جامعة الازهر
الجامعات العلمية الشيعية
منذ 15 سنة
(104)
7 ـ الجامع الأزهر :
امتدّ سلطان الدولة الفاطمية من المحيط الأطلسي غرباً ، إلى البحرالأحمر شرقاً ، ونافست الدولة الفاطمية
الشيعية خلافة الحكّام العباسيين في بغداد ، وكان المعزّ لدين الله ـ أحد الخلفاء الفاطميين بمصر ـ رجلا مثقّفاً
ومولعاً بالعلوم والآداب ، وقد اتّخذ بفضل تدبير قائده العسكري القاهرة عاصمة للدولة الجديدة ، وبنى الجامع
الأزهر ، وعقدت فيه حلقات الدرس ، وكان يركّز على نشر المذهب الشيعي بين الناس ، وقد أمر أن يؤذّن في
جميع المساجد بـ «حيّ على خير العمل» ومنع من لبس السواد شعار العباسيين .
إنّ المسلمين عامّة ـ وفي طليعتهم المصريون ـ مدينون في ثقافتهم وازدهار علومهم وتقدّمهم في مجال
العلم والصنعة للفاطميين وهممهم العالية; فإنّ الجامع
الأزهر لا يزال مزدهراً من يوم بني إلى يومنا هذا باعتباره أعظم الجامعات العلمية(1) ، وهي كانت جامعة
شيعية من بدء تأسيسها إلى قرنين .
وإن شئت أن تقف على صورة صغيرة من خدماتهم الجليلة فاقرأ ما كتبه السيّد مير علي حيث ذكر :
«كان الفاطميون يشجّعون على العلم ، ويكرمون العلماء ، فشيّدوا الكلّيّات ، والمكاتب العامة ، ودار الحكمة ،
وحملوا إليها مجموعات عظيمة من الكتب في سائر العلوم والفنون ، والآلات الرياضية ، لتكون رهن البحث
والمراجعة ، وعيّنوا لها أشهر الأساتذة ، وكان التعليم فيها حرّاً على نفقة الدولة ، كما كان الطلاّب يمنحون
جميع الأدوات الكتابية مجّاناً ، وكان الخلفاء يعقدون المناظرات في شتّى فروع العلم ، كالمنطق والرياضيات
والفقه والطب ،
____________
(1) بروكلمان ، تاريخ الشعوب الإسلامية : 2 : 108 .
________________________________________
(105)
وكان الأساتذة يرتدون لباساً خاصاً عرف بالخلعة ، أو العباءة الجامعية ـ كما هي الحال اليوم ـ وأُرصدت
للإنفاق على تلك المؤسّسات ، وعلى أساتذتها ، وطلاّبها ، وموظّفيها ، أملاك بلغ إيرادها السنوي (43) مليون
درهم ، ودعي الأساتذة من آسيا والأندلس لإلقاء المحاضرات في دا الحكمة ، فازدادت بهم روعة وبهاء»(1).
وقد ألّف غير واحد من المؤرّخين كتباً ورسائل حول الأزهر الشريف ومن أراد التفصيل فليرجع إليها.
____________
(1) السيّد مير علي ، مختصر تاريخ العرب : 510 ط 1938م .
المصدر : دور الشــيعــة في بناء الحضارة الإسلامية : للشيخ جعفر السبحاني ص 104 ـ 105
التعلیقات