العقيدة في النبوة عند الطرفين
الدكتور محمد التيجاني السماوي
منذ 9 سنواتالعقيدة في النبوة عند الطرفين
والخلاف الواقع بين الشيعة وأهل السنّة في هذا الباب هو موضوع العصمة ، فالشيعة يقولون بعصمة الأنبياء عليهم السلام قبل البعثة وبعدها ، ويقول أهل السنّة والجماعة بأنّهم المعصومون فيما يبلّغونه من كلام الله فقط ، أمّا فيما عدا ذلك فهم كسائر البشر يخطئون ويصيبون.
وقد رووا في ذلك عدّة روايات في صحاحهم تثبتُ بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أخطأ في عدّة مناسبات ، وكان بعض الصحابة يصوّبه ويصلحه ، كما في قضية أسرى بدر التي أخطأ فيها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأصاب عمر ، ولولاه لهلك رسول الله ... (١).
ومنها : أنّه لما قدم المدينة وجد أهلها يُؤبرون النخل ، فقال لهم : « لا تؤبّروه وسيكون تمراً » ، ولكنّه جاء شيصاً ، فجاؤوه وشكوا له ذلك ، فقال لهم : « أنتم أعلم بأُمور دنياكم مني ».
وفي رواية أُخرى قال لهم : « إنّما أنا بشرٌ ، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوه ، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنّما أنا بشر » (2).
ومرّة يروون أنّه سُحِرَ وبَقيَ أياماً مسحوراً لا يدري مايفعل ، حتّى أنّه كان يخيّل إليه أنّه كان يأتي النساء ولا يأتيهنّ (3) ، أو يخيّل إليه أنّه صنع شيئاً ولم يصنعه (4).
ومرةً يروون أنّه سها في صلاته ، فلم يدرِ كم صلّى من ركعة (5).
وأنّه نام واستغرق في نومه حتّى سمعوا غطيطه ، ثُم استيقظ فصلّى بدون وضوء (6).
ويروون : أنّه يغضب ويسبّ ويلعنُ من لا يستحقّ ذلك ، فيقول : « اللّهم إنّما أنا بشرٌ ، فأيُّ المسلمين لعنته أو سببتُهُ فاجعله له زكاة ورحمة ... » (7).
ويروون : أنّه كان مضطجعاً في بيت عائشة كاشفاً عن فخذيه ، ودخل عليه أبو بكر وتحدّث معه وهو على تلك الحال ، ثمّ دخل عمر وتحدّث معه وهو على تلك الحال ، ولمّا استأذن عثمان جلس وسوّى ثيابه ، ولمّا سألته عائشة عن ذلك ، قال لها : « ألا أستحي من رجُل تستحي منه الملائكة » (8) !!.
ويروون إنّه كان يصبح جُنباً في رمضان (9) فتفوته صلاة الفجر !! إلى غير ذلك من الأحاديث التى لا يقبلها عقل ، ولا دين ، ولا مروءة.
أمّا الشيعة ـ استناداً إلى أئمّة أهل البيت ـ فهم ينزّهون الأنبياء عن هذه الترّهات ، وخصوصاً نبيّنا محمّد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام ، ويقولون بأنّه منزّه عن الذنوب والخطايا والمعاصي صغيرة كانت أم كبيرة ، وهو معصوم عن الخطأ والنسيان والسهو والسحر وكلّ ما يخالط العقل ، بل هو منزّهٌ حتى عمّا يتنافى مع المروءة والأخلاق الحميدة : كالأكل في الطريق أو الضحك بصوت عال أو المزاح بغير حقّ أو أيّ فعل يستهجنُ عمله عند العرف العام ، فضلاً عن أن يضع خده على خدّ زوجته أمام الناس ويتفرّج معها على رقص السودان (10) ، أو أن يُخرج زوجته في غزوة فيتسابق معها فيغلبها مرّة وتغلبه أُخرى ، فيقول لها : « هذه بتيك » (11).
والشيعة يعتبرون الروايات التي رويتْ في هذا المعنى ، والتي تتناقض مع عصمة الأنبياء كلّها ، موضوعة من قبل الأمويين وأنصارهم (12) :
أولاً : للحطّ من قيمة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
وثانياً : لكي يلتمسوا عذراً لأعمالهم القبيحة وأخطائهم الشنيعة التي سجّلها لهم التاريخ.
فإذا كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يخطئُ ويميلُ مع الهوى ، كما رووا ذلك في قصّة عشقه زينب بنت جحش لمّا رآها تمشط شعرها وهي زوجة لزيد بن حارثة ، فقال : « سبحان اللّه مُقلّب القلوب » (13) أو قصّة ميله إلى عائشة وعدم عدله مع بقية زوجاته ، حتّى بعثنَ له مرّة مع فاطمة ومرّة مع زينب بنت جحش ينشدنه العدل (14).
فإذا كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على هذه الحالة ، فلا لوم بعد ذلك على معاوية بن أبي سفيان ومروان بن الحكم وعمرو بن العاص ويزيد بن معاوية ، وكلّ الخلفاء الذين فعلوا الموبقات واستباحوا الحرمات وقتلوا الأبرياء.
والأئمة من أهل البيت عليهم السلام الذين هم أئمه الشيعة يقولون بعصمته صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ويأوّلون الآيات القرآنية التي يُفهمُ ظاهرها أنّ اللّه سبحانه عاتب نبيّه مثل : ( عَبَسَ وَتَوَلَّى ) (15) ، أو التي في بعضها إقرار الذنوب عليه كقوله : ( لِـيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ مَا تَـقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأخَّرَ ) (16) ، أو قوله : ( لَقَدْ تَابَ اللّهُ عَلَى النَّبِيِّ ) (17) ، و ( عَفَا اللّهُ عَنْكَ لِمَ أذِنتَ لَهُمْ ) (18).
وكلّ هذه الآيات لا تخدش في عصمته صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فبعضها لم يكن هو المقصود بها ، وبعضها الآخر يحملُ على المجاز لا على ظواهر الألفاظ ، وهو كثير الاستعمال في لغة العرب ، وقد استعمله سبحانه في القرآن الكريم.
ومن أراد التفصيل والوقوف على حقيقة الأشياء فما عليه إلّا الرجوع إلى كتب التفسير عند الشيعة ، أمثال : الميزان في تفسير القرآن للعلّامة الطباطبائي ، وتفسير الكاشف لمحمّد جواد مغنية ، والاحتجاج للطبرسي ، وغيرهم ؛ لأنّني رُمتُ الاختصار ، وإبراز عقيدة الفريقين بصفة عامّة ، وليس هذا الكتاب إلّا لغرض بيان قناعتي الشخصية التي اقتنعتُ بها ، واختياري الشخصي لمذهب يقول بعصمة الأنبياء والأوصياء من بعدهم ويُريحُ فكري ، ويقطعُ عني طريق الشكّ والحيرة.
والقول بأنه معصوم فقط في تبليغ كلام الله قولٌ هُراءٌ لا حُجةَ فيه ؛ لأنّه ليس هناك دليلٌ على أنّ هذا القسم من كلامه هو من عند الله ، وذاك القسم هو من عند نفسه ، فيكون في الأوّل معصوماً ، ويكون في الثاني غير معصوم ويحتملُ فيه الخطأ.
أعوذ بالله من هذا القول المتناقض الذي يبعثُ على الشكّ والطعن في قداسة الأديان.
وهذا يذكّرني بمحاورة دارت بيني وبين جماعة من الأصدقاء بعد استبصاري ، وكنتُ أحاول إقناعهم بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم معصوم ، وكانوا يحاولون إقناعي بأنّه معصوم فقط في تبليغ القرآن ، وكان من بينهم أستاذٌ من « توزد » منطقة الجريد (19) ، وهم مشهورون بالذكاء والعلم والنكتة الطريفة ..
ففكّر قليلاً ثم قال : ياجماعة ، أنا عندي رأي في هذه المسألة.
فقلنا جميعاً : تفضّل هات ما عندك.
قال : إنّ ما يقوله أخونا التيجاني على لسان الشيعة هو الحقّ الصحيح ، ويجبُ علينا الاعتقاد بعصمة الرسول المطلقة ، وإلّا داخلنا الشكّ في القرآن نفسه.
قالوا : ولم ذلك ؟
أجاب على الفور : هل وجدتُم أيّ سورة من سور القرآن تحتها إمضاء الله تعالى ؟
ويقصد بالإمضاء : الختمُ الذي يختمُ به العقود والرسائل ، دلالة على هوية صاحبها وأنّها صادرة عنه.
وضحك الجميع لهذه النكتة الطريفة ، ولكنّها ذاتَ معنى عميق ، فأيّ إنسان غير متعصّب يتمعّن بعقله ستصدمه هذه الحقيقة ، ألا وهي : الاعتقاد بأنّ القرآن كلام الله ، وهو الاعتقاد بعصمة مُبلّغه المطلقة بدون تجزئة ؛ لأنّه لا يمكن لأحد أن يدّعي بأنّه سمع الله يتكّلمُ ، ولا يدّعي أحدٌ بأنّه رأى جبرائيل عندما ينزل بالوحي.
والخلاصة : إنّ قول الشيعة في العصمة قولٌ سديد يطمئنّ إليه القلب ويقطع وساوس النفس والشيطان ، ويقطع الطريق على كلّ المشاغبين ، وخصوصاً أعداء الدين من اليهود والنصارى والملحدين الذين يبحثون عن ثغرات ينفذون منها لنسف معتقداتنا وديننا ، والطعن في نبيّنا ، فتراهم كثيراً ما يحتجّون علينا بما أورده صحيح البخاري ومسلم من أفعال وأقوال تنسبُ إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هو منها بريءٌ (20).
وكيف لنا أن نقنعهم بأنّ كتاب البخاري وكتاب مسلم فيهما بعض الأكاذيب (21).
وهذا الكلام خطير طبعاً ؛ لأنّ أهل السنّة والجماعة لا يقبلونه ، فالبخاري عندهم أصحّ كتاب بعد كتاب الله !
الهوامش
1. البداية والنهاية لابن كثير ٣ : ٢٣٤ ( في غزوة بدر ) ، عن أحمد ومسلم وأبي داود والترمذي.
2. صحيح مسلم ٧ : ٩٥ ، كتاب الفضائل ، باب ٣٨ في وجوب امتثال ما قاله صلّى الله عليه وآله وسلّم شرعاً ، ومسند أحمد ٣ : ١٥٣ و ٦ : ١٢٣.
3. صحيح البخاري ٧ : ٢٩ ، كتاب الطب ، كتاب الأدب ، باب السحر وقوله تعالى : ( ولكن الشياطين .. ).
4. صحيح البخاري ٤ : ٦٨ ، كتاب الجزية والموادعة ، باب هل يعفي عن الذمي إذا سحر.
لا يقال بأنّ أخبار السحر وردت عندكم أيضاً فلماذا تعترضون على أهل السنّة ؟ وذلك لأنّ علماءنا تركوا تلك الروايات ولم يعوّلوا عليها :
قال الشيخ الطبرسي في مجمع البيان ١٠ : ٨٦٥ في تفسير سورة الفلق ـ بعد ذكره لبعض الروايات في هذا الباب ـ : « وهذا لا يجوز ؛ لأنّ من وصف بأنّه مسحور فكأنّه قد خبل عقله ، وقد أبى الله سبحانه ذلك في قوله : ( وَقالَ الظّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاّ رَجُلاً مَسْحُوراً ) ».
وقال المجلسي في البحار ٦٠ : ٤١ : « لما عرفت أنّ السحر يندفع بالعوذ والآيات والتوكل ، وهم عليهم السلام معادن جميع ذلك ، فتأثيره فيهم مستبعد ، والأخبار الواردة في ذلك أكثرها عامية أو ضعيفة ومعارضة بمثلها ، فيشكل التعويل عليها في إثبات مثل ذلك ».
والإيمان بأنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم سُحر ، فيه مطعن على النبوّة وعلى الوحي الذي ينزل على الرسول ، ولا سيما إذا لاحظنا رواية البخاري : « حتى كان يخيل إليه أنّه يفعل الشي وما يفعله » ، فمن الجائز حينئذ أنّه يوصى إليه ولا يبلغ تصوراً منه أنّه بلغ ، فإنّ هذا ممكن وتشمله الرواية ، وفي هذا مطعن كبير على الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم والرسالة الإسلامية ؟
ولأجل ذلك قال الإمام محمّد عبده : « وقال كثير من المقلّدين الذين لا يعقلون ما هي النبوّة ولا ما يجب لها : إنّ الخبر بتأثير السحر في النفس الشريفة قد صح فلزم الاعتقاد به ، وعدم التصديق من بدع المبتدعين ؛ لأنّه ضرب من إنكار السحر ، وقد جاء القرآن بصحّة السحر !
فانظر كيف ينقلب الدين الصحيح والحقّ الصريح في نظر المقلّدين بدعة ! نعوذ بالله !
يحتجّ بالقرآن على ثبوت السحر ! ويعرض عن القرآن في نفيه السحر عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وعده من افتراء المشركين عليه ، ويؤول في هذه ولا يؤول في تلك ! مع أنّ الذي قصده المشركون ظاهر ؛ لأنّهم كانوا يقولون إنّ الشيطان يلامسه عليه السلام ، وملامسة الشيطان تعرف بالسحر عندهم وضرب من ضروبه ، وهو بعينه أثر السحر الذي نسب إلى لبيد ، فإنّه خالط عقله وإدراكه في زعمهم.
والذي يجب اعتقاده أنّ القرآن مقطوع به ، وأنّه كتاب الله بالتواتر عن المعصوم صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فهو الذي يجب الاعتقاد بما يثبته وعدم الاعتقاد بما ينفيه ، وقد جاء ينفي السحر عنه عليه السلام حيث نسب القول بإثبات حصول السحر له إلى المشركين أعدائه ، ووبخهم على زعمهم هذا ، فإنّه ليس بمسحور قطعاً » تفسير جزء عم : ١٨٣.
وقال الجصاص : « وقد أجازوا من فعل الساحر ما هو أطم من هذا وأفظع ، ذلك أنهم زعموا أنّ النبي عليه السلام سحر وأن السحر عمل في حتى قال فيه : إنّه يتخيل لي أنّي أقول الشيء وأفعله ولم أقله ولم أفعله ... ومثل هذه الأخبار من وضع الملحدين تعلباً بالحشو الطغام واستجراراً لهم إلى القول بابطال معجزات الأنبياء عليهم السلام ، والقدح فيها ، وأنّه لا فرق بين معجزات الأنبياء وفعل السحرة وأنّ جميعه من نوع واحد.
والعجب ! ممّن يجمع بين تصديق الأنبياء عليهم السلام وإثبات معجزاتهم وبين التصديق بمثل هذا من فعل السحرة .. » ، أحكام القرآن ١ : ٥٩.
وحكى الفخر الرازي في مفاتيح الغيب ، ١١٥ عن القاضي انّه قال : « هذه الرواية باطلة ، وكيف يمكن القول بصحتها والله تعالى يقول ( وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ ) ، وقال : ( وَلا يُفْلِحُ السّاحِرُ حَيْثُ أَتى ) ؟! ولأن تجويزه يقضي إلى القدح في النبوة ، ولأنه لو صحّ ذلك لكان من الواجب أن يصلوا إلى الضرر لجميع الأنبياء والصالحين ، ولقدروا على تحصيل الملك العظيم لأنفسهم ، وكل ذلك باطل.
ولأنّ الكفّار كانوا يعيّرونه بأنّه مسحور ، فلو وقعت هذه الواقعة لكان الكفّار صادقين في تلك الدعوى ، ولحصل فيه عليه السلام ذلك العيب ، ومعلوم أنّ ذلك غير جائز ».
وقال الشيخ محمّد رشيد رضا في تفسير المنار ١٢٠ : « إنّ كتاب البخاري لا يخلو من أحاديث قليلة في متونها نظر ، قد يصدق عليه بعض ما عدوه من علامة الوضع كحديث سحر بعضهم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي أنكره بعض العلماء كالأمام الجصاص من المفسرين المتقدّمين ، والاستاذ محمّد عبده من المتأخّرين ؛ لأنّه معارض بقوله تعالى : ( إِذْ يَقُولُ الظّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاّ رَجُلاً مَسْحُوراً * انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الاَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً ).
5. صحيح البخاري : ( كتاب السهو ).
لا يخفى أنّ علماءنا اختلفوا في مسألة سهو النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى ثلاثة أقوال :
١ ـ ما ذهب إليه جمهور المتكلّمين من منع ذلك ، قال الشيخ المفيد في رسالة عدم سهو النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : ٢١ ـ بعد إثبات أنّ الأخبار المثبتة للسهو أخبار أحاد لا تثمر علماً ولا توجب عملا ـ : « وإذا كان الخبر بأنّ النبي صلّى الله عليه وآله سها من أخبار الآحاد التي من عمل عليها كان بالظنّ عاملاً ، حرم الاعتقاد بصحته ولم يجز القطع به ووجب العدول عنه إلى ما يقتضيه اليقين من كماله عليه السلام وعصمته وحراسة الله تعالى له من الخطأ في عمله ، والتوفيق له فيما قال وعمل به من شريعته ».
وقال العلّامة الحلّي في كشف المراد : ٤٧٢ : « ويجب في النبي كمال العقل ... وأن لا يصحّ عليه السهو ، لئلاّ يسهو عن بعض ما أُمر بتبليغه ... ».
٢ ـ ما ذهب إليه الشيخ الصدوق وبعض الاخباريين كنعمة الله الجزائري ويوسف البحراني من اثبات ذلك.
٣ ـ القول بالتوقّف ، وهو قول العلّامة المجلسي ، حيث قال في البحار ١٧ : ١١٨ : « إعلم أن هذه المسألة في غاية الإشكال ، لدلالة كثير من الآيات والأخبار على صدور السهو عنهم عليهم السلام ... وإطباق الأصحاب إلّا ما شذّ منهم على عدم جواز السهو عليهم ، مع دلالة بعض الآيات والأخبار عليه في الجملة ، وشهادة بعض الدلائل الكلامية والأُصول المبرهنة عليه ، مع ما عرفت في أخبار السهو من الخلل والاضطرار ، وقبول الآيات للتأويل ، والله يهدي إلى سواء السبيل » ، وذكر نحوه في ٢٥ : ٣٥١ أيضاً.
6. صحيح البخاري ١ : ١٦٩ ، كتاب الأذان ، باب ٥٧ و ٥٨.
7. صحيح مسلم ٨ : ٢٥ ، كتاب البرّ والصلة ، باب ٢٥ من لعنه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أو سبّه.
8. صحيح مسلم ٧ : ١١٧ ، كتاب فضائل الصحابة ، باب فضائل عثمان.
9. صحيح البخاري ٢ : ٢٣٤ ، كتاب الصوم ، باب ٢٥ اغتسال الصائم ، وليس فيه : أنّ صلاته فاتته.
10. صحيح البخاري ٢ : ٣ ، كتاب العيدين ، باب ٢ الحراب والدرق يوم العيد.
11. مسند أحمد بن حنبل ٦ : ٣٩.
12. وقد حاول عثمان الخميس في كتابه كشف الجاني : ١٤٨ البحث في مصادر الشيعة وجمع الروايات التي تنافي عصمة الأنبياء عليهم السلام ومقامهم الإلهي الرفيع ، لكن ذهب بحثه أدراج الرياح ، إذ لم يحصل على روايات صحيحة يؤمن الشيعة بها وتطعن بالأنبياء عليهم السلام ، وكلّ ما أتى به من روايات هي كما قال عنها المؤلّف « موضوعة من قبل الأمويين » النواصب أعداء أهل البيت عليهم السلام ، أو هي ضعيفة جدّاً ، أو شاذة مخالفة للروايات الصحيحة الواردة بخلافها.
وسنذكر نموذجين للقارئ ليتضح له صحة كلام المؤلّف ، وعليه إن شاء مراجعة بقية الروايات :
الرواية الأُولى التي ذكرها في كتابه : ١٤٨ والتي نقلها عن عيون أخبار الرضا ، فقد قال الشيخ الصدوق بعدها : « وهذا الحديث غريب من طريق علي بن محمّد بن الجهم ، مع نصبه وبغضه وعدواته لأهل البيت عليهم السلام » ، عيون أخبار الرضا ١ : ١٨٢.
والرواية الثانية التي نقلها عن تفسير القمّي وعن البحار ، فإنّ لفظ : « فنظر لها النبي صلّى الله عليه وآله فأعجبته » غير موجود في الرواية ، وإنّما أضافها عثمان الخميس من عنده ، مضافاً إلى أنّ صاحب البحار ينقل رواية عيون أخبار الرضا عليه السلام المتقدّمة ، وهي التي رواها الناصبي علي بن محمّد بن الجهم.
وهكذا بقية الروايات التي أوردها ، تجدها إما مروية عن النواصب ، أو مكذوبة ، أو ضعيفة ، أو يضيف إليها عثمان الخميس من عنده كما فعل في رواية البحار وتفسير علي بن إبراهيم القمي.
13. تفسير القرطبي ١٤ : ١٩٠.
14. صحيح مسلم ٧ : ١٣٥ ، باب فضائل عائشة ، من كتاب فضائل الصحابة.
15. عبس : ١.
16. الفتح : ٢.
17. التوبة : ١١٧.
18. التوبة : ٤٣.
19. منطقة الجريد بالجنوب التونسي تبعد عن قفصة ٩٢ كم ، وهي مسقط رأس أبو القاسم الشابي الشاعر المعروف ، والخضر حسين الذي ترأس الأزهر الشريف ، والكثير من علماء تونس مولودون في هذه المنطقة ( المؤلّف ).
20. أخرج البخاري في صحيحه ٣ : ١٥٢ باب شهادة الأعمى ، من كتاب الشهادات ) قال : « حدّثنا ابن عبيد ميمون أخبرنا عيسى ... عن عائشة قالت : سَمِعَ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم رجُلاً يقرأ في المسجد فقال : رحِمَهُ اللّه لقدْ أذكرني كذا وكذا أية أسقطتهنّ من سورة كذَا وكذَا ... ».
اقرأ واعجـب أيّها القاري من هذا الرسول الذي يسقط الآيات ، ولولا هذا الأعمى الذي ذكّره بهنّ لكنّ في خبر كان !! أستغفر الله من هذا الهذيان ( المؤلّف ).
21. قال السيد محمد رشيد رضا في جواب سؤال حول صحيح البخاري ـ بعد ما نفى وجود الموضوعات فيه ـ قال : « ولكنّه لا يخلو من أحاديث قليلة في متونها نظر قد يصدق عليه بعض ما عدّوه من علامة الوضع .. » ، مجلة المنار ٢٩ : ١٠٤ ، عنه في أضواء على السنّة المحمدية لأبي رية : ٣٠٥.
أمّا بالنسبة إلى صحيح مسلم ، فقد قال الأستاذ أبو رية في أضواء على السنّة المحمدية : ٣٠٩ : « وقد بلغت الأحاديث التي انتقدت على مسلم ١٣٢ ، وعدد من انتقدوهم من رجاله ١١٠ » ، ثمّ ذكر اعتراض أبي زرعة الرازي على مسلم.
وتقدم كلام الشيخ محمّد عبده وكلام الجصّاص وهما ينكران حديث سحر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ويطعنان فيه ، وأنّه موضوع كما قال الجصّاص ؛ فهذا يدلّ على عدم إيمانهما بما في صحيح مسلم والبخاري ، وأنّ فيهما المكذوب على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.
مقتبس من كتاب لأكون مع الصادقين
التعلیقات