في ذكر أيوب عليه السّلام
قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي
2024 Sep 7في ذكر أيوب عليه السّلام
١٤٧ ـ وأخبرنا السّيد المرتضى بن الدّاعي الحسيني ، عن جعفر الدّوريستي ، عن أبيه ، عن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا سعد بن عبد الله ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ الخزّاز ، عن فضل الأشعري ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال : ابتلي أيوب عليه السّلام سبع سنين بلا ذنب. وقال : ما سأل أيوب عليه السّلام العافية في شيءٍ من بلائه.
وقال : قال أبي صلوات الله وسلامه عليه : إنّ أيوب ابتلي من غير ذنب وانّ الانبياء صلوات الله عليهم لا يذنبون ، لأنّهم معصومون ولا يزيغون ولا يرتكبون ذنباً صغيراً ولا كبيراً ، وقال : انّ الله تعالى ابتلى أيوب بلا ذنب ، فصبر حتّى عُيّر ، والانبياء لا يصبرون على التّعيير (١).
١٤٨ ـ وباسناده عن سعد بن عبد الله ، حدّثنا يعقوب بن يزيد ، عن الحسن بن علي ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال ذكر أيّوب عليه السلام ، فقال : قال الله جلّ جلاله : إنّ عبدي أيّوب ما أنعم عليه بنعمة إلّا ازداد شكراً ، فقال الشيطان : لو نصبت (٢) عليه البلاء ، فابتليته كيف صبره ، فسلّطه على إبله ورقيقه ، فلم يترك له شيئاً غير غلام واحد.
فأتاه الغلام فقال : يا أيّوب ما بقي من إبلك ولا من رقيقك أحدٌ إلّا وقد مات فقال أيوب : الحمد لله الّذي أعطى والحمد لله الّذي أخذ (٣) فقال الشّيطان : إنّ خيله أعجب إليه فسلّط عليها ، فلم يبق منها شيء إلّا هلك ، فقال أيوب : الحمد لله الّذي أعطى والحمد لله الّذي أخذ (٤). وكذلك ببقره ، وغنمه ، ومزارعه ، وأرضه ، وأهله ، وولده ، حتّى مرض مرضاً شديداً.
فأتاه أصحاب له ، فقالوا يا أيّوب : ما كان أحد من النّاس في أنفسنا ولا خير علانية خيراً عندنا منك ، فلعلّ هذا لشيء كنت أسررته فيما بينك وبين ربّك لم تطلع عليه أحداً ، فابتلاك الله من أجله ، فجزع جزعاً شديداً ودعى ربّه ، فشفاه الله تعالى وردّ عليه ما كان له من قليل أو كثيرٍ في الدّنيا ، قال : وسألته عن قوله تعالى : « وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً » (٥) فقال : الّذين كانوا ماتوا (٦).
١٤٩ ـ وعن ابن بابويه ، عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصّفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : لمّا طال بلاء أيّوب عليه السّلام ، ورآى ابليس صبره أتى إلى أصحاب له كانوا رهباناً في الجبال ، فقال لهم : مرّوا بنا إلى هذا العبد المبتلى نسأله عن بليّته ، قال : فركبوا وجاؤوه ، فلمّا قربوا منه نفرت بغالهم فقرّبوها بعضاً إلى بعض (٧) ، ثمّ مشوا إليه وكان فيهم شابّ حدث فسلّموا على أيّوب وقعدوا ، وقالوا : يا أيّوب لو أخبرتنا بذنبك. فلا نرى تبتلي بهذا البلاء إلّا لأمر كنت تستره.
قال أيّوب صلوات الله عليه : وعزّة ربّي إنّه ليعلم أنّي ما أكلت طعاماً قطّ إلّا ومعي يتيم أو ضعيف يأكل معي ، وما عرض لي أمران كلاهما طاعة إلّا أخذت بأشدّهما على بدني ، فقال الشّاب : سوءة لكم عمدتم إلى نبيّ الله ، فعنفتموهُ حتّى أظهر من عبادة ربّه ما كان يسرّه ، فعند ذلك دعا ربّه وقال : « رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ » (٨).
وقال : قيل لأيّوب صلوات الله عليه بعدما عافاه الله تعالى : أيُّ شيءٍ أشدّ ممّا مرّ عليك ؟ قال : شماتة الاعداء (٩).
فصل ـ ١ ـ
١٥٠ ـ وباسناده عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال : أمطر الله على أيّوب من السّماء فراشاً من ذهب ، فجعل أيّوب صلوات الله عليه يأخذ ما كان خارجاً من داره فيدخله داره ، فقال جبرئيل عليه السّلام : أما تشبع يا أيّوب ؟ قال : ومن يشبع من فضل ربّه (١٠).
١٥١ ـ وبالاسناد المتقدم عن وهب بن منبّه : انّ أيّوب كان في زمن يعقوب بن إسحاق صلوات الله عليهم ، وكان صهراً له ، تحته ابنة يعقوب يقال لها : إليٰا ، وكان أبوه ممّن آمن بابراهيم صلوات الله عليه ، وكانت أم أيّوب ابنة لوط ، وكان لوط جدّ أيّوب صلوات الله وسلامه عليهما أبا أمّه.
ولمّا استحكم البلاء على أيّوب من كلّ وجه صبرت عليه امرأته ، فحسدها إبليس على ملازمتها بالخدمة ، وكانت بنت يعقوب ، فقال لها : ألست أُخت يوسف الصّديق ؟ قالت : بلى ، قال : فما هذا الجهد وهذه البليَّة الّتي أراكم فيها ؟ قالت : هو الّذي فعل بنا ليأجرنا بفضله علينا ، لأنّه أعطاه بفضله منعماً ثمّ أخذه ليبتلينا ، فهل رأيت منعماً أفضل منه ؟ فعلى إعطائه نشكره ، وعلى ابتلائه نحمده ، فقد جعل لنا الحسنيين كلتيهما ، فابتلاه ليرى صبرنا ، ولا نجد على الصّبر قوّة إلّا بمعونته وتوفيقه ، فله الحمد والمنّة على ما أولانا وأبلانا ، فقال لها : أخطأتِ خطأً عظيماً ليس من هٰيهنٰا ألحّ عليكم البلاء وأدخل عليها شبهاً دفعتها كلّها.
وانصرفت إلى أيّوب صلوات الله عليه مسرعةً وحكت له ما قال اللّعين فقال أيّوب : القائل إبليس لقد حرص على قتلي ، إنّي لأقسم بالله لاجلدنّكِ مائة لِمَ أصغيت إليه إن شفاني (١١) الله (١٢).
١٥٢ ـ قال وهب : قال ابن عباس : فأحيى الله لهما أولادهما وأموالهما وردّ عليه كلّ شيء لهما بعينه ، وأوحى الله تعالى إليه : وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث ، فأخذ ضغثاً من قضبان رقاق من شجرة يقال لها : الثّمام ، فبرّ به يمينه وضربها ضربة واحدةً ، وقيل : أخذ عشرة منها فضربها بها عشر مرّات ، وكان عمر أيّوب ثلاثاً وسبعين قبل أن يصيبه البلاء ، فزادها الله مثلها ثلاثاً وسبعين سنة أخرى (١٣).
الهوامش
١. بحار الانوار (١٢ / ٣٥٠) ، برقم : (١٨) من قوله : ما سأل وخرّج ما قبله عن العلل ( ١٢ / ٣٤٧ ) ، برقم : (٩) وما بعده في نفس الجزء ص (٣٤٨) برقم (١٣) عن الخصال إلى قوله : ولا كبيراً والبقيّة أوردها فيه ص (٣٤٧) برقم (١٠) عن العلل.
٢. في البحار : لو صببت ـ خ.
٣. في ق ١ وق ٥ : الحمد لله الذي أخذه ، وفي غيرهما من النّسخ والبحار : الحمد لله الذي أعطاه والحمد لله الّذي أخذه.
٤. في البحار هنا ذكر جملة واحدة فقط وهي : الحمد لله الّذي أخذ وترك الاخرى وهي : الحمد لله الذي أعطى. والظّاهر وقوع السّقط.
٥. سورة ص : (٤٣).
٦. بحار الانوار (١٢ / ٣٥٠) ، برقم : (١٩).
٧. في بعض النّسخ : فقرّبوا بعضها من بعض.
٨. سورة ص : (٤١).
٩. بحار الانوار (١٢ / ٣٥١ ـ ٣٥٢) ، برقم : (٢١).
١٠. بحار الانوار (١٢ / ٣٥٢) ، برقم : (٢٢).
١١. في بعض النسخ : عافاني.
١٢. بحار الانوار (١٢ / ٣٥٢) ، برقم : (٢٣).
١٣. بحار الانوار (١٢ / ٣٥٢) من السّطر (١٨) إلى آخر الصّفحة.
مقتبس من كتاب : [ قصص الأنبياء ] / الصفحة : ١٣٩ ـ ١٤٢
التعلیقات