كيف يمكن معرفة إعجاز القران لغير العالم باللغة العربية؟
القرآن الكريم وتفسيره
منذ 14 سنةكيف يمكن معرفة إعجاز القران لغير العالم باللغة العربية؟
السؤال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، كيف يمكن لمَن لا يعرف اللغة العربية أن يتعرّف على إعجاز القرآن ، ويتخذه طريقاً لتحصيل اليقين بالعقيدة؟
الجواب : من سماحة السيّد علي الحائري
فالجواب : هو أنّ التعرّف على إعجاز القرآن ، واتخاذه طريقاً لتحصيل اليقين بالعقدة لا يتوقف على معرفة اللغة العربية ؛ ذلك لأنّ إعجاز القرآن أوّلاً لا ينحصر بالجانب الأدبي ومن حيث الفصاحة والبلاغة ، هذا الجانب الذي لايلتفت إليه مَن لا يعرف اللغة العربية ، بل هناك وجوه أُخرى لإعجاز القرآن لا تتوقف معرفتها على معرفة اللغة العربية ، بل بإمكان أيّ إنسان باحث عن الحقيقة ومنصفٍ التعرّف عليها .
وقد شرحها علماء علوم القرآن ، ويمكنكم مراجعة كتبهم بهذا الصدد ، وشرحنا بعضها سابقاً في الجواب على سؤالٍ قدّم إلينا حول الدليل على نبوّة نبيّنا (صلّى الله عليه وآله) ، حيث إنناكما نثبت وجود الله تبارك وتعالى بوصفه صانعاً حكيماً للكون من خلال الدليل الإستقرائي ، ومناهج الاستدلال العلمي ، كذلك نثبت نبوّة الرسول الأعظم محمّد (صلّى الله عليه وآله) أيضاً بالدليل العلمي ، وبنفس المناهج التي نستخدمها في الاستدلال على الحقائق المختلفة في حياتنا الاعتيادية ، وحياتنا العلمية ، وقد فصّلنا الكلام هناك في الجواب على هذا السؤال ، فبإمكانكم مراجعته ، هذا أوّلاً .
وثانياً : حتّى الجانب الأدبي بإمكان مَن لا يعرف اللغة العربية أن يحصل له اليقين بإعجاز القرآن من هذه الناحية أيضاً ؛ وذلك من خلال مايؤكّد عليه التاريخ بصورة قاطعة من أنّ القرآن قد بلغ في روعة بيانه وبلاغته وتجديده في أساليب البيان إلى درجة جعلت منه ـ حتّى من وجهة نظر غير المؤمنين بربّانيّته ـ حدّاً فاصلاً بين مرحلتين من تاريخ اللغة العربية ، وأساساً لتحوّل هائل في هذه اللغة وأساليبها ، وقد أحسّ العرب الذين حدّثّهم النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بالقرآن بأنّه لا يشبه ـ إطلاقاً ـ ما ألفوه من أساليب البيان ، وما نشأوا عليه ، وأتقنوه من طرائق التعبير ، حتّى قال قائلهم حين استمع إلى القرآن : والله لقد سمعت كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا كلام الجنّ ، وإنّ له لحلاوة ، وإنّ عليه لطلاوة ، وإنّ أعلاه لمثمر ، وإنّ أسفله لمعذق ، وأنّه ليعلو ، وما يُعلى ، وأنّه ليحطم ما تحته ( القائل هو الوليد بن المغيرة ، انظر : أسباب النزول / 295 في سورة المدّثر ، وإعلام الورى /1/ 42 ) فهذه الشهادة وأمثالها من الشهادات الثابتة تاريخيّاً قد تفيد اليقين حتىّ لمَن لا يعرف اللغة العربية بأنّ القرآن ربّاني ، وليس من إنتاج البشر ، باعتبارها شهادات من قبل أبناء اللّغة العربية ، بل من كبار بلغائها وأدبائها وفصحائها.
ولقد كان العرب آنذاك لا يسمحون لأنفسهم بالاستماع إلى القرآن ، وذلك إحساساً منهم بأثره الهائل ، وخوفاً من قدرته الفائقة على تغيير نفوسهم ، وهذا دليل تاريخي لكلّ إنسان ـ حتّى مَن لا يعرف اللغة العربية ـ على تميّز القرآن عن كلام البشر الاعتيادي ، وعدم كونه استمراراً متطوّراً ومتكاملاً لما كان يألفه العرب ويعهدونه.
وقد استسلموا ـ أيّ العرب كافّة ـ أمام التحدّي المستمرّ والمتصاعد الذي واجههم به النبيّ (صلّى الله عليه وآله) حيث أعلن تارة عن أنّهم لو اجتمعوا وتعاضدوا وتكافوا واستنفروا كلّ قواهم لكي يأتوا بمثل هذا القرآن ، فسوف يفشلون قطعاً ، و يعجزون عن الإتيان بمثله :{ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} {الإسراء/88} .
وأكّد تارة أُخرى على أنّهم لو اجتمعوا و أرادوا أن يأتوا بعشر سورٍٍ من مثل سور القرآن لم يستطيعوا : { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } {هود/13}.
وشدّد ثالثة على عجزهم عن الإتيان بما يناظر سورة واحدة من القرآن الكريم : { وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } {البقرة/23}.
أعلن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) كلّ هذا وكرّره على مجتمع لم يعرف صناعةً كما عرف صناعة الكالم ، و لم يتقن فنّاً كما أتقن فنّ الحديث والبيان ، ولم يتعوّد على شيء كما تعوّد على مجابهة التحدّي والتغنّي بالأمجاد ، ولم يحرص على شيء كما حرص على إطفاء نور هذه الرسالة الجديدة وتطويقها ، ومع ذلك كلّه لم يشأ هذا المجتمع الذي واجه تلك التحديات الكبيرة أن يجرّب نفسه ، ولم يحاول أن يعارض القرآن بشيء ؛ وذلك لإيمانه بأنّ الأدب القرآني فوق قدرته اللغوية والفنّية.
والطريق هو أنّ الشخص الذي كان يحمل إليهم هذا الزاد الأدبي البديع والجديد على حياتهم ، وكان يتحدّاهم ويعلن عن عجزهم عن الإتيان بمثله هو إنسان مكث فيهم أربعين سنة أمّي لا يقرأ ولا يكتب ، ولم يعهد وا له مشاركة في حلبة أدبية ، ولا تميّزاً في أيّ فنّ من فنون البيان والكلام.
كلّ هذا دليل قاطع لدى كلّ إنسان ـ حتّى مَن لا يعرف اللغة العربية ـ على ربّانية القرآن ، ونبوّة النبيّ الأعظم (صلّى الله عليه وآله) .
وقد شرحها علماء علوم القرآن ، ويمكنكم مراجعة كتبهم بهذا الصدد ، وشرحنا بعضها سابقاً في الجواب على سؤالٍ قدّم إلينا حول الدليل على نبوّة نبيّنا (صلّى الله عليه وآله) ، حيث إنناكما نثبت وجود الله تبارك وتعالى بوصفه صانعاً حكيماً للكون من خلال الدليل الإستقرائي ، ومناهج الاستدلال العلمي ، كذلك نثبت نبوّة الرسول الأعظم محمّد (صلّى الله عليه وآله) أيضاً بالدليل العلمي ، وبنفس المناهج التي نستخدمها في الاستدلال على الحقائق المختلفة في حياتنا الاعتيادية ، وحياتنا العلمية ، وقد فصّلنا الكلام هناك في الجواب على هذا السؤال ، فبإمكانكم مراجعته ، هذا أوّلاً .
وثانياً : حتّى الجانب الأدبي بإمكان مَن لا يعرف اللغة العربية أن يحصل له اليقين بإعجاز القرآن من هذه الناحية أيضاً ؛ وذلك من خلال مايؤكّد عليه التاريخ بصورة قاطعة من أنّ القرآن قد بلغ في روعة بيانه وبلاغته وتجديده في أساليب البيان إلى درجة جعلت منه ـ حتّى من وجهة نظر غير المؤمنين بربّانيّته ـ حدّاً فاصلاً بين مرحلتين من تاريخ اللغة العربية ، وأساساً لتحوّل هائل في هذه اللغة وأساليبها ، وقد أحسّ العرب الذين حدّثّهم النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بالقرآن بأنّه لا يشبه ـ إطلاقاً ـ ما ألفوه من أساليب البيان ، وما نشأوا عليه ، وأتقنوه من طرائق التعبير ، حتّى قال قائلهم حين استمع إلى القرآن : والله لقد سمعت كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا كلام الجنّ ، وإنّ له لحلاوة ، وإنّ عليه لطلاوة ، وإنّ أعلاه لمثمر ، وإنّ أسفله لمعذق ، وأنّه ليعلو ، وما يُعلى ، وأنّه ليحطم ما تحته ( القائل هو الوليد بن المغيرة ، انظر : أسباب النزول / 295 في سورة المدّثر ، وإعلام الورى /1/ 42 ) فهذه الشهادة وأمثالها من الشهادات الثابتة تاريخيّاً قد تفيد اليقين حتىّ لمَن لا يعرف اللغة العربية بأنّ القرآن ربّاني ، وليس من إنتاج البشر ، باعتبارها شهادات من قبل أبناء اللّغة العربية ، بل من كبار بلغائها وأدبائها وفصحائها.
ولقد كان العرب آنذاك لا يسمحون لأنفسهم بالاستماع إلى القرآن ، وذلك إحساساً منهم بأثره الهائل ، وخوفاً من قدرته الفائقة على تغيير نفوسهم ، وهذا دليل تاريخي لكلّ إنسان ـ حتّى مَن لا يعرف اللغة العربية ـ على تميّز القرآن عن كلام البشر الاعتيادي ، وعدم كونه استمراراً متطوّراً ومتكاملاً لما كان يألفه العرب ويعهدونه.
وقد استسلموا ـ أيّ العرب كافّة ـ أمام التحدّي المستمرّ والمتصاعد الذي واجههم به النبيّ (صلّى الله عليه وآله) حيث أعلن تارة عن أنّهم لو اجتمعوا وتعاضدوا وتكافوا واستنفروا كلّ قواهم لكي يأتوا بمثل هذا القرآن ، فسوف يفشلون قطعاً ، و يعجزون عن الإتيان بمثله :{ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} {الإسراء/88} .
وأكّد تارة أُخرى على أنّهم لو اجتمعوا و أرادوا أن يأتوا بعشر سورٍٍ من مثل سور القرآن لم يستطيعوا : { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } {هود/13}.
وشدّد ثالثة على عجزهم عن الإتيان بما يناظر سورة واحدة من القرآن الكريم : { وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } {البقرة/23}.
أعلن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) كلّ هذا وكرّره على مجتمع لم يعرف صناعةً كما عرف صناعة الكالم ، و لم يتقن فنّاً كما أتقن فنّ الحديث والبيان ، ولم يتعوّد على شيء كما تعوّد على مجابهة التحدّي والتغنّي بالأمجاد ، ولم يحرص على شيء كما حرص على إطفاء نور هذه الرسالة الجديدة وتطويقها ، ومع ذلك كلّه لم يشأ هذا المجتمع الذي واجه تلك التحديات الكبيرة أن يجرّب نفسه ، ولم يحاول أن يعارض القرآن بشيء ؛ وذلك لإيمانه بأنّ الأدب القرآني فوق قدرته اللغوية والفنّية.
والطريق هو أنّ الشخص الذي كان يحمل إليهم هذا الزاد الأدبي البديع والجديد على حياتهم ، وكان يتحدّاهم ويعلن عن عجزهم عن الإتيان بمثله هو إنسان مكث فيهم أربعين سنة أمّي لا يقرأ ولا يكتب ، ولم يعهد وا له مشاركة في حلبة أدبية ، ولا تميّزاً في أيّ فنّ من فنون البيان والكلام.
كلّ هذا دليل قاطع لدى كلّ إنسان ـ حتّى مَن لا يعرف اللغة العربية ـ على ربّانية القرآن ، ونبوّة النبيّ الأعظم (صلّى الله عليه وآله) .
التعلیقات