علي بن يقطين وبعض نشاطاته
أبو علي البصري
منذ 7 أشهرعلي بن يقطين وبعض نشاطاته
ترجمته
علي بن يقطين ، كوفي الأصل بغدادي المسكن ، ثقةٌ جليل القدر من أجلّاء الأصحاب ، وجيهاً عند الامام موسى الكاظم عليه السلام ، وكان أبوه يقطين من الدعاة للعباسيين ووقع في محنةٍ عظيمة أيام مروان الحمار ، لأنَّ مروان طلبه ففرَّ من وطنه واختفى ووُلد علي ابنه بالكوفة عام ( ١٢٤ هـ ) وفرّت زوجة يقطين أيضاً مع ولديها علي وعبيد أولاد يقطين من خوف مروان إلى المدينة ، وما زالوا مختفين حتى قُتل مروان واستولى العباسيون على الحكم فخرج يقطين وجاءت زوجته مع أولاده إلى الكوفة وطنهم وصار يقطين من أعوان السفاح والمنصور ومع هذا كان شيعيّاً وقائلاً بالإمامة وهكذا أبناؤه ، وفي بعض الأحيان كان يحمل الأموال إلى الامام الصادق عليه السلام فوُشِيَ به عند المنصور والمهدي لكنّ اللهُ نجّاه من كيدهم وبقي يقطين بعد ولادة ابنه علي تسع سنين وتوفي ١٣٣ هـ وكان يقطين يبيع الأبزار ( التوابل ).
بشَّرهُ الامام الكاظم عليه السلام
عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال : كنت عند أبي إبراهيم عليه السلام إذ أقبل علي بن يقطين فالتفت إلى أصحابه فقال : من سره أن يرى رجلاً من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فلينظر إلى هذا المقيل ! فقال له رجل من القوم : هو إذن من أهل الجنة ؟ فقال أبو الحسن عليه السلام : أما أنا فأشهد أنه من أهل الجنة (1).
علي بن يقطين بذل ماله ومودته للإمام الكاظم عليه السلام
روى بكر بن محمد الأشعري أن أبا الحسن الأول عليه السلام قال : إني استوهبت علي بن يقطين من ربي عزّ وجلّ البارحة فوهبه لي ، إن علي بن يقطين بذل ماله ومودته ، فكان لذلك منّا مستوجباً (2).
دعاء الامام الكاظم عليه السلام في موقف عرفة لعلي بن يقطين
روي عن داود الرقي إنّه قال : دخلتُ على أبي الحسن عليه السلام يوم النحر ، فقال مبتدئاً : ما عَرَضَ في قلبي أحد وأنا على الموقف إلّا علي بن يقطين ، فانّه ما زال معي وما فارقني حتى أفضتُ (3).
مائة وخمسين رجلاً حجّوا عنه في عام واحد
قال سليمان بن الحسين ، كاتب علي بن يقطين : « أحصيت لعلي بن يقطين من وافى عنه في عام واحد مائة وخمسين رجلاً ، أقل من أعطاه منهم سبع مائة درهم ، وأكثر من أعطاه عشرة آلاف درهم » (4).
كان يرسل أمواله إلى الامام الكاظم عليه السلام.
في معجم السيد الخوئي ١٣ / ٢٤٧ عن إسماعيل بن سلام ، وإسماعيل بن جميل ، قالا : بعث إلينا علي بن يقطين فقال : اشتريا راحلتين وتجنبا الطريق ، ودفع إلينا أموالاً وكتباً حتى توصلا ما معكما من المال والكتب إلى أبي الحسن موسى عليه السلام ولا يعلم بكما أحد ، قالا : فأتينا الكوفة فاشترينا راحلتين ووضعنا لها العلف وقعدنا نأكل ، فبينا نحن كذلك إذ راكب قد أقبل ومعه شاكري فلما قرب منا فإذا هو أبو الحسن عليه السلام فقمنا إليه وسلمنا عليه ، ودفعنا إليه الكتب وما كان معنا ، فأخرج من كمّه كتباً فناولنا إياها فقال : هذه جوابات كتبكم ، فقلنا إن زادنا قد فنيَ فلو أذنت لنا فدخلنا المدينة فزرنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وتزودنا بزاد ، فقال : هاتا ما معكما من الزاد ، فأخرجنا الزاد فقلّبه بيده ، فقال : هذا يبلغكما إلى الكوفة ، وأما رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقد رأيتماه ، وإني صليتُ معهم الفجر ، وإني أريد أن أُصلي معهم الظهر ، إنصرفا في حفظ الله !
الامام الكاظم عليه السلام أجازه في عمله مع هارون
قال علي بن يقطين للامام الكاظم عليه السلام : أما ترى حالي وما أنا فيه ؟ فقال : يا علي إنّ لله تعالى أولياء مع أولياء الظلمة ليدفع بهم عن أوليائه وأنت منهم يا علي (5).
وفي البحار استأذن علي بن يقطين الامام الكاظم عليه السلام في ترك عمل السلطان فلم يأذن له وقال : لا تفعل فانَّ لنا بك أنساً ولإخوانك بك عزّاً وعسى أن يجبر الله بك كسراً ويكسر بك نائرةَ المخالفين عن أوليائه.
يا علي كفّارة أعمالكم الإحسان إلى إخوانكم. إضمن لي واحدة وأضمن لك ثلاثاً : إضمن لي أن لا تلقي أحداً من أوليائنا إلّا قضيت حاجته وأكرمته وأضمن لك ان لا يظلّك سقف سجن أبداً ولا ينالك حدّ سيف أبداً ولا يدخل الفقر بيتك أبداً ، يا علي من سرَّ مؤمناً فبالله بدأ وبالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ثنّى وبنا ثلّث (6).
أقول : من أدخل سروراً على مؤمن أدخله على الله سبحانه والرسول والأئمة فكيف بمن أدخلَ السرور على فاطمة الزهراء عليها السلام ، وذلك من خلال إسعادها في بكاءها على ولدها الحسين عليه السلام المظلوم الشهيد وإقامة مجالسه وإبكاء الناس على مصيبته.
الهوامش
1. اختصار رجال الطوسي: ٢ / ٧٣٠.
2. رجال الطوسي : ٢ / ٧٣٢.
3. منتهى الآمال للمحدث القمي : ٢ / ٣٨٨.
4. اختصار معرفة لرجال الطوسي : ٢ / ٣٣٢.
5. نفس المصدر السابق : ٢ / ٧٣٠ ـ ٧٣١.
6. البحار : ٤٨ / ١٣٦.
مقتبس من كتاب : مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون / الصفحة : 70 ـ 72
التعلیقات