فرق الزيدية في كتب تاريخ العقائد
فرق الزيدية
منذ 13 سنةبحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 7 ، ص 453 ـ 457
________________________________________(453)
الفصل الثامنفرق الزيدية في كتب تاريخ العقائد
قد ذكر موَرخو العقائد، للزيدية فرقاً بين مقتصر على الثلاثة، وإلى مفيض إلى ستة، وثمانية، وإليك نصوصهم حسب التسلسل الزمني في التأليف:
1 ـ قال الاَشعري: «والزيدية» ست فرق:
فمنهم: الجارودية: أصحاب «أبي الجارود» وإنّما سمّوا «جارودية» لاَنّهم قالوا بقول: «أبي الجارود» يزعمون أنّ النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ نصّ على علي بن أبي طالب بالوصف لا بالتسمية، فكان هو الاِمام من بعده وأنّ الناس ضلّوا وكفروا بتركهم الاقتداء به بعد الرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ثم «الحسن» من بعد علي هو الاِمام ثم «الحسين» هو الاِمام من بعد الحسن.
وافترقت الجارودية فرقتين: فرقة زعمت أنّ علياً نصّ على إمامة «الحسن» وأنّ الحسن نص على إمامة «الحسين» ثم هي شورى في ولد الحسن وولد الحسين فمن خرج منهم يدعو إلى سبيل ربّه وكان عالماً فاضلاً فهو الاِمام، وفرقة زعمت أنّ النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ نص على «الحسن» بعد علي وعلى «الحسين» بعد الحسن ليقوم واحد بعد واحد.
وافترقت الجارودية في نوع آخر ثلاث فرق: فزعمت فرقة أنّ «محمد بن عبد اللّه بن الحسن» لم يمت وأنّه يخرج ويغلب، وفرقة أُخرى زعمت أنّ «محمد
________________________________________
(454)
بن القاسم» صاحب الطالقان حي لم يمت وأنّه يخرج ويغلب، وفرقة قالت مثل ذلك «يحيى بن عمر» صاحب الكوفة.والفرقة الثانية من الزيدية، «السليمانية»: أصحاب «سليمان بن جرير الزيدي» يزعمون أنّ الاِمامة شورى وانّها تصلح بعقد رجلين من خيار المسلمين، وانّها قد تصلح في المفضول وإن كان الفاضل أفضل في كل حال، ويثبتون إمامة الشيخين أبي بكر وعمر.
وحكى «زرقان» عن سليمان بن جرير أنّه كان يزعم أنّ بيعة أبي بكر وعمر خطأ لا يستحقان عليها اسم الفسق من قبل التأويل، وانّ الاَُمّة قد تركت الاَصلح في بيعتهم أياهما، وكان سليمان بن جرير يقدم على عثمان ويكفره عند الاَحداث التي نقمت عليه، ويزعم أنّه قد ثبت عنده أنّ علي بن أبي طالب لايضل ولاتقوم عليه شهادة عادلة بضلالة، ولايوجب علم هذه النكتة على العامة إذ كان إنّما تجب هذه النكتة من طريق الروايات الصحيحة عنده.
والفرقة الثالثة: من الزيدية: «البترية»: أصحاب «الحسن بن صالح بن حي» وأصحاب «كثير النواء» وإنّما سمّوا «بترية» لاَنّ «كثيراً» كان يلقب بالاَبتر، يزعمون أنّ علياً أفضل الناس بعد رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وأولاهم بالاِمامة، وأنّ بيعة أبي بكر وعمر ليست بخطأ، لاَنّ علياً ترك ذلك لهما، ويقفون في عثمان وفي قتلته ولايقدمون عليه بإكفار، وينكرون رجعة الاَموات إلى الدنيا، ولايرون لعلي إمامة إلاّ حين بويع، وقد حكي أنّ «الحسن بن صالح بن حي» كان يتبرّأ من عثمان رضوان اللّه عليه بعد الاَحداث التي نقمت عليه.
والفرقة الرابعة من الزيدية: «النعيمية»: أصحاب «نعيم بن اليمان» يزعمون أنّ علياً كان مستحقاً للاِمامة وأنّه أفضل الناس بعد رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _، وأنّ الاَُمّة ليست بمخطئة خطأ أثم في أن ولّت أبا بكر وعمر رضوان اللّه
________________________________________
(455)
تعالى عليهما، ولكنها مخطئة خطأ بيّناً في ترك الاَفضل وتبرّأوا من عثمان ومن محارب علي وشهدوا عليه بالكفر.والفرقة الخامسة من الزيدية: يتبرّأون من أبي بكر وعمر ولا ينكرون رجعة الاَموات قبل يوم القيامة.
والفرقة السادسة من الزيدية: يتولّون أبا بكر وعمر، ولايتبرّأون ممن برىء منهما، وينكرون رجعة الاَموات ويتبرّأون ممن دان بها وهم «اليعقوبية» أصحاب رجل يدعى «يعقوب» (1)
* * *
2 ـ قال المسعودي: إنّ الزيدية كانت في عصرهم ثمانية فرق: أوّلها الفرقة المعروفة بـ «الجارودية» وهم أصحاب أبي الجارود زياد بن المنذر العبدي، وذهبوا إلى أنّ الاِمامة مقصورة في ولد الحسن والحسين دون غيرهما، ثم الفرقة الثانية المعروفة بـ «المرئية»، ثم الفرقة الثالثة المعروفة بـ «الاَبرقية»، ثم الفرقة الرابعة المعروفة بـ «اليعقوبية» وهم أصحاب يعقوب بن علي الكوفي. ثم الفرقة الخامسة المعروفة بـ «العقبية» ثم الفرقة السادسة المعروفة بـ «الاَبترية» وهم أصحاب كثير الاَبتر والحسن بن صالح بن حي. ثم الفرقة السابعة المعروفة بـ «الجريرية » وهم أصحاب سليمان بن جرير. ثم الفرقة الثامنة المعروفة بـ «اليمانية» وهم أصحاب محمد بن يمان الكوفي، وقد زاد هوَلاء في المذاهب وفرّعوا مذاهب على ما سلف من أُصولهم (2)3 ـ قال نشوان الحميري: افترقت الزيدية ثلاث فرق: بترية وجريرية
________________________________________
(1) الاَشعري: مذاهب الاِسلاميين: 66 ـ 69.
(2) المسعودي: مروج الذهب: 2|183.
________________________________________
(456)
وجارودية. فقالت البترية: إنّ علياً _ عليه السلام _ كان أفضل الناس بعد رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وأولاهم بالاِمامة، وأنّ بيعة أبي بكر وعمر ليست بخطأ، لاَنّ علياً _ عليه السلام _ سلم لهما ذلك، بمنزلة رجل كان له حقّ على رجل فتركه له، ووقفت في أمر عثمان، وشهدت بالكفر على من حارب علياً، وسمّوا البترية، لاَنّهم نسبوا إلى كثير النواء، وكان المغيرة بن سعيد يلقب كثيراً بـ «الاَبتر».وقالت الجريرية: إنّ علياً كان الاِمام بعد رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وأنّ بيعة أبي بكر وعمر كانت خطأ لا يستحق عليه اسم الكفر، ولا اسم الفسوق، وأنّ الاَُمّة قد تركت الاَصلح، وبرئت من عثمان سبب أحداثه، وشهدت عليه وعلى من حارب علياً بالكفر.
وقالت الجارودية: إنّ رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ نصّ على علي _ عليه السلام _ بالاِشارة والوصف دون التسمية والتعيين، وإنّه أشار إليه ووصفه بالصفات التي لم توجد إلاّ فيه، وإنّ الاَُمّة ضلت وكفرت بصرفها الاَمر إلى غيره، وإنّ رسول اللّه _ صلى الله عليه وآله وسلم _ نصّ على الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ بمثل نصّه على علي، ثم إنّ الاِمام بعد هوَلاء الثلاثة ليس بمنصوص عليه، ولكن الاِمامة شورى بين الاَفاضل من ولد الحسن والحسين، فمن شهر منهم سيفه ودعا إلى سبيل ربّه وباين الظالمين، وكان صحيح النسب من هذين البطنين، وكان عالماً زاهداً شجاعاً، فهو الاِمام.
وافترقت الجارودية في نوع آخر ثلاث فرق:
أ ـ فرقة زعمت أنّ محمد بن عبد اللّه النفس الزكية بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب لم يمت ولا يموت، حتى يملاَ الاَرض عدلاً، وأنّه القائم المهدي المنتظر عندهم، وكان محمد بن عبد اللّه خرج على المنصور فقتل بالمدينة.
ب ـ وفرقة زعمت أنّ محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن
________________________________________
(457)
الحسين ابن علي بن أبي طالب، حي لم يمت ولا يموت، حتى يملاَ الاَرض عدلاً، وأنّه المهدي المنتظر عندهم، وكان محمد بن القاسم هذا خرج على المعتصم بالطالقان فأسره المعتصم، فلم يدر بعد ذلك كيف خبره.وفرقة زعمت أنّ يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب حي لم يمت، وأنّه القائم المنتظر عندهم، ولايموت حتى يملاَ الاَرض عدلاً، وكان يحيى بن عمر هذا خرج على المستعين، فقتل بالكوفة. هذه رواية أبي القاسم البلخي عن الزيدية، وليس باليمن من فرق الزيدية غير الجارودية، وهم بصنعاء وصعدة وما يليهما (1)
________________________________________
(1) نشوان الحميري: الحور العين: 155.
التعلیقات