صفة النار وأهلها وعذابها
علي موسى الكعبي
2024 Sep 7صفة النار وأهلها وعذابها
صفة النار : النار هي دار الهوان ودار الانتقام من أهل الكفر والعصيان ،
وقد وصفها القرآن الكريم بأنها كالسجن ، محيط بالكافرين ، حصير لهم ،
ولها سرادق محيط بها ، وأنها مُؤصدة في عمدٍ ممدّدة ، وفيها ظلّ ذو ثلاث
شعب ، لكنه غير ظليل ، ولا يقي من شدّة فورانها وتصاعد لظاها ، وأن
وقودها الناس والحجارة ، وأوارها لا ينقطع ، فكلما خبت ازدادت سعيراً ،
وتحرسها ملائكة غلاظ شداد موكّلون بالعذاب ، لا يعصون الله ما أمرهم ،
ويفعلون ما يؤمرون ، ولها سبعة أبواب ، لكلّ باب منهم جزء مقسوم (١) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « أن جهنّم لها سبعة أبواب أطباق بعضها فوق
بعض . . . فأسفلها جهنّم ، وفوقها لظى ، وفوقها الحطمة ، وفوقها سقر ،
وفوقها الجحيم ، وفوقها السعير ، وفوقها الهاوية » .
وفي رواية : « أسفلها الهاوية ، وأعلاها جهنّم » (٢) .
وقال عليهالسلام في وصفها : « فاحذروا ناراً قعرها بعيد ، وحرّها شديد ،
__________________________
١٥ / ٤٧ ـ ٤٨ ، سورة مريم : ١٩ / ٦٢ ، سورة فاطر : ٣٥ / ٣٤ ـ ٣٥ ، سورة يس :
٣٦ / ٥٥ ، سورة الزمر : ٣٩ / ٧٣ ، سورة الدخان : ٤٤ / ٥٦ ، سورة ٤٧ / ١٥ ،
سورة الطور : ٥٢ / ١٨ ، سورة المجادلة : ٥٨ / ٢٢ ، النبأ : ٧٨ / ٣٥ ، سورة الغاشية :
٨٨ / ١١ .
١) راجع : سورة البقرة : ٢ / ٢٤ ، سورة التوبة : ٩ / ٤٩ ، سورة الحجر : ١٥ / ٤٣ ـ
٤٤ ، سورة الإسراء : ١٧ / ٨ و ٩٧ ، سورة الكهف : ١٨ / ٢٩ ، سورة التحريم :
٦٦ / ٦ ، سورة المرسلات : ٧٧ / ٣٠ ـ ٣١ ، سورة الهمزة : ١٠٤ / ٨ ـ ٩ .
٢) مجمع البيان / الطبرسي ٦ : ٥١٩ .
وعذابها جديد ، دار ليس فيها رحمة ، ولا تُسمع فيها دعوة ، ولا تُفرّج فيها
كُربه » (١) .
أهل النار : ( أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا
أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ) (٢) .
جاء في الآيات الكريمة أنّ النار اُعدت للذين كفروا وصدّوا عن سبيل
الله وماتوا وهم كفّار ، والمشركين الذين جعلوا مع الله إلهاً آخر ،
والمنافقين ، والمتكبرين ، والظالمين ، والطاغين ، والمكذّبين الله سبحانه
ورسله ، ومن يعصي الله ورسوله ، ويتولى عن طاعته ، ويتعدى حدوده ،
ويستكبر عن عبادته ، ويصدّ عن سبيله ، ويعرض عن ذكره ، ولا يرجو
لقاءه ، والمكذبين بيوم الدين ، والذين رضوا بالحياة الدنيا وزينتها واطمأنوا
بها وآثروها على الآخرة ، ومن كسب سيئة وأحاطت به خطيئته ، ومن
يرتدّ عن دينه ويموت كافراً ، والذين يأكلون أموال الناس بالباطل ، أو
يأكلون أموال اليتامى ظلماً ، ومن يقتل مؤمناً متعمداً ، والذين يكنزون
الذهب والفضّة ولا ينفقونها في سبيل الله ، وأئمة الجور والضلال ، وتاركي
الصلاة (٣) .
__________________________
١) نهج البلاغة / صبحي الصالح : ٣٨٤ ـ الكتاب ( ٢٧ ) .
٢) سورة البقرة : ٢ / ١٧٥ .
٣) راجع سورة البقرة : ٢ / ٨١ و ٨٦ و ١٦١ ـ ١٦٢ و ٢١٧ ، سورة النساء : ٤ / ١٠
و ١٤ و ٥٦ و ٩٣ و ١٤٥ ، سورة التوبة : ٩ / ٣٤ و ٦٣ ، سورة يونس : ١٠ / ٧ ـ ٨
و ٥٢ ، سورة هود : ١١ / ١٥ ـ ١٦ ، سورة النحل : ١٦ / ٨٥ ، سورة الكهف :
١٨ / ١٠٢ ـ ١٠٦ ، سورة طه : ٢٠ / ٧٤ و ١٢٤ ـ ١٢٧ ، سورة الفرقان : ٢٥ / ١١ ،
قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « إني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : يُؤتى يوم
القيامة بالامام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر ، فيُلقى في نار جهنم ،
فيدور فيها كما تدور الرحى ، ثمّ يُربَط في قعرها » (١) .
وعنه عليهالسلام وهو يعظ أصحابه : « تعاهدوا أمر الصلاة ، وحافظوا عليها ،
واستكثروا منها ، وتقرّبوا بها ، فانها كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً ، ألا
تسمعون إلى جواب أهل النار حين سئلوا : ( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ
مِنَ الْمُصَلِّينَ ) (٢) ؟ ! » .
الخالدون فيها : لا يخلد في النار إلّا أهل الكفر والشرك ، وأمّا المذنبون من أهل
التوحيد ، فإنهم يخرجون منها بالرحمة التي تدركهم والشفاعة التي تنالهم (٣) .
قال الامام موسى بن جعفر الكاظم عليهالسلام : « لا يخلد في النار إلّا أهل
الكفر والجحود ، وأهل الضلال والشرك » (٤) .
عذاب النار : يتعرّض أهل النار لأصنافٍ من العذاب الحسي والروحي ،
وقد وصف الله تعالى عذابها بالمهين والغليظ والأليم والعظيم والشديد ،
فحينما يُساق المجرمون إلى جهنّم زمراً وجماعات ، تتلقّاهم ملائكة العذاب :
__________________________
سورة السجدة : ٣٢ / ١٢ ـ ١٤ ، سورة الزمر : ٣٩ / ٦٠ ، و ٧١ ـ ٧٢ ، سورة غافر :
٤٠ / ٦٠ و ٧٠ ـ ٧٢ ، سورة ق : ٥٠ / ٢٤ ـ ٢٦ ، سورة الجن : ٧٢ / ١٧ و ٢٣ ،
سورة المدثر : ٧٤ / ٤١ ـ ٤٦ ، سورة النازعات : ٧٩ / ٣٧ ـ ٣٩ .
١) نهج البلاغة / صبحي الصالح : ٢٣٥ ـ الخطبة ( ١٦٤ ) .
٢) نهج البلاغة / صبحي الصالح : ٣١٦ ـ الخطبة ( ١٩٩ ) والآية من سورة المدّثر :
٧٤ / ٤٢ .
٣) الاعتقادات / الصدوق : ٧٧ .
٤) التوحيد / الصدوق : ٤٠٧ / ٦ . جماعة المدرسين ـ قم .
أدخلوا أبواب جهنم خالدين فيها ، فبئس مثوى المتكبرين ، هذا والنار
تنتظرهم من مكانٍ بعيد ، فإذا رأتهم تغيّظت وزفرت وزأرت كالأسد إذا
رأى فريسته على بُعد .
فتُفتح لهم الأبواب ، ويُدعّون فيها دعّاً مع الشياطين وما كانوا يعبدون
من دون الله ، فيكونون حصب جنهم ووقود السعير ، وإذا اُلقوا فيها سمعوا
لها شهيقاً وهي تفور ، فتكاد تميّز من الغيط ، وتتأجّج نارها ، ويتّقد
أوارها ، ويتطاير شررها ، ويتعالى لهيبها ، وهم غرقى فيها ، طعامهم منها ،
وشرابهم منها ، ولباسهم منها ، وهي مهادهم وسقفهم ، يلتحفون حممها ،
ويفترشون لظاها ، ويتقلقلون بين أطباقها ، فيغشاهم العذاب من فوقهم
ومن تحت أرجلهم ، في مقطّعات النيران وسرابيل القطران ، فتكوي
جباههم ، وتلفح وجوههم وتتقلّب في النار ، فتسودّ وجوههم ، وينتزع
الشَّوى من رؤوسهم .
وهم خالدون في عذابٍ مقيم ، ويأتيهم الموت من كل مكان وما هم
بميتين ، فلا يُقضى عليهم فيموتوا ، ولا يخفّف عنهم من عذابها ، ولا هم
يُنْظَرون ، وكلّما نضجت جلودهم بُدّلت باُخرى ليتجدّد عذابهم ، وكلّما
أرادوا أن يخرجوا منها من غمّ اُعيدوا فيها ، وقيل لهم : ذوقوا عذاب الحريق .
هذا وهم مقرّنون بالأغلال والسلاسل في الأعناق ، مصفّدون في
مكان ضيق ، ثم يُسحبون في الحميم على وجوههم ، ويُؤخَذون بالنواصي
والأقدام ، ثمّ في النار يُسجرون ، وتهشّم جباههم بمقامع الحديد ، وينتظرهم
عذاب السّموم وشجر الزقّوم والحميم الذي يُصبّ من فوق رؤوسهم ،
فيصهر ما في بطونهم والجلود .
وإن استغاثوا من شدة العطش ، يُغاثوا بماءٍ صديدٍ يتجرعونه
ولا يكادون يستسيغونه ، أو بماء الحميم فيقطّع أمعاءهم ، أو بماءٍ كالمهل
يشوي الوجوه ويغلي في البطون كغلي الحميم ، فلا يذوقون برداً ولا شراباً
إلّا حميماً وغسّاقاً ، وهم مع ذلك يشربون منهما شُرب الهيم .
وإن استطعموا من شدّة الجوع ، اُطعموا غذاءً ذا غصّة من الغسلين
والزّقوم ، وهي شجرة تخرج في أصل الجحيم ، طلعها كأنه رؤوس
الشياطين ، وهم مع ذلك لآكلون منها ، فمالئون منها البطون ، فشاربون
عليه من الحميم .
ولهم من هول العذاب اصطراخ بين أطباقها ، وهي تغلي بهم غلي
المراجل ، فيتعالى زفيرهم وبكاؤهم وعويلهم وتخاصمهم ، وهتافهم بالويل
والثبور ، ولكن لا يُسمعون (١) .
__________________________
١) راجع : سورة البقرة : ٢ / ٩٠ و ١٠٤ و ١١٤ و ١٦٢ ، سورة النساء : ٤ / ٥٦ ، سورة
الأنعام : ٦ / ٧٠ ، سورة الأعراف : ٧ / ٤١ ، سورة إبراهيم : ١٤ / ١٦ ـ ١٧ و ٤٩ ـ
٥٠ ، سورة الكهف : ١٨ / ٢٩ ، سورة طه : ٢٠ / ٧٤ ، سورة الأنبياء : ٢١ / ٩٨ ـ
١٠٠ ، سورة الحج : ٢٢ / ١٩ ـ ٢٢ ، سورة المؤمنون : ٢٣ / ١٠٤ ، سورة الفرقان :
٢٥ / ١٢ ـ ١٤ ، سورة العنكبوت : ٢٩ / ٥٤ ـ ٥٥ ، سورة الأحزاب : ٣٣ / ٦٤ ـ
٦٨ ، سورة فاطر : ٣٥ / ٣٦ ـ ٣٧ ، سورة الصافات : ٣٧ / ٦٢ ـ ٦٨ ، سورة ص :
٣٨ / ٥٥ ـ ٦٤ ، سورة الزمر : ٣٩ / ٧١ ، سورة غافر : ٤٠ / ٧٠ ـ ٧٦ ، سورة
الدخان : ٤٤ / ٤٣ ـ ٥٠ ، سورة محمد : ٤٧ / ١٥ ، سورة الطور : ٥٢ / ١٣ ـ ١٦ ،
سورة القمر : ٥٤ / ٤٧ ـ ٤٨ ، سورة الرحمن : ٥٥ / ٤١ ـ ٤٤ ، سورة الواقعة :
٥٦ / ٤١ ـ ٤٤ و ٥١ ـ ٥٦ ، سورة الملك : ٦٧ / ٥ ـ ١١ ، سورة الحاقة : ٦٩ / ٣١ ـ
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام فيوصف عذابها : « أما أهل المعصية فأنزلهم
شرّ دار ، وغلّ الأيدي إلى الأعناق ، وقرن النواصي بالأقدام ، وألبسهم
سرابيل القطران ، ومقطّعات النيران ، في عذابٍ قد اشتدّ حرّه ، وبابٍ قد
اُطبق على أهله ، في نارٍ لها كَلَبٌ ولَجَبٌ ، ولهبٌ ساطع ، وقصيف هائل ، لا
يظعن مقيمها ، ولا يُفادى أسيرها ، ولا تُفصَم كبولها ، لا مُدّة للدار فتفنى ،
ولا أجل للقوم فيُقضى » (١) .
عذابها الروحي : وله صور عديدة يعرضها القرآن الكريم ، منها الشعور
بالخسران والندامة والخزي والخوف والرهبة ، فينادي الظالمون بالحسرة ،
حسرة فوت الجنة ونعيمها ، وفوت لقاء الله ورضوانه ، وينتابهم اليأس من
الرحمة والمغفرة ، ويصيبهم الذلّ والصغار حين يعرضون على النار خاشعين
من الذلّ ينظرون من طرف خفيّ (٢) .
__________________________
٣٧ ، سورة المزمل : ٧٣ / ١٢ ـ ١٣ ، سورة الدهر : ٧٦ / ٤ ، سورة المرسلات
٧٧ / ٣٠ ـ ٣٣ ، سورة النبأ : ٧٨ / ٢١ ـ ٣٠ ، سورة الليل : ٩٢ / ١٤ ـ ١٦ ، سورة
الهمزة : ١٠٤ / ٤ ـ ٩ .
١) نهج البلاغة / صبحي الصالح : ١٦٢ ـ الخطبة ( ١٠٩ ) .
٢) راجع : سورة البقرة : ٢ / ١٦١ و ١٦٦ ـ ١٦٧ ، سورة الأنعام : ٦ / ٢٧ ـ ٣١
و ١٢٤ ، سورة الأعراف : ٧ / ٥٣ ، سورة إبراهيم : ١٤ / ٤٤ ، سورة الإسراء :
١٧ / ١٨ و ٣٩ ، سورة المؤمنون : ٢٣ / ١٠٣ ـ ١٠٨ ، سورة الشعراء : ٢٦ / ٩٥ ـ
١٠٢ ، سورة العنكبوت : ٢٩ / ٢٣ ، سورة الأحزاب : ٣٣ / ٦٦ ـ ٦٨ ، سورة سبأ :
٣٤ / ٣٣ ، سورة فاطر : ٣٥ / ٣٦ ـ ٣٧ ، سورة الزمر : ٣٩ / ٧١ ، سورة غافر :
٤٠ / ٧٣ ـ ٧٦ ، سورة الشورى : ٤٢ / ٤٥ ، سورة الزخرف : ٤٣ / ٧٧ ، سورة
الملك : ٦٧ / ١٥ ، سورة المطففين : ٨٣ / ١٥ ـ ١٧ .
وحينما يُعرَضون على النار ويرون عذابها تتقطّع أنفسهم حسرات من
شدة الندم ، فيظهرون البراءة من كبرائهم وساداتهم ، وتتوارد عليهم
الأماني ، فيقولون : ( يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ) (١) ، وكلّ منهم
يقول : ( يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) (٢) و ( يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا
خَلِيلًا ) (٣) وأنّى لهم الندم وهم في محضر اليوم العسير ؟ !
ويضجّون حسرّة على ما فرّطوا في الدنيا ، فيطلبون العودة إليها ،
ليعملوا صالحاً ويكونوا من المؤمنين ، ويتعالى هتافهم : ( فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً
فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (٤) ويصرخون : ( رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ
الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ) (٥) .
وتلك الأماني لا تعدو كونها سراباً بقيعة ، لأنّهم في عالم الجزاء ، عالم
لا تنفع فيه الطاعة والانابة وإظهار الندم ، ولو كانوا صادقين لأنابوا وتابوا
وهم في دار التكليف والعمل ( وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ
لَكَاذِبُونَ ) (٦) .
ومن هنا يأتيهم الجواب : ( فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ) (٧)
__________________________
١) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٦٦ .
٢) سورة الفجر : ٨٩ / ٢٤ .
٣) سورة الفرقان : ٢٥ / ٢٨ .
٤) سورة الشعراء : ٢٦ / ١٠٢ .
٥) سورة فاطر : ٣٥ / ٣٧ .
٦) سورة الأنعام : ٦ / ٢٨ .
٧) سورة الأنعام : ٦ / ٣٠ .
ويقال لهم : ( اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ) (١) وهو مما يزيد من حسرة
نفوسهم وشعورهم بالخذلان والخيبة واليأس من الرحمة والمغفرة ،
فيُصلَون جهنم مذمومين مدحورين ملومين .
وممّا يحزّ في نفوسهم هو تبكيت الملائكة وتقريعهم لهم بمجرد أن
يدخلوا النار ، قال تعالى : ( كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ
نَذِيرٌ ) وهم يجيبون بالإقرار والاعتراف : ( بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا
وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ
نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ
السَّعِيرِ ) (٢) .
وحينما يستسلمون لليأس يقولون لخازن النار : ( يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا
رَبُّكَ ) فيقول لهم : ( إِنَّكُم مَّاكِثُونَ ) (٣) .
أعاذنا الله جميعاً من شرّ الجحيم ومن أهوال يوم القيامة ، ورزقنا
رحمته التي وسعت كل شيء وشفاعة نبيه المصطفىٰ وآله الأطهار صلوات
الله عليهم أجمعين .
__________________________
١) سورة المؤمنون : ٢٣ / ١٠٨ .
٢) سورة التحريم : ٦٧ / ٨ ـ ١١ .
٣) سورة الزخرف : ٤٣ / ٧٧ . بالنظر لكون أغلب مضامين المبحث الأخير المتعلق
بوصف الجنة والنار ، قد استوحيناها من القرآن الكريم ، لذا نحيل إلى مصادر
الحديث لمن أراد الإطلاع على مضامينه التي توسعت في وصف نعيم الجنة
وعذاب النار ، فراجع : بحار الأنوار / المجلسي ٨ : ١١٦ ـ ٢٢٢ ، و ٣٨٠ ـ ٣٢٩ ،
إحياء علوم الدين / الغزالي ٥ : ٣٨٥ ـ ٣٩٢ و ٣٧٤ ـ ٣٨١ .
مقتبس من كتاب : المعاد يوم القيامة / الصفحة : ١٤٣ ـ ١٥٠
التعلیقات