الإشكال الرابع
الإشكالات المثارة حول الشفاعة
منذ 15 سنةالمصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج4 ، ص 354 ـ 355
(354)
* الإشكال الرابع :
ليس في القرآن نص قطعي على وقوع الشفاعة ، وإنّما ورد الحديث
بإثباتها (1).
ولعل نظر المستشكل إلى أنّ الشفاعة مقيدة بإذنه سبحانه وارتضائه ، ولا
دليل على أنّه يأذن و يرتضي ، فهو ممكن لا دليل على وقوعه.
والجواب:
إنّ البحث عن الامكان والامتناع يناسب المسائل الفلسفية والكلامية
البحتة ، وأمّا المسائل التربوية كالشفاعة ، فالوعد بها مقيداً بالإذن ،
والارتضاء لا يهدف إلا إلى وقوعها في ذلك الاطار ، لا امكانها فيه ؛ وذلك مثل
قوله سبحانه: { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ } (2). وقوله : { وَمَا كَانَ
لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ } (3).
على أنّ هناك قرائن تدل على وقوع الاستثناء وتحققه ، منها :
1 ـ إنّه سبحانه عبّر عن رضاه بالجملة الماضية ، وقال: { وَلاَ يَشْفَعُونَ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ المنار : ج 7 ص 370.
(2) - سورة يونس : الآية 100 .
(3) - سورة آل عمران : الآية 145 .
________________________________________
(355)
إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى } ، وهو يدل على تحقق الرضا منه سبحانه في حق المشفوع له ،
ورضاه له لا ينفك عن تحقق إذنه للشفعاء.
2 ـ وإنّه سبحانه أخبر بخبر قطعي عن شهادة من شهد بالحق ، قال :
{ وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ
يَعْلَمُونَ} (1).
وهذا يكشف عن تحقق المراتب المتقدمة عليه ، من إذنه سبحانه له ، وارتضائه
لمَن يستحقها.
وغير ذلك من القرائن التّي يستكشف منها كون الشفاعة وعداً مقطوعاً
وقوعه.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - سورة الزخرف : الآية 86 .
التعلیقات