الشفاعة في السنّة المطهّرة
محمّد هادي الأسدي
2024 Oct 3إنّ مسألة الشفاعة قد تختلف عن الكثير من المسائل العقائدية الاُخرى ، التي كثر الجدل والكلام حولها ، في أنّها جاءت بعبارات واضحة وصريحة في القرآن الكريم كما وردت بنفس الوضوح في أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل البيت : ، واليك هذه الأحاديث :
١ ـ عن جابر بن عبدالله قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أُعطيتُ خمساً لم يعطهنَّ أحدٌ قبلي ... وأُعطيت الشفاعة ولم يعطَ نبي قبلي ... » (١).
٢ ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ... فمن سأل لي الوسيلة حلَّت له الشفاعة » (٢).
٣ ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ... إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أُمتي » (٣).
٤ ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ... اشفعوا تُشفَّعوا ويقضي الله عزَّ وجل على لسان نبيه ما شاء » (٤).
٥ ـ عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أنا أوّل شفيع في الجنة ... » (٥).
٦ ـ عن كعب الأحبار ونفس الحديث عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : « لكلِّ نبي دعوة يدعوها فاُريد أن أختبىء دعوتي شفاعة لاُمتي يوم القيامة » (٦).
٧ ـ عن أبي نضرة قال خطبنا ابن عباس على منبر البصرة فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّه لم يكن نبي إلاّ له دعوة قد تَنَجَّزها في الدنيا وإني قد اختبأت دعوتي شفاعة لاُمتي وأنا سيّد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ... فيقال ارفع رأسك وقل تُسمع وسل تُعط واشفع تُشفّع ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : فارفع رأسي فأقول أي ربي أُمتي أُمتي فيقال لي أخرِج من النار من كان في قلبه كذا وكذا فأخرجهم » (٧).
٨ ـ عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : « أُعطيت خمساً لم يعطهنَّ نبي قبلي ولا أقولهن فخراً بُعثت إلى الناس كافة الأحمر والأسود ، ونُصِرتُ بالرعب مسيرة شهر ، وأُحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، وأُعطيت الشفاعة فاخرتها لاُمتي فهي لمن لا يشرك بالله شيئاً » (٨).
٩ ـ عن عبدالله بن عمرو بن العاص يقول : إنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قول : « إذا سمعتم مؤذناً فقولوا مثل ما يقول ثم صلّوا عليَّ فإنّه من صلّى عليَّ صلّى الله عليه بها عشراً ثم سلوا لي الوسيلة فإنّها منزلة في الجنة لا تنبغي إلاّ لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأله لي الوسيلة حلَّت عليه الشفاعة » (٩).١٠ ـ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله تعالى : ( عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا ) قال : « الشفاعة » (١٠).
١١ ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « رأيتُ ما تلقى أُمتي بعدي ... فسألت ان يوليني شفاعة يوم القيامة فيهم ففعل » (١١).
١٢ ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ليخرجنَّ قوم من أُمتي من النار بشفاعتي يسمّون الجهنميين » (١٢).
١٣ ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « شفاعتي نائلة إن شاء الله من مات ولا يشرك بالله شيئاً » (١٣).
١٤ ـ وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قوله : « لنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة » (١٤).
١٥ ـ قال الإمام زين العابدين عليه السلام : « اللهمّ صلِّ على محمد وآل محمد وشرّف بنيانه وعظّم بُرهانه ، وثقّل ميزانه وتقبل شفاعته » (١٥).
١٦ ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « يا بني عبدالمطلب إنَّ الصدقة لا تحلّ لي ولا لكم ، ولكني وعدت الشفاعة » (١٦).
١٧ ـ قال الإمام زين العابدين عليه السلام : « ... وتعطف عليَّ بجودك وكرمك ، وأصلح مني ما كان فاسداً ، وتقّبل مني ما كان صالحاً ، وشفّع فيَّ محمداً وآل محمد ، واستجب دعائي وارحم تضرعي وشكواي ... » (١٧).
١٨ ـ عن أبي عبدالله عليه السلام قال : « المؤمن مؤمنان : مؤمن وفى لله بشروطه التي شرطها عليه ، فذلك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا وذلك من يشفع ولا يشفع له وذلك ممن لا تصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الآخرة ، ومؤمن زلت به قدم فذلك كخامة الزرع كيفما كفئته الريح انكفأ وذلك ممن تصيبه أهوال الدنيا والآخرة ويشفع له وهو على خير » (١٨).
١٩ ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّ ربكم تطوّل عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم وشفّع محسنكم في مسيئكم فأفيضوا مغفوراً لكم » ، قال : وزاد غير الثمالي انه قال : « إلاّ أهل التبعات فإن الله عدل يأخذ للضعيف من القوي » فلما كانت ليلة جمع لم يزل يناجي ربه ويسأله لأهل التبعات فلما وقف بجمع قال لبلال : « قل للناس فلينصتوا » فلما نصتوا قال : « إنّ ربكم تطوّل عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم وشفّع محسنكم في مسيئكم فأفيضوا مغفوراً لكم » وضمن لأهل التبعات من عنده الرضا (١٩).
٢٠ ـ عن الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام في ذكر فضل القرآن : « إنّه ما توجّه العباد إلى الله تعالى بمثله ، واعلموا انه شافع مشفّع وقائلٌ مصدّق ، وأنّه من شفع له القرآن يوم القيامة شُفّع فيه » (٢٠).
وهذه الاحاديث وغيرها كثير تدلل بما لا يدع مجالاً للشك ، أنّ مسألة القول بالشفاعة لدى المسلمين قد نشأت معهم وكوّنت جزءاً من ثقافتهم وعقيدتهم الإسلامية ، وقد أقرّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة من أهل بيته عليهم السلام ذلك الإيمان.
فهناك دلائل تاريخية توضّح اهتمام المسلمين في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بطلب شفاعته لهم يوم القيامة ، فقد روي عن أنس بن مالك عن أبيه قوله : سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يشفع لي يوم القيامة ، فقال : « أنا فاعل » قال ، قلتُ : يا رسول الله فأين أطلبك ؟ ، فقال : « إطلبني أول ما تطلبني على الصراط » (٢١).
جاء في متن الواسطية : ( وأوّل من يستفتح باب الجنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وأوّل من يدخل الجنة من الأُمم أُمّته ، وله صلى الله عليه وآله وسلم في القيامة ثلاث شفاعات : أمّا الشفاعة الأولى ، فيشفع في أهل الموقف حتى يُقضى بينهم بعد أنْ يتراجع الأنبياء آدم ، ونوح ، وابراهيم ، وموسى ، وعيسى بن مريم عن الشفاعة حتى تنتهي إليه. وأما الشفاعة الثانية فيشفع في أهل الجنة أنْ يدخلوا الجنة ، وهاتان الشفاعتان خاصتان له ، وأما الشفاعة الثالثة فيشفع فيمن استحق النار ، وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم ، فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها ، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها ) (٢٢).
وجاء في السيرة النبوية للحلبي أنّ أبا بكر أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاته فكشف عن وجهه وأكبَّ عليه وقال « بأبي أنت وأُمي طبت حيّاً وميّتاً ، إذكرنا يا محمد عند ربك ولنكن في بالك » (٢٣).
الهوامش
مقتبس من كتاب الشفاعة حقيقة إسلاميّة
التعلیقات