تفسير سورة الإخلاص
الشيخ محمد علي الاردوبادي
منذ 5 سنواتبسم الله الرحمن الرحيم
جاء في الحديث عنهم عليهم السلام : أنّ العلّة في هذا النسق الموجود في هذه السورة المباركة أنّه يأتي في آخر الدهر اُناس محقّقون ، فيكون النسق المذكور لافتاً أنظارهم إلى حقائق راهنة.
[ هُوَ ]
ولذلك صدّرها من الأسماء الحسنى بـ ( هُوَ ) الذي هو أعظم الأسماء ، المشار به إلى الذات البسيطة في عالم غيب الغيوب ، المجرّدة عن الاسم والرسم.
[ اللَّـهُ ]
وربّما كان ذلك موهماً لأهل الأنظار البسيطة إلى تجرّدها حتّى عن الأوصاف الكماليّة والجلاليّة والجماليّة ، فجاء بعده (1) باسم الجلالة : ( اللَّـهُ ) المراد به : الذات المستجمعة لجميع صفات الكمال.
[ أَحَدٌ ]
وبما أنّ ذلك يتوهّم منه القاصر التركيب أو التعدّد ـ كما حسبه الأشاعرة في الصفات الثبوتيّة ـ عقّبه بلفظ : ( أَحَدٌ ) ، المراد به : الذات البسيطة الوحدانيّة ، تنزيهاً لها عن أيّ تركيبٍ وندٍّ يشاركه في القدم.
[ اللَّـهُ الصَّمَدُ ]
وكأنّ فرط العظمة ، المفهوم من هاتيك الأسماء العظام ، قد يوقع السذّج في اليأس عن الوصول إلى الذات المقدّسة ، بأيّ وسيلة ، قد خصّه المولى سبحانه بقوله ـ عزّ من قائلٍ ـ ( اللَّـهُ الصَّمَدُ ) يريد : أنّه مَصْمودٌ إليه بالحوائج ، يقصد بالحاجات فيجيب دعوة الداعي ، وينجح طلبة المسترفد ، وهو أقرب من عباده من حبل الوريد وإن انتأى عنهم على قدر عظمته ، وحقارة المخلوقين بالنسبة إليه.
[ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ]
وإن ظنّ ظانّ أنّ ذلك القرب لا يكون إلّا بالمسانخة مع البشر ، ومن لوازمه أن يكون مولوداً و والداً ، فهو محجوج بقوله ـ سبحانه ـ ( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ).
[ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ]
و زبدة المخض : اتّصافه ـ سبحانه ـ بتلك الصفات العظيمة ، أنّه : ( وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) فليس فيه شيء من لوازم البشريّة ، وصفات الأجسام ، فهو شيء لا كالأشياء ، سبحانه ما أعظمه !
[ إلى هنا تمّ ].
نسخة الأحقر الفاني الشيخ جعفر ابن المرحوم الشيخ عباس الحائري ، من النسخة الموجودة في مكتبة سيّد الشهداء الحسين عليه السلام العامة بكربلاء ، سنة 1376 هـ.
الهوامش
1. كذا الصحيح ، والمعنى جاء بعد ( هو ) بـ ( الله ) وكان في النسخة : ( بعدهم ).
مقتبس من مجلّة : [ تراثنا ] / العدد : 4 / الصفحة : 207 ـ 208
التعلیقات