أدلّة القائلين بالتحريف
محمود الشريف
منذ 8 سنواتأدلّة القائلين بالتحريف
أدلّة تحريف الكتاب وردّها
واستدلّ للقول بوقوع التحريف في الكتاب بأدلّة جمعها المحدّث النوري في كتابه الّذي يسمّى بفصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربّ الأرباب. وإنّنا كلّ الأدلّة الّتي نقلها موجزاً ونجيب عنها بعون الله تعالى :
الدليل الأوّل :
إنّ اليهود والنصارى غيّروا وحرّفوا كتاب نبيّهم بعده ، فهذه الأمّة أيضاً لابّد أن يغيّروا القرآن بعد نبيّنا صلّى الله عليه وآله ؛ لأنّ ما وقع في بني إسرائيل لابدّ وأن يقع في هذه الأمّة على ما أخبر به الصادق المصدّق صلوات الله عليه. (1)
أقول : يمكن أن يكون مراده ممّا أخبر به الصادق المصدّق هذه الرواية الّتي رواها الصدوق في كمال الدين وتمام النعمة عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : كلّ ما كان في الأمم السالفة ، فإنّه يكون في هذه الأمّة مثله حذو النعل بالنعل ، والقذة بالقذة. (2)
وروي روايات أخرى بهذا المضمون من الشيعة والسنّة.
والجواب عن ذلك :
لقد أجاب آية الله العظمى الخوئي عن ذلك بقوله :
أوّلاً : إنّ الروايات المشار إليها أخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً ، ودعوى التواتر فيها جزافيّة لا دليل عليها ، ولم يذكر من هذه الروايات شيء في الكتب الأربعة ، ولذلك فلا ملازمة بين وقوع التحريف في التوراة ووقوعه في القرآن.
ثانياً : إنّ هذا الدليل لو ثمّ لكان دالّاً على وقوع الزيادة في القرآن أيضاً ، كما وقعت في التوراة والإنجيل ، ومن الواضح بطلان ذلك.
ثالثاً : إنّ كثيراً من الوقائع الّتي حدثت في الأمم السابقة لم يصدر مثلها في هذه الأمّة ، كعبادة العجل ، وتيه بني إسرائيل أربعين سنة ، وغرق فرعون وأصحابه ، وملك سليمان للانس والجنّ ، ورفع عيسى إلى السماء ، وموت هارون وهو وصيّ موسى قبل موت موسى بنفسه ، واتيان موسى بتسع آيات بيّنات ، وولادة عيسى من غير أب ، ومسخ كثير من السابقين قردة وخنازير ، وغير ذلك ممّا لا يسعنا إحصاؤه.
وهذا أدلّ دليل عدم إرادة الظاهر من تلك الروايات ، فلابدّ من إرادة المشابهة في بعض الوجوه. وعلى ذلك فيكفي في وقوع التحريف في هذه الأمّة عدم اتّباعهم لحدود القرآن ، وإن أقاموا حروفه كما في الرواية ...
رابعاً : لو سلّم تواتر هذه الروايات في السند ، وصحّتها في الدلالة ، لمّا ثبت بها أنّ التحريف قد وقع فيما مضى من الزمن ، فلعلّه يقع في المستقبل زيادة ونقيصة ، والّذي يظهر من البخاري تحديده بقيام الساعة ، فكيف يستدلّ بذلك على وقوع التحريف في صدر الإسلام وفي زمان الخلفاء ؟! (3)
الدليل الثاني :
إنّ كيفية جمع القرآن وتأليفه مستلزمة عادة لوقوع التغيير والتحريف فيه ثمّ قال : فإنّك قد عرفت أنّ القرآن لم يكن مجموعاً مرتبّاً في عهد النبيّ صلّى الله عليه وآله ، وإنّما كان منتشراً متشتّتاً عند الأصحاب في الألواح والصدور ، مع احتمال أنّه لم يكن بعضه عند أحد منهم كما أشير إليه في بعض الأخبار. نعم جمعت عند النبيّ صلّى الله عليه وآله نسخة متفرّقة في الصحف والحرير والقراطيس ورثها عليّ عليه السلام ولمّا جمعها بعده صلّى الله عليه وآله بأمره ووصيّته وألّفه كما أنزل الله تعالى ثمّ عرضها عليهم فأعرضوا عنه وعمّا جاء به. (4)
والجواب عن ذلك :
إنّ كيفيّة الجمع الّذي ثبت عندنا ليست مستلزمة لوقوع التحريف ؛ لأنّا نعتقد أنّ القرآن كتب وجمع في زمن النبيّ وفي إشرافه كما أكّد عليه عدد من العلماء والباحثين مثل : الحارث المحاسبي والخازن والزرقاني والزركشي وعبد الصبور شاهين ومحمّد الغزالي وأبي شامة والباقلاني والحرّ العاملي والبلخي وابن طاووس والسيّد شرف الدين. (5)
وقال الدكتور الصغير : « ... والتحقيق العلمي يقتضي : أن يكون القرآن كلّه قد كتب ، وجمع في عهد النبيّ صلّى الله عليه وآله كما يرى ذلك ابن حجر ». (6)
فمصدر هذه الشبهة كما قال المرحوم آية الله العظمى الخوئي هو زعمه بأنّ جمع القرآن كان بأمر من أبي بكر بعد أن قتل سبعون رجلاً من القرّاء في بئر معونه ، وأربعمائة نفر في حرب اليمامة فخيف ضياع القرآن وذهابه من النّاس ، فتصدّى عمرو بن زيد بن ثابت لجمع القرآن من العسب والرقاع واللخاف ، ومن صدور النّاس بشرط أن يشهد شاهدان على أنّه من القرآن ، وقد صرّح بجميع ذلك في عدة من الروايات ، والعادة تقضي بفوات شيء منه على المتصدّي لذلك إذا كان غير معصوم ، كما هو مشاهد فيمن يتصدّى لجمع شعر شاعر واحد أو أكثر ، إذا كان هذا الشعر متفرّقاً ، وهذا الحكم قطعي بمقتضى العادة ، لا أقلّ من احتمال وقوع التحريف ، فإنّ من المحتمل عدم إمكان إقامة شاهدين على بعض ما سمع من النبيّ صلّى الله عليه وآله ، فلا يبقى وثوق بعدم النقيصة. (7)
فهذه الشبهة مبتنية على ما زعمه النوري بأنّ جمع القرآن كان بأمر من أبي بكر ، ولكن هذا الزعم باطل قطعاً ، لاهتمام النبيّ صلّى الله عليه وآله بالقرآن ، وتعليمه إيّاه للناس ، وحثّه لهم على قراءته وحفظه وختمه أوّلاً.
وثانياً : عرض الصحابة القرآن على رسول الله صلّى الله عليه وآله وقراءتهم له.
وأخيراً اهتمام الصحابة بختم القرآن في زمنه صلّى الله عليه وآله وأمره وحثّه على ختمه باستمرار.
فكون القرآن كلّه موجوداً مكتوباً على القسب واللخلاف والرقاع وقطع الأديم وعظام الأكتاف والأضلاع وبعض الحرير والقراطيس ممّا لا شكّ فيه.
فإذا كان هذا الزعم باطلاً كما صرّح به غير واحد من المحقّقين الّذين بذلوا جهدهم في هذا الموضوع شكّر الله سعيهم يتبيّن أنّ هذا الدليل أيضاً في غير محلّه.
كيفيّة جمع القرآن
نعم هنا بحث في أنّ القرآن المكتوب في القراطيس وغيره في زمن النبيّ صلّى الله عليه وآله جمع في مصحف واحد كالموجود بين الدفّتين في زمنه أو كان متفرّقاً فيها في زمن النبيّ صلّى الله عليه وآله نظراً لترقّب نزول القرآن على عهده صلّى الله عليه وآله ، فمادام لم ينقطع الوحي لم يصحّ تأليف السّور مصحفاً ، إلّا بعد الإكمال وإنقطاع الوحي.
قد ذهب عدّة من المحقّقين إلى أنّ القرآن بنظمه القائم وترتيبه الحاضر كان قد حصل في حياة الرسول وكان القرآن على عهده صلّى الله عليه وآله مجموعاً مؤلّفاً على ما هو عليه الآن كالقاضي وابن الأنباري والكرماني والطيّبي (8). كما ذهب السّيد الخوئي أيضاً إلى هذا الرأي (9).
وذهب أستاذنا العلّامة الشيخ محمّد هادي المعرفة إلى أنّ جمع السور وترتيبها بصورة مصحف مؤلّف كالموجود بين الدفّتين حصل بعد وفاة النبيّ صلّى الله عليه وآله ، وأوّل من قام بجمع القرآن بعد وفاته مباشرة وبوصيّه منه صلّى الله عليه وآله هو اللإمام علي بن أبي طالب ـ صلوات الله عليه ـ ثمّ قام بجمعه زيد بن ثابت بأمر من أبي بكر ، كما قام بجمعه كلّ من ابن مسعود وأبيّ بن كعب وأبي موسى الأشعري وغيرهم ، حتىّ انتهى الأمر إلى دور عثمان فقام بتوحيد المصاحف وإرسال نسخ موحّدة إلى أطراف البلاد ، وحمل الناس على قراءتها وترك ما سواها. (10)
ثمّ قال : ما قدّمناه هو المعروف عن رواة الآثار وعند الباحثين عن شؤون القرآن (11).
وأضاف بقوله : ولكن يجب أن يعلم : أنّ قضيّة جمع القرآن حدث من أحداث التاريخ ، وليست مسألة عقلانيّة قابلة للبحث والجدال فيها.
وعليه فيجب مراجعة النصوص التاريخيّة المستندة من غير أن يكون مجال لتجوال الفكر فيها على أيّة حال !
والصحيح عندي أيضاً ما قاله الأستاذ. ولمزيد الاطمينان إلى أصحّ القولين فليراجع الموسوعة القيّمة التمهيد ، ج ١ ، ص ٢٢٠.
الدليل الثالث :
إنّ أكثر العامّة وجماعة من الخاصّة ذكروا في أقسام الآيات المنسوخة : ما نسخت تلاوتها دون حكمها ، وما نسخت تلاوتها وحكمها معاً. وذكروا للقسمين أمثله ورووا أخباراً كثيرة ظاهرة بل صريحة في وجود بعض الآيات والكلمات الّتي ليس لها في القرآن المتداول أثر ولا عين وأنّه كان منه في عصر النبيّ صلّى الله عليه وآله يتلونه الأصحاب وحملوها على أحد القسمين من غير أن تكون فيها دلالة وإشارة على ذلك وحيث إنّ نسخ التلاوة غير واقع عندنا فهذه الآيات والكلمات لابدّ وأن تكون ممّا سقطت وسقوطها من الكتاب جهلاً أعمداً لا بإذن من الله ورسوله وهو المطلوب. (12)
ويرد عليه : أنّ نسخ التلاوة عندنا باطل أيضاً ، ولانعتقد به ؛ لقوله تعالى : ( وَما نَنْسَخْ مِنْ آيةٍ أوْ نُنسِها نَأتِ بِخَيرٍ مِنها أَوْ مِثلِها ) (13) ، إذ لا نسخ فيما لا يكون هناك ناسخ ، وما جاء بخير منه أو مثلها في نسخ التلاوة.
مضافاً إلى أنّ الروايات الّتي أشار إليها الطبرسي روايات آحاد ، والقرآن الكريم لا يثبت ولا ينسخ بروايات الآحاد مهما كانت مكانة قائلها ، ولابدّ فيه من التواتر ، كما أجمع عليه العلماء قديماً وحديثاً.
وأخيراً لو صحّ ما قالوه لاشتهر بين الصحابة جميعاً ، ولحفظه كثير منهم أو كتبوه في مصاحفهم ، ولكن ما اشتهر ، بل نقول : إنّ نسخ التلاوة غير معقول ولن يصدر من الحكيم أبداً.
فإذا ثبت أنّ نسخ التلاوة غير واقع بل غير معقول لا يصدر من الحكيم فيثبت بطلان هذا الدليل أيضاً.
الدليل الرابع :
إنّه كان لأميرالمؤمنين عليه السلام قرآناً مخصوصاً جمعه بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله وعرضه علة القوم فأعرضوا عنه ، فحجبه عن أعينهم ، وكان عند أولاده عليهم السلام يتوارثه إمام عن إمام كسائر خصائص الإمامة وخزائن النبوّة ، وهو عند الحجّة عجّل الله فرجه يظهره للنّاس بعد ظهوره ويأمرهم بقراءته ، وهو مخالف لهذا القرآن الموجود من حيث التأليف وترتيب السور والآيات بل الكلمات أيضاً ومن وجهة الزيادة والنقيصة ، وحيث إنّ الحقّ مع عليّ عليه السلام وعلى مع الحقّ ففي القرآن الموجود تغيير من جهتين ، وهو المطلوب. (14)
والجواب عنه :
إنّ وجود القرآن لعليّ من المسلمات التاريخيّة ، ولكن لم يكن مصحفة مخالفاً لهذا القرآن الموجود بين الدفّتين من جهة الزيادة والنقيصة ، بل كان مخالفاً لهذا القرآن في النظم والاحتواء على شروح وتفاسير على الهامش ومحلّ النزول وشأن النزول.
قال السيّد الخوئي رحمة الله : « فالذي يستفاد من الروايات في هذا المقام هو أنّ مصحف عليّ عليه السلام كان مشتملاً على زيادات تنزيلاً أو تأويلاً. ولا دلالة في شيء من هذه الروايات على أنّ تلك الزيادات من القرآن ». (15)
وما أدّعى أيضاً أحد ولا يستفاد من الروايات أيضاً أنّ مصحفه كان ناقصاً من القرآن الموجود بين الدفّتين.
فما ذكره النوري إن صحّ استدلاله يدلّ على التحريف بمعنى زيادة شيء في القرآن وبطلانه إجماعيّ ، ولكن الاستدلال سخيف وباطل كما عرفت.
وقال المرحوم العلّامة الطباطبائي قدّس سرّه : والجواب عنه الوجه الثالث إنّ جمعه عليه السلام القرآن وحمله إليهم وعرضه عليهم لا يدلّ على مخالفة ما جمعه في شيء من الحقائق الدينيّة الأصليّة أو الفرعيّة إلّا أن يكون في شيء من ترتيب السور أو الآيات من السور الّتي نزلت نجوماً بحيث لا يرجع إلى مخالفة في بعض الحقائق الدينيّة.
ولو كان كذلك لعارضهم بالاحتجاج ودافع فيه ، ولم يقنع بمجرّد إعراضهم عمّا جمعه واستغنائهم عنه كما روي عنه عليه السلام في موارد شتيّ ، ولم ينقل عنه عليه السلام فيما روى من احتجاجاته أنّه قرأ في أمر ولايته ولا غيرها آية أو سورة تدلّ على ذلك ، وجبههم على إسقاطها أو تحريفها. (16)
الدليل الخامس :
إنّ وجود مصحف مخصوص معتبر لعبد الله بن مسعود مخالف للمصحف الموجود مستلزم لعدم مطابقة لتمام ما نزل على النبيّ صلّى الله عليه وآله إعجازاً وإن كان في مصحفه أيضاً مخالفة لمصحف أميرالمؤمنين عليه السلام من جهة الترتيب كما مرّ ، وعدم اشتماله على تمام ما فيه بل بعض ما في الموجود أيضاً إلّا أنّ المطلوب ثبوت تمام ما جمعه فيه ، وعدم شمول الموجود لبعضه وبه يتمّ الاستدلال ، ولا تضرّه المخالفة المذكورة ، كما لا يخفى. (17)
والجواب عن ذلك :
قال الأستاذ العلّامة محمّد هادي المعرفة في جوابه :
كان اختلافه مع سائر المصاحف في قراءته بالزيادة التفسيريّة أحياناً ، وبتبديل كلمات غير مألوفة لغرض الإيضاح.
وقد أسقط المعوّذين بزعم أنّهما عوذتان. ولم يثبت الفاتحة في مصحفه ، نظراً لأنّها عدل القرآن وليس منه.
هكذا كان يزعم ولكن كلّ ذلك لا يتمّ عن قصد إلى تحريف الكتاب. (18)
مضافاً إلى ذلك أنّ عدم شمول القرآن الموجود لبعض ما كان في مصحف ابن مسعود لا يفيد إثبات التحريف ؛ لأنّه لم يثبت بالتواتر وغيره قرآناً نازلاً. ومشهور أنّ عبدالله بن مسعود وافق مع الّذين كانوا يجمعون ويكتبون المصحف العثماني ، وأظهر رضايته بفعلهم. (19)
الدليل السادس :
إنّ هذا المصحف الموجود غير شامل لتمام ما في مصحف أبيّ بن كعب ، فيكون غير شامل لتمام ما نزل إعجازاً لصحّة ما في مصحف أبيّ واعتباره. (20)
والجواب عنه :
إنّ كون ما في مصحف أبيّ معتبراً محلّ إشكال بل منع ؛ لعدم ثبوته ، مضافاً بما جاء في ردّ الأستاذ حيث قال : نعم كان مشتملاً على دعائي القنوت ، وقد حسبهما سورتين : سورة الخلع وسورة الحفد. وقد زاد في مفتتح سورة الزمر ـ حم ـ ليكون عدد الحواميم عنده ثمانية ، على خلاف المشهور ، وكانت له زيادات تفسيريّة على غرار زيادات ابن مسعود. (21)
الدليل السابع :
إنّ ابن عفّان لمّا استولى على الأمّة جمع المصاحف المتفرّقة ، واستخرج منها نسخة بإعانة زيد بن ثابت وكتابته وقراءته وقراءة نفسه ، وسمّاها بالإمام ، وأحرق ومزّق سائر المصاحف ، وما فعل ذلك إلّا لإعدام ما بقي فيها ممّا كان بأيدي الناس وغفل عنه أخواه ممّا كان يلزمهم حذفه صوناً لسلطنتهم عمّا يوهم الوهن فيها ، وصادفه بعض الدواعي الأخر ممّا لزم منها سقوط بعض الكلمات بل الآيات أيضاً كما يستفاد من أخبار الباب. (22)
والجواب عن ذلك :
إنّ ما زعم المحّدث النوري ادّعاء محض ؛ لعدم ثبوت سقوط بعض الكلمات أو الآيات ، بل ثبت عدم سقوط شيء من الكلمات أو الآيات ؛ لأنّ فعل عثمان كان بمرأى ومنظر القارئين والكتّاب وجميع المسلمين ، وما اعترض عليه أحد المسلمين أنّه أسقط بعض الكلمات أو الآيات ، بل أيّدوه في أصل جمع القرآن وتوحيده ، ونقل أنّ عليّاً عليه السلام أيضاً أيّده وقرّره. (23)
أخرج ابن داوود عن سويد بن غفلة قال : سمعته من عليّ بن أبي طالب عليه السلام :
فوالله ما فعل ـ عثمان ـ الّذي فعل في المصاحف إلّا عن ملأ منّا جميعاً.
وقال : فقد بلغني أنّ بعضهم يقول : قراءتي خير من قراءتك ، وهذا يكاد يكون كفراً ، قلنا : فماذا رأيت ؟ قال عليه السلام : أرى أن يجمع الناس على مصحف واحد ، فلا تكون فرقة ولا اختلاف. فنعم ما رأيت. (24)
وفي رواية أخرى قال ـ عليّ عليه السلام ـ : ولو ولّيت في المصاحف ما ولي عثمان لفعلت كما فعل. (25)
فهذا العمل من عثمان يكون دليلاً على صيانة القرآن من التحريف لا العكس ؛ لأنّ عمله كان لكثرة ما ظهر في الناس من اللحن في القراءة ، والقراءة باللهجات المختلفة وغير ذلك ، نعم عمله في إحراق سائر المصاحف كان قبيحاً جدّاً ، واعترض عليه المسلمون حتىّ سمّوه بحرّاق المصاحف.
قال السيّد الخوئي رضوان الله تعالى عليه : أمّا هذا العمل من عثمان فلم ينتقده عليه أحد من المسلمين ، وذلك لأنّ الاختلاف في القراءة كان يؤدّي إلى الاختلاف بين المسلمين وتمزيق صفوفهم وتفريق وحدتهم ، بل كان يؤدّي إلى تكفير بعضهم بعضاً. وقد مرّ فيما ـ تقدّم ـ بعض الروايات الدالّة على أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله منع عن الاختلاف في القرآن.
ولكن الأمر الّذي انتقد عليه هو إحراقه لبقيّة المصاحف ، وأمر أهالي الأمصار بإحراق ما عندهم من المصاحف ، وقد اعترض على عثمان في ذلك جماعة من المسلمين ، حتىّ سموّه بحرّاق المصاحف. (26)
الدليل الثامن :
الأخبار الكثيرة الّتي رواها المخالفون ـ زيادة على ما مرّ في المواضع السابقة ـ الدالّة صريحاً على وقوع التغيير والنقصان في المصحف الموجود ، ولكثرتها ووثاقة بعض ناقليها ووجود الدواعي على ترك روايتها لرجوعها بالأخرة إلى الطعن على الخلفاء تطمئنّ النفس بصدق مضمونها ، مضافاً إلى عدم وجود الدواعي القريبة لهم لوضعها ، وعدم وجود معارض لها في أخبارنا ، بل فيها من المؤيّدات ما يجعلها قريباً من المتواترات. (27)
والجواب عن ذلك :
أوّلاً : إنّ أكثر هذه الأحاديث ضعيفة من حيث الأسناد.
ثانياً : قد عالجها أئمّة نقد الحديث بأنّها كانت من زيادات تفسيريّة وشروح وما إلى ذلك ، لا من لفظ النّص. (28)
ثالثاً : وجب طرح هذه الروايات ؛ لأنّها مخالفة للكتاب والسنّة.
رابعاً : إعراض أهل السنّة وأصحابنا عن هذه الروايات ، فتسقط من الحجيّة.
قال السيّد الخوئي قدّس سرّه في ردّه : والجواب عن الإستدلال بهذه الطائفة : أنّه لابدّ من حملها على ما تقدّم في معني الزيادات في مصحف أميرالمؤمنين عليه السلام ـ إنّ تلك الزيادات كانت تفسيراً بعنوان التأويل وما يؤوّل إليه الكلام أو بعنوان التنزيل من الله شرحاً للمراد (29) ـ وإن لم يمكن ذلك الحمل في جملة منها فلابدّ من طرحها ؛ لأنّها مخالفة للكتاب والسنّة ... على أنّ أكثر هذه الروايات بل كثيرها ضعيفة السند ، وبعضها لا يحتمل صدقه في نفسه ، وقد صرّح جماعة من الأعلام بلزوم تأويل هذه الروايات أو لزوم طرحها. (30)
وقال الأستاذ العلّامة الطباطبائي : في ردّ الطائفة من الروايات :
أمّا أوّلاً : فبأنّ التمسّك بالأخبار بما أنّها حجّة شرعيّة يشتمل الدور :
بيان ذلك :
إنّ حجيّة الأخبار متوقّفة على صحّة النبوّة وذلك ظاهر ، وصحّة النبوّة اليوم متوقّفة على سلامة القرآن من التحريف المستوجب لزوال صفات القرآن الكريمة عنه كالهداية وفصل القول وخاصّة الإعجاز ، فإنّه لا دليل حيّاً خالداً على خصوص نبوّة النبيّ صلّى الله عليه وآله غير القرآن الكريم بكونه آية معجزة ، ومع احتمال التحريف بزيادة أو نقيصة أو أيّ تغيير آخر لا وثوق بشيء من آياته ومحتويّاته أنّه كلام الله محضاً ، وبذلك تسقط الحجّة ، وتفسد الآية ، ومع سقوط كتاب الله عن الحجّية تسقط الأخبار عن الحجّية.
فلا يبقى للمستدلّ بها إلّا أن يتمسّك بها بما أنّها أسناد ومصادر تاريخيّة ، وليس فيها حديث متواتر ولا محفوف بقرائن قطعيّة تضطرّ العقل إلى قبوله ، بل هي آحاد متفرّقة متشتّة مختلفة منها صحاح ومنها ضعاف في أسنادها ومنها قاصرة في دلالتها فما أشذّ منها ما هو صحيح في سنده تامّ في دلالته.
وهذا النوع على شذوذه وندرته غير مأمون فيه الوضع والدسّ ؛ فإنّ انسراب الإسرائيليّات وما يلحق بها من الموضوعات والمدسوسات بين روايتنا لا سبيل إلى إنكاره ، ولا حجّية في خبر لا يؤمن فيه الدسّ والوضع.
ومع الغضّ عن ذلك فهي تذكر من الآيات والسور ما لا يشبهه النظم القرآني بوجه ، ومع الغضّ عن جميع ذلك فإنّها مخالفة للكتاب ومردودة.
وأمّا ما ذكرنا أن أكثرها ضعيفة الأسناد فيعلم ذلك بالرجوع إلى أسانيدها ، فهي مراسيل أو مقطوعة الأسناد أو ضعيفتها ، والسالم منها من هذه العلل أقلّ قليل.
وأمّا ما ذكرنا أنّ منها ما هو قاصر في دلالتها ؛ فإنّ كثيراً ممّا وقع فيها من الآيات المحكميّة من قبيل التفسير وذكر معنى الآيات ، لا من حكاية متن الآية المحرّفة. (31)
الدليل التاسع :
إنّ الله تبارك وتعالى قد ذكر أسامي أوصياء خاتم النبيّين وابنته الصدّيقة الطاهرة عليهم السلام وبعض شمائلهم وصفاتهم في تمام الكتب المباركة الّتي أنزلها على رسله وصرّح فيها بوصايتهم وخلافتهم وأنّ ختمها بهم ؛ وذلك إمّا للعناية التامّة بتلك الأمم ليتبرّكوا بتلك الأسامي الّتي وجودها في صحف نبيّهم بهذه الصفات الشريفة ويجعلونها وسيلة لإنجاح سؤلهم وإنجاز مأمولهم وكشف ضرّهم ودفع بأسهم على ما يظهر من جملة من الأخبار ، أو لارتفاع قدرهم وإعلاء شأنهم بذكرهم قبل ظهورهم بهذه الأوصاف الكاشفة عن بلوغهم أشرف محلّ الكرّمين وأعلى منازل المقرّبين ، أو بما يقتضي كون معرفتهم بها كمعرفة الله جلّ جلاله واجبة على جميعهم وأنّهم إنّما بعثوا إلى العباد لذلك وأرسلوا لتعليمهم تلك المسالك. وهذا ظاهر كثير من الأخبار خصوصاً فيما ورد في علّة عذابهم بما ترجع إلى آبائهم من قبول ولايتهم عليهم السلام ، وعلى تلك الوجوه الراجعة حقيقةً إلى أمر واحد كيف يحتمل المنصف أن يهمل الله تعالى ذكر أساميهم في كتابة المهيمن على جميع الكتب الباقي على مرّ الدهور الواجب التمسّك به إلى قيامة الساعة ولا يعرّفهم لأمّة نبيّه الذين هم أشرف من جميع الأمم السالفة والعناية بتكميلهم أشدّ واستحكام أمرهم عليهم السلام ورفع قدرهم وإعلاء ذكرهم بدرجهم فيه أظهر ووجوب طاعتهم ومودّتهم على هذه الأمّة أشدّ من غيرهم ، وهو أهمّ من غيره من الواجبات الّتي تكرّر ذكرها في الكتاب الكريم. (32)
والجواب عن ذلك :
أوّلاً لم يثبت ذكر أسمائهم عليهم السلام في تمام الكتب الّتي نزلت على الرّسل.
ثانياً على فرض الثبوت لا ملازمة بين ذكر أسامي أوصياء خاتم النبيّين وابنته الصدّيقة الطاهرة عليهم السلام وبعض شمائلهم وصفاتهم في الكتب المباركة الماضية وبين ذكرها في القرآن كما لايخفى ، فعدم ذكرها لا يدلّ على التحريف ، بل نحتمل قويّاً أن عدم ذكرها خصوصاً اسم عليّ في القرآن إنّما هو لئلّا يتعرّض القرآن للتحريف.
قال المحقّق المتتبّع السيّد جعفر مرتضى العاملي : ويرى الشيعة أيضاً : أنّه لا حاجة للتصريح بأسماء الأئمّة وأهل البيت في القرآن. وقد نصّ الأئمّة أنفسهم : على أنّه لم يذكر اسم عليّ عليه السلام في القرآن ، وذكروا السبب في ذلك (33) ، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام فقلت له : إنّ النّاس يقولون : فماله لم يسمّ عليّاً وأهل البيت في كتاب الله ؟ فقال : فقولوا لهم : إنّ رسول الله نزلت عليه الصلاة ، ولم يسمّ الله لهم ثلاثاً ولا أربعاً حتّى كان رسول الله صلّى الله عليه وآله هو الّذي فسّر لهم ذلك. (34)
وقال المرحوم آية الله العظمى الخوئي ـ بعد نقل هذه الرواية ـ :
فتكون هذه الصحيحة حاكمة على جميع تلك الروايات ، وموضحة للمراد منها وأنّ ذكر اسم أميرالمؤمنين في تلك الروايات قد كان بعنوان التفسير ، أو بعنوان التنزيل ، مع عدم الأمر بالتبليغ ، ويضاف إلى ذلك أنّ المتخلّفين عن بيعة أبي بكر لم يحتجّوا بذكر اسم علي في القرآن ، ولو كان له ذكر في كتاب لكان ذلك أبلغ في الحجّة ، ولا سيّماً إنّ جمع القرآن ـ بزعم المستدلّ ـ كان بعد تماميّة أمر الخلافة بزمان غير يسير ، فهذا من الأدلّة الواضحة على عدم ذكره في الآيات. (35)
وإذا ثبت عدم ذكر اسم عليّ في القرآن يتّضح عدم ذكر أسامي سائر الأئمّة فيه أيضاً.
الدليل العاشر :
انّه لا إشكال ولا خلاف بين أهل الإسلام في تطرّق اختلافات كثيرة وتغييرات غير محصورة في كلمات القرآن وحروفه وهيأته من زيادة كلمة ونقصانها وزيادة حرف ونقصانه وتبديل كلمة وإثبات أخرى وتأنيث لفظ وتذكيره وإفراده مرّةً وجمعه أخرى وأمثال ذلك من وجوه التغيير الّذي مرّ ذكرها إلى أن بلغ من الكثرة بمكان خرج عن اندراجه تحت الضبط ...
وظاهر أنّ المصحف الموجود الدائر غير خالص من بعضه أو أكثره ، فهو حينئذٍ غير مطابق لما أنزل عليه صلّى الله عليه وآله إعجازاً ، وهو المقصود. وهذا الدليل وإن كان غير وافٍ لإثبات نقصان السورة والآية والكلمات ؛ لعدم شمول تلك الاختلافات لها إلّا أنّه يمكن تتميمه بعدم القول بالفصل أو بأن يقال إذا لم يكن اعتناؤهم في حفظ القرآن وصيانته عن تطرّق الاختلافات بمقام لم يحفظوا سورة الفاتحة كما هي وقد كانوا يتلونها في كلّ يوم مرّات عديدة في أزيد من عشرين سنة وكانوا يسمعونها عنه صلّى الله عليه وآله كذلك ... فعدم حفظهم غيرها ممّا لم تكن لهم ضرورة إلى تلاوتها في كلّ سنة مرّة مثلاً بحيث يلزم منه ما ذكرنا من التحريف والنقصان أولى ، بل هو حينئذٍ في غاية الوضوح. (36)
والجواب عن ذلك :
إنّ ما ذكره النوري يدّل على اهتمام المسلمين بالقرآن وحفظه ، فلذلك بحثوا عن كيفيّة قراءته من حيث الإعراب والهيئة وغير ذلك ، إضافة إلى أنّ هذه البحوث والخلافات الاجتهاديّة ، ولم يعتقدوا أنّ في القرآن اختلافاً ، بل كلّ الباحثين يعتقدون أنّ القرآن نزل بشكل واحد من عند واحد وإنّ هذه الاختلافات في القراءة جاءت من جهة الباحثين والقرّاء ، وهو بحث علمي واجتهادي صرف لا ربط له بأصل القرآن وأنّ القرآن هو النصّ المتواتر عن رسول الله النازل عليه وحياً إعجازيّاً. وقد حافظ عليه جمهور المسلمين وكبار أئمّة الدين ، لا تغيير فيه ولا اختلاف عبر الدهور ، فكلّ باحث له إذعان بأنّ القرآن شيء والقراءات شيء آخر ، فلهذا ترى أنّ مع وجود قراءات مختلفة في الأبحاث الاجتهاديّة والعلميّة أنّ كلّ المسلمين يقرءون سورة الحمد مثلاً في صلواتهم من دون أن يكون في قراءتها أيّة مشكلة.
مضافاً إلى أنّ دليله لا يكفي لإثبات مدّعاه ذهب إلى إثبات ما ادّعاه بعدم القول بالفصل ، وهو أيضاً غير وافٍ لثبوت وجود قراءات المختلفة واطّلاع الباحثين عليها مع اعتقادهم بأنّه لم ينقص من القرآن كلمة أو آية أو سورة.
هذا أيضاً مضافاً لما قاله الأستاذ في كتابه القيّم في ردّه : وأمّا مسألة التتميم بعدم القول بالفصل ، فلا موضوع لها أوّلاً.
وثانياً : هي مسألة أصولية تخصّ الأمور النظريّة العقليّة ، دون العلوم النقليّة المبتنية على أساس النقد والتمحيص. (37)
الدليل الحادي عشر :
الأخبار الكثيرة المعتبرة الصريحة في وقوع السقط ودخول النقصان في الموجود من القرآن زيادة على ما مرّ متفرّقاً في ضمن الأدلّة السابقة وأنّه أقلّ من تمام ما نزل إعجازاً على قلب سيّد الإنس والجان من غير اختصاصها بآية أو سورة وهي متفرّقة في الكتب المعتبرة الّتي عليها المعوّل وإليها المرجع عند الأصحاب ، جمعت ما عثرت عليها في هذا الباب بعون الله الملك الوهّاب :
الف : ثقة الإسلام ـ الكليني ـ في آخر كتاب فضل القرآن من الكافي عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إنّ القرآن الّذي جاء به جبرئيل عليه السلام إلى محمّد صلّى الله عليه وآله سبعة عشر ألف آية.
ب : المولى محمّد صالح في شرح الكافي ، عن كتاب سليم بن قيس الهلالي أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله لزم بيته وأقبل على القرآن يجمعه ويؤلّفه ، فلم يخرج من بيته حتّى جمعه كلّه ، وكتب على تنزيله الناسخ والمنسوخ منه والمحكم والمتشابه والوعد والوعيد ، وكان ثمانية عشر ألف آية. (38) إلى غير ذلك من الروايات الّتي ذكرها المحدّث النوري في كتابه (39) ، ونحن لا نأتي بها اجتناباً للإطالة.
الدليل الثاني عشر
الأخبار الواردة في الموارد المخصوصة من القرآن الدالّة على تغيير بعض الكلمات والآيات والسور بإحدى الصور المتقدّمة ، وهي كثيرة جدّاً ... (40) ثمّ ذكر الأخبار الواردة ، نذكر هنا روايتين :
الف : عليّ بن إبراهيم القمي في تفسيره ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن أبي عبدالله عليه السلام إنّه قال : إهدنا الصراط المستقيم طراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالّين ... الخبر.
ب : الطبرسي في مجمع البيان قرأ صراط من أنعمت عليهم عمر بن الخطاب وعبدالله بن زبير وروي ذلك عن أهل البيت عليهم السلام.
والجواب عن الدليلين الأخيرين :
أوّلاً : إنّ أكثر هذه الروايات أيضاً ضعيفة الأسناد نقلت من الكتب غير المعتبرة.
ثانياً : إنّ عدّة من هذه الروايات روايات تفسيريّة للآية.
وعدّة منها روايات تبيّن شأن نزول الآيات وتأويلها أو تعيين مصداق من مصاديق الآية.
وبعض منها روايات تبيّن اختلاف القراءات ، وأنّها لا تدلّ على اختلاف في نصّ الوحي وأصل القرآن ؛ لأنّ القرآن ثبت بالتواتر ، وهذه القراءات لم تثبت بالتواتر.
وعدّة من هذه الروايات ذكر فيه لفظ التحريف ، وزعم النوري أنّ المراد منه هو التحريف بالمعنى المتنازع فيه ، والحال إنّ المراد من التحريف فيها هو التحريف المعنوي.
وبعض منها روايات استند إليها المعصوم في بيان الآيات ، فتخيّل النوري أنّ كلمات المعصوم جزء من آية حذف من القرآن ، ولكن من الواضح أنّ هذه الكلمات من المعصوم لا من القرآن.
وعدّة من هذه الروايات روايات وردت في تعليم قراءة القرآن في زمن ظهور الحجّة عليه السلام وأنّ القراءة في زمانه تكون وفق ما جمعه عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فأراد المحدّث النوري أن يجعل هذه الروايات دليلاً على مخالفة ما جمعه عليه السلام مع القرآن الموجود بين الدفّتين ؛ لأنّه جاء فيها أنّه يعلّم الناس القرآن على ما أنزل الله ، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم. وجاء في بعضها : وأخرج المصحف الّذي كتب عليّ عليه السلام.
ولكن الظاهر أنّ هذه الروايات أيضاً لا تدلّ على مقصوده ؛ لأنّها لا تدلّ على أنّ المخالفة بينهما هو الاختلاف في نصّ القرآن ، بل المراد أنّ الاختلاف إنّما هو في النظم والتأليف كما أشرنا إليه سابقاً وصرّح به بعض هذه الروايات أيضاً.
وبعضها نقلت غير صحيحة كالرواية الأولى الّتي جاءت في الدليل الحادي عشر ؛ فإنّ لفظة عشر ظاهراً من زيادة النساخ أو الرواة والأصل سبعة آلاف آية.
قال الأستاذ الشيخ محمّد هادي المعرفة : والحديث بهذه الصورة نادر غريب ، وقد أوقع الشرّاح في مشكل العلاج ، بعد أن كانت آي القرآن ـ حسب واقعيته الراهنة ، الموافق للمأثور عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وعن ابن عبّاس وغيره من التّابعين ، والتي أجمعت عليها عامّة أهل التفسير كالطّبرسي وغيره ـ لا تعدو بضعاً ومائتين وستّة آلاف آية ! فهي لا تبلغ سبعة آلاف ، فكيف بسبعة عشر ألفاً ؟!
وقد جزم المولى أبوالحسن الشعراني ـ في تعليقته على شرح الكافي للمولى صالح المازندراني ـ بأنّ لفظة « عشر » من زيادة النسّاخ أو الرواة ، والأصل : هي سبعة آلاف عدداً تقريبياً ينطبق مع الواقع نوعاً مّا.
ويؤيّده أنّ صاحب الوافي ـ المولى محسن الفيض ـ نقل الحديث عن الكافي بلفظ « سبعة آلاف آية » من غير ترديد ، الأمر الّذي يدلّ على أنّ النسخة الأصليّة من الكافي اّلتي كانت عنده كانت بهذا اللفظ ، ولم يحتمل غيره.
قال الشعراني في تعليقه على الوافي : كانت النسخة الّتي شرحها المجلسي في مرآة العقول « سبعة عشر ألفاً » وكأنّها من فعل بعض النسّاخ استقلّ عدد السبعة فأضاف إليه عشراً ، غير أنّ السبعة آلاف هي القريبة من الواقع الموجود بأيدينا ، وظاهر الحديث أنّه ليس بصدد إحصاء عدد الآيات ، بل ذلك من باب إطلاق العدد التامّ المتناسب مع الواقع بعد حذف الكسور أو تتميمها كما هي العادة والمتعارف في الاستعمال ، من باب التسامح ، بعد عدم تعلّق الغرض بذكر الكسر الناقص أو الزائد. (41)
فتبيّن أنّ هذه الروايات على كثرتها أيضاً لا تدلّ على مراد المحدّث النوري.
ثالثاً : إنّ هذه الروايات مع كثرتها ونقل بعضها من طرق الخاصّة ونقل أكثرها من طريق السنّة وفي كتبهم المعتبرة أيضاً إلّا أنّهم لم يستندوا إليهما ، ولم يعتقدوا بالتحريف ، بل حملوه على وجوه مختلفة أو ردّوه ، فهذه الروايات على فرض دلالتها معرض عنها ، يجب طرحها ؛ لإعراض الأصحاب ومخالفتها للكتاب.
ولتكميل الجواب أرى أن ألحق اختصاراً أجوبة بعض المحقّقين الّذين أجابوا عن الدليلين بصورة أكثر تفصيلاً ، قال الأستاذ العلّامة السيد جعفر مرتضى العاملي في ردّ الدليل الحادي عشر : وهو أيضاً فاسد ؛ لأنّها روايات ظاهرة التأويل ، لأنّ المراد بها تحريف المعنى لا اللفظ ، وقد تقدّم بعض ما يرتبط بذلك ، كما أنّ بعض الأحاديث النادرة الأخرى إنّما رواها الغلاة والضعفاء والمنحرفون عن مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، وهي مخالفة للضرورة القطعيّة ، فلا يلتفت إليها ، ولا يعتدّ بها ، وتقدّم أنّ بعضها يقصد به ذكر التأويل والتفسير المنزل ، وليس ذلك من القرآن في شيء.
وقال في ردّ الدليل الثاني عشر : إنّ أكثرها يدخل في الأقسام الّتي في البحوث السابقة أو ترجع إلى التفسير وشأن النزول أو التأويل ، كما أنّ التكرار فيها كثير وظاهر.
ثمّ قال : أضف إلى ذلك : أنّ أكثر من ٣٢٠ رواية منها تنتهي إلى السيّاري ، الفاسد المذهب والمنحرف والغالي ، الملعون على لسان الصادق عليه السلام ، والمطعون فيه من قبل جميع الرجاليّين.
وأكثر من ٦٠٠ من مجموع الألف عبارة عن مكرّرات ، والفرق بينها ، إمّا من جهة نقلها من كتاب آخر مع وحدة السند أو من طريق آخر ... وغير هذين القسمين ، فإنّ أكثر من مائة حديث منها عبارة عن قراءات مختلفة ، أكثرها عن الطبرسي في مجمع البيان .. كما أنّ أكثرها مشتركة نقلها بين السنّة والشيعة ، ولا سيمّا بملاحظة : أنّ الطبرسي يروي عن رجال أهل السنّة : كقتادة ومجاهد وعكرمة وكثير غيرهم. وما يبقى فإنّما هو روايات قليلة جدّاً لا تستحق الذكر والالتفات.
وقسم آخر منقول عن آخرين ممّن يوصف بالضعف أو بالانحراف كيونس بن ظبيان ، الذي ضعّفه النجاشي ، ووصفه ابن الغضائري بأنّه : « غالٍ ، كذّاب ، وضّاع للحديث ».
ومثل منخل بن جميل الكوفي ، الّذي يقولون فيه : إنّه غال ، منحرف ، ضعيف فاسد الرواية.
ومثل محمّد بن حسن بن جمهور ، الّذي هو غال ، فاسد المذهب ، ضعيف الحديث ...
وأمثل هؤلاء ، لا يصحّ الاعتماد على رواياتهم في أبسط المسائل الفرعيّة ، فكيف بما يروونه في هذه المسألة ، الّتي هي من أعظم المسائل ، وأشدّها خطراً ، وعليها يتوقّف أمر الإيمان ومصير الإسلام. (42)
وقال الأستاذ الشيخ محمّد هادي المعرفة : ولعلّ أهمّ مستند القائلين بالتحريف هو مجموعة روايات كانت مبعثرة هنا وهناك حسبوهنّ دلائل على تحريف الكتاب ، إمّا دلالة بالعموم ، أو خاصّةً على موضع التحريف بالخصوص ـ فيما زعموا ـ وقد جعل النوري من النوع الأوّل دليله الحادي عشر ، والنوع الثاني دليله الثاني عشر ! جمعهنّ من مصادر شتّى لا شأن لأكثريّتها ولا اعتبار ، والبقيّة القليلة لا مساس لها بمسألة التحريف.
قلت : ما شأن كثرة الكتب إذا كانت مجرّد حبر على ورق من دون اعتبار ! ثمّ شرع في دراسة وتقييم الكتب الّتي نقل عنها تلك الروايات ، وأثبت أنّها كتب لا اعتبار لها ولا إسناد.
ثمّ قال الأستاذ : وإليك الآن عرضاً موجزاً عن أهمّ الروايات الّتي استند إليها المحدّث النوري بكلا نوعيها : الدالّة ـ فيما زعم ـ على التحريف عموماً ، أو الناصّة على مواضع التحريف بالخصوص.
ما جمعه المحدّث النوري من روايات بشأن مسألة التحريف تربو على الألف ومائة حديث : « ١١٢٢ » بالضبط ، سواء ما زعمه ذا دلالة عامّة وهي « ٦١ » أم ناصّاً على موضع التحريف بالخصوص وهي : « ١٠٦١ ».
لكن أكثريّتها الساحقة إنّما نقلها من أصول لا إسناد لها ولا اعتبار ممّا عرضناه آنفاً من كتب ورسائل إمّا مجهولة أو مبتورة أو هي موضوعة لا أساس لها رأساً.
فإذا ما أسقطناه المنقول من هذه الكتب وهي تربو على الثمانمائة « ٨١٥ » ، يبقى الباقي ما يقرب من ثلاثمائة حديث « ٣٠٧ » ، وكثرة من هذا العدد ترجع إلى اختلاف القراءة ، ولا سيمّا المنقول عن الطبرسي في « مجمع البيان » وهي : ١٠٧ موارد.
مثلاً ينقل عنه في سورة العاديات : إنّ عليّاً عليه السلام قرأ : « فوسّطن » بتشديد السين ...
إلى أمثال ذلك من قراءات منقولة عن الأئمّة نقلاً بالآحاد لا بالتواتر ، فلا حجيّة فيها أوّلاً ، ولا مساس لها بمسألة التحريف حسبما زعمه النوري ثانياً.
بقيت مائتا حديث تقريباً منقولة عن كتب معتبرة ، ذكرها المحدّث النوري في « فصل الخطاب » دليلاً على وقوع التحريف في الكتاب.
لكن هذه الروايات وردت في شؤون شتّى وفي مسائل مختلفة ، زعمهنّ مشتركات في جامع الدلالة على التحريف.
وهي على سبعة أنواع :
النوع الأوّل :
روايات تفسيريّة ، إمّا توضيحاً للآية أو بيان شأن النزول أو تأويل الآية أو تعيين أجلى مصداق من مصاديقها المنطبق عليه الآية بعمومها ، وقد كان من عادة السلف أن يجعلوا من الشرح مزجاً مع الأصل ، تبييناً وتوضيحاً لمواضع الإبهام من الآية ، من غير أن يلتبس الأمر ، اللّهم إلّا على اُولئك الّذين غشيهم غطاء التعامي !!
وهذا النوع يشمل الأقسط الأوفر من هذه الأحاديث. وإليك جملة منها :
١ ـ روى ثقة الإسلام الكليني بإسناد رفعه إلى الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام انّه قرأ : ( وَاِذا تَوَلّى سَعى في الأرضِ لِيُفسِدَ فيها ويُهلِكَ الحِرْثَ والنَّسْلَ ) (43) وعقّبها بقول : « بظلمة وسوء سريرته » بياناً لكيفيّة الإهلاك ، وأنّه ليس بإشعال النار أو وضع السيوف فى رقاب الناس ، بل بارتكاب الظلم وسوء نيّته في التدبير.
النوع الثاني :
ما تقدّمت الإشارة إليه من قراءات منسوبة إلى بعض الأئمّة عن طريق الآحاد ، وربّما كانت تخالف قراءة الجمهور ، ومتوافقة أحياناً مع بعض القراءات الشاذّة في مصطلحهم ، وقد أسلفنا أن لا جحيّة فيها أوّلاً ؛ لأنّ القرآن إنّما يثبت بالتواتر لا بالآحاد ، وثانياً لم يكن الاختلاف في نصّ الوحي ، لأنّ القرآن شيء والقراءات شيء آخر ، قال الإمام الصادق عليه السلام : القرآن نزل على حرف واحد من عند الواحد ، وفي رواية أخرى : ولكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة وهم القرّاء يزعمون النّص فيما يرون. وطريقهم الآحاد فلا يثبت بقراءتهم قرآن ...
النوع الثالث :
أحاديث جاء فيها لفظ « التحريف » ، فزعمه أهل القصور تحريفاً مصطلحاً في حين أنّه تحريف بالمعنى وتفسير على غير الوجه ، والروايات من هذا القبيل كثيرة ... لكن تقدّم : أنّ التحريف في اللغة وفي مصطلح الشرع ـ في الكتاب والسنّة ـ يراد به التحريف المعنوي ، أيّ التفسير بغير الوجه المعبّر عنه بالتأويل الباطل.
وتقدّم الحديث عن الإمام الباقر عليه السلام في رسالاته إلى سعد الخير : وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده ...
النوع الرابع :
روايات زعموا دلالتها على سقط آية أو جملة أو كلمة ، وقد عالجها أئمّة نقد الحديث بأنّها كانت زيادات تفسيريّة وشروح وما إلى ذلك ، لا من لفظ النصّ لكن تعلّق بها أهل القول بالتحريف عبثاً ...
النوع الخامس :
روايات استندوا إليها ، لكن ليس فيها ما يصلح لهذا الاستناد ، نذكر منها :
روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال : كان أبي إذا صلّى الوتر قرأ في ثلاثتهنّ : بـ ( قُلْ هوَ اللهُ أَحدٌ ) ، فإذا فرغ منها قال : « كذلك الله ربّي » ، وسأل ابن المهتدى الإمام الرضا عليه السلام عن سورة التوحيد فقال : كلّ من قرأ ( قُلْ هوَ اللهُ أَحدٌ ) وآمن بها فقد عرف التوحيد ، فقلت : كيف يقرأها ؟ قال : كما يقرأ الناس ، وزاد فيه كذلك الله ربّي ، كذلك الله ربّي.
قال النوري : وفي الخبر إيماء إلى كون الذيل من القرآن ... استفادة غريبة !!.
النوع السادس :
روايات وردت بشأن فساطيط تضرب بظهر الكوفة أيّام ظهور الحجّة المنتظر ـ عجّل الله فرجه الشريف ـ لتعليم الناس قراءة القرآن وفق ما جمعه الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم ، لأنّه خلاف الترتيب المعهود ، وقد حاول فرق المحدّث النوري الاحتجاج بها ، دليلاً على مخالفته في سائر الجوانب أيضاً ، لكنّها على عكس مقصودهم أدلّ كما نبّهنا.
فقد روى الشيخ المفيد بإسناده عن جابر الجعفي ، عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : إذا قام قائم آل محمّد صلّى الله عليه وآله ضرب فساطيط لمن يعلّم الناس القرآن ، على أنزل الله. فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم ، لأنّه يخالف فيه التأليف.
والأحاديث بهذا النمط غير قليل ، وهي إن دلّت فإنّما تدلّ على اختلافٍ ما بين مصحفه عليه السلام والمصحف الحاضر ، أمّا إنّ هذا الاختلاف يعود في نصّه أم في نظمه أم في أمر آخر ، فهذا ممّا لا تصريح به في تلك الأحاديث ، سوى الحديث الأوّل الّذي نوّهنا عنه ، فإنّه صريح في وجه الاختلاف ، وأنّه ليس في سوى النظم والتأليف لا شيء سواه ، فهو خير شاهد على تبيين وجه الاختلاف المنوّه عنه في سائر الروايات ، وهذا في مصطلح الأصوليّين من الحكومة الكاشفة لمواضع الإبهام في سائر كلام المتكلّم الحكيم.
على أنّ نفس الاختلاف في نظم الكلام يكفي لوحده سبباً لصعوبة التلاوة ولصعوبة فهم المراد من الكلام ...
وممّا يدلّ على أنّ القرآن الذي يأتي به صاحب الأمر ليست فيه زيادة على هذا الموجود ما رواه العيّاشي بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : ولو قد قائم قائمنا فنطق صدّقه القرآن. (44)
النوع السابع :
ما ورد بشأن فضائل أهل البيت عليهم السلام المخبوءة طيّ آيات الذكر الحكيم ، أن لو قرئت كما هي على ما أنزلها الله لوجدتها ذوات دلائل واضحة وبيّنات لائحة ، تدلك على شرفهم ورفيع منزلتهم عند الله عزّوجلّ.
ولكن واضح أنّه ليس المقصود زيادة في لفظه أو حذف شيء منه ، كما توهّمه أهل التحريف ؛ إذ لو كان المراد ذلك لكان على خلاف إجماع الطائفة إطلاقاً ، وكان مطروحاً البتّة ، إذ لم يقل أحد بالزيادة في القرآن حتّى الأخباريّين. وقد اعترف المحدّث النوري نفسه بهذا الإجماع. (45)
الهوامش
1. فصل الخطاب ، ص ٣٥.
2. كمال الدين وتمام النعمة ، ص ٥٧٦.
3. البيان في تفسير القرآن ، ص ٢٢١.
4. فصل الخطاب ، ص ٩٦.
5. من أراد الاطّلاع على أقوال العلماء فليراجع كتاب أكذوبة تحريف القرآن ، ص ٣٢
6. حقايق هامّة حول القرآن الكريم ، ص ٦٣.
7. البيان في تفسير القرآن ، ص ٢٣٩.
8. الإتقان ، ج ١ ، ص ٦٢.
9. التمهيد ، ج ١ ، ص ٢٢١.
10. المصدر نفسه ، ص ٢١٨ و ٢١٩.
11. المصدر نفسه ، ص ٢٢٠.
12. فصل الخطاب ، ص ١٠٥.
13. البقرة : ١٠٦.
14. فصل الخطاب ، ص ١٢٠.
15. البيان في تفسير القرآن ، ص ٢٢٥.
16. الميزان في تفسير القرآن ، ج ١٢ ، ص ١١٩.
17. فصل الخطاب ، ص ١٣٥.
18. صيانه القرآن من التحريف ، ص ٢١١.
19. المصاحف ، ص ١٨ ودائرة المعارف تشيّع ، ج ١ ، ص ١٤٨.
20. فصل الخطاب ، ص ١٤٤.
21. صيانة القرآن من التحريف ، ص ٢١٢.
22. فصل الخطاب ، ص ١٤٩.
23. حقائق هامّة حول القرآن الكريم ، ص ٣٩٦.
24. المصاحف ، ص ٢٢.
25. النشر في القراءات العشر ، ج ١ ، ص ٨.
26. البيان في تفسير القرآن ، ص ٢٥٨.
27. فصل الخطاب ، ص ١٧١.
28. صيانة القرآن من التحريف ، ص ٢٦١.
29. البيان في تفسير القرآن ، ص ٢٢٣.
30. المصدر نفسه ، ص ٢٣٣.
31. الميزان في تفسير القرآن ، ج ١٢ ، ص ١١٤.
32. فصل الخطاب ، ص ١٨٣.
33. حقائق هامّة حول القرآن الكريم ، ص ٢٤.
34. أصول الكافي ، كتاب الحجّة ، باب ما نصّ الله ورسوله على الأئمّة عليهم السلام ج ٢ ، ص ٤٠ ، ح ٧٥٠.
35. البيان في تفسير القرآن ، ص ٢٣٢.
36. فصل الخطاب ، ص ٢٠٩.
37. صيانة القرآن من التحريف ، ص ٢٢٠.
38. فصل الخطاب ، ص ٢٣٤.
39. من صفحة ٢٣٤ إلى٢٤٧.
40. فصل الخطاب ، ص ٢٥٠.
41. صيانة القرآن من التحريف ، ص ٢٦٤.
42. حقائق هامّة حول القرآن الكريم ، ص ٣٩٧.
43. البقره : ٢٠٥.
44. تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ١٣ ، ح ٦.
45. صيانة القرآن من التحريف ، ٢٢١ إلى ٢٨٢ ملخّصاً.
مقتبس من كتاب : [ اسطورة التحريف ] / الصفحة : 97 ـ 129
التعلیقات
١