قدماء الشيعة وعلم اللغة
دورالشيعة في بناء الحضارة الإسلامية
منذ 15 سنةالمصدر : دور الشــيعــة في بناء الحضارة الإسلامية ، تأليف : الشيخ جعفر السبحاني ص 14 ـ 17
( 14 )
4 ـ قدماء الشيعة وعلم اللغة
ونريد بعلم اللغة: الاشتغال بألفاظ اللغة من حيث أُصولها، واشتقاقاتها ومعانيها، وهو يعدّ بحقّ من العلوم الاِنسانية التي ساهمت بشكل مباشر في إقامة صرح الحضارة الاِسلامية، وقد ظهر في ميدان هذا العلم المهم جملة واسعة من علماء الشيعة، خلَّفوا آثاراً مهمة أصبحت زاداً لطلاّب العلم والمعرفة، ومن هؤلاء الاَفاضل:
1 ـ أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد البصري الفراهيدي الاَزدي: سيد أهل الاَدب، وهو أوّل من ضبط اللغة، وأوّل من استخرج علم العروض إلى الوجود، فهو أسبق العرب إلى تدوين اللغة وترتيب ألفاظها على حروف المعجم، فألّف كتابه «العين» الذي جمع فيه ما كان معروفاً في أيّامه من ألفاظ اللغة، وأحكامها، وقواعدها، ورتّب ذلك على حروف الهجاء، لكنّه رتّب الحروف حسب مخارجها من الحلق، فاللسان، فالاَسنان، فالشفتين، وبدأ بحرف العين وختمها بحروف
________________________________________
( 15 )
العلّة « واي» وسُمِّي الكتاب بأوّل لفظ من ألفاظه(1).
وكان الكتاب مخطوطاً عزيز النسخة، لكنّه رأى النور أخيراً وطبع محقّقاً.
والخليل بن أحمد الذي لا يشكّ أحد في تشيّعه من أعلام القرن الثاني الهجري، قال المرزباني: إنّه ولد عام مائة من الهجرة وتوفّي سنة (170) أو (175هـ)، وقال ابن قانع: إنّه توفّي سنة )160هـ((2).
قد ألّف كتاباً في الاِمامة، أورده بتمامه محمّد بن جعفر المراغي في كتابه، واستدرك عليه ما لم يذكره وأسماه «الخليلي » .
قال النجاشى: محمّد بن جعفر بن محمّد، أبو الفتح الهمداني الوادعي المعروف بـ «المراغي» كان يتعاطى الكلام، له: كتاب مختار الاَخبار، كتاب الخليلي في الاِمامة، وكتاب ذكر المجاز من القرآن(3).
قال العلاّمة في الخلاصة: كان خليل بن أحمد أفضل الناس في الاَدب وقوله حجّة فيه واخترع علم العروض، وفضله أشهر من أن يذكر، وكان إماميّ المذهب(4).
وقال ابن داود: الخليل بن أحمد شيخ الناس في علوم الاَدب، فضله وزهده أشهر من أن يخفى، كان إماميّ المذهب(5).
2 ـ أبان بن تغلب بن رباح الجريري: من أصحاب الباقر والصادق، قال النجاشي: كان قارئاً من وجوه القرّاء، فقيهاً، لغوياً، سمع من العرب، وحكى
____________
(1) آداب اللغة العربية: 427 ـ 428.
(2)المامقاني: تنقيح المقال 1: 403 | 3739.
(3) النجاشي: الرجال 2: 318 | 1054.
(4) العلاّمة الحلّي، الخلاصة، القسم الاَول: 67.
(5) ابن داود الحلّي: الرجال، القسم الاَول: 88 | 574.
________________________________________
( 16 )
عنهم(1).
وقال ياقوت: ذكره أبو جعفر الطوسي في مصنّفي الاِمامية. وقال: هو ثقة جليل القدر عظيم المنزلة، وقال: كان قارئاً، فقيهاً، لُغويّاً، نبيهاً، ثبتاً (2) .
3 ـ ابن حمدون النديم: شيخ أهل اللغة ووجههم وأُستاذ أبي العباس ثعلب(3).
4 ـ أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد الاَزدي: الاَديب اللغوي، صاحب الجمهرة في اللغة، مات هو وأبو هاشم الجبّائي في يوم واحد، فقال الناس: مات علم اللغة والكلام. وألّف كتاب « جمهرة اللغة» على منوال كتاب « العين» للخليل، واختصره الصاحب بن عباد وسمّـاه « جوهرة الجمهرة» (4).
5 ـ الصاحب بن عباد: عظيم الشأن، جليل القدر في العلم والاَدب، وألّف الصدوق (306ـ381هـ) كتاب عيون أخبار الرضا _ عليه السلام _ لاَجله، ومن كتبه في اللغة: «المحيط» عشرة مجلدات، قد عرفت تلخيص «الجوهرة» ، وأمّا تشيّعه فحدّث عنه ولا حرج .
وكم له من قصائد في مدح أهل البيت نذكر منها:
ألم تعلموا أنّ الوصيّ هو الذي * آتى الزكاة وكان في المحراب
ألم تعلموا أنّ الوصيّ هو الذي * حكم الغدير له على الاَصحاب(5)
وهكذا فإنّنا نتوقّف عند هذا الحد من إيراد نماذج من كبار القدماء الذين شاركوا المسلمين في تأسيس العلوم العربية وتطويرها، ومن أراد التفصيل فليطلبه
____________
(1) النجاشي: الرجال 1: 73 | 6.
(2) ياقوت: معجم الاَدباء 1: 107.
(3) الطوسي: الفهرست 11: 56. وقد تقدم ذكره في أساتذة النحو.
(4)الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 2: 195.
(5) الغدير 4: 66 وله قصائد أُخرى مذكورة فيه.
________________________________________
( 17 )
من محالّه(1).
____________
(1) لاحظ تأسيس الشيعة للسيد الصدر فقد ترجم فيه (24) شخصاً كلّهم من أقطاب علم اللغة، وللمناقشة في بعض ما ذكره وإن كان له مجال لكنّه لا يحطّ من عظم الجهد الذي بذله في طريق تأليفه
التعلیقات