الإشكال الرابع
الإشكالات المثارة حول الشفاعة
2013 Apr 2المصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج٤ ، ص ٣٥٤ ـ ٣٥٥
(٣٥٤)
* الإشكال الرابع :
ليس في القرآن نص قطعي على وقوع الشفاعة ، وإنّما ورد الحديث
بإثباتها (١).
ولعل نظر المستشكل إلى أنّ الشفاعة مقيدة بإذنه سبحانه وارتضائه ، ولا
دليل على أنّه يأذن و يرتضي ، فهو ممكن لا دليل على وقوعه.
والجواب:
إنّ البحث عن الامكان والامتناع يناسب المسائل الفلسفية والكلامية
البحتة ، وأمّا المسائل التربوية كالشفاعة ، فالوعد بها مقيداً بالإذن ،
والارتضاء لا يهدف إلا إلى وقوعها في ذلك الاطار ، لا امكانها فيه ؛ وذلك مثل
قوله سبحانه: { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ } (٢). وقوله : { وَمَا كَانَ
لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ } (٣).
على أنّ هناك قرائن تدل على وقوع الاستثناء وتحققه ، منها :
١ ـ إنّه سبحانه عبّر عن رضاه بالجملة الماضية ، وقال: { وَلاَ يَشْفَعُونَ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(١) ـ المنار : ج ٧ ص ٣٧٠.
(٢) - سورة يونس : الآية ١٠٠ .
(٣) - سورة آل عمران : الآية ١٤٥ .
________________________________________
(٣٥٥)
إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى } ، وهو يدل على تحقق الرضا منه سبحانه في حق المشفوع له ،
ورضاه له لا ينفك عن تحقق إذنه للشفعاء.
٢ ـ وإنّه سبحانه أخبر بخبر قطعي عن شهادة من شهد بالحق ، قال :
{ وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ
يَعْلَمُونَ} (١).
وهذا يكشف عن تحقق المراتب المتقدمة عليه ، من إذنه سبحانه له ، وارتضائه
لمَن يستحقها.
وغير ذلك من القرائن التّي يستكشف منها كون الشفاعة وعداً مقطوعاً
وقوعه.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(١) - سورة الزخرف : الآية ٨٦ .
التعلیقات