في نبوّة سليمان عليه السّلام وملكه
في نبوّة سليمان عليه السّلام وملكه
٢٧٠ ـ وبإسناده عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي حمزة الثّمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : كان ملك سليمان ما بين الشّامات إلى بلاد إصطخّر (١).
٢٧١ ـ وبإسناده عن زيد الشّحام ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى : « اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا » قال : كانوا ثمانين رجلاً وسبعين امرأة ما أغبّ (2) المحراب رجلٌ واحدٌ منهم يصلّي فيه ، وكانوا آل داود. فلمّا قبض داود ولّى سليمان عليهما السلام قال : « يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ » سخّر الله له الجنّ والإِنس وكان لا يسمع بملك في ناحية الأرض إلّا أتاه حتّى يذلّه ويدخله في دينه وسخّر الرّيح له ، فكان إذا خرج إلى مجلسه عكف عليه الطّير وقام الجنّ والانس ، وكان إذا أراد أن يغزو أمر بمعسكره فضرب له من الخشب ، ثمّ جعل عليه النّاس والدّواب وآلة الحرب كلّها حتّى إذا حمل معه ما يريد ، أمر العاصف من الرّيح ، فدخلت تحت الخشب ، فحملته حتّى ينتهي به الى حيث يريد ، وكان غدوّها شهراً ورواحها شهراً (3).
٢٧٢ ـ وعن أبي حمزة ، عن الأصبغ ، قال : خرج سليمان بن داود عليهما السلام من بيت المقدس مع ثلاثمائة ألف كرسيّ عن يمينه عليها الإِنس ، وثلاثمائة ألف كرسيّ عن يساره عليها الجنّ ، وأمر الطير فأظلّتهم ، وأمر الرّيح فحملتهم ، حتّى وردت بهم المدائن ، ثمّ رجل وبات في إصطخر ، ثمّ غدا فانتهى إلى جزيرة بركادان (4) ، ثمّ أمر الرّيح فخفضتهم (5) حتّى كادت أقدامهم أن يصيبها الماء ، فقال بعضهم لبعض : هل رأيتم ملكاً أعظم من هذا ؟ فنادى ملك (6) : لثواب تسبيحة واحدة أعظم مما رأيتم (7).
فصل ـ ١ ـ
٢٧٣ ـ وبالإسناد المتقدّم ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الوليد بن صبيح ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إنّ الله تعالى أوحى إلى سليمان إنّ آية موتك أنّ شجرة تخرج في بيت المقدس ، يقال لها : الخرنوبة ، قال : فنظر سليمان يوماً إلى شجرة قد طلعت في بيت المقدس ، فقال لها سليمان : ما اسمك ؟ فقالت : الخرنوبة ، فولّى مدبراً (8) إلى محرابه حتّى قام فيه متكئاً على عصاه فقبضه الله من ساعته فجعلت الانس والجنّ يخدمونه كما كانوا من قبل وهم يظنّون أنّه حيّ ، حتّى دبّت الارضة في عصاه فأكلت منسأته ووقع سليمان إلى الأرض (9).
٢٧٤ ـ وعن ابن محبوب ، عن أبي ولّاد ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان لسليمان العطر وفرض النّكاح في حصن بناه (10) الشّياطين له ، فيه ألف بيت ، في كلّ بيت طروقة منهنّ سبعمائة أمة قبطيّة وثلاثمائة حرة مهيرة ، فاعطاه الله تعالى قوة أربعين رجلاً في مباضعة النّساء ، وكان يطوف بهنّ جميعاً ويسعفهنّ ، قال : وكان سليمان يأمر الشّياطين فتحمل له الحجارة من موضع إلى موضع ، فقال لهم ابليس : كيف أنتم ؟ قالوا : مالنا طاقة بما نحن فيه ، فقال ابليس : أليس تذهبون بالحجارة وترجعون فراغاً ؟ قالوا : نعم ، قال : فأنتم في راحة.
فأبلغت الرّيح سليمان ما قال ابليس للشّياطين فأمرهم أن يحملوا الحجارة ذاهبين ويحملوا الطّين راجعين إلى موضعها ، فتراءى لهم إبليس ، فقال : كيف أنتم ؟ فشكوا إليه ، فقال : ألستم تنامون باللّيل ؟ قالوا : بلى ، قال : فأنتم في راحة ، فأبلغت الرّيح سليمان ما قالت الشّياطين وإبليس ، فأمرهم أن يعملوا باللّيل والنّهار ، فما لبثوا إلّا يسيراً حتى مات سليمان عليه السلام.
وقال : خرج سليمان يستسقي ومعه الجنّ والإِنس ، فمرّ بنملة عرجاء ناشرة جناحها رافعة يدها ، وتقول : اللّهم إنّا خلق من خلقك لا غنىً بنا عن رزقك ، فلا تؤاخذنا بذنوب بني آدم واسقنا ، فقال سليمان لمن كان معه : ارجعوا فقد شفع فيكم غيركم. وفي خبر : قد كفيتم بغيركم (11).
فصل ـ ٢ ـ
٢٧٥ ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن يحيى المكتّب ، حدّثنا أحمد بن محمّد الورّاق أبو الطّيب ، حدّثنا عليّ بن هارون الحميري ، حدّثنا عليّ بن محمّد بن سليمان النّوفلي ، عن أبيه ، عن عليّ بن يقطين ، قال : قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام أيجوز أن يكون نبيّ الله بخيلاً ؟ فقال : لا ، قلت : فقول سليمان : « هَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي » (12) ما وجهه ؟ قال : إنّ الملك ملكان :
ملك مأخوذ بالغلبة والقهر والجور.
وملك مأخوذ من قبل الله تعالى فقال سليمان : هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي أن يقول : إنّه مأخوذ بالقهر والغلبة فقلت : قول رسول الله صلّى الله عليه وآله : رحم الله أخي سليمان ما كان أبخله فقال : لقوله صلى الله عليه وآله وجهان :
احدهما : ما كان أبخله بعرضه وسوء القول فيه.
والآخر : ما كان أبخله ان أراد ما يذهب إليه الجهّال.
ثمّ قال عليه السلام : قد أُوتينا ما أُوتي سليمان وما لم يؤت أحدٌ من العالمين ، قال الله تعالى في قصّة سليمان : « هَـٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ » (13) وقال عزّ وجلّ في قصّة محمد صلّى الله عليه وآله : « وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا » (14) (15).
وقصّة بلقيس معه معروفة وهي في القرآن (16).
الهوامش
1. بحار الانوار (١٤ / ٧٠) ، برقم : (٧).
2. كذا في البحار وقال فيه : بيان ـ ما أغبّ المحراب أي لم يكونوا يأتون المحراب ، بل كان كل منهم يواظبه وفي جميع النّسخ : قال : كانوا ثمانين رجلاً أو سبعين فأغبّ.
3. بحار الانوار (١٤ / ٧١) ، برقم : (١٠) ، والآية : ١٦ سورة النمل.
4. في البحار : بركاوان ، وفي إثبات الوصية ص (٦١) : جزيرة كاوان ، ثم أمر الريح أن تحفظهم حتى كادت أقدامهم تلحق الماء.
5. في ق ٣ : فحفظتهم.
6. في البحار : فنادى ملك من السّماء.
7. بحار الانوار (١٤ / ٧٢) ، برقم : (١١) وفيه : بالاسناد إلى الصّدوق باسناده عن أبي حمزة.
8. في ق ١ : هارباً.
9. بحار الانوار (١٤ / ١٤٠) ، برقم : (٧).
10. في البحار : قال : كان لسليمان عليه السلام : حصن بناه.
11. بحار الانوار (١٤ / ٧٢ ـ ٧٣) ، برقم : (١٢). ومن قوله : قال : كان سليمان يأمر ... إلى قوله : حتّى مات سليمان عليه السلام في الجزء (٦٣ / ١٩٥) ، برقم : (٢).
12. سورة ص : (٣٥).
13. سورة ص : (٣٩).
14. سورة الحشر : (٧).
15. بحار الانوار (١٤ / ٨٥ ـ ٨٦) عن العلل (١ / ٧١) ومعاني الاخبار (٣٥٣) مع فرق مّا في السّند وزيادة مّا في المتن وقد عدّلنا السّند عن بعض أسانيد العيون (١ / ٧٩).
16. ذكرها في البحار (١٤ / ١٠٩) وهي أربع وعشرون آية. ثمّ أسدل بعدها في ذلك (١٤) رواية.
مقتبس من كتاب : قصص الأنبياء / الصفحة : 208 ـ 211
التعلیقات