مناظرة هشام بن الحكم مع ضرار بن عمرو الضبي
في الإمامة
منذ 14 سنةدخل ضرار بن عمرو الضبّي على يحيى بن خالد البرمكي فقـال لـه : يا أبا عمرو هل لك في مناظرة رجلٍ هو ركن الشيعة ؟
فقال ضرار : هلّم من شئت .
فبعث إلى هشام بن الحكم ، فأحضره .
فقال : يا أبا محمد ، هذا ضرار ، وهو من قد علمت في الكلام والخلاف لك فكلمه في الامامة .
فقال : نعم ، ثم أقبل على ضرار فقال : يا أبا عمرو : خبرني على ما تجب الولاية والبراءة أعلى الظاهر أم على الباطن ؟
فقال ضرار : بل على الظاهر فإن الباطن لا يُدرك إلا بالوحي .
قال هشام : صدقت ، فأخبرني الان أي الرجلين كان أذب عن وجه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالسيف وأقتل لاعداء الله بين يديه وأكثر آثاراً في الجهاد أعليّ بن أبي طالب أو أبوبكر ؟
فقال : بل علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ ولكن أبابكر كان أشد يقيناً .
فقال هشام : هذا هو الباطن الّذي قد تركنا الكلام فيه وقد اعترفت لعلي ـ عليه السلام ـ بظاهر عمله من الولاية ، وأنه يستحق بها من الولاية ما لم يجب لابي بكر .
فقال ضرار : هذا هو الظاهر نعم .
قال له هشام : أفليس إذا كان الباطن مع الظاهر فهو الفضل الّذي لا يُدفع ؟ !
فقال له ضرار : بلى .
فقال له هشام : ألست تعلم أن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال لعليّ : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي (2) . قال ضرار : نعم .
قال هشام : أفيجوز أن يقول هذا القول إلاّ وعنده في الباطن مؤمن ؟
قال : لا .
قال هشام : فقد صح لعليّ ـ عليه السلام ـ ظاهره وباطنه ولم يصح لصاحبك لا ظاهر ولا باطن والحمد للّه (3) .
____________
(1) ضرار بن عمرو الضبي : هو شيخ الضرارية ، رأس من رؤوس المعتزلة لم يذكروا له ولادة ولا وفاة ، ومن سيرته يفهم انه كان حياً في عصر هارون الرشيد ، وكان قاضياً ، فشهد قوم على زندقته عند القاضي سعيد بن عبد الرحمن فامر بضرب عنقه فهرب ، وقيل اخفاه يحيى بن خالد البرمكي ، وكان جلداً في مذهبه له مقالات خبيثة منها ان النار لا حر فيها ولا في الثلج برد ولا في العسل حلاوة ، وانما يخلق ذلك عند الذوق واللمس ، وله تصانيف كثيرة وكان ينكر عذاب القبر .
راجع : سير اعلام النبلاء ج10 ص544 ترجمة رقم : 175 ، الضعفاء الكبير للعقيلي ج2 ص222 ترجمة رقم : 765 ، ميزان الاعتدال ج2 ص328 ترجمة رقم : 3953 ، لسان الميزان ج3 ص203 ترجمة رقم : 912 ، الفهرست لابن النديم ص214 .
(2) تقدمت تخريجاته .
(3) بحار الانوار ج10 ص292 ح1 ، الفصول المختارة ص9 ـ 10 .
التعلیقات