ماذا جرىٰ على بيت النبي صلّى الله عليه وآله بعد رحلته
الشيخ أبي علي البصري
منذ 5 سنواتماذا جرىٰ على بيت النبي صلّى الله عليه وآله بعد رحلته
أيّ شأن ألهاكَ عمّا دهاها |
أم تبدّلت ذكرها بسواها |
|
أم لخطب ألمّ أضناك شكوى |
أيّ شكوى أمّر من شكواها |
|
بضعة المصطفى حليلة خير الخلق |
طرّاً سجيّة بعد طاها |
|
وبنوها خير الأنام تناهت |
عند أقدام مجدهم عظماها |
|
من بنيها من يملأ الأرض قسطاً |
بعد ان تمتلي بجور عداها |
|
أيّ نوح لها بمسمع جوف الليل |
بكت أفلاكه لبكاها |
|
وأنين لها بيثرب يسري |
أسمعته جبالها فشجاها |
|
كان يستأذن الرسول عليها |
وأخو الغدر يستبيح حماها |
|
لا تسل كيف داهم القوم بيتاً |
لو غشاه جبريل يوماً تباهی |
|
وسل الباب عن خزانة سرٍّ |
خزّ فيها مسماره ففراها |
|
المثل الزهراء تصفع عين |
وسياط يدمى بها عاتقاها |
* * *
اويلاه على الكسرو ضلعها |
ويه الدمه يجري دمعها |
|
لعد دارها الظالم تبعها |
وره الباب تحچي من سمعها |
|
توجه على الباب او دفعها |
واسگطت محسن من فزعها |
* * *
احا شسولف عن مصيبتها او خبرها |
نبّت المسمار بصدرها من عصرها |
|
وطاحت وطاح الحسن وحسين ابكترها |
يحامون عن أُمهم ومخطوفين الألوان |
* * *
لبست الحزن طول العمر يلباب |
ذهيل او لا بگالي فكر يلباب |
|
انشدك وين محسن سگطه يلباب |
يوم العصرو الزهره الزچيه |
* * *
وضعت وراء الباب حملاً لم يكن |
قد آن لولا عصرها ان توضعا |
* * *
الأحداث التي جرت على بيت مولاتنا الصدّيقة فاطمة بعد رحلة النبي صلّى الله عليه وآله :
عن أمير المؤمنين عليه السلام لعمّار بن ياسر : « اعلم أنّ هذه المفقودة الماضية بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وعند الله أحتسبها ، قضت مظلومة ، مغصوبة ، شهيدة » (1).
جرت أحداث رهيبة بعد ارتحال النبي صلّى الله عليه وآله على أهل البيت وخصوصاً على ابنته الصدّيقة فاطمة عليها السلام ، وقد أخبر النبي صلّى الله عليه وآله قبل ذلك في حياته بما سيجري عليها وعلى بعلها وولدها نذكر قسماً منها :
1 ـ روى الفيض عن البرقي عن ابن عبّاس ، عن النبي صلّى الله عليه وآله في حديث طويل قال فيه : « ... وإنّي لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي ، كأنّي بها وقد دخل الذلّ بيتها وانتهكت حرمتها وغصبت حقّها ومنعت إرثها » (2).
2 ـ روى ابن عبّاس قال : لمّا حضرت رسول الله صلّى الله عليه وآله الوفاة بكى حتّى بلّت دموعه لحيته فقيل له ، يا رسول الله ما يبكيك ؟ فقال : « أبكي لذريّتي وما تصنع بهم شرار أُمّتي من بعدي ، كأنّي بفاطمة ابنتي وقد ظلمت بعدي وهي تنادي : يا أبتاه يا أبتاه فلا يعينها أحد من أُمّتي » فسمعت ذلك فاطمة فبكت فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله : « لا تبكين يا بنيّة » ، فقالت : « لست أبكي لما يصنع بي من بعدك ، ولكن أبكي لفراقك يا رسول الله » ، فقال لها : « أبشري يا بنت محمّد بسرعة اللحاق بي فإنّك أوّل من يلحق بي من أهل بيتي ... » (3).
يقول البعض كانت الزهراء عليها السلام عزيزة ومحترمة عند كلّ الناس فضلاً عن الصحابة ، فمن الذي كان يتجرّأ أن يتجاسر عليها أو يضربها أو يؤذيها ؟
والجواب : فلماذا طلب الشيخان من أمير المؤمنين عليه السلام حتّى يدخلهما على ابنة رسول الله صلّى الله عليه وآله ليعتذرا منها حتّى ترضى عنهما !!
ولماذا كان آخر كلام الخليفة الأوّل مع عبد الرحمن بن عوف لما دخل عليه يعوده في مرضه الذي توفّي فيه ، فقال أبو بكر له : أما إنّي لا أسىٰ على شيء إلّا على ثلاث فعلتهن ووددت إنّي لم أفعلهنّ ... أمّا الثلاث اللآتي وددت إنّي لم أفعلهنّ ، فوددت إنّي لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته وإن أُغلق على الحرب ووددت إنّي يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين أبي عبيدة أو عمر ، فكان أميراً وكنت وزيراً ... (4).
أقول : أليس هذا اعتراف صريح إذن لماذا ندافع عن الرجل أو نحاول أن نبرّأ ساحته !؟
يقول البعض إنّ ضرب المرأة كان عاراً عند العرب فكيف يمكن تصوّر ضربهم لفاطمة ؟!
والجواب : نقول إذا كان ذلك صحيحاً فإنّ التأريخ قد دوّن بعض ذلك لمن صدر منهم وهذا يؤكّد عدم عمل كل العرب بهذه القضيّة ، ومن جملة الشواهد ما رواه الجزري قال : لما بطش ـ عمر بن الخطاب ـ بختنه سعد بن زيد قامت إليه أُخته لتكفّه فضربها عمر فشجّها ، فلمّا فعل ذلك قالت له أُخته وختنه : قد أسلمنا وآمنّا بالله ورسوله فاصنع ما شئت (5) ؟ ـ وكان ذلك قبل إسلام عمر ـ.
ومن جملة الشواهد ضرب عمر النساء على عهد النبي ـ أيّ بعد إسلامه ـ وذلك ما رواه ابن شبة عن ابن عبّاس قال : لمّا ماتت رقيّة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « ألحقي بسلفنا الخير عثمان بن مظعون » قال : وبكى النساء فجعل عمر يضربهنّ بسوطه ، فأخذ النبي صلّى الله عليه وآله بيده وقال دعهن يا عمر ... (6).
فمن كانت حالته هكذا فكيف يحترز عن ضرب الصدّيقة فاطمة ؟!
الهجوم على بيت فاطمة :
روى الشيخ المفيد قدّس سرّه بسنده عن أبي محمّد ، عن عمر بن أبي المقدام ، عن أبيه عن جدّه قال : ما أتى على علي يوم قطّ من يومين أتياه فأمّا اليوم الأوّل فهو اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله وأمّا اليوم الثاني فو الله إنّي لجالس في سقيفة بني ساعدة عن يمين أبي بكر والناس يبايعونه إذ قال له عمر : يا هذا لم تصنع شيئاً ما لم يبايعك علي ؟ فابعث إليه حتّى يأتيك فيبايعك قال : فبعث قنفذاً فقال له أجب خليفة رسول الله ، قال علي عليه السلام : لأسرع ما كذبتم على رسول الله صلّى الله عليه وآله ما خلّف رسول الله أحداً غيري ، فرجع قنفذ وأخبر أبا بكر بمقالة علي عليه السلام فقال أبو بكر : انطلق إليه فقل له : يدعوك أبو بكر ويقول : تعال حتّى تبايع ، فإنّما أنت رجل من المسلمين فقال علي عليه السلام : أمرني رسول الله صلّى الله عليه وآله أن لا أُخرج بعده من بيتي حتّى أُؤلّف الكتاب في جرائد النخل وأكتاف الإبل فأتاه قنفذ وأخبره بمقالة علي فقال عمر قم إلى الرجل ، فقام أبو بكر وعمر وعثمان وخالد بن الوليد ، والمغيرة بن شعبه وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة. وقال ابن قتيبة : إنّ عمر قال لأبي بكر : لا تمهل هذا المتخلّف عنك بالبيعة فقال أبو بكر لقنفذ : عد إليه فقل : خليفة رسول الله يدعوك لتبايع فجاءه قنفذ فأدّی ما أمر به فرفع علي صوته فقال : سبحان الله لقد ادّعى ما ليس له ، فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة فبكى أبو بكر طويلاً ثمّ قام عمر فمشى معه جماعة حتّى أتوا باب فاطمة (7).
وجاءت مولاتنا فاطمة عليها السلام بنت النبي صلّى الله عليه وآله خلف الباب وخاطبت القوم قائلة : « لا عهد لي بقوم أسوأ محضراً منكم ، تركتم رسول الله جنازة بين أيدينا ، وقطعتم أمركم فيما بينكم ولم تؤمّرونا ولم تروا لنا حقاً ، كأنّكم لم تعلموا ، قال يوم غدير خم والله لقد عقد له يومئذ الولاء ليقطع فيكم بذلك منها الرجاء ، ولكنّكم قطعتم الأسباب بينكم وبين نبيّكم والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة ... » (8).
ثمّ رفعت صوتها وخاطبت أباها قائلة : « يا رسول الله ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة » فلمّا سمع القوم صوتها وبكائها انصرفوا باكين وكادت قلوبهم تنصدع وأكبادهم تنفطر (9) ، ولما انصرف القوم من باب بيتها رجع قنفذ إلى المسجد وقال لم يأذن لنا فقال عمر : هو إن أذن لكم وإلّا فادخلوا عليه بغير إذنه ! فانطلقوا فاستأذنوا فقالت : « أحرّج أن تدخلوا بيتي بغير إذني » فرجعوا وثبت قنفذ ، فقالوا : إنّ فاطمة قالت كذا وكذا فحرّجتنا أن ندخل عليها البيت بغير إذن منها ، فغضب عمر وقال : ما لنا وللنساء ثمّ أمر أناساً حوله فحملوا حطباً وحمل معهم فجعلوه حول منزله وفيه علي وفاطمة وأبناهما ثمّ نادى عمر حتّى أسمع عليّاً : والله اتخرجنّ ولتبايعنّ خليفة رسول الله أو لأضرمنّ عليك بيتك ناراً.
أقول : يا محبّ أهكذا يصنع بحبيبة رسول الله صلّى الله عليه وآله ؟ أهكذا يصنع بابن عمّ رسول الله ؟ أهكذا يخاطب من نصبه الرسول علماً وليّاً في يوم غدير خم ؟ ولكنّها الدنيا والرئاسة وحبّ الملك والسلطان ، دعاهم لنكران حق العترة الطاهرة وظلم البضعة الطاهرة.
أتضرم النار بباب دارها |
وآية النور علا منارها |
* * *
هجموا فرد هجمه على الدار |
البيها الزچيه او حامي الجار |
|
او بيها الحسن واحسين الأطهار |
او زينب وأُختها او كلهم ازغار |
|
او همّه اببچاهم ليل وانهار |
ما حسّوا او لن الهضل ثار |
|
يصيحون خل يطلع الكرار |
يولا نحرج الباب بالنار |
|
طلعت الزهره او صار ما صار |
كسروا ضلعها او نبت مسمار |
|
بالصدر منها والدّمه فار |
او محسن وگع يم عتبة الدار |
* * *
يهالونه الذي ابگلبي تعالي |
على الطاحت من العصره تعالي |
|
تنادي امن الألم فضه تعالي |
ابسرعه او شوفي شنهو الصار بيه |
* * *
رضّوا سليلة أحمد بالباب |
حتى أنبتوا في صدرها مسمارها |
|
عصروا ابنة الهادي الأمين واُسقطوا |
منها الجنين وأخرجت كرارها |
* * *
الهوامش
1. الكوكب الدري : 250.
2. نوادر الأخبار : 162 ، وبشارة المصطفى : 198.
3. أمالي الشيخ الطوسي : 188.
4. المعجم الكبير « للطبراني » 1 / 62 ، برقم 43.
5. الكامل في التأريخ 1 : 603.
6. تاريخ المدينة المنوّرة 1 : 103.
7. الامامة والسياسة : 19 ـ 20.
8. الاحتجاج 1 : 105.
9. الامامة والسياسة : 19 ـ 20.
مقتبس من كتاب : [ المحاضرات المنبرية في المجالس الصفرية ] / الصفحة : 194 ـ 200
التعلیقات