مناظرة الشيخ محمد الاشتهاردي مع أحد علماء الشافعية في أمر بعض الصحابة
في العقائد
منذ 14 سنةقال الشيخ محمد الاشتهاردي : أذكر التقيت مرةً بأحد علماء الشافعية، وكان ضليعاً في فهم الآيات القرآنية والاَحاديث الشريفة، فبدأ اعتراضه على الشيعة بهذا السؤال:
إن الشيعة يطعنون ويسبّون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، وهذا خلاف ما نص به القرآن الكريم، لاَن بنص القرآن الكريم أن الله سبحانه راضٍ عنهم، فالذي يقع مورد رضى الله لا يجوز لعنه وسبّه، والآية التي نزلت بهذا الشأن هي الآية 18 من سورة الفتح حيث يقول الله سبحانه ( لقد رضيَ الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم، فأنزل الله السَّكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً ).
نزلت هذه الآية الشريفة في شهر ذي الحجة من السنة السادسة من الهجرة عندما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يخرج من المدينة إلى مكة معتمراً مع ألفي وأربعمائة من المسلمين فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير و...
ولما بلغ بعسفان قرب مكة، علمت قريش بمسيرة النبي صلى الله عليه وآله فخرجوا ليمنعوا رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمين من الدخول إلى مكة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يسلكوا طريقاً يوصلهم إلى الحديبية لاحتواءها على الماء والاَشجار ويهبطوا فيها، وكانت الحديبية تبعد عن مكة عشرون كيلومتراً ، وليعلم ما يكون أمره مع قريش.
ثم أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله عثماناً إلى مكة وأشراف قريش فيذاكرهم حول مجيء النبي صلى الله عليه وآله ، وبعد فترة بلغ أن عثمان قد قتل، قال صلى الله عليه وآله : لا نبرح حتى نناجز القوم، ودعا الناس إلى البيعة ، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة.(1) وبايع رسول الله صلى الله عليه وآله المسلمين، أن يدافعوا عن الاِسلام إلى آخر لحظة، ولم يمضي وقتٌ حتى رجع عثمان سالماً، وأرعبت هذه البيعة قريشاً فأرسلوا سهيل بن عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقالوا له: أئت محمداً فصالحه، فكان صلح الحديبية، وقالوا: أنك ترجع عنا عامك هذا فلا تدخل علينا مكة(2).
فعندها نزلت الآية 181 من سورة الفتح، ورضى الله عن الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وآله، إذاً فالاَصحاب الذين رضي الله عنهم لا يجوز الطعن فيهم!!
فقلت: أولاً: إن هذه الآية المباركة تنحصر بالذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا تشمل الآخرين.
ثانياً: إن هذه الآية لا تشمل المنافقين الذين حضروا البيعة أمثال: عبدالله بن اُبي، وأوس بن خولي و... لاَن جملة « رضى الله عن المؤمنين » أخرجتهم عن كونهم مؤمنين.
ثالثاً: الآية المذكورة تشير إلى الذين كانوا في زمن البيعة ورضي الله عنهم، وليس معناها أن الله رضي عنهم إلى الابد.
وبهذا الدليل نقرأ في الآية العاشرة من هذه السورة المباركة: ( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً )، فدلت الآية على احتمال أن ينكث بعض الصحابة الحاضرين للبيعة بيعتهم، كما حصل بعد ذلك من قبل بعضهم ، فعليه إنّ آية الرضوان لا تدل على الرضا الاَبدي عن الذين بايعوا رسول الله صلى الله عنه وآله، بل يحتمل أمران، فريق يُبقي بيعته، وفريق ينكث بيعته.(3)
____________
(1) تاريخ الاَمم والملوك للطبري : ج 2 ص 631 ـ 632 .
(2) تاريخ الاَمم والملوك للطبري: ج2 ص633.
(3) أجود المناظرات ، الشيخ محمد الاشتهاردي : ص 292 ـ 294 .
التعلیقات