الحسين رمز الحقّ والفضيلة
السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني
منذ 10 سنواتالحسين رمز الحقّ والفضيلة
لا عَجَبَ إنْ عُدَّت نَهضة الحسين عليه السّلام المَثلَ الأعلى ، بين أخواتها في التاريخ ، وحازت شُهرة وأهميَّة عظيمتين ؛ فإنَّ الناهض بها « الحسين » ، رَمز الحَقِّ ، ومِثال الفَضيلة.
وشأنُ الحَقِّ أنْ يَستمرَّ ، وشأنُ الفَضيلة أنْ تَشتهر ، وقد طُبعَ آلُ عليٍّ عليه السّلام على الصدق ؛ حتَّى كأنَّهم لا يَعرفون غيره ، وفُطِروا على الحَقِّ ، فلا يتخطّونه قَيد شعرةٍ. ولا بُدع ؛ فقد ثبت في أبيهم ، عن جَدِّهم النبي صلَّى الله عليه وآله : « عليُّ مع الحَقِّ ، والحَقُّ مع عليٍّ ، يدور معه حيثُما دار ». فكان علي عليه السّلام لا يُراوغ أعدائه ، ولا يُداهن رقبائه ، وهو على جانب عظيم مِن العلم والمَقدِرة ، وتاريخه ـ كتاريخ بنيه ـ يَشهد على ذلك ؛ فشعور التفادي « ذلك الشعور الشريف » كان في عليٍّ وبنيه ، ومِن غرائزهم ، ولا سيِّما في الحسين بن عليٍّ عليه السّلام « وما في الآباء ترثه الأبناء ».
وقد تفادى عليٌّ عليه السّلام ، عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله بنفسه كَرَّاتٍ عَديدة ، وكذلك الحسين عليه السّلام تفادى لدين الرسول صلَّى الله عليه وآله وأُمَّته ؛ إذ قام بعمليَّة أوضحت أسرار بَني أُميَّة ومَكايدهم ، وسوءَ نواياهم في نَبيِّ الإسلام ، ودينه ونواميسه.
وفي قضيَّة الحسين عليه السّلام حُجَجٌ بالغةٌ ؛ برهنت على أنَّهم يقصدون التشفِّي منه والانتقام ، وأخذهم ثارات بَدرٍ وأحقادها ، وقد أعلن بذلك يزيدهم طُغياناً ، وهو على مائدة الخَمر ونشوان بخمرتين ، خمرة الكِرم ، وخَمرة النَّصر ؛ إذ تمثَّل بقول بن الزبعرى :
ليتَ أشياخي ببدرٍ شهدوا |
جَزع الخَزرج مِن وَقع الأسل |
وأضاف عليها :
لعِبَت هاشم بالمُلك فلا |
خَبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل | |
لستُ مِن خِندفَ إنْ لم أنتقم |
مِن بَني أحمد ما كان فعل |
إلى آخره.
مقتبس من كتاب : [ نهضة الحسين (ع) ] / الصفحة : 12 ـ 13
التعلیقات