خطبة الإمام زين العابدين عليه السلام في الكوفة
السيّد بن طاووس
منذ 11 سنةخطبة الإمام زين العابدين عليه السلام
ثمّ ، أن زين العابدين عليه السلام أومأ إلى الناس أن اسكتوا ، فسكتوا ، فقام (1) قائماً ، فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي بما هو أهله فصلّى عليه ، ثمّ قال :
« أيّها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي : أنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أنا ابن المذبوح بشطّ الفرات من غير ذحل ولا ترات (2) ، أنا ابن من انتهك حريمه وسلب نعيمه وانتهب ماله وسبي عياله ، أنا ابن من قتل صبراً وكفى بذلك فخراً.
أيّها الناس ، ناشدتكم الله هل تعلمون أنّكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه وخذلتموه ؟! فتبّاً لما قدمتم لأنفسكم وسوءاً (3) لرأيكم ، بأيّة عين تنظرون إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله اذ يقول لكم : قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من أمّتي ؟! ».
قال الراوي (4) : فارتفعت أصوات الناس من كلّ ناحية ، ويقول بعضهم لبعض : هلكتم وما تعلمون.
فقال : « رحم الله امرءاً قبل نصيحتي وحفظ وصيّتي في الله وفي رسوله وأهل بيته ، فان لنا في رسول الله أسوة حسنة ».
فقالوا بأجمعهم : نحن كلّنا يابن رسول الله سامعون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك ، فأمرنا بأمرك يرحمك الله ، فإنّا حرب لحربك وسلم لسلمك ، لنأخذن يزيد ونبرأ ممّن ظلمك وظلمنا.
فقال عليه السلام : « هيهات هيهات ، أيّها الغدرة المكرة ، حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم ، أتريدون أن تأتوا إليّ كما أتيتم إلى أبي من قبل ؟! كلّا وربّ الراقصات ، فان الجرح لما يندمل ، قتل أبي صلوات الله عليه بالأمس وأهل بيته معه ، ولم ينسني ثكل رسول الله صلّى الله عليه وآله وثكل أبي وبني أبي ، ووجده بين لهواتي (5) ، ومرارته بين حناجري وحلقي ، وغصصه تجري في فراش صدري.
ومسألتي أن لا تكونوا لنا ولا علينا ».
ثمّ قال :
« لا غرو إن قتل الحسين وشيخه |
قد كان خيراً من حسين وأكرما (6) |
|
فلا تفرحوا يا أهل كوفان بالذي |
أصاب حسيناً كان ذلك أعظما |
|
قتيل بشط النهر روحي فداؤه |
جزاء الذي أراده نار جهنما » |
ثمّ قال عليه السلام : « رضينا منكم رأساً برأس فلا يوم لنا ولا علينا ».
الهوامش
1. ر : فقال.
2. ر : من غير دخل ولا تراث.
3. ع : وسوءة.
4. الراوي ، من ع.
5. في متن ر : لهاتي ، وفي حاشيتها : لهواتي خ.
6. كذا في ب. ع. وفي ر :
فلا غرو من قتل الحسين فشيخه |
أبوه علي كان خيراً وأكرما |
مقتبس من كتاب : [ الملهوف على قتلى الطفوف ] / الصفحة : 199 ـ 200
التعلیقات