المصدر : الشيعة في الميزان ، تأليف : محمّد جواد مغنية ، ص 7 ـ 11
/ صفحة 7 /
الشيعة والتشيع
/ صفحة 8 /
/ صفحة 9 /
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وبعد:
فان هذه الصفحات ليست استئنافا للحملات التي قدتها ضد الانتهازيين والمفترين... ولا بحثا انتقاديا، او تأملا فلسفيا، وانما هي عرض لعقائد الشيعة، مع اقامة الدليل على ان ما من شئ في عقيدتهم الا وله مصدر متسالم على صحته عند اهل السنة، حتى عدد الائمة وحصرهم ب 12 إماما، وحتى العصمة والتقية والجفر وفكرة المهدي المنتظر، وغيرها.
واشرت الى اهم دولهم كالفاطميين والبويهيين الحمدانيين والصفويين، وما لهم من آثار قائمة، حتى اليوم، للدلالة على مساهمة الشيعة في الحضارة الاسلامية مساهمة فعالة، وترجمت لكل واحد من الائمة الاثني عشر (ع)
ترجمة مختصرة، ربما أغنت عن كثير من المطولات، كما ذكرت الفوراق بين السنة والشيعة، واعتمدت لا كثر ما كتبت على مصادر أهل السنة، والكتب الصحاح عندهم، وتركت اشياء تتصل بموضوع الكتاب، لاني كنت قد ذكرتها في بعض مؤلفاتي السابقة، وبخاصة كتاب (مع الشيعة الامامية)
وكتاب (الشيعة والحاكمون).
وقد لا يصدق القارئ اذا قلت: ان هذه الصفحات هي ثمرة البحث الحر، دون أن أتأثر باية نزعة شخصية، او فكرة مذهبية... لذا ادع الحكم له وحده، ولا اقطع عليه الطريق بالحمد والثناء على ما كتبت.
ولكن هل يستطيع الانسان ان يتجرد عن وضعه وتربيته وعقيدته التي نشأ
/ صفحة 10 /
واستمر عليها شابا وكهلا؟...
كلا... ولكن ليس من الضروري ان تكون كل عقيدة باطلة، ولا كل تربية فاسدة... بل قد وقد... وتعرف الحقيقة حين تعرض على محك العقل، والجدل المنطقي العلمي، وهذا ما أريد من القارئ ان يعرفه ويتنبه اليه، فانا لا ادعي التحرر، ولكني أطلبه من القارئ، على ان ينظر الى عقيدة التشيع من خلال الإسلام، وعلى ضوء كتاب الله وسنة نبيه، لا من خلال عقله... لان العقل مهما سما يظل مقصرا عن ادراك كثير من الحقائق الإلهية، ككيفية الصلاة، وعدد الركعات، والهرولة في الحج، ورمي الجمار، وما الى ذاك.
وتقول: اراك تهتم كثيرا بامر الشيعة والتشيع، فهل فرغنا من مشاكل الحياة، ولم يبق الا التعريف بهذه الطائفة وصحة ما تدين به وتعتقد؟.. او ان هذا اهم واجدى؟...
اجل، ان المشاكل اتي نعانيها لا تتصل في واقعها بقضية التشيع والتسنن من قريب او بعيد، بل ان حديث هذه القضية والاهتمام بها يزيد المشاكل تعقيدا، ويجعلها مستحيلة او عسيرة الحل، وهذا ما يريده لنا المستعمرون والصهاينة، اعداء الدين والوطن، انهم يريدون ان نتلهى بالمشاحنات والنعرات الطائفية، ليعزلونا عن الحياة، ويخلولهم الجو... ويظهران لهم جهازا ضخما... يعرف مداه من قرأ كتاب (الخلافة) للنبهاني، وكتاب (ابوسفيان) للحفناوي، وكتاب (الخطوط العريضة) لمحب الدين الخطيب، ومجلة (التمدن السلامي)
التي تصدر بدمشق، والنشرات المتتابعة التي يصدرها (النصار السنة) بالقاهرة، ومقال الجبهان في مجلة (راية الاسلام) السعودية عدد ربيع الآخر سنة 1380 ه، وغيرها وغيرها...
لقد دأب هذا الجهاز - في تآليفه ونشراته - على مهاجمة الشيعة، وتصويرهم كطائفة ملحدة مجرمة تكيد للاسلام والمسلمين... والغرض الاول هو تنفيذ (الخطوط العريضة) التي رسمها الاستعمار لايقاظ الفتنة، واشاعة الفرقة بين المسلمين...
فرأيت من واجبي أن أنبه الافكار إلى مقاصد هذا الجهاز الفاسد وأهدافه، واقطع الطريق عليه بالكشف عن عقيدة الشيعة، مع الاشارة الى شئ من تاريخهم،
/ صفحة 11 /
ليتبين للناس المزاعم الكاذبة التي لفقها أولئك المأجورون.
وبديهة ان الشيعة ليسوا من القبائل البائدة التي خيم الظلام عليها وعلى آثارها، حتى يتقول عليهم بالحدس والتخمين... فهذه بلادهم منتشرة في شرق الارض وغربها، ومؤلفاتهم العقائدية وغيرها تغص بها المكتبات العامة والخاصة، اما علماؤهم فلا يبلغهم الاحصاء، وهم يرحبون بكل من يريد جدالهم ونقاشهم بالحكمة والمنطق... اذن يستطيع طالب الحقيقة ان يعرف عقيدة الشيعة من كتبهم وعلمائهم دون الرجوع إلى كتابي هذا... ومع ذلك فقد عرضت عقائدهم بأسلوبى الواضح الذي يقتصر على الجوهر واللباب، ولا يتكلف الزخرف والتزويق، كي لا يبقى عذر لمعتذر بعدم التفهم للعبارات المطولة المعقدة.
هذا، الى ان من يقرأ هذه الصفحات بتأمل وامعان يتبين له انها تهدف اول ما تهدف الى الاخذ والعمل بمبادئ الاسلام وتعاليمه، واذا اهتمت بالتشيع فانما تهتم به لانه من السلام في الصميم بنص القرآن الكريم، والسنة النبوية، بل هو ركن من اركانه برواية الصحابي الجليل ابي سعيد الخدري. وبالتالي، فاني من الذين يؤمنون ان المستقبل للحب والاخاء الانساني، وان روح التعصب آخذة بالزوال يوما بعد يوم، حتى لا يبقى لها عين ولا أثر - ان شاء الله - وعندها لا يجد الانتهازيون وتجار الطائفية مجالا للدس والتخريب.
والله سبحانه المسؤول ان يستعملنا في مرضاته انه ارحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآله والطاهرين.
التعلیقات