أثر الإيمان والكفر علىٰ الفرد والمجتمع
عباس ذهبيات
منذ 15 سنةأثر الإيمان والكفر علىٰ الفرد والمجتمع
إنَّ الإيمان بالله تعالىٰ هو منبع الفضائل ، كما أنّ الكفر به هو مصدر الرذائل كلّها. فبينما كان الفرد مدنساً بالشرك ، وعبداً لأهوائه ولأصنامه الموهومة وللقوىٰ الإجتماعيّة المتنفذة ، أصبح ببركة الإيمان مطهراً من الشرك وسيّداً علىٰ نفسه ووجد طريقاً للخلاص من جاهليّته في الاعتقاد والسلوك. وبينما كان المجتمع الجاهلي ممزقاً وفاقداً للعدالة غداً بفضل عقيدة التوحيد قويّاً موحّداً يرتكز علىٰ قواعد الحقّ والعدل.
ومن الشواهد التي تعكس لنا النَّقلة الحضاريّة الكبرىٰ التي أحدثها الإيمان علىٰ صعيد الفرد والمجتمع ما قاله جعفر بن أبي طالب قدّس سرّه للنجاشي ملك الحبشة لمّا سأله الأخير عن سبب هجرتهم ومفارقتهم دين قومهم ، فأجابه قائلاً : « أيُّها الملك ، كنّا قوماً أهل جاهليّة ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القويُّ منّا الضعيف ، فكنّا علىٰ ذلك حتّىٰ بعث الله إلينا رسولاً منّا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا إلىٰ الله لنوحّده ونعبده ، ونخلع ما كنّا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرّحم ، وحسن الجوار ، والكفّ عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش ، وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنة ، وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئاً .. » (1).
وبذلك كشف له عن التحوّل الحضاري الذي أحدثه الإسلام في فترة وجيزة. لما له من تأثير كبير علىٰ حياة الفرد والمجتمع كما سيتّضح في المبحث الآتي :
المبحث الأول : أثر الإيمان والكفر علىٰ الفرد :
كان الإسلام نقطة البدء في ميلاد إنسان جديد ، يعشق القيم والحكمة ، ويتطلع إلىٰ آفاق العلم والمعرفة ، ويمتاز بسكينة النفس والسلوك المثالي وعمق الحسّ الإنساني.
إنَّ هذا التحوّل لم ينطلق من فراغ ، ولم يحدث علىٰ سبيل الصدفة ، وإنّما حصل نتيجة مباشرة لمعطيات الإيمان الحضاريّة ، التي يمكن الإشارة إلىٰ أبرزها عبر آثاره المتعدّدة بالنقاط الآتية :
أوّلاً : أثره العلمي :
فتح الإسلام بنوره النوافذ المغلقة أمام عقل الإنسان الجاهلي الذي لم يكن له سابق عهد بأبسط العلوم والمعارف التي جاء بها الإسلام العظيم ، ووجه تفكير ذلك الإنسان الوجهة الصحيحة إذ دفعه إلىٰ تعقّل ما في هذا الكون الفسيح من قوى وأسرار وطلب منه التأمّل في أقطار السموات والأرض لغايات كثيرة أهمّها معرفة الحقّ تعالىٰ والبرهان علىٰ وجوده الشريف من خلال ما يشعره الإنسان وما يراه ، وكذلك ليكتشف من خلال هذا التأمّل القوانين الرائعة التي تحكم هذا العالم بمنتهىٰ الدقّة ، ممّا ساعد هذا علىٰ ميلاد حركة علميّة ومعرفيّة استفاد منها العلماء الالهيّون ، وعلماء الطبيعة منذ فجر الإسلام إلىٰ يومنا هذا ، ولم تقتصر آثار الإيمان بدين الإسلام علىٰ تلك المعطيات العلميّة ، بل هناك الكثير منها والتي لا زالت منبعاً ثرّاً لعلماء الاقتصاد والسياسة والاجتماع والتاريخ والفلسفة والكلام زيادة علىٰ ما في دستور الإسلام القرآن العظيم من نظم ودساتير وسياسات هي في منتهىٰ الدقّة والإحكام.
وبالجملة فإنّ الحضارة الإسلاميّة التي دانت لها أوربا قروناً عديدة إنّما نشأت بفعل الإيمان بهذا الدين وما أوجبه من السعي المتواصل نحو المعرفة والتي ترجمها في أحداثه التاريخيّة الاُولىٰ بضرورة القضاء علىٰ الاُمّية ـ كما في فداء أسرىٰ بدر ـ بصفتها وباء الاُمم ومعول هدمها ، ومن هنا جاء الحثّ علىٰ أهل العلم أن يعلّموا الناس ما يجهلون ، وفي ذلك يقول أمير المؤمنين عليه السلام : « ما أخذ الله علىٰ أهل الجهل أن يتعلّموا حتّىٰ أخذ علىٰ أهل العلم أن يُعلّموا » (2).
كما حثَّ الإسلام مريديّه علىٰ الاستزادة من العلم النافع الذي يقرّب الانسان من الله تعالىٰ ، يقول الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إذا أُتي عليَّ يوم لا أزداد فيه علماً يقرّبني إلىٰ الله تعالىٰ فلا بورك لي في طلوع شمس ذلك اليوم » (3).
وقد حدّد وصيّه الإمام علي عليه السلام المعطيات الإيجابيّة للعلم ودوره المهمّ في تقدم الإنسان وسعادته ، عندما قال : « اكتسبوا العلم يكسبكم الحياة » (4).
لقد أولىٰ الدين للعلم أهميّة بالغة وجعل له تقدّماً رتبياً حتّىٰ علىٰ العبادة ، يقول الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم : « فضل العالم علىٰ العابد كفضلي علىٰ أدناكم .. » (5). وروىٰ أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال : « عالم يُنتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد » (6).
وهذه النصوص تعطينا صورة صادقة علىٰ توجيه الإسلام للفرد نحو ميادين العلم والمعرفة ، وذلك لأنَّ المعرفة بصيرة ، والبصيرة قوّة.
ثانياً : أثره العملي :
ويظهر هذا الأثر واضحاً علىٰ أخلاق المؤمن وسلوكه ، فبينما يتّبع الكافر سلوكاً إنتهازياً لا يؤمن بنظافة الوسيلة ولا شرف الغاية ، ويضع مصالحه الآنية في سلّم الأولوية ، غاضاً النظر عن القيم والأخلاق ، نجد بالمقابل الإنسان المتسلح بالإيمان يسلك سلوكاً مثاليّاً يرتكز علىٰ الثوابت الأخلاقيّة وقواعد السلوك السوّي ، والملاحظ أنّه كلّما كمل إيمان الفرد كلّما حسنت أخلاقه وتكاملت فضيلته ، وفي الحديث الشريف : « .. وأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً .. » (7). ونظراً لوجود هذه العلاقة بين الإيمان والأخلاق نجد التوجّهات الأخلاقيّة تحتل حيزاً كبيراً من التعاليم الدينيّة.
لذلك نجد أنّ الافراد الذين يعيشون في مجتمعات بعيدة عن نور الإيمان تغلب عليهم سمة الانحطاط الخلقي ، ذلك لأنَّ الحياء فرع الإيمان ، بل في التعبير النبوي « الحياء والايمان في قرن واحد ، فإذا سلب أحدهما تبعه الآخر » (8).
أضف إلىٰ ذلك أنّ الإيمان يوجه الفرد نحو العمل والكسب الحلال ، ويحذّره من التكاسل والاتّكال علىٰ الآخرين ، فمن وصايا الإمام الصادق عليه السلام لشيعته خاصّة وللمسلمين عامّة : « لا تكسلوا في طلب معايشكم ، فإنَّ آباءنا قد كانوا يركضون فيها ويطلبونها » (9).
وقد ترجم هذا الإمام العظيم وصيّته الذّهبيّة هذه إلىٰ سلوك مثالي ، فعن الفضيل بن أبي قرّة قال : دخلنا علىٰ أبي عبدالله عليه السلام وهو يعمل في حائط له فقلنا : جعلنا الله فداك ، دعنا نعمل لك ، أو تعمله الغلمان ؟! قال : « لا ، دعوني فإنّي أشتهي أن يراني الله عزَّ وجلّ أعمل بيدي وأطلب الحلال في أذىٰ نفسي » (10).
وقد جسّد لنا بسلوكه المثالي مبدأ القدوة الحسنة ، الذي هو أحد الأساليب التربويّة التي يتّبعها أهل البيت عليهم السلام ، ذلك لأنَّ « القدوة الحسنة والمثال الفعلي ـ أيّ التأثير دون إقناع منطقي ـ تقوم بدور كبير في تكوين الاتّجاهات. فالأفعال أعلىٰ صوتاً من الأقوال ، وإيحاء السلوك أقوىٰ من إيحاء الألفاظ » (11).
ممّا تقدّم ظهر لنا أنّ الإيمان يدفع الفرد نحو السلوك المثالي الذي يتجسّد في الأخلاق الحسنة والعمل الصالح.
ثالثاً : أثره النفسي :
عندما يذكر المؤمن ربّه ويتصل بالقوة العظمىٰ الإلهيّة ، يتبدد خوفه ويتغلب علىٰ ضعفه ويطمئن قلبه ، قال تعالىٰ : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) (12) ، وقال أيضاً : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ) (13).
فالإيمان يضفي علىٰ النفس طمأنينة عند هبوب عواصف الأحداث ، ويرفع الإنسان فوق مستوىٰ الخوف ، وفي تاريخ أهل البيت عليهم السلام شواهد جمّة علىٰ ذلك ، فهذا قنبر مولى أمير المؤمنين عليه السلام وكان يحبُّ الإمام عليّاً عليه السلام حبّاً شديداً ، فإذا خرج الإمام علي عليه السلام خرج علىٰ أثره بالسيف ، فرآه ذات ليلة فقال : « يا قنبر ! ما لك ؟ قال : جئتُ لأمشي خلفك ، فإنَّ النّاس كما تراهم يا أمير المؤمنين ! فخفتُ عليك ، قال عليه السلام : ويحك أمن أهل السماء تحرسني ، أم من أهل الأرض ؟! قال : لا ، بل من أهل الأرض ، قال عليه السلام : إنَّ أهل الأرض لا يستطيعون لي شيئاً إلّا بإذن الله عزَّ وجلَّ من السّماء فارجع » فرجع (14).
وقال يعلىٰ بن مرّة : كان عليّ يخرج بالليل إلىٰ المسجد يصلّي تطوّعاً ، فجئنا نحرسه ، فلمّا فرغ أتانا فقال : « ما يجلسكم ؟ قلنا : نحرسك ، فقال : أمن أهل السماء تحرسون ، أم من أهل الأرض ؟ قلنا : بل من أهل الأرض ، قال : إنَّه لا يكون في الأرض شيء حتّىٰ يُقضىٰ في السماء ، وليس من أحد إلّا وقد وكّل به ملكان يدفعان عنه ويكلآنه حتّىٰ يجيء قدره ، فإذا جاء قدره خلّيا بينه وبين قدره ، وإنَّ عليَّ من الله جُنّة حصينة فإذا جاء أجلي كشف عنّي ... وأنّه لا يجد طعم الإيمان حتّىٰ يعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه » (15).
فالإيمان يبعث نحو التسليم بقضاء الله وقدره وبذلك يبعد عن النفس شبح الخوف وهاجس القلق ، وهو عنصر هام في معالجة أمراض النفس ، وقد اعترف بذلك كثير من علماء النفس المتخصّصين منهم الدكتور : إرنست ادولف ، استاذ مساعد بجامعة سانت جونس الامريكيّة ، عندما سُئل عن الأسباب الرئيسيّة للأمراض العصبيّة ؟ فأجاب : « إنَّ من الأسباب الرئيسية لهذه الأمراض الشعور بالإثم أو الخطيئة والحقد والخوف والقلق والكبت والتردّد والشكّ والغيرة والإثرة والسأم ، وممّا يؤسف له أنّ كثيراً ممّن يشتغلون بالعلاج النفسي قد ينجحون في تقصي أسباب الاضطراب النفسي الذي يسببه المرض ، ولكنهم يفشلون في معالجة هذه الاضطرابات ، لأنّهم لا يلجأون في علاجها إلىٰ بث الإيمان بالله في نفوس هؤلاء المرضىٰ » (16).
والملاحظ أنّ أهمّ ما يعتمد عليه العلاج النفسي هو مساعدة الفرد علىٰ الاعتراف بخطاياه ، وذلك أنّ الاعتراف يعيد إلىٰ النفس المضطربة اتزانها وطمأنينتها. وقد أقرَّ القرآن من حيث المبدأ بفكرة الاعتراف هذه ، ولكن حوّل وجهته من اعتراف الإنسان المعروف أمام أبناء جنسه إلىٰ الاعتراف أمام ربّه وخالقه ، فينفس الإنسان ـ بذلك ـ عن الاحتقان والشعور بالاثم الذي يحسّه في قرارة نفسه ، عندما يقف ـ مثلاً ـ بالصلاة بين يدي ربّه رافعاً يده في قنوته قائلاً : ( .. رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) (17).
وقد نقل لنا القرآن الكريم إعترافات عديدة من هذا القبيل ومن ضمنها بعض أنبيائه ورسله كموسىٰ عليه السلام عندما قتل رجلاً ولم يتعمد ذلك قال : ( رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (18).
ثمّ إنّ شعور الإنسان بأنّه ليس وحيداً وأنّ الله تعالىٰ معه علىٰ الدوام ، يضفي عليه هذا الشعور نوعاً من الاطمئنان والثقة ويُبعد عنه أشباح الخوف والقلق والوحدة والشعور بالكآبة لذلك يُطمْئن الله تعالىٰ الناس : ( .. وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) (19).
فالإيمان ـ إذن ـ أشبه بمانعة الصواعق تفرّغ كل ما في الإنسان من شحنات القلق والخوف والاضطراب ، فتمنحه الصحّة النفسيّة والجسديّة معاً. وقد أثبت علم النفس أنّ : « الإنسان حين يغشاه انفعال كالخوف أو الحزن أو الغضب ، فإنّ هذه التأثيرات الوجدانية والانفعالية تصحبها تغيرات أو اضطرابات جسميّة وفسيولوجيّة قد تكون بالغة الخطورة إن أزمن الانفعال. فقد اتّضح أنّ القلق المزمن الموصول قد يؤدّي إلىٰ ظهور قرحة في المعدة أو الاثني عشر ، وأنّ الكراهة المكظومة لمدّة طويلة قد تؤدّي إلىٰ ارتفاع في ضغط الدم .. » (20).
أضف إلىٰ ذلك أنّ الإيمان يؤدي إلىٰ الأُنس والراحة النفسيّة فيبدد بذلك الشعور بالعزلة ومن خطبةٍ لأمير المؤمنين عليه السلام قال فيها : « اللهمَّ إنَّك آنسُ الآنسين لأوليائك ... إن أوحشتهم الغُربةُ آنسهُم ذكرُكَ ، وإن صُبَّت عليهم المصائب لجؤوا إلىٰ الاستجارة بك ، علماً بأنَّ أزمّة الاُمور بيدك .. » (21).
رابعاً : أثره في تكوين شخصيّة المؤمن :
الإيمان يشكّل محطّة إنطلاق أمام الإنسان إلىٰ ذرىٰ المجد والرفعة لكونه يزوده بالقيم والمثل ، ويساعده علىٰ ضبط نفسه وجوارحه ويجعله يقبض بإحكام علىٰ الدَّفة الموجهة لمساره ، فيسير بخطىٰ ثابتة حتّىٰ يبلغ قمة الرُّقي والرِّفعة : « قيل للقمان عليه السلام : ألست عبد آل فلان ؟ قال : بلىٰ ، قيل : فما بلغ بك ما نرىٰ ؟ قال : صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وترك ما لا يعنيني ، وغض بصري ، وكفّ لساني ، وعفّة طعمتي ، فمن نقص عن هذا فهو دوني ، ومن زاد عليه فهو فوقي ، ومن عمله فهو مثلي » (22).
ثمّ أنّ الإيمان يوفر للفرد العزّة والمكانة والكرامة ، قال تعالىٰ : ( وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) (23).
فالمؤمن عزيز مكرّم ، لم يدع للذل إليه سبيلاً ، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام : « إنَّ الله فوّض إلىٰ المؤمن أمره كلّه ، ولم يفوّض إليه أن يكون ذليلاً » (24).
والإيمان يجعل للفرد مهابة ينظر الناس إليه بعين الإعظام والإكبار ، وقد قيل للإمام الحسن بن علي عليهما السلام : فيك عظمة ! فقال عليه السلام : « بل فيَّ عزَّة قال الله : ( وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) .. » (25).
فالإيمان يُحدث إنعطافاً حاداً في مسير الإنسان يُخرجه من ذل المعصية إلىٰ عزِّ الطاعة ، ومن خلال هذا التحوّل الكبير يحصل علىٰ معطيات لا تقدر بثمن ، قال الإمام الصادق عليه السلام : « ما نقل الله عزَّ وجلَّ عبداً من ذلِّ المعاصي إلىٰ عزِّ التقوىٰ إلاّ أغناه من غير مال ، وأعزّه من غير عشيرة ، وآنسه من غير بشر » (26).
فالعبوديّة لله تعالىٰ هي مبعث العزّة والكرامة ومصدر الفخر والرفعة.
قال أمير المؤمنين عليه السلام : « لا شرف أعلى من الإسلام ولا عزّ أعزّ من التقوىٰ » (27).
ومن مناجاته عليه السلام : « إلهي كفىٰ بي عزّاً أن أكون لك عبداً ، وكفىٰ بي فخراً أن تكون لي ربّاً » (28).
وهكذا نجد الإيمان يزيد في مكانة الإنسان المؤمن ، ويرفع من رصيده المعنوي ممّا ينعكس ذلك علىٰ قوّة شخصيّته ورفعتها ، وهناك آثار كثيرة أُخرىٰ للإيمان يمكن الإشارة إليها بنحو الإجمال وتحت عنوان :
خامساً : آثار اُخرىٰ للإيمان :
١ ـ ضبط النفس واللسان : الإيمان يمدّ النفس بقوة ضبط ذاتيّة تتمكّن من خلالها من كتمان المصائب والهموم والأمراض وأعمال الخير خوفاً من الرياء ، وقد إمتدح تعالىٰ أولئك الذين يسيطرون علىٰ أنفسهم فيكظمون غيظهم : ( .. وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ.. ) (29).
الإيمان يؤثر تأثيراً بالغاً في ضبط لسان المؤمن ، فلا يقول شيئاً بسخط الله عزَّ وجلَّ لأنّه يعيش حالة تدبّر الأقوال والأفعال بخلاف الكافر ، وفي الحديث الشريف : « إنَّ لسان المؤمن وراء قلبه فإذا أراد أن يتكلّم بشيء تدبّره بقلبه ثمّ أمضاه بلسانه ، وإنَّ لسان المنافق أمام قلبه فإذا همَّ بشيء أمضاه بلسانه ولم يتدبّره بقلبه » (30).
٢ ـ الصمود والشجاعة : الإيمان يمدّ المؤمن بشحنات عالية من الصمود والشجاعة في مواطن الجهاد في سبيل الله ، فيمكّنه من التغلّب علىٰ نفسه التي تميل إلىٰ الدّعة والراحة وتحبّ العافية. ولقد انتصر المسلمون يوم بدر بفضل إيمانهم علىٰ الرغم من قلّة عددهم وعدَّتهم.
قال المستشرق المعاصر : جاك ريزلر صاحب كتاب : يقظة الإسلام ، وكتاب : الحضارة العربيّة ، الذي طبع في فرنسا سنة ١٩٦٢ م : « بظهور الدين الإسلامي بدأت مراحل الحضارة العربيّة ، ويُعزىٰ نجاح قيام هذه الحضارة وانتشارها إلىٰ عدّة أسباب : أهمّها إرتفاع الروح المعنويّة لدىٰ المسلمين بفضل الدين الجديد ، الأمر الذي أكسبهم جرأة جعلتهم يستهينون بالموت في سبيل الله » (31).
٣ ـ النظرة الواعية : ومن آثار الإيمان العجيبة أنّه يجعل المؤمن ذا نظرة واعية لجميع ما حوله ، ولا يغتر بمغريات الدنيا بأسرها فيقنع بالقليل منها ، ولا يبطره الغنىٰ فيقنع بالقليل منها ، ولا يبطره الغنىٰ. قال أمير المؤمنين عليه السلام : « .. إنَّما ينظر المؤمن إلىٰ الدنيا بعين الاعتبار ، ويقتات منها ببطن الاضطرار ، ويسمع فيها بإذن المقت والابغاض » (32).
وعن سويد بن غفلة ، قال : « دخلت علىٰ أمير المؤمنين عليه السلام بعدما بُويع بالخلافة وهو جالس علىٰ حصير وليس في البيت غيره ، فقلت : يا أميرالمؤمنين بيدك بيت المال ولست أرىٰ في بيتك شيئاً ممّا يحتاج إليه البيت ؟ فقال : « يابن غفلة إنَّ اللبيب لا يتأثث في دار النقلة ، ولنا دار أمن قد نقلنا إليها خير متاعنا ، وإنّا عن قليل إليها صائرون » » (33).
المبحث الثاني : أثر الإيمان والكفر علىٰ المجتمع :
يعتبر الإيمان عنصراً أساسيّاً من عناصر التماسك الاجتماعي فهو يدفع أفراد المجتمع نحو التعاون والتفاهم ويبعدهم عن التنازع والتخاصم.
ويمكن تلمّس آثار الإيمان والكفر علىٰ المجتمع بالنقاط الآتية :
أوّلاً : الاخاء والاحترام والنصيحة :
يمثل الإيمان نقطة إنطلاق كبرىٰ في العلاقات البشريّة فهو ينقل الناس من حالة العداء والبغضاء إلىٰ حالة الودّ والاخاء ، قال تعالىٰ : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ .. ) (34).
وقد ذكّر تعالىٰ المؤمنين بنعمة الاخاء التي قلبت حياتهم الاجتماعيّة رأساً علىٰ عقب ونقلتهم من حالة الكفر والعداء إلىٰ حالة الإيمان والاخاء ، قال عزَّ من قائل : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا .. ) (35).
أضف إلىٰ ذلك أنّ الإسلام يحث المؤمن علىٰ إبداء مظاهر الاحترام والمحبّة لاخوانه ويُبشره عن ذلك بالثواب الجزيل ، عن أبي عبيدة قال :
سمعتُ أبا جعفر عليه السلام يقول : « إذا إلتقىٰ المؤمنان فتصافحا أقبل الله بوجهه عليهما وتتحاتُّ الذنوب عن وجوههما حتّىٰ يتفرقا » (36). ولا يقتصر الأمر علىٰ مظاهر الاحترام والإكرام بل يتعدّاهما إلىٰ إبداء النصيحة ، قال الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم : « المؤمن أخو المؤمن لا يدع نصيحته علىٰ كلِّ حال » (37).
وتتّسع مظاهر الاخاء إلىٰ مجالات معنويّة وماديّة يمكن تبويبها وفق النقاط التالية :
١ ـ إدخال السرور علىٰ قلب المؤمن : وهو من أحبّ الأعمال إلىٰ الله تعالىٰ بدليل قول الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إنَّ أحبّ الأعمال إلىٰ الله تعالىٰ إدخال السرور علىٰ المؤمنين » (38). وهذا العمل لا شكّ أنّه يوجب الثواب الكبير ، قال أبو عبدالله عليه السلام : « من سرَّ أمرءاً مؤمناً سرَّه الله يوم القيامة ، وقيل له : تمنَّ علىٰ ربّك ما أحببت فقد كنت تحبّ أن تسرَّ أولياءه في دار الدّنيا ، فيُعطىٰ ما تمنىٰ ويزيده الله من عنده ما لم يخطر علىٰ قلبه من نعم الجنّة » (39).
٢ ـ عدم إذاعة سرّه : ممّا يُعكر صفو العلاقات الأخويّة وقد يعرّضها للقطيعة ، إذاعة المؤمن أسرار أخيه ، ممّا يترك أعمق الأثر في نفسه ، ويؤدّي ذلك إلىٰ إنعدام الثقة به. ومدرسة الإيمان من خلال توصياتها القيمة تُدين ـ بشدّة ـ مثل هذا التصرف المنحرف. ويكفي مثلاً علىٰ ذلك : ما ورد عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام : قال : قال له : عورة المؤمن علىٰ المؤمن حرام ، قال عليه السلام : « نعم ، قلت : يعني سفليه ؟ قال : ليس هو حيث تذهب ، إنّما هو إذاعة سرّه » (40).
٣ ـ إعانته ونصرته : الإيمان يدفع أفراد المجتمع أشواطاً بعيدة إلىٰ التعاون والتناصر ممّا له أعمق الأثر في القضاء علىٰ مظاهر التشتّت والفرقة بين البشر. وليس أدلّ علىٰ ذلك من قول الإمام الصادق عليه السلام : « ما من مؤمن يعين مؤمناً مظلوماً إلّا كان أفضل من صيام شهر واعتكافه في المسجد الحرام ، وما من مؤمن ينصر أخاه وهو يقدر علىٰ نصرته إلّا ونصره الله في الدّنيا والآخرة ، وما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر علىٰ نصرته إلّا خذله الله في الدنيا والآخرة » (41).
٤ ـ الإحسان إليه : المؤمن حقّاً من ينظر بعين العطف لإخوانه المحتاجين ، والله تعالىٰ يُشجع مثل هذا التوجّه الإجتماعي ويثيب عليه ، خصوصاً وأنّه يوفر للفئات المحرومة ما لا بدَّ لهم منه كالطعام والشراب والثياب ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : « من أطعم مؤمناً من جوع أطعمه الله من ثمار الجنّة ، ومن سقىٰ مؤمناً من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ، ومن كسا مؤمنا كساه الله من الثياب الخضر » (42).
ومن الشواهد ذات الدلالة علىٰ تنمية أهل البيت عليهم السلام للشعور الاجتماعي تجاه المؤمنين ، خصوصاً وأنّهم المنهل الثر للإحسان إلىٰ الغير ، ما قاله الإمام الصادق عليه السلام : « لأن أطعم مؤمناً محتاجاً أحبّ إليَّ من أن أزوره ولأن أزوره أحبّ إليَّ من أن أعتق عشر رقاب » (43).
إذن هنالك أولويّة وتقدّم رتبي لبعض أعمال الاحسان علىٰ بعض وإنّ لكلِّ عمل خيري ثوابه الخاصّ به حسب أهميّته ، وما يدخله من نفع أو خدمة علىٰ المؤمنين.
والمثير في الأمر هنا أنّ الإمام الصادق عليه السلام ينظر لقضيّة الإحسان من منظار أعمق وأرحب فهو يرىٰ أنّ فضل المحتاجين عند الإحسان إليهم يكون أعظم من فضل المحسنين أنفسهم !. تمعّن جيداً في المحاورة التالية : عن حسين بن نعيم الصحّاف قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : « أتحبُّ إخوانك يا حسين ؟ قلت : نعم ، قال : تنفع فقراءهم ؟ قلتُ : نعم ، قال : أما إنّه يحقّ عليك أن تحبَّ من يحبّ الله ، أما والله لا تنفع منهم أحداً حتىٰ تحبّه. أتدعوهم إلىٰ منزلك ؟ قلتُ : نعم ، ما آكل إلّا ومعي منهم الرجلان والثلاثة والأقلَّ والأكثر ، فقال : أبو عبدالله : أما إنَّ فضلهم عليك أعظم من فضلك عليهم ، فقلتُ : جعلت فداك أطعمهم طعامي وأوطئهم رحلي ويكون فضلهم عليَّ أعظم ؟! قال : نعم ، إنَّهم إذا دخلوا منزلك دخلوا بمغفرتك ومغفرة عيالك وإذا خرجوا من منزلك خرجوا بذنوبك وذنوب عيالك » (44).
وهذا يعني أنّ الله تعالىٰ جعل استضافة المؤمن سبباً لمغفرة الذنوب ، ثمّ أنّ دائرة الإحسان إلىٰ الأخوان تتّسع في أكثر من اتّجاه ، وتتشعب علىٰ أكثر من صعيد كالاقراض والصدقة وما إلىٰ ذلك.
فالمؤمن بركة علىٰ المؤمن ولا تنحصر بركته في مجال واحد ، يقول الإمام الجواد عليه السلام : « المؤمن بركة علىٰ المؤمن ، وحُجَّة علىٰ الكافر » (45) ، وحول إقراض المؤمن وثوابه العظيم ، ورد عن أبي عبدالله عليه السلام : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « من أقرض مؤمناً قرضاً ينتظر به ميسوره كان ماله في زكاة وكان هو في صلاة من الملائكة حتّىٰ يؤدّيه إليه » (46).
وقد أشار الإمام الصادق عليه السلام إلىٰ البعد الفردي للاحسان بقوله : « إذا أحسن العبد المؤمن ضاعف الله له عمله بكلّ حسنة سبعمائة ضعف ، وذلك قول الله عزَّ وجلَّ : ( وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ) » (47). كما أشار إلىٰ البعد الاجتماعي مضفياً عليه صبغة حقوقيّة ، عن أبي المأمون الحارثي قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : ما حقّ المؤمن علىٰ المؤمن ؟ قال عليه السلام : « إنَّ من حقّ المؤمن علىٰ المؤمن المودَّة له في صدره ، والمواساة له في ماله ، والخلف له في أهله ، والنصرة له علىٰ من ظلمه ، وإن كان نافلة في المسلمين وكان غائباً أخذ له بنصيبه ، وإذ مات الزيارة إلىٰ قبره ، وأن لا يظلمه وأن لا يغشّه وأن لا يخونه وأن لا يخذله وأن لا يكذّبه ، وأن لا يقول له أفّ ، وإذا قال له : أفّ فليس بينهما ولاية ، وإذا قال له : أنت عدوّي فقد كفر أحدهما ، وإذا اتّهمه انماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء » (48).
وقد عدّ أهل البيت عليهم السلام أداء حقّ المؤمن من أفضل العبادات قال الإمام الصادق عليه السلام : « ما عُبد الله بشيء أفضل من أداء حقّ المؤمن » (49).
٥ ـ قضاء حوائجه : الإيمان يدفع الفرد إلىٰ خدمة إخوانه بما يعود عليهم بالنفع والفائدة ، قال الإمام الصادق عليه السلام : « المؤمنون خدم بعضهم لبعض ـ ولما قيل له ـ وكيف يكونون خدماً بعضهم لبعض ؟ قال عليه السلام : يفيد بعضهم بعضاً ... » (50).
فالأخوة تؤتي ثمارها الطيّبة من خلال دفع الفرد لقضاء حوائج اخوانه المؤمنين ، ومن الملفت للانتباه في هذا السياق أنّ ثواب العمل الاجتماعي المتأتي عن هذا السبيل ، يفوق أضعافاً مضاعفة العمل العبادي المتأتي عن العتق أو الجهاد وما إلىٰ ذلك. فقد ورد عن أبي عبدالله عليه السلام : « قضاء حاجة المؤمن خيرٌ من عتق ألف رقبة وخير من حملان ألف فرس في سبيل الله » (51).
كما أنّ قضاء الحوائج أحب إليه عليه السلام من الحجّ ، عن صفوان الجمّال قال : كنت جالساً مع أبي عبدالله عليه السلام إذ دخل عليه رجل من أهل مكّة يقال له : ميمون فشكا إليه تعذّر الكراء عليه. فقال لي : قم فأعن أخاك ، فقمت معه فيسّر الله كراه ، فرجعت إلىٰ مجلسي فقال : أبو عبدالله عليه السلام : « ما صنعت في حاجة أخيك ؟ فقلت : قضاها الله بأبي أنت وأُمّي فقال : أما إنّك أن تعين أخاك المسلم أحبّ إليَّ من طواف اسبوع بالبيت .. » (52).
وقد ورد في أحاديث أهل البيت عليهم السلام ما هو صريح بمضاعفة ثواب من يمشي في قضاء حاجة أخيه المؤمن ، فعن الإمام الصادق عليه السلام : « ما من مؤمن يمشي لأخيه المؤمن في حاجة إلّا كتب الله عزَّ وجلَّ له بكلّ خطوة حسنة ، وحطّ عنه بها سيّئة ، ورفع له بها درجة ، وزيد بعد ذلك عشر حسنات وشفّع في عشر حاجات » (53) ، كما جاء عنه أيضاً : « من قضىٰ لأخيه المؤمن حاجة قضىٰ الله له يوم القيامة مائة ألف حاجة » (54).
وعنه عليه السلام : .. « الله في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه » (55).
وكان أهل البيت عليهم السلام يعيبون علىٰ الذين لا يتحسّسون حوائج إخوانهم ولا يشعرون بمعاناتهم ، عن الحسن بن كثير قال : شكوت إلىٰ أبي جعفر محمّد بن علي عليه السلام الحاجة وجفاء الاخوان ، فقال : « بئس الأخ أخٍ يرعاك غنيّاً ويقطعك فقيراً ، ثمّ أمر غلامه فأخرج كيساً فيه سبعمائة درهم وقال : استنفق هذه فإذا نفدت فاعلمني » (56).
وهكذا نجد أنّ مسألة الأخوة وما تتطلبه من تعاون وتضامن تتصدر سلّم الأولويّة في اهتمامات الأئمّة عليهم السلام وتوجّهاتهم الاجتماعيّة لكونها الضمان الوحيد والطريق الأمثل لإقامة بناء اجتماعي متماسك. لذلك حثوا شيعتهم علىٰ تحقيق أعلىٰ درجة من التعاون والتضامن ، وفي ذلك يقول الإمام الباقر عليه السلام لأحد أصحابه : « يا اسماعيل أرأيت فيما قبلكم إذا كان الرجل ليس له رداء وعند بعض إخوانه فضل رداء يطرحه عليه حتّىٰ يصيب رداء ، فقلت : لا ، قال : فإذا كان له إزار يرسل إلىٰ بعض اخوانه بإزاره حتّىٰ يصيب إزاراً ، فقلت : لا ، فضرب بيده علىٰ فخذه ثمّ قال : ما هؤلاء باخوة » (57).
ومن الشواهد الاُخرىٰ علىٰ هذا المسلك المثالي ، عن سعيد بن الحسن قال : قال أبو جعفر عليه السلام : « أيجيء أحدكم إلىٰ أخيه فيدخل يده في كيسه فيأخذ حاجته فلا يدفعه ؟! فقلت : ما أعرف ذلك فينا ، فقال أبو جعفر عليه السلام : فلا شيء إذا ، قلتُ : فالهلاك إذا ، فقال : إنَّ القوم لم يعطوا أحلامهم بعد » (58).
وصفوة القول أنّ الإيمان يدفع أبناء المجتمع نحو الإحسان إلىٰ إخوانهم وخدمتهم ومدّ يد العون لهم وذلك من معطياته الإجتماعيّة الهامّة.
أمّا الذين كفروا فلعدم إيمانهم بالمنهج الديني في الحياة فإنهم يبخلون ، وفوق ذلك يأمرون الناس بالبخل ! وقد نقل لنا القرآن الكريم محاورة قيمة بين المؤمنين والكافرين ، أوجزتها آية واحدة ببلاغة فريدة : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) (59).
ومن روائع القرآن تصويره البديع للسان حال الكافرين إذ يقولون في اليوم الآخر بعد أن يسألهم المؤمنون : ( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ) (60).
هكذا يدفع الكفر الفرد نحو البخل ، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « يقال للكافر يوم القيامة ، لو كان لك ملأ الأرض ذهباً أكنت تفتدي به فيقول : نعم ، فيقال له : كذبت قد سئلت ما هو أهون عليك من هذا فأبيت » (61).
ثانياً : تغيير الروابط الاجتماعيّة :
بينما يدفع الكفر بأبناء المجتمع نحو هاوية العصبيّة المقيتة ويركز علىٰ روابط الدم والرَّحم ومظاهر اللون والمكان وما إلىٰ ذلك من روابط جاهليّة ، كما قال تعالىٰ : ( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ) (62).
نجد أنّ الإيمان يفتح آفاقاً جديدة من العلائق بين البشر ترتكز علىٰ الأخاء والمساواة ، وغدا معيار التفاضل الوحيد بين البشر يقوم أساساً علىٰ الإيمان والتقوىٰ والفضيلة ، قال تعالىٰ : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ .. ) (63).
وهكذا نجد أنّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم قد ركّز في عمله التبليغي علىٰ إزالة غيوم العصبيّة السوداء ، وعمل جاهداً علىٰ إزالة الرواسب الجاهليّة من نفوس أصحابه والمحيطين به ، ومن الشواهد الدالّة علىٰ هذه الحالة ، أنّ الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه الذي رفعه الإيمان من أسفل القاع الاجتماعي إلىٰ القمة ، فبعد أن كان عبداً فارسياً أصبح حرّاً ومن أهل البيت عليهم السلام ينظر له المسلمون بعين الاحترام ، ويقابلوه بالتعظيم والإكرام الأمر الذي أثار حفيظة بعض الأصحاب كعمر بن الخطاب الذي لم تغادر العصبية ـ يومئذ ـ قاع وعيه ولم تنفك رواسبها تتحكّم في مشاعره ، فقد دخل سلمان الفارسي ـ ذات يوم ـ مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فعظّموه وقدّموه وصدّروه إجلالاً لحقه وإعظاماً لشيبته واختصاصه بالمصطفىٰ وآله صلوات الله عليهم. فدخل عمر فنظر إليه فقال : من هذا العجمي المتصدّر فيما بين العرب ؟! فصعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم المنبر فخطب فقال : « إنَّ الناس من عهد آدم إلىٰ يومنا هذا مثل أسنان المشط ، لا فضل للعربي علىٰ العجمي ولا للأحمر علىٰ الأسود إلّا بالتقوىٰ » (64).
كما وجّه الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم اللَّوم والعتاب للصحابي الجليل أبي ذر ـ إنْ صحّ الحديث ـ ، فعن المعرور بن سويد قال : « مررنا بأبي ذر بالرَّبذة وعليه بُرد وعلىٰ غلامه مثله ، فقلنا : يا أبا ذر لو جمعت بينهما كانت حُلّة ؟! فقال : إنَّهُ كان بيني وبين رجل من إخواني كلامٌ ، وكانت أُمَّهُ أعجميَّة ، فعيَّرتهُ بأُمَّه ، فشكاني إلىٰ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فلقيت النبي فقال : « يا أبا ذرٍّ إنَّك أمرؤٌ فيك جاهليّة !.
قلتُ : يا رسول الله من سبَّ الرجال سبَّوا أباهُ وأُمَّهُ.
قال : يا أبا ذرّ إنَّك أمرؤٌ فيك جاهليّة ، هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فأطعموهم ممّا تأكلون ، وألبسوهم ممّا تلبسون » (65).
وقد زود الإسلام المؤمن بنظرة واعية عميقة تحصّنه من الانزلاق في حضيض العنصريّة وتفاخرها بالاحساب والانساب ، ويكفي مثلاً علىٰ ذلك أنّه لما : « تفاخرت قريش عند سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : لكن خلقت من نطفة قذرة ، وأعود جيفة منتنة ثمّ إلىٰ الميزان فإن ثقل فأنا كريم وإن خفّ فأنا لئيم » (66).
ولعلّ من أجلىٰ مظاهر التغيير الإجتماعي الذي أحدثه الإيمان أنّ أفراداً كانوا في أسفل السلّم الاجتماعي قبل الإسلام أصبحوا ـ علىٰ حين غرة ـ بعد الإسلام في مواقع اجتماعيّة عالية يتزوّجون من بيوتات مرموقة ، يقول الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إنَّما زوّجت مولاي زيد بن حارثة زينب بنت جحش ، وزوّجت المقداد ضباعة بنت الزبير لتعلموا أنّ أكرمكم عند الله أحسنكم إسلاماً » (67). كما تبوأ البعض مناصب رفيعة كبلال الحبشي الذي أصبح مؤذّناً للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم. وكان أُسامة بن زيد شاباً يافعاً فأصبح قائداً عسكرياً أناط به الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم قيادة الجيش الإسلامي المتجه إلىٰ « مؤتة » لمواجهة دولة عظمىٰ هي دولة الروم ، وأدخل تحت إمرته أبا بكر وعمر وكبار المهاجرين والأنصار.
زد علىٰ ذلك دفع الإيمان علىٰ إقامة عادات وتقاليد جديدة بدلاً من التقاليد البالية التي تمجّد الثراء والرفعة فقد ترك الدين بصماته وآثاره حتّىٰ علىٰ مراسم الزواج وعاداته فبينما كان معيار الاختيار يتمّ علىٰ أساس المال والثروة والجاه غدا يتمحور علىٰ التقوىٰ والفضيلة ، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « من زوّج كريمته من فاسق فقد قطع رحمه » (68).
وجاء رجل إلىٰ الحسن عليه السلام يستشيره في تزويج ابنته ؟ فقال عليه السلام : « زوّجها من رجل تقي ، فإنّه إنّ أحبّها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها » (69).
ثم إنّ الإسلام حارب التقاليد البالية التي تمجد المراسم الفارغة التي لا تنسجم مع بساطة الإسلام والتي لا تنفع بقدر ما تولد العنت والمشقة وتضع الحواجز النفسيّة والاجتماعيّة خاصّة بين الحاكم والمحكوم. وكان الإمام علي عليه السلام نموذجاً للحاكم الإسلامي الذي يحبّ البساطة والتواضع ويكره التكلّف والتعظّم بدليل أنّه : « لما لقيه عند مسيره إلىٰ الشام دهاقين الأنبار ، فترجلوا له واشتدّوا بين يديه ، فقال عليه السلام : « ما هذا الذي صنعتموه ؟ فقالوا : خُلق منّا نعظِّم به أُمراءَنا ، فقال عليه السلام : والله ما ينتفعُ بهذا أمراؤكم ! وإنَّكم لتشقُّون علىٰ أنفسكم في دُنياكم ، وتشقون به في آخرتكم .. » (70).
ثالثاً : الإيمان يمنح البركة والقوّة :
الإيمان يدفع الأفراد نحو التقدّم المطرَّد ، والسير إلىٰ الأمام وعدم الانكفاء إلىٰ الوراء ، قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : « من اعتدل يوماه فهو مغبون ، ومن كان غده شرّاً من يومه فهو ملعون ، ومن لم يتفقد النقصان من نفسه فهو في نقصان ، ومن كان في نقصان فالموت خيرٌ له » (71). وعن علي بن الحسين عليه السلام قال : « بينما أمير المؤمنين ذات يوم جالس مع أصحابه يعبيهم للحرب إذ أتاه شيخ عليه شحبة السفر .. فقال : إنّي أتيتك من ناحية الشام وأنا شيخ كبير وقد سمعتُ فيك من الفضل ما لا أحصيه وإنّي أظنّك ستُغتال ! فعلمني ما علّمك الله قال : نعم يا شيخ من اعتدل يوماه فهو مغبون .. ومن كان في نقص فالموت خير له » (72).
إذن فالإيمان يُحفز أفراد المجتمع علىٰ التقدّم نحو الأفضل ، والاستفادة من طاقاتهم وقدراتهم علىٰ النحو الأكمل.
وعلى هذا الصعيد لا بدَّ من التنويه علىٰ أنّ التوجّه المخلص لله تعالىٰ تنعكس آثاره النافعة علىٰ الطبيعة التي يعيش فيها الإنسان فتجود ـ بإذن الله تعالىٰ ـ بالخير والبركة الأمر الذي يساعد علىٰ زيادة القوّة سواءاً كانت قوّة إقتصاديّة أم اجتماعيّة وما إلىٰ ذلك. ومن الشواهد القرآنيّة علىٰ ذلك ما قاله النبي هود عليه السلام لأبناء مجتمعه الذين أصابهم القحط والجدب بسبب كفرهم وإعراضهم عن الله تعالىٰ : ( وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ) (73).
لقد بدا واضحاً أنّ هود عليه السلام قد أعلم قومه الكافرين بأنّ طريق الإيمان والهداية يؤدّي إلىٰ حصول الخير والبركة للمجتمع حيثُ ترسل السماء مطرها الغزير وتجود الأرض بالخصب فتتضاعف القوّة. أمّا الاعراض علىٰ طريق الإيمان فسوف يُنذر بعواقب خطيرة تبرز مؤشّراتها المأساويّة بارتفاع البركات المؤدّي إلىٰ تدمير المجتمعات ، قال تعالىٰ : ( وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ) (74).
وهكذا نجد أنّ الكفر عامل أساسي في تدمير المجتمع وفناءه.
وقد دمّر الله تعالىٰ الاُمم الكافرة بمختلف ألوان وأشكال العذاب وكانت الطبيعة أداةً هامّة في تنفيذ العقوبة الإلهيّة.
وقد خاطب تعالىٰ الكافرين محذراً من الاغترار بدوام حالة الأمن التي يعيشونها ، فإنّ من سُنته الإمهال قبل حلول النكال ، قال لهم بصيغة الاستفهام الانكاري : ( أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا * أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا ) (75).
ومن يقرأ سورة هود يلاحظ أنّها تستعرض سريعاً أوجه الدمار الذي حلَّ بالمجتمعات الكافرة ابتداءً من قوم عاد إلىٰ قوم فرعون. وتستخلص السورة من كلِّ ذلك عبرة قيّمة مفادها أنّ الظلم كان السبب وراء تدمير المجتمعات : ( .. وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) (76).
وهذا بخلاف الإيمان الذي تمتد بركاته وثماره لا إلىٰ حياة المؤمن فحسب وإنّما إلىٰ أبنائه وأحفاده قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في وصيّته لأبي ذر : « يا أبا ذرّ إنَّ الله يصلح بصلاح العبد ولده وولد ولده ويحفظه في دويرته والدور حوله ما دام فيهم » (77).
وصفوة القول إنّ الإيمان بمثابة السور الوقائي الذي يقي المجتمع من الدمار ويحقّق له البركة والرفاهيّة ويمنحه القوّة. أمّا الكفر وما يرافقه من الظلم فإنّه ينطوي علىٰ نتائج مأساوية كالدمار والبوار.
والحمدُ لله ربِّ العالمين ، والصلاة والسلام علىٰ خير خلقه محمّد وآله الطيّبين الطاهرين
الهوامش
1. السيرة النبويّة ، لابن هشام ١ : ٣٤٩ دار الفكر ـ القاهرة.
2. نهج البلاغة ، صبحي الصالح : ٥٥٩ / حكم ٤٧٨.
3. كنز العمال ١٠ : ١٣٦ / ح ٢٨٦٨٧.
4. غرر الحكم.
5. كنز العمال ١٠ : ١٤٥ / ح ٢٨٧٤٠.
6. اُصول الكافي ١ : ٣٣ / ٨ كتاب فضل العلم.
7. كنز العمال ١ : ٣٨ / ح ٧٧.
8. كنز العمال ١ : ١٢٠ / ح ٥٧٦٦.
9. من لا يحضره الفقيه ٣ : ٩٥ دار صعب ـ بيروت ١٩٨١ م.
10. من لا يحضره الفقيه ٣ : ٩٩.
11. اُصول علم النفس ، دكتور أحمد عزت راجح : ١٢٠ المكتب المصري الحديث ـ الاسكندرية ١٩٧٠ م ط ٨.
12. سورة الرعد ١٣ : ٢٨.
13. سورة الأنعام ٦ : ٨٢.
14. توحيد الصدوق : ٣٣٨.
15. كنز العمال ١ : ٣٤٧ / ح ١٥٦٤.
16. الخطايا في الإسلام ، لعفيف عبدالفتاح طبارة : ٢٢ ـ ٢٣ دار العلم للملايين ـ بيروت ط ١.
17. سورة الأعراف ٧ : ٢٣.
18. سورة القصص ٢٨ : ١٦.
19. سورة الحديد ٥٧ : ٤.
20. اُصول علم النفس ، للدكتور أحمد عزت راجح : ١٢.
21. نهج البلاغة ، ضبط صبحي الصالح : ٣٤٩ / خطبة ٢٢٧.
22. تنبيه الخواطر ، للأمير ورّام ٢ : ٢٣٠.
23. سورة المنافقون ٦٣ : ٨.
24. التهذيب ، للطوسي ٦ : ١٧٩. وبحار الأنوار ١٠٠ : ٩٣.
25. تحف العقول : ٢٣٤.
26. اُصول الكافي ٢ : ٧٦ / ٨.
27. نهج البلاغة ، ضبط صبحي الصالح : ٥٤٠ / حكم ٣٧١.
28. الخصال ، للصدوق : ٤٢٠ / باب التسعة.
29. سورة آل عمران ٣ : ١٣٤.
30. المحجة البيضاء ٥ : ١٩٥.
31. التفسير الكاشف ، للشيخ مغنية ٦ : ٢٦٥ دار العلم للملايين ـ بيروت ١٩٨١ م ط ٢.
33. تنبيه الخواطر : ٢٧٥. والبحار ٧٠ : ٣٢١ ـ ٣٢٢.
34. سورة الحجرات ٤٩ : ١٠.
35. سورة آل عمران ٣ : ١٠٣.
36. اُصول الكافي ٢ : ١٨٢ / ١٧.
37. كنز العمال ١ : ١٤٢ / ح ٦٨٧.
38. اُصول الكافي ٢ : ١٨٩.
39. ثواب الأعمال ، للصدوق : ١٨١.
40. معاني الأخبار : ٢٥٥.
41. ثواب الأعمال ، للصدوق : ١٧٩.
42. ثواب الأعمال : ١٦٦.
43. اُصول الكافي ٢ : ٢٠٣ / ١٨ كتاب الإيمان والكفر.
44. اُصول الكافي ٢ : ٢٠١ ـ ٢٠٢ / ٨ كتاب الإيمان والكفر.
45. تحف العقول : ٤٨٩.
46. ثواب الأعمال : ١٦٨.
47. المصدر السابق : ٢٠٢. والآية من سورة البقرة ٢ : ٢٦١.
48. اُصول الكافي ٢ : ١٧١ / ٧ كتاب الإيمان والكفر.
49. اُصول الكافي ٢ : ١٧٠ / ٤ كتاب الإيمان والكفر.
50. المصدر السابق : ١٦٧ / ٩.
51. المصدر السابق ٢ : ١٩٣ / ٢ كتاب الإيمان والكفر.
52. اُصول الكافي ٢ : ١٩٨ / كتاب الإيمان والكفر.
53. المصدر السابق : ١٩٧ / ٥.
54. المصدر السابق : ١٩٢ ـ ١٩٣ / ١.
55. المصدر السابق : ٢٠٠ / ٥.
56. الارشاد ، للشيخ المفيد : ٢٦٦.
57. تنبيه الخواطر ٢ : ٨٥.
58. اُصول الكافي ٢ : ١٧٣ ـ ١٧٤ / ١٣ كتاب الإيمان والكفر.
59. سورة يس ٣٦ : ٤٧.
60. سورة المدثر ٧٤ : ٤٢ ـ ٤٤.
61. تنبيه الخواطر ٢ : ٢٢٦.
62. سورة الفتح ٤٨ : ٢٦.
63. سورة الحجرات ٤٩ : ١٣.
64. الاختصاص ، للشيخ المفيد : ٣٤١.
65. صحيح مسلم ، للنيشابوري ٣ : ١٢٨٢ دار إحياء التراث العربي ط ١.
66. تنبيه الخواطر ١ : ٢٠٣.
67. كنز العمال ١ : ٧٨ / ٣١٣.
68. مكارم الأخلاق ، للطبرسي : ٢٠٤.
69. مكارم الأخلاق ، للطبرسي : ٢٠٤.
70. نهج البلاغة ، ضبط صبحي الصالح : ٤٧٥ / حكم ٣٧.
71. تنبيه الخواطر ٢ : ٢٩.
72. تنبيه الخواطر ٢ : ١٧٣.
73. سورة هود ١١ : ٥٢.
74. سورة النحل ١٦ : ١١٢ ـ ١١٣.
75. سورة الاسراء ١٧ : ٦٨ ـ ٦٩.
76. سورة هود ١١ : ١٠٢.
77. مكارم الأخلاق ، للطبرسي : ٤٦٥ منشورات الأعلمي ـ بيروت ١٤٠٣ هـ ط ٥.
مقتبس من كتاب : [ الإيمان والكفر وآثارهما على الفرد والمجتمع ] / الصفحة : 77 ـ 102
التعلیقات