية ربّما تناهز التسع عشر قولاً ، وأوردها الواحدة تلو الأخرى وأكثرها لا يستحقّ الذكر.
ومن عجيب ما جاء في تلك الأقوال ما نقله عن « الضرار » و « حَفْص الفرد » من أنّ الله لا يرى بالأبصار ولكن يخلق لنا يوم القيامة حاسّة سادسة غير حواسنا ، وندرك ما هو بتلك الحاسّة. وقول البكرية : إنَّ الله يخلق صورة يوم القيامة يرى فيها ويكلم خلقه منها. وقول حسين النجار إنه يجوز أنْ يحول العين إلى القلب ويجعل لها قوّة العلم فيعلم بها ، ويكون ذلك العلم رؤية له (1).
وهذه الأقوال الثلاثة ، خصوصاً الأخير منها إنكار للرؤية ، وإن جاء بها الأشعري في عداد الأقوال المثبتة لها. نعم ، ذكر أقوالاً يشمئز الإنسان من سماعها مثلاً : قال جماعة يجوز أنْ نرى الله بالأبصار في الدنيا ولسنا ننكر أن يكون بعض من نلقاه في الطرقات. وأجاز عليه بعضهم الحلول في الأجسام وأصحاب الحلول إذا رأوا إنساناً يستحسنونه لم يدروا لعلّ إلههم فيه. وأجاز كثير ممن جَوّز رؤيته في الدنيا مصافحته وملامسته ومزاورته إياه. وغير ذلك من الأقوال السخيفة الساقطة الّتي نبتت في منابت الإعراض عن الأُصول الصحيحة لتحليل العقائد.
ولنقدم البحث عن عقائد العدليّة فإن في إثباتها كفاية لردّ سائر الأقوال وبيان وَهْنها. ولكن إكمالاً للبحث نذكر بعده ما عليه الأشاعرة من التفصيل في الرؤية بين الدنيا والآخرة.
ما هي حقيقة الرؤية ؟
إختلف المتكلّمون في حقيقة الإبصار تبعاً للباحثين الطبيعيين والمشهور بينهم قولان :
الأوّل : خروج الشعاع على هيئة المخروط من العين بحيث يكون رأسه في العين وقاعدته منطبقة على المُبْصَر. وهذا القول متروك بفضل ما توصلت إليه الأبحاث الحديثة.
الثاني : انعكاس صورة المرئي على العين. وقد أوضحته الأبحاث العلمية بما حاصله أنَّ الأشياء الخارجية تُرى إذا وصل نورها إلى العين إمّا نورها النابع منها إذا كانت منيرة بنفسها كالشمس ، أو المنعكس عليها من مصدر منير إذا لم تكن منيرة كما هو الغالب. فإذا وصل النور إلى العين فإنه يخترق أوّلاً القَرَنِية وهي غطاء العين الخارجي شفافة ومُحَدّبة ، فينكسر ثمّ يعبر « العينية » ، ويرد « العدسيّة » فينكسر مرّة أخرى ويتمركز على طبقة حساسة داخل كرة العين تسمّى الشبكيّة موجوداً صورة مضيئة مقلوبة عن صورة المرئي الخارجي. ويتّصل بهذه الشبكيّة أطراف أعصاب الرؤية ، فيوجب انطباع الأشعة على الشبكيّة تحريك تلك الأعصاب وإرسال المتموّجات المناسبة للأشعة المنطبقة إلى الدماغ ، فيحلّلها الدماغ ، ويفسّرها ويتعقّلها بالشكل والصورة الّتي نعرفها.
هذا هو واقع الإبصار والرؤية ، فيجب أن يكون كلّ من النفي والإثبات على هذا المعنى الّذي كشف عنه جهابذة العلم. وبذلك يعلم أنّ تفسير الإبصار ورؤيته سبحانه بالعلم به أو بإدراكه في القلب أو من طريق الشهود خروج عن البحث ونحن مركزون على إمكان رؤيته بهذه الأبصار الّتي يملكها كلّ إنسان ، لأنَّ هذا هو محط البحث بين العدليّة والأشاعرة فنقول :
يدلّ على إمتناع الرؤية وجوه :
1 ـ إنَّ الرؤية إنّما تصحّ لمن كان مقابلاً أو في حكم المقابل ، والمقابلة إنّما تتحقّق في الأشياء ذوات الجهة ، والله تعالى منزّه عنها فلا يكون مرئيّاً.
وبعبارة أُخرى : إنّ المراد من الرؤية إمّا حقيقتها ، أعني : الإدراك بحسّ البصر ، وهو مستلزم لإثبات الجهة له تعالى بالضرورة ، سواء أَقُلْنا بأنّ الإبصار يتحقّق بانطباع صورة الشيء في العين أو بخروج الشعاع منها. وإمّا غير حقيقتها ممّا يُعبر عنه بالإدراك العلمي والشهود القلبي وغير ذلك ممّا لا يَعْرِف حقيقته إلّا القائل به ، فهو حينئذ خارج عن محطّ البحث ومجال النزاع (2).
2 ـ إنَّ الرؤية إما أن تقع على الذات كلّها أو على بعضها. فعلى الأوّل يلزم أنْ يكون المرئي محدوداً متناهياً محصوراً شاغلاً لناحية من النواحي ، وخلو النواحي الأُخرى منه تعالى. وعلى الثاني يلزم أنْ يكون مركباً متحيّزاً ذا جهة إلى غير ذلك من التوالي الفاسدة ، المرفوضة في حقّه سبحانه.
3 ـ إنّ الرؤية لا تتحقّق إلّا بانعكاس الأشعة من المرئي إلى أجهزة العين ، وهو يستلزم أنْ يكون سبحانه جسماً ذا أبعاد ، ومعرضاً لعوارض وأَحكام جسمانيّة ، وهو المنزّه عن كلّ ذلك.
4 ـ إنّ الرؤية بأجهزة العين نوع اشارة إليه بالحدقة وهو سبحانه منزه عن الإشارة. فإنّ كلّ مرئي في جهة يشار إليه بأنّه هنا أو هناك ، ويصحّ أنْ يقال : إنه مقابل للرائي أو في حكمه. وهذا المعنى منتف في حقّه سبحانه.
إنّ مجموع الأدلّة الأربعة تعتمد على أمر واحد وهو أنّ تجويز الرؤية على الله سبحانه يستلزم كونه جسماً أَو جسمانيّاً. فالأوّل يعتمد على أنّ الرؤية تستلزم ان يكون ذا جهة وتحيّز. والثاني يعتمد على أنّ الرؤية تستلزم تناهي ذاته إذا وقعت الرؤية على تمامها ، أو مركبة إذا وقعت على بعضها. والثالث يعتمد على أنّ الرؤية تستلزم أن تكون جسماً وذا عوارض جسميّة والرابع يعتمد على أنّ الرؤية تستلزم الإشارة إليه تعالى ، وهو فوق أن يقع في ذلك المجال. فروح الأدلّة الأربعة يرجع إلى أمر واحد ، وهو أنّ تجويز رؤيته معناه كونه سبحانه موجوداً متحيزاً ومحدوداً وذا جهة وعوارض جسمانيّة وقابلاً للإشارة وكلّ ذلك مستحيل ، فتكون النتيجة إمتناع وقوع الرؤية عليه.
ومبادئ هذه البراهين أمور بديهيّة حسيّة يكفي في تصديقها تصور القضايا بموضوعاتها ومحمولاتها ونسبها.
محاولة فاشلة
إنَّ المتفكّرين من الأشاعرة لما رأوا أنَّ القول بإمكان رؤيته سبحانه يستلزم هذه المحاذير ويوجب خروج المُجَوّز عن صفوف المنزهين إلى عداد المجسمين ، حاولوا تصحيح مقولتهم بوجوه خارجة عن محلّ النزاع ، وإليك بعض ما ذكروه :
1 ـ قال الشهرستاني في نهاية الإقدام : « لم يصر صائر إلى تجويز اتّصال أشعة من البَصَر بذاته أو انطباع شبح يتمثّل في الحاسة منه وانفصال شيء من الرائي والمرئي واتّصاله بهما ، لكن أهل الأُصول اختلفوا في أنّ الرؤية إدراك وراء العلم أم علم مخصوص. ومن زعم أنّه إدراك وراء العلم اختلف في البنية ، واتّصال الشعاع ، ونفي القرب المفرط ، والبعد المفرط ، وتوسط الهواء المُشِفّ « النور الحامل للصورة ». فشرطها المعتزلة ونفوا رؤية الباري تعالى بالأبصار نفي الاستحالة ، والأشعري أثبتها إثبات الجواز على الإطلاق ، والوجوب بحكم الوعد » (3).
يلاحظ عليه : إِنّ الرؤية الّتي يدعيها أَهل الحديث تبعاً لما يروونه في هذا المجال ، ولما استظهروه من القرآن عبارة عن رؤية الله تبارك وتعالى بهذه الأبصار الحسّية كرؤية القمر في ليلة البدر. وأمّا غير ذلك ممّا يدعيه العرفاء وأَهل الكشف والشهود ، خارج عن محطّ البحث. ومن المعلوم أنَّ الرؤية بهذا المعنى لا تتحقّق إِلّا بالشرائط الّتي أطبق عليها علماء الطبيعة ، قديمها وحديثها ، مع إختلاف في تحقيق الشرائط وتحليلها ، فلو أريد من الرؤية غير هذا ، لما ورد النفي والإثبات على شيء واحد. وتمنّي الرؤية بلا هذه الشرائط كتمنّي رسم الأسد على عضد البطل من دون أَنْ يكون له رأس ولا ذنب (4).
2 ـ قال الفاضل القوشجي بعد شرح معنى الرؤية إمّا بالارتسام أو خروج الشعاع : « إنّا إذا عَرَفنا الشمس مثلاً بحد أو رسم ، كان نوعاً من المعرفة ، ثمّ إذا أبصرناها وغمضنا العين ، كان نوعاً آخر فوق الأوّل. ثمّ إذا فتحنا العين حصل نوع آخر من الإدراك فوق الأوَّلَيْن نسمّيه الرؤية ، ولا يتعلّق في الدنيا إلّا بما هو في جهة ومكان. فمحلّ النزاع أنّ مثل هذه الحالة الإدراكيّة يصحّ أن تقع بدون المقابلة ، وتتعلّق بذات الله منزهةً عن الجهة والمكان ، أولا ؟ » (5).
أقول : إنّ تمنّي الرؤية والإبصار بغير المقابلة والجهة مع تحقّقها بالعيون والأبصار ، أشبه بتمنّي وجود الشيء مع التأكيد على عدمه ، وهذا نظير أن يقال حقيقة المربع عبارة عن وجود أضلاع متّصلة ، فهل يمكن أنْ تتحقّق تلك الهيئة بدون الأضلاع (6).
ومن أمعن النظر في كتب الأشاعرة خصوصاً القدامى منهم ، وبالأخصّ كتب أهل الحديث ، والحنابلة ، يرى أنّهم يفرون من هذه المحاولات ولا يرون لها قيمة في أوساطهم ، وهم يتمسّكون بالروايات وما استظهروه من الآيات ويحكمون بالرؤية الحقيقيّة كرؤية القمر.
قال الشيخ الأشعري في الإبانة : « ونُدين بأنّ الله تعالى يُرى في الآخرة بالأبصار كما يُرى القمر ليلة البدر ، يراه المؤمنون كما جاءت الروايات عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ » (7).
وقال في اللمع : « إنْ قال قائل : لم قلتم إنّ رؤية الله بالأبصار جائزة من باب القياس ؟ قيل له : قلنا ذلك لأنّ ما لا يجوز أنْ يوصف به الله تعالى ويستحيل عليه ، لا يلزم في القول بجواز الرؤية » (8).
الأدلّة العقليّة للقائلين بالجواز
إنّ الشيخ الأشعري استدلّ على جواز الرؤية بوجوه عقليّة نقتطف منها وجهين :
الأوّل : قال : « ليس في جواز الرؤية إثبات حَدَث ، لأنّ المرئي لم يكن مرئياً لأنّه محدث ، ولو كان مرئيّاً لذلك للزمه أنْ يرى كل محدث وذلك باطل عنده » (9).
يلاحظ عليه : إنّ الحدوث ليس شرطاً كافياً في الرؤية حتّى تلزم رؤية كلّ محدث ، بل هو شرط لازم يتوقّف على انضمام سائر الشروط الّتي أشرنا إليها. وبما أنّ بعضها غير متوفّر في الموجودات المجرّدة المحدثة ، لا تقع عليها الرؤية.
الثاني : قال : « ليس في إثبات الرؤية لله تعالى تشبيهاً » (10).
يلاحظ عليه : إنّ حقيقة الرؤية قائمة بالمقابلة أو ما في حكمها ، وهي لا تنفكّ عن كون المرئي في جهة ومكان. وهو يستلزم كونه سبحانه ذا جهة ومكان ، فأيّ تشبيه أظهر من ذلك ، وكيف يقول : إنّ تجويز الرؤية لا يستلزم التشبيه ؟! « ما هكذا تورد يا سَعْدُ الابل ».
ثمّ إنّ أئمّة الأشاعرة في العصور المتأخّرة لما وقفوا على وَهْن الدليلين السابقين ، عدلوا إلى دليل عقلي آخر وحاصله أنّ مِلاك الرؤية والمصحّح لها أمر مشترك بين الواجب وغيره ، قالوا : « إنّ الرؤية مشتركة بين الجوهر والعرض ، ولا بد للرؤية المشتركة من علة واحدة. وهي إمّا الوجود أو الحدوث. والحدوث لا يصلح للعلية لأنّه أمر عدمي ، فتعيّن الوجود. فينتج أنّ صحّة الرؤية مشتركة بين الواجب والممكن » (11).
وهذا الدليل ، مع أنّه لم يتمّ عند المفكّرين من الأشاعرة ، ظاهر الضعف ، إذ لقائل أنْ يقول إنّ الجهة المشتركة للرؤية في الجوهر والعرض ليس هو الوجود بما هو وجود ، بل الوجود المقيّد بعدّة قيود ، وهو كونه ممكناً مادياً يقع في إطار شرائط خاصّة ، كشف عنها العلم في تحقيق الرؤية ، فإنّ الإبصار رهن ظروف خاصة. وادعاء كون الملاك هو الوجود بما هو وجود غفلة عمّا يثبته الحسّ والتجربة.
والعجب من هؤلاء كيف يدعون أنّ المصحّح للرؤية هو الوجود مع أنّ لازمه صحّة رؤية الأفكار والعقائد ، والروحيات والنفسانيّات كالقدرة والإرادة وغير ذلك من الأمور الروحية الوجوديّة التي لا تقع في مجال الرؤية.
الأدلّة النقليّة للقائلين بالرؤية
استدلّ القائلون بجواز الرؤية بآيات كثيرة ، المهمّ منها آيتان نذكرهما :
الآية الأُولى : قوله سبحانه : ( كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ) (12).
قالوا : « إنّ النظر إذا كان بمعنى الإنتظار ، يستعمل بغير صلة ويقال : « انتظرت ». وإذا كان بمعنى الرؤية يستعمل بـ « إلى ». والنظر في هذه الآية استعمل بلفظ « إلى » فيحمل على الرؤية » (13).
وقد شغلت هذه الآية بال الأشاعرة والمعتزلة فالفرقة الأولى تصرّ على أنّ النظر هنا بمعنى الرؤية والثانية تصرّ على أنّها بمعنى الإنتظار لا الرؤية قائلة بأنّه يستعمل بمعنى الإنتظار مع لفظة « إلى » أيضاً قال الشاعر :
وُجوهٌ ناظِراتٌ يَوْمَ بَدْر |
إلى الرّحْمنِ يَأْتِي بالفَلاحِ |
ولكن الحقّ أنّ الإصرار على أنّ النظر بمعنى الرؤية أو الإنتظار يوجب كون الآية مجملة من حيث المراد ، مع أنّها من المحكمات ولا إجمال فيها. والّذي يبطل الإستدلال هو أنّ النظر سواء أكان بمعنى الرؤية أم بمعنى الإنتظار لا يدلّ على أنّ المراد هو الرؤية الحقيقيّة ، ويعلم ذلك بمقارنة بعض الآيات المذكورة ببعضها ، وعندئذ يرتفع الإبهام عن وجهها. وإليك تنظيم الآيات حسب المقابلة :
أ ـ ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ) يقابلها قوله : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ).
ب ـ ( إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) يقابلها قوله : ( تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ).
ولا شكّ أنّ الفقرتين الأوليين واضحتان جدّاً ، وإنّما الكلام في الفقرة الثالثة فيجب رفع إبهامها عن طريق الفقرة الرابعة الّتي تقابلها.
وبما أنّ المراد من الفقرة الرابعة هو أنّ الطائفة العاصية الّتي عبّر عن صفتها بكونها ذات وجوه باسرة ، تظنّ وتتوقّع أنْ ينزل بها عذاب يكسر فقارها ويقصم ظهرها ، يكون ذلك قرينة على المراد من الفقرة الثالثة ، وهو أنّ الطائفة المطبعة ذات وجوه ناضرة تتوقّع عكس ما تتوقّعه الطائفة الأولى ، وتنتظر فضله وكرمه. هذا هو الّذي يستظهره الذهن المجرّد عن كلّ رأي مُسْبَق ، من مقابلة الآيتين.
وبعبارة أخرى : لا يصحّ لنا تفسير الفقرة الثالثة إلّا بضدّ الفقرة الرابعة. فبما أنّ الفقرة الرابعة صريحة في أنّ المراد توقع العُصاة العذاب الفاقر ، يكون المراد من الفقرة الثالثة توقّع الرحمة والفضل والكرم حتّى ولو كان النظر بمعنى الرؤية ، ولكن ليست كلّ رؤية معادلة للرؤية بالأبصار ، بل ربّما تكون الرؤية كناية عن التوقّع والإنتظار مثلاً يقال : « فلان ينظر إلى يد فلان » ويراد أنّه رجل معدم محتاج ليس عنده شيء وإنّما يتوقّع عطاء الشخص ، فما أعطاه مَلكَه وما منعه حُرِم منه. وهذا ممّا درج عليه الناس في محاوراتهم العرفيّة ويقال : « فلان ينظر إلى الله » ثمّ إليك. فالنظر وإن كان هنا بمعنى الرؤية لا الانتظار ، ولكنّه كناية عن توقّع رحمته سبحانه أولاً ، وكرم الشخص المأمول ثانياً كما يقال : « يتوقّع فضل الله سبحانه ثمّ كرمك ».
والآية نظير قول القائل :
إنّي اِلَيْكَ لِما وَعَدْتَ لَناظِرٌ |
نَظَرَ الفَقير إلى الغَنِيّ المُوسِرِ |
فمحور البحث والمراد من توقّع الرحمة وحصولها أو عدم توقّعها وشمولها ، فالطغاة يظنّون شمول العذاب ، والصالحون يظنّون عكسه وضدّه وأمّا رؤية الله سبحانه ووقوع النظر إلى ذاته فخارج عمّا تهدف إليه الآية. هذا هو مفتاح حلّ المشكلة المتوهّمة في الآية. فتفسير الآية برؤية ذاته غفلة عن القرينة الموجودة فيها :
وفي الختام نذكر نكتتين :
الأولى : إنّ هنا فرقاً واضحاً بين قولنا : « عيون يومئذ ناظرة » وقولنا : « وُجُوهٌ يَوْمَئِذ نَاظِرَة ». فلو كان المراد رؤية ذاته سبحانه لناسب التعبير بالأوّل ، فالوجوه الناظرة غير العيون الناظرة ، والأول منهما يناسب التوقّع والإنتظار دون الثاني.
الثانية : قال الزمخشري في كشّافه : « وسمعت سَرَوِيّة مستجدية بمكّة وقت الظهر حين يغلق الناس أبوابهم ، ويأوون إلى مقائلهم تقول : « عُيَيْنَتَيَّ نُوَيْظِرَةٌ إلى الله وإليكم » تقصد راجية ومتوقعة لإحسانهم إليها (14).
الآية الثانية : قوله سبحانه : ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ) (15).
إحتجَّت الأشاعرة بهذه الآية بوجهين وإليك بيانهما :
الوجه الأوّل
إنّ موسى ـ عليه السّلام ـ سأل الرؤية ، ولو كانت ممتنعة لما سألها ، لأنه إمّا أنْ يعلم امتناع الرؤية أو يجهله فإنْ علم فالعاقل لا يطلب المحال ، وإنْ جهله فهو لا يجوز في حقّ موسى ، فإنّ مثل هذا الشخص لا يستحق أنْ يكون نبيّاً.
ويلاحظ عليه : إنّ الإستدلال بآية واحدة ، وترك التدبّر في سائر الآيات الواردة في الموضوع ، صار سبباً للاستظهار المذكور. ولو اطّلعنا على مجموع ما ورد من الآيات في هذه القصّة ، لتجلى خطأ الاستظهار. وإليك البيان :
إنّ الكليم ـ عليه السّلام ـ لما أخبر قومه بأنّ الله كلّمه وقرّبه وناجاه ، قالوا لن نؤمن بك حتّى نسمع كلامه كما سمعت. فاختار منهم سبعين رجلاً لميقات ربّه ، فخرج بهم إلى طور سيناء وسأله سبحانه أنْ يكلمه. فلمّا كلّمه الله وسمعوا كلامه ، قالوا لن نؤمن لك حتّى نرى الله جهرة ، فعند ذلك أخذتهم الصاعقة بظلمهم وعُتُوّهم واستكبارهم ، وإلى هذه الواقعة تشير الآيات الثلاثة التالية :
1 ـ ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّـهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ) (16).
2 ـ ( يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّـهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ) (17).
3 ـ ( وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهْدِي مَن تَشَاءُ أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ ) (18).
ثمّ إنّ الكليم طلب منه سبحانه أنْ يُحْييَهُمْ حتى يدفع اعتراض قومه عن نفسه إذا رجع إليهم ، فلربّما قالوا إنّك لم تكن صادقاً في قولك إن الله يكلّمك ، ذَهَبْتَ بهم فَقَتَلْتَهم ، فعند ذلك أحياهم الله وبعثهم معه ، وإلى هذا الطلب يشير قول الكليم في الآية الثالثة : ( رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ ) وعندئذ يطرح السؤال التالي : هل يصحّ أن ينسب إلى الكليم ـ بعد ما رأى بأُم عينه ما رأى القوم من الصاعقة والدمار إثْر سؤالهم الرؤية ـ أنّه قام بالسؤال لنفسه بلا داع وسبب مبرر ، أو إنّه لم يسأل بعد هذه الواقعة إلّا لضرورة ألجأته إليه ؟
والجواب : إنّ الثاني هو المتعيّن ، وذلك لأنّه ـ عليه السّلام ـ عرّف سؤال الرؤية بأنّه فعل السفهاء في قوله : ( أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ ) ، ومعه كيف يصح له الإقدام على الطلب بلا مُلزم ومبرّر ؟ وعند ذلك يجب علينا أنْ نقف على العلّة الدافعة إلى السؤال.
الدافع إلى السؤال
إنّ قومه بعد الإحياء طلبوا منه أنْ يسأل الرؤية لنفسه لا لهم حتى تَحِلّ رؤيتُه لله مكان رؤيتهم ، فيؤمنوا به بعد إخباره بالرؤية ، وعندئذ أقْدَم الكليم على السؤال تبكيتاً لهؤلاء وإسكاتاً لهم وبما أنه لم يقدم إلّا اثر الإصرار من جانبهم ، لم يوجَّه إلى الكليم من جانبه سبحانه أيّ لوم وعتاب أو مؤاخذة وعذاب ، بل اكتفى تعالى بقوله:
( لَن تَرَانِي وَلَـٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ). فلا يكون السؤال دليلاً على إمكان الرؤية.
وبعبارة أُخرى : إنّ موسى كان من أعلم الناس بالله وصفاته وما يجوز عليه وما لا يجوز ، ولكن ما كان طلب الرؤية إلّا لتبكيت هؤلاء الذين دعاهم « سُفَهاء » وتبرأ من فعلهم. فبما أنّهم لجّوا وتمادوا وقالوا بأنّهم لا يؤمنون له حتّى يسمعوا النصّ من عند الله باستحالة ذلك ، وهو قوله : ( لَن تَرَانِي ) فطلب موسى الرؤية ليتيقّنوا ويزول ما دخلهم من الشبهة ، فلأجل ذلك قال : ( رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ) ولم يقل رَبّ أرهم ينظروا إليك.
والعجب أنّ الآية على خلاف مطلوب الأشاعرة أدلّ ، فإنّه سبحانه ردّ طلب الكليم بقوله : « لن تَراني » و « لن » للتأبيد ، كقوله : ( لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ) (19).
وها هنا نكتة ينبغي التنبيه عليها وهي أنّ الميقات الوارد في قوله تعالى : ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ) (20) ، نفس الميقات الوارد في قوله سبحانه : ( وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِّمِيقَاتِنَا ) (21). ولم يكن لموسى مع قومه إلّا ميقات واحد وقد وقعت الحادثتان فيه في ظرف واحد ، غير أنّ سؤال قومه رؤية الله كان قبل سؤال موسى الرؤية لنفسه.
الوجه الثّاني
إنّه تعالى علق الرؤية على استقرار الجبل ، وهو أمر ممكن في نفسه ، والمعلّق على الممكن ، ممكنٌ.
يلاحظ عليه : إنّ المعلق عليه في قوله : ( فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ ) ليس هو إمكان الإستقرار ، بل وجود الإستقرار وتحقّقه بعد تجلّيه ، والمفروض أنّه لم يتحقّق بعد التجلّي. وإذا كان إمكان الرؤية معلّقاً على تحقّق الإستقرار بعد التجلّي فينتج أنّ الرؤية ليست أَمراً ممكناً لفقدان المعلّق عليه وهذا نظير قول القائل :
وَلَوْ طارَ ذُو حافِر قَبْلَها |
لَطَارَتْ وَلكنّه لَمْ يَطِر |
ثمّ إنّ الأشاعرة استدلّت بعدّة أخرى من الآيات القرآنيّة ، نتركها للباحث الكريم. كما أنّهم استدلّوا ببعض الروايات نحن في غنى عن الإجابة عنها بعد دلالة العقل السليم والذكر الحكيم على امتناع الرؤية. ولكن إِكمالاً للبحث نأتي بأمرين :
الأمر الأوّل : جذور مسألة الرؤية
إنّ مسألة الرؤية إنّما طرحت بين المسلمين من جانب الأحبار والرهبان بتدليس خاصّ. فإنَّ أَهل الكتاب يدينون برؤيته سبحانه ، ويظهر ذلك لمن راجع العهد القديم وإليك مقتطفات منه :
1 ـ « رأيت السيّد جالساً على كرسي عال .. فقلت : ويل لي لأن عينيّ قد رأتا الملك ربّ الجنود » [ إشعيا 6 : 1 ـ 6 ]. والمقصود من السيّد هو الله جلّ ذكره.
2 ـ « كنت أرى أنّه وُضعت عروش وجلس القديم الأيّام. لباسه أبيض كالثلج ، وشعر رأسه كالصوف النقي وعرشه لهيب نار » [ دانيال : 7 : 9 ].
3 ـ « أمّا أنا فبالبرّ أنظر وجهك » [ مزامير داود 17 : 15 ].
4 ـ « فقال منوح لامرأته : نموت موتاً لأننا قد رأينا الله » [ القضاة : 13 ].
5 ـ « فغضب الربّ على سليمان ، لأن قلبه مال عن الربّ ، إله إسرائيل الّذي تراءى له مرّتين » [ الملوك الأول : 11 ].
6 ـ « قد رأيت الربّ جالساً على كرسيّه وكلّ جند البحار وقوف لديه » [ الملوك الأوّل : 22 ].
7 ـ « كان في سنه الثلاثين في الشهر الرابع في الخامس من الشهر وأنا بين المسبيين عند نهر خابور ، إنّ السموات انفتحت فرأيت رؤى الله ... إلى أن قال : هذا منظر شبه مجد الربّ ولما رأيته خررت على وجهي وسمعت صوت متكلّم » [ حزقيال : 1 : 1 ].
والقائلون بالرؤية من المسلمين ، وإن استندوا إلى الكتاب والسنّة ودليل العقل ، لكن غالب الظن أنّ القول بها تسرب إلى أوساطهم من المتظاهرين بالإسلام كالأحبار والرهبان ، وربّما صاروا مصدراً لبعض الأحاديث في المقام وصار ذلك سبباً لجرأة طوائف من المسلمين على جوازها ، واستدعاء الأدلّة عليها من العقل والنقل.
والأمر الثاني : الرؤية في كلمات أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ
إنّ المراجع إلى خطب الإمام علي ـ عليه السّلام ـ في التوحيد وما أثِر عن أئمّة العترة الطاهرة يقف على أنّ مذهبهم في ذلك امتناع الرؤية وأنه سبحانه لا تدركه أوهام القلوب ، فكيف بأبصار العيون. وإليك نزراً يسيراً ممّا ورد في هذا الباب :
1 ـ قال الإمام علي ـ عليه السّلام ـ في خطبة الاشباح : « الأوّل الّذي لم يكن له قَبْلٌ فيكون شيء قبلَه ، والآخر الّذي ليس له بَعْدٌ فيكون شيء بعده ، والرادع أناسي الأبصار عن أن تناله أو تُدركه » (22).
2 ـ وقد سأله ذعلب اليماني فقال : هل رأيت ربّك يا أمير المؤمنين ؟ فقال ـ عليه السّلام ـ : أفأعبد ما لا أرى ؟ فقال : وكيف تراه ؟ فقال : لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان. قريب من الأشياء غير مُلابس ، بعيد منها غير مبائن (23).
3 ـ وقال ـ عليه السّلام ـ : « الحمد لله الّذي لا تدركه الشواهد ، ولا تحويه المشاهد ، ولا تراه النواظر ، ولا تحجبه السواتر » (24).
إلى غير ذلك من خطبه ـ عليه السّلام ـ المطافحة بتقديسه وتنزيهه عن إحاطة القلوب والأبصار به (25).
وأمّا المروي عن سائر أئمّة أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ ، فقد عقد ثقة الإسلام الكليني في كتابه « الكافي » باباً خاصّاً للموضوع روى فيه ثمان روايات (26) ، كما عقد الصدوق في كتاب التّوحيد باباً لذلك روى فيه إحدى وعشرين رواية يرجع قسم منها إلى نفي الرؤية الحسية البصرية وقسم منها يثبت رؤية معنويّة قلبيّة سنشير إليه وفي الكلّ نور للقلوب وشفاء للصدور (27).
الرؤية القلبيّة
قد اثر عن أئمّة أهل البيت رؤية الله سبحانه بالقلب وقد أثر في ذلك روايات يقف عليها المتتبّع في توحيد الصدوق وغيره.
منها : ما رواه الصدوق عن الرضا ـ عليه السّلام ـ في خطبة له قال : « أحد لا بتأويل عدد ، ظاهر لا بتأويل المباشرة ، متجل لا باستهلال رؤية ، باطن لا بمزايلة » (28).
ومنها : ما رواه أيضاً عن الصادق ـ عليه السّلام ـ في كلام له في التوحيد قال : « واحد ، صمد ، أزلي ، صمدي ، لا ظلّ له يُمْسِكه ، وهو يمسك الأشياء باظلتها ، عارف بالمجهول ، معروف عند كلّ جاهل ، لا خَلْقُه فيه ولا هو في خلقه » (29).
فقوله : معروف عند كلّ جاهل ، لا يهدف إلى المعرفة الحاصلة بالإستدلال لعدم ثبوت هذه المعرفة لكلّ جاهل جاحد ، فلا بدّ أن يكون المراد معرفة أخرى لا تزول صورتها عن الذهن.
إلى غير ذلك من الروايات الّتي مرّ بعضها (30). وأمّا البحث عن حقيقة تلك الرؤية القلبيّة الّتي هي غير الرؤية البصريّة الحسيّة فموكول إلى محلّه الخاص.
الهوامش
1. مقالات الإسلاميين ، ج 1 ، ص 261 ـ 265 و 314.
2. لاحظ قواعد المرام في علم الكلام ص 76. أنوار الملكوت في شرح الياقوت ، ص 82.
3. نهاية الإقدام ، ص 356.
4. مثل يضرب لتمني الشيء المحال وأصل القصّة : إنّ بطلاً ورد دكاناً يريد أنْ يضرب على بدنه صورة الأسد. فكان كلّما وخزه صاحب الدكان بالإبرة صرخ وقال : ماذا تضرب ؟ فيجيب : رأسه. فيقول : لا تضرب رأسه. فإذا وخزه أخرى صرخ وتأوّه وقال : ماذا تضرب ؟ فيجيب : ذَنَبَه. فيقول: لا تضربه. وهكذا. فضُرب به المثل.
5. شرح التجريد للقوشجي ، ص 428.
6. وقد جمع الأُستاذ حفظه الله مجلس مع بعض فضلاء الشام فانْجَرّ البحث إلى إمكان الرؤية فقال الشيخ الأستاذ : إنّ تجويز الرؤية يستلزم تجويز المقابلة والجهة. فقال الشامي : كلّ شيء في الآخرة غيره في الدنيا. فأجابه : ماذا تريد من كلامك « كلّ شيء في الآخرة غيره في الدنيا » ، فهل تريد أن الأشياء الدنيويّة توجد في الآخرة بوجودات كاملة ، فهذا ما نعترف به. وإن أردت أنّ الأشياء الأُخروية تضادّ ماهيّاتها وحدودها ، الموجود في الدنيا ، فهذا ممّا لا يمكن التصديق به. فإنّ نتيجة ضرب اثنين في اثنين هو أربعة لا خمسة ، ولا يمكن تكذيب هذه القضية بحجّة أنّ كلّ شيء في الآخرة غيره في الدنيا. فإنّ هناك قضايا قطعية وعلوماً ضروريّة صادقة في النشأتين من دون أنْ يختص امكانها بواحدة منهما. فالدور والتسلسل محالان في الدنيا والآخرة ، وقاعدة كلّ ممكن يحتاج إلى علّة صادقة في كلتا النشأتين فالتمسّك بهذا الكلام نوع فرار من البحث والتحقيق.
7. الابانة ، ص 21.
8. اللمع ، ص 61 بتلخيص.
9. اللمع ، ص 61 و 62.
10. اللمع ، ص 61 و 62.
11. تلخيص المحصّل ، ص 317. وغاية المرام ، ص 160 ، وشرح المواقف ، ج 8 ، ص 115. وشرح التجريد للقوشجي ، ص 431.
12. سورة القيامة : الآية 20 ـ 25.
13. شرح التجريد للقوشجي ، ص 334. وغيره.
14. الكشاف ج 4 ، ص 662.
15. سورة الأعراف : الآية 143.
16. سورة البقرة : الآية 55.
17. سورة النساء : الآية 153.
18. سورة الأعراف : الآية 155.
19. سورة الحج : الآية 73.
20. سورة الأعراف : الآية 143.
21. سورة الأعراف : الآية 155.
22. نهج البلاغة ، الخطبة 87 طبعة مصر المعروفة بطبعة عبده. والأناسي جمع إنسان ، وإنسان البصر هو ما يرى وسط الحدقة ممتازاً عنها في لونها.
23. نهج البلاغة ، الخطبة 174.
24. نهج البلاغة ، الخطبة 180.
25. لاحظ الخطبتين 48 و 81 من الطبعة المذكورة.
26. الكافي ، ج 1 ، ص 95 ، باب إبطال الرؤية.
27. التوحيد ، الباب 8 ، ص 107 ـ 122.
28. التوحيد ، باب التوحيد ونفي التشبيه ، الحديث 2 ، ص 37.
29. التوحيد باب التوحيد ونفي التشبيه ، الحديث 15 ، ص 57.
30. لاحظ التوحيد باب 8 ، الحديث 2 و 4 و 5 و 6 و 16 و 17 و 20 يقول الصدوق : « وقد تركت إيراد بعض الروايات في هذا المضمار خشية أن يقرأها جاهل بمعانيها فيكذب بها فيكفر بالله عزّ وجلّ وهو لا يعلم ».
مقتبس من كتاب : [ الإلهيّات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل ] / المجلّد : 2 / الصفحة : 125 ـ 141
التعلیقات