زيف « مُروا أبا بكر ليصلّ بالناس »
باسل محمّد بن خضراء
منذ 9 سنواتزيف « مُرّوا أبا بكر ليصلّ بالناس »
عند البحث والتقصّي وجدتُ أنّ أبا بكر لم يكن الوحيد الذي يصلّي بالناس ، كما يحتجّ الكثير من علماء السنّة بأنّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم قد سمّى خليفته بالإشارة أو القول بوساطة زوجته عائشة ابنة أبي بكر بأن يؤمّ الناس في الصلاة ، فبنوا رأيهم عن هذا الحديث.
قالت عائشة ـ والرواية هي تنقلها ـ : « لمّا ثقل رسول صلّى الله عليه وآله وسلّم جاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فقال : مرّوا أبا بكر فليصلّ بالناس ، فقلت : يا رسول الله إنّ أبابكر رجل أسيف وأنّه متى يقوم مقامك لا يُسمع الناس فلو أمرت عمر ، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : مرّوا أبا بكر فليصلّ بالناس ، قالت : فقلت لحفصة : قولي له إنّ أبابكر رجل أسيف وإنّه متى يقوم مقامك لا يُسمع الناس فلو أمرت عمر ، فقالت له ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنّكن لأنتنّ صواحب يوسف ، مُرّوا أبا بكر فليصلّ بالناس ، قالت : فأمروا أبا بكر يصلّي بالناس » (1).
وهذا الحديث يسقط لعدّة أوجه :
أوّلاً : لم يذكر هذا الحديث أحد سوى عائشة ، وهذا معناه حديث آحاد لا يقبل.
ثانياً : هي تعرّف رسول الله بأبيها ، وهل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يعرف أبا بكر ، فلماذا هذا التركيز ؟!
ثالثاً : لماذا تطلب من حفصة ذلك ، فهي تزكي والدها وتزكي عمر ، بل تدفع بحفصه لتزكيتهما.
رابعاً : إنّ أبا بكر صلّى وراء العديد من الصحابة :
أ ـ صلاة عمرو بن العاص إماماً ويؤمّه أبو بكر وعمر وجماعة من المهاجرين في غزوة ذات السلاسل.
ب ـ هذا البخاري يحدّثنا أنّ سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين والأنصار في مسجد قباء (2).
ج ـ يوم فتح مكّة أمر الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم عتاب بن أسيد أن يصلّي بالناس ومعهم أبو بكر (3).
د ـ عندما مرض عمر بن الخطاب دعا صهيب الرومي أن يؤم المصلّين بما فيهم المبشّرين بالجنّة (4).
فلماذا لم يحتجّ كلّ هؤلاء بأولويّتهم بالخلافة ؟ حتّى أنّ أبا بكر لم يحتجّ بذلك يوم السقيفة ، فيتبيّن لنا أنّ هذا الحديث مختلق موضوع ، وضعه الأمويّون لتبرير إقصاء الإمام علي عليه السلام عن الخلافة ، وبعد هذا سقط زيف الصلاة.
الهوامش
1. صحيح مسلم : ١ / ٢٦٣ « ٤١٨ ».
2. صحيح البخاري : ٤ / ٣٨٥ « ٧١٧٥ » كتاب الأحكام.
3. الطبقات الكبرى لابن سعد : ٢ / ١٠٤ « غزوة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عام الفتح ».
4. الكامل في التاريخ لابن الأثير : ٣ / ٥٠.
مقتبس من كتاب : [ ومن النهاية كانت البداية ] / الصفحة : 226 ـ 228
التعلیقات