الدولة الزيدية في المغرب الادارسة
الدول الزيدية
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 7 ، ص 382 ـ 386
________________________________________
(382)
الفصل الخامس
الدولة الزيدية في المغرب
الادارسة :
كان لعبد اللّه المحض أي عبد اللّه بن الحسن بن الحسن السبط ـ عليه السلام ـ ستة أبناء قد ذكرنا أسماءهم عند ذكر ثورة محمد بن عبد اللّه النفس الزكية، منهم:
1 ـ إدريس بن عبد اللّه المحض :
قال المسعودي: لما خرج محمد بن عبد اللّه المحض المعروف بالنفس الزكية تفرق إخوته في البلاد، يدعون إلى إمامته، فكان فيمن توجه، ابنه علي بن محمد إلى مصر، فقتل هناك، وسار ابنه الحسن إلى اليمن فحبس فمات في الحبس، وسار إخوة موسى إلى الجزيرة، ومضى أخوه يحيى إلى الريّ، ثم إلى طبرستان، ومضى أخوه إدريس بن عبد اللّه إلى المغرب فأجابه خلق من الناس فبعث المنصور من اغتاله بالسم فيما احتوى عليه من مدن المغرب (1)
قال العلوي العمري النسابة: كان إدريس بن عبد اللّه مع الحسين صاحب
________________________________________
(1) المسعودي: مروج الذهب: 3|396.
________________________________________
(383)
الفخ (1)، فلما قتل الحسين انهزم حتى لحق بالمغرب فسمّ هناك (2).
وقال ابن عنبة: لما قتل الحسين انهزم إدريس حتى دخل المغرب فسمّ هناك بعد أن ملك، وكان قد هرب إلى فاس وطنجة ومعه مولاه راشد ودعاهم إلى الدين فأجابوه وملكوه، فاغتم الرشيد (هارون) لذلك حتى امتنع من النوم ودعا سليمان ابن جرير الرقي متكلم الزيدية وأعطاه سماً، فورد سليمان بن جرير متوسماً بالمذهب فسرّ به إدريس بن عبد اللّه ثم طلب منه عزة ووجد خلوة من مولاه راشد فسقاه السم فهرب، فخرج راشد خلفه فضربه على وجهه ضربة منكرة وفاته، وعاد وقد مضى إدريس لسبيله.
كانت بيعة إدريس بن عبد اللّه في شهر رمضان سنة 172هـ واستمر بالاَمر إلى ست سنين إلاّ ستة شهر (3)
وقال الزركلي: إدريس بن عبد اللّه بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب: موَسس دولة الاَدارسة في المغرب وإليه نسبتها، أوّل ما عرف عنه أنّه كان مع الحسين بن علي بن الحسن المثلث، في المدينة أيام ثورته على الهادي العباسي سنة 169هـ ثم قتل الحسين، فانهزم إدريس إلى مصر فالمغرب الاَقصى سنة 172هـ، ونزل بمدينة وليلي (على مقربة من مكناس وهي اليوم مدينة قصر فرعون) وكان كبيرها يومئذ إسحاق بن محمد فعرّفه إدريس بنفسه، فأجاره وأكرمه، ثم جمع البربر على القيام بدعوته، وخلع طاعة بني العباس، فتم له الاَمر (يوم الجمعة 4 رمضان 172هـ) فجمع جيشاً كثيفاً وخرج به غازياً فبلغ بلاد تادَلة
________________________________________
(1) فخ ـ بفتح أوّله وتشديد ثانيه ـ واد بمكة قتل فيه الحسين بن علي بن الحسن العلوي يوم التروية سنة 169 هـ وقتل معه جماعة من أهل بيته وفيه دفن عبد اللّه بن عمرو جماعة من الصحابة، انظر مراصد الاِطلاع، ما دة فخ.
(2) النسابة العلوي العمرى: المجدي: 62.
(3) ابن عنبة: عمدة الطالب: 157 ـ 158.
________________________________________
(384)
(قرب فاس) ففتح معاقلها، وعاد إلى وليلي، ثم غزا تلمسان فبايع له صاحبها، وعظم أمر إدريس فاستمر إلى أن توفي مسموماً في وليلي في عام 177 هـ وهو أول من دخل المغرب من الطالبيين، ومن نسله الباقي إلى الآن في المغرب شرفاء العلم (العلميون) والشرفاء الوزانيون، والريسيون، والشبيهيون، والطاهريون الجوطيون، والعمرانيون، والتونسيون (أهل دار القيطون) والطالبيون، والغالبيون، والدباغيون، والكتانيون، والشفشاويون، والوَدْغيريون، والدرقاويون، والزكاريون(1).
* * *
2 ـ إدريس بن إدريس بن عبد اللّه المحض :
يقول ابن عنبة: وأعقب إدريس بن عبد اللّه المحض من ابنه إدريس وحده، وكان إدريس بن إدريس لما مات أبوه حملاً، وأُمه أم ولد بربرية، ولما مات إدريس ابن عبد اللّه وضعت المغاربة التاج على بطن جاريته أُم إدريس فولدته بعد أربعة أشهر، قال الشيخ أبو نصر البخاري: قد خفي على الناس حديث إدريس لبعده عنهم ونسبوه إلى مولاه راشد، وقالوا: «إنّه احتال في ذلك لبقاء الملك له، ولم يعقب إدريس بن عبد اللّه وليس الاَمر كذلك فإنّ داود بن قاسم الجعفري وهو أحد كبار العلماء وممن له معرفة بالنسب، حكى أنّه كان حاضراً قصة إدريس بن عبد اللّه وسمّه وولادة إدريس بن إدريس، قال: وكنت معه بالمغرب فما رأيت أشجع منه ولا أحسن وجهاً، وقال الرضا بن موسى الكاظم _ عليهما السلام _: «إدريس بن إدريس ابن عبد اللّه من شجعان أهل البيت واللّه ماترك فينا مثله» وقال أبو هاشم داود بن القاسم بن إسحق بن عبد اللّه بن جعفر الطيار: أنشدني إدريس بن إدريس لنفسه ـ أبياتاً شعرية ـ .
________________________________________
(1) الزركلي: الاَعلام : 1| 279.
________________________________________
(385)
وكان لاِدريس بن إدريس بن عبد اللّه المحض أحد عشر رجلاً وبنتين: رقية وأُم محمد، ولكنه أعقب من سبعة، وهم:
1 ـ القاسم 2 ـ عيسى 3 ـ عمر 4 ـ داود 5 ـ يحيى 6 ـ عبد اللّه 7 ـ حمزة.
وقد قيل: إنّه أعقب من غير هوَلاء أيضاً ولكل منهم ممالك في بلاد المغرب هم بها ملوك إلى الآن (1)
وفي تعليقة الكتاب: والذي أولدهم إدريس بن إدريس أحد عشر رجلاً، وبنتين: رقية وأُم محمد، والذي أعقب فيهم سبعة، والذي ملك الاَمر منهم في بلاد المغرب محمد واستمر بالاَمر ثماني سنين ثم توفي في شهر ربيع الاَوّل سنة 221 هـ، وقام بعده أولاده ثم أحفاده وكان آخرهم الحسن بن القاسم كنون بن محمد بن القاسم بن إدريس الذي تولى الملك سنة 348 وقتل سنة 375 وبموته انقرضت دولة الاَدارسة من بلاد المغرب وقد ملكوا الاَمر 200 سنة تقريباً.
وقال ابن عذارى المراكشي: أخذت الهجرات العربية تنثال على مراكش من أفريقية والاَندلس، فقرر إدريس الثاني تأسيس عاصمة له وشرع في إنشاء مدينة فاس عام 192 هـ حيث سكن البربر المنطقة الشرقية والعرب المنطقة الغربية، وقد أصبحت هذه المدينة مركزاً من أكبر مراكز الاِسلام علمياً ودينياً وتجارياً وصناعياً.
قام إدريس الثاني بحملات عسكرية في جبال أطلس وظل يتنقل بعدها بين فاس وتلمسان ووليله إلى أن مات مسموماً عام 213 هـ في ظروف غامضة.
ترك اثني عشر ولداً هم: محمد وأحمد و عبد اللّه وعيسى وإدريس وجعفر
________________________________________
(1) ابن عنبة: عمدة الطالب: 159 ومعنى ذلك بقاء حكمهم وسلطتهم إلى أوائل القرن التاسع.
________________________________________
(386)
ويحيى وحمزة وعبد اللّه والقاسم وداود ويحيى، ولّي منهم: محمد بن إدريس، ففرّق البلاد على إخوته بأمر جدته البربرية «كنزة» ولكن الخلاف نشأ بين بعض الاِخوة ولم تستقرّ بعدها دولة الاَدارسة بسبب منازعة الخوارج لهم برئاسة عبد الرزاق الخارجي الصفري إلى أنّ انتهت عام 323هـ (1)
وقال الزركلي: إدريس بن إدريس بن عبد اللّه بن الحسن المثنى، أبو القاسم: ثاني ملوك الاَدارسة في المغرب الاَقصى، وباني مدينة فاس. ولد في وليلي (بجبل زرهون. على نحو 30 كم من مكناس) وتوفي أبوه وهو جنين، فقام بشوَون البربر راشد (مولى أبيه إدريس الاَوّل وأمينه) وقتل راشد سنة 186هـ فقام بكفالة إدريس أبو خالد العبدي، حتى بلغ الحادية عشر، فبايعه البربر في جامع وليلي سنة 188هـ فتولّى ملك أبيه وأحسن تدبيره وكان جواداً فصيحاً حازماً، أحبته رعيته. واستمال أهل تونس وطرابلس الغرب والاَندلس إليه (وكانت في يد العباسيين بالمشرق، يحكمها ولاتهم) وغصت وليلي بالوفود والسكان فاختلط مدينة «فاس» سنة 192 هـ وانتقـل إليها. وغزا بلاد المصامدة فاستولى عليها، وقبائل نفزة (من أهل المغرب الاَوسط) فانقادت إليه، وزار تلمسان ـ وكان أبوه قد افتتحها ـ فأصلح سورها وجامعها وأقام فيها ثلاث سنوات، ثم عاد إلى فاس. وانتظمت له كلمة البربر وزناتة، واقتطع المغربين (الاَقصى والاَوسط) عن دولة العباسيين من لدن السوس الاَقصى إلى وادي شلف. وصفا له ملك المغرب وضرب السكة باسمه وتوفي بفاس (2)في 312هـ. وكان قد ولد عام 771هـ وبذلك يكون عمره 36عاماً.
________________________________________
(1) ابن عذارى المراكشي: البيان المغرب في أخبار الاَندلسي والمغرب: 210 كما في الزيدية للدكتور أحمد محمود صبحي: 113.
(2) الزركلي: الاَعلام: 1| 278.
التعلیقات