ما دلالة الأحاديث التي تشير إلى أن الشيعة في الجنّة وإنّما يتنافسون في الدرجات ؟
السيّد جعفر علم الهدى
2024 Sep 18السؤال :
وصلنا عبر وسائل التواصل حديث عن الإمام الرضا عليه السلام ، وتارة ينسب للإمام الصادق عليه السلام ... وهذا نصّه كما وصل : « جَاء رَجُل للإمام الرِضّا عليه السلام وقَال : أنتُم تقولوا لا يدخل النار من كان في قلبه حبّ علي وأولاد علي ... قَال (ع) : نَعم. قَال : وإن كان فاسِقاً ؟ قَال (ع) : يَبتليه الله بـِبَلاء في الدنيا و يذهبْ للآخرة طاهراً. قَال : وإن لَم يَحصل ذَلك ؟ قَال (ع) : عند تغسيله بالماء البَارد يتحوّل عليه نار فيأتينا طاهراً. قَال : وإن لَم يحصل ذلك ؟ قَال (ع) : يضغط الله قَبره حتّى يأتينا طاهراً. قَال : وإن لم يحصل ذلك ؟ قَال (ع) : نشفع له رغماً عن أنفك ».
هل تدلّونا على مصادر هذا الحديث ؟
هل يوجد سند صحيح لهذا الحديث ومتنه ؟
ما دلالة هذا الحديث وغيره ممّا تشير إلى أن الشيعة في الجنّة وإنّما يتنافسون في الدرجات ؟
الجواب :
الروايات في ذلك كثيرة لا تعدّ ولا تحصى وهي متواترة مضموناً ، ولا حاجة إلى تصحيح السند.
نعم ، لا ينبغي التجرّي على المعاصي لأجل هذه الروايات كما لا ينبغي التجرّي لأجل آيات التوبة والشفاعة ونحو ذلك ، إذ لا ضمان أن يموت الإنسان على حبّ آل محمّد صلّى الله عليه وآله ؛ فقد يسلب منه الولاية حين الوفاة لكثرة ذنوبه ومعاصيه.
١ : عن الرضا ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة ولّينا حساب شيعتنا ، فمن كان مظلمته فيما بينه وبين الله عزّ وجلّ حكمنا فيها فأجابنا ، ومن كانت مظلمته بينه وفيما بين الناس استوهبناها فوهبت لنا ، ومن كانت مظلمة فيما بينه وبيننا كنّا أحقّ من عفا وصفح. (١)
٢ : وعن الصادق عليه السلام قال : إذا كان يوم القيامة وكلنا الله بحساب شيعتنا فما كان لله سألنا الله أن يهبه لنا فهو لهم ، وما كان للآدميّين سألنا الله أن يعوّضهم بدله فهو لهم ، وما كان لنا فهو لهم ، ثمّ قرأ : ( إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم ). (٢)
٣ : في الكافي عن عمرو بن يزيد قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : انّي سمعتك وأنت تقول : كلُّ شيعتنا في الجنّة على ما كان فيهم ؟ قال صدّقتك كلّهم والله في الجنّة ، قال : قلت : جعلت فداك إنَّ الذُّنوب كثيرة كبار ؟ فقال : أمّا في القيامة فكلّكم في الجنّة بشفاعة النبيِّ المطاع أو وصيِّ النبيّ ولكنّي والله أتخوَّفُ عليكم في البرزخ. قلت : وما البرزخ ؟ قال : القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة. (٣)
٤ : في الحديث عن الصادق عليه السلام : إنَّ العبد إذا كثرت ذنوبه ولم يجد ما يكفّرها به ، ابتلاه الله بالحزن في الدُّنيا ، ليكفّرها به فان فعل ذلك به وإلّا أسقم بدنه ليكفّرها به ، فان فعل ذلك به وإلّا شدَّد عليه عند موته ليكفّرها به ، فان فعل ذلك به ، وإلّا عذَّبه في قبره ليلقى الله عزَّ وجلَّ يوم يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من ذنوبه. (٤)
٥ : عن الكناني قال : كنت أنا وزرارة عند أبي عبدالله عليه السلام فقال : لا تطعم النّار أحداً وصف هذا الأمر ، فقال زرارة : إنَّ ممّن يصف هذا الأمر يعمل بالكبائر ؟ فقال : أو ما تدري ما كان أبي يقول في ذلك ؟ إنّه كان يقول : إذا أصاب المؤمن من تلك الموبقات شيئاً ابتلاه الله ببليّة في جسده أو بخوف يدخله الله عليه حتّى يخرج من الدُّنيا وقد خرج من ذنوبه. (٥)
٦ : وفي كتاب زيد النرسي قال : قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام : الرجل من مواليكم يكون عارفاً ، يشرب الخمر ويرتكب الموبق من الذنب نتبرّأ منه ، فقال :
تبرّؤوا من فعله ولا تبرّؤوا منه ، أحبّوه وأبغضوا عمله ... ـ إلى أن قال عليه السلام : ـ وذلك أنّه لا يخرج من الدنيا حتّى يصفّى من الذنوب إمّا بمصيبة في مال ، أو نفس ، أو ولد ، أو مرض ، وأدنى ما يصفّى به وليّنا أن يريه الله رؤياً مهولة ، فيُصبح حزيناً لما رأى ، فيكون ذلك كفّارة له ، أو خوفاً يرد عليه من أهل دولة الباطل ، أو يشدّد عليه عند الموت ، فيلقى الله طاهراً من ذنوب ... (٦)
الهوامش
١. بحار الأنوار « للمجلسي » / المجلّد : ٨ / الصفحة : ٤٠ / الناشر : مؤسسة الوفاء ـ بيروت / الطبعة : ٢.
٢. بحار الأنوار « للمجلسي » / المجلّد : ٨ / الصفحة : ٥٠ / الناشر : مؤسسة الوفاء ـ بيروت / الطبعة : ٢.
٣. الكافي « للكليني » / الصفحة : ٣ / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة ـ تهران / الطبعة : ٢.
٤. بحار الأنوار « للمجلسي » / المجلّد : ٧٨ / الصفحة : ١٧٧ / الناشر : مؤسسة الوفاء ـ بيروت / الطبعة : ٢.
٥. بحار الأنوار « للمجلسي » / المجلّد : ٦٥ / الصفحة : ١٤٦ / الناشر : مؤسسة الوفاء ـ بيروت / الطبعة : ٢.
٦. كتاب زيد النرسي « ضمن كتاب الأصول الستّة عشر » / الصفحة : ٢٠٠ ـ ٢٠١ / الناشر : دار الحديث للطباعة والنشر.
بحار الأنوار « للمجلسي » / المجلّد : ٦٥ / الصفحة : ١٤٧ ـ ١٤٨ / الناشر : مؤسسة الوفاء ـ بيروت / الطبعة : ٢.
التعلیقات