رسول ملك الروم في مجلس يزيد
الشيخ مهدي المجاهد
منذ سنتينأصبح اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي وهو العاشر من محرم يوم حداد ونواح عند المسلمين، ففي مثل هذا اليوم من كل عام تمثل مأساة النضال الباسل والحدث المفجع الذي وقع للإمام الشهيد، وغدت كربلاء من الأماكن المقدسة في العالم، وأصبح يوم كربلاء وثأر الحسين صيحة الاستنفار في مناهضة الظلم.(1)
ويبقى لمعركة كربلاء من تلك الجريمة النكراء نصيبها الأكبر وقسطها الأوفر، فتجسّدت فيها أبشع مشاهد الإرهاب وصُوره، حيث عَمَد المجرمون في أرض الطفوف إلى قطع رؤوس الشهداء من العترة الطاهرة والمؤمنين من أنصارهم، وحملوها، ومثّلوا بها، ووضعوها على أسنّة الرماح؛ ليرسلوها بعنوان هدية النصر ـ المزعوم ـ إلى طاغيتهم اللعين يزيد بن معاوية.
وروي عن زين العابدين عليه السلام أنه لما أتي برأس الحسين إلى يزيد كان يتخذ مجالس الشراب، ويأتي برأس الحسين، ويضعه بين يديه، ويشرب عليه. فحضر في مجلسه ذات يوم رسول ملك الروم، وكان من أشراف الروم وعظمائهم، فقال: يا ملك العرب، هذا رأس من؟ فقال له يزيد: ما لك ولهذا الرأس؟ فقال: إني إذا رجعت إلى ملكنا يسألني عن كل شيء رأيته، فأحببت أن أخبره بقصة هذا الرأس وصاحبه؛ حتى يشاركك في الفرح والسرور، فقال له يزيد: هذا رأس الحسين بن علي بن أبي طالب، فقال الرومي: ومن أمه؟ فقال: فاطمة بنت رسول الله، فقال النصراني: أف لك ولدينك! لي دين أحسن من دينك. إن أبي من حوافد داود عليه السلام وبيني وبينه آباء كثيرة، والنصارى يعظموني، ويأخذون من تراب قدمي تبركا بأبي من حوافد داود، وأنتم تقتلون ابن بنت رسول الله، وما بينه وبين نبيكم إلا أم واحدة، فأي دين دينكم؟!
ثم قال: ليزيد هل سمعت حديث كنيسة الحافر؟ فقال له: قل حتى أسمع، فقال: بين عمان والصين بحر مسيرة سنة ليس فيها عمران إلا بلدة واحدة في وسط الماء، طولها ثمانون فرسخا في ثمانين، ما على وجه الأرض بلدة أكبر منها، ومنها يحمل الكافور والياقوت، أشجارهم العود والعنبر، وهي في أيدي النصارى لا ملك لأحد من الملوك فيها سواهم، وفي تلك البلدة كنائس كثيرة أعظمها كنيسة الحافر في محرابها حقة ذهب، معلقة فيها حافر، يقولون إن هذا حافر حمار كان يركبه عيسى، وقد زينوا حول الحقة بالذهب والديباج. يقصدها في كل عام عالم من النصارى، ويطوفون حولها، ويقبلونها، ويرفعون حوائجهم إلى الله تعالى. هذا شأنهم ودأبهم بحافر حمار يزعمون أنه حافر حمار كان يركبه عيسى نبيهم، وأنتم تقتلون ابن بنت نبيكم، فلا بارك الله تعالى فيكم، ولا في دينكم.
فقال يزيد: اقتلوا هذا النصراني؛ لئلا يفضحني في بلاده، فلما أحس النصراني بذلك قال له: تريد أن تقتلني. قال: نعم. قال: اعلم أني رأيت البارحة نبيكم في المنام يقول لي: يا نصراني أنت من أهل الجنة، فتعجبت من كلامه! وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه واله، ثم وثب إلى رأس الحسين، فضمه إلى صدره، وجعل يقبله، ويبكي حتى قتل.(2)
فببركة رأس الإمام الحسين عليه السلام دخل هذا النصراني في دين الإسلام، ومن ثم مات شهيداً مدافعاً عن حريم رسول الله صلى الله عليه وآله وعن بيضة الإسلام والمسلمين، ونال أعلى درجات الشهادة والجهاد، حيث قال كلمة الحق أمام سلطان جائر لا يخاف الله.
قراءة القرآن بواسطة رأس سيد الشهداء صلوات الله عليه
لم يزل السبط الشهيد حليف القرآن منذ أنشأ اللّه كيانه، لأنهما ثقلا رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم وخليفتاه على أمته. وقد نصّ الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بأنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض؛ فبذلك كان الحسين عليه السلام غير مبارح تلاوة القرآن طيلة حياته، وحتى بعد مماته، وكما قال الشاعر:
ويبقى لمعركة كربلاء من تلك الجريمة النكراء نصيبها الأكبر وقسطها الأوفر، فتجسّدت فيها أبشع مشاهد الإرهاب وصُوره، حيث عَمَد المجرمون في أرض الطفوف إلى قطع رؤوس الشهداء من العترة الطاهرة والمؤمنين من أنصارهم، وحملوها، ومثّلوا بها، ووضعوها على أسنّة الرماح؛ ليرسلوها بعنوان هدية النصر ـ المزعوم ـ إلى طاغيتهم اللعين يزيد بن معاوية.
وروي عن زين العابدين عليه السلام أنه لما أتي برأس الحسين إلى يزيد كان يتخذ مجالس الشراب، ويأتي برأس الحسين، ويضعه بين يديه، ويشرب عليه. فحضر في مجلسه ذات يوم رسول ملك الروم، وكان من أشراف الروم وعظمائهم، فقال: يا ملك العرب، هذا رأس من؟ فقال له يزيد: ما لك ولهذا الرأس؟ فقال: إني إذا رجعت إلى ملكنا يسألني عن كل شيء رأيته، فأحببت أن أخبره بقصة هذا الرأس وصاحبه؛ حتى يشاركك في الفرح والسرور، فقال له يزيد: هذا رأس الحسين بن علي بن أبي طالب، فقال الرومي: ومن أمه؟ فقال: فاطمة بنت رسول الله، فقال النصراني: أف لك ولدينك! لي دين أحسن من دينك. إن أبي من حوافد داود عليه السلام وبيني وبينه آباء كثيرة، والنصارى يعظموني، ويأخذون من تراب قدمي تبركا بأبي من حوافد داود، وأنتم تقتلون ابن بنت رسول الله، وما بينه وبين نبيكم إلا أم واحدة، فأي دين دينكم؟!
ثم قال: ليزيد هل سمعت حديث كنيسة الحافر؟ فقال له: قل حتى أسمع، فقال: بين عمان والصين بحر مسيرة سنة ليس فيها عمران إلا بلدة واحدة في وسط الماء، طولها ثمانون فرسخا في ثمانين، ما على وجه الأرض بلدة أكبر منها، ومنها يحمل الكافور والياقوت، أشجارهم العود والعنبر، وهي في أيدي النصارى لا ملك لأحد من الملوك فيها سواهم، وفي تلك البلدة كنائس كثيرة أعظمها كنيسة الحافر في محرابها حقة ذهب، معلقة فيها حافر، يقولون إن هذا حافر حمار كان يركبه عيسى، وقد زينوا حول الحقة بالذهب والديباج. يقصدها في كل عام عالم من النصارى، ويطوفون حولها، ويقبلونها، ويرفعون حوائجهم إلى الله تعالى. هذا شأنهم ودأبهم بحافر حمار يزعمون أنه حافر حمار كان يركبه عيسى نبيهم، وأنتم تقتلون ابن بنت نبيكم، فلا بارك الله تعالى فيكم، ولا في دينكم.
فقال يزيد: اقتلوا هذا النصراني؛ لئلا يفضحني في بلاده، فلما أحس النصراني بذلك قال له: تريد أن تقتلني. قال: نعم. قال: اعلم أني رأيت البارحة نبيكم في المنام يقول لي: يا نصراني أنت من أهل الجنة، فتعجبت من كلامه! وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه واله، ثم وثب إلى رأس الحسين، فضمه إلى صدره، وجعل يقبله، ويبكي حتى قتل.(2)
فببركة رأس الإمام الحسين عليه السلام دخل هذا النصراني في دين الإسلام، ومن ثم مات شهيداً مدافعاً عن حريم رسول الله صلى الله عليه وآله وعن بيضة الإسلام والمسلمين، ونال أعلى درجات الشهادة والجهاد، حيث قال كلمة الحق أمام سلطان جائر لا يخاف الله.
قراءة القرآن بواسطة رأس سيد الشهداء صلوات الله عليه
لم يزل السبط الشهيد حليف القرآن منذ أنشأ اللّه كيانه، لأنهما ثقلا رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم وخليفتاه على أمته. وقد نصّ الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بأنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض؛ فبذلك كان الحسين عليه السلام غير مبارح تلاوة القرآن طيلة حياته، وحتى بعد مماته، وكما قال الشاعر:
لهفي لرأسك فوق مسلوب القنا
يكسوه من أنواره جلبابا
يتلو الكتاب على السنان وإنما
يتلو الكتاب على السنان وإنما
رفعوا به فوق السنان كتابا
وينقل الفاضل الدربندي في أسرار الشهادة عن مسلمة بن كهيل قال: رأيت رأس الحسين عليه السلام على قناة، وهو يقرأ:
﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾.(3)
قال هلال بن معاوية: رأيت رجلا يحمل رأس الحسين عليه السلام، والرأس يخاطبه:
«فرّقت بين رأسي وبدني، فرّق اللّه بين لحمك وعظمك، وجعلك آية ونكالا للعالمين»، فرفع السوط، وأخذ يضرب الرأس، حتى سكت.(4)
1ـ المستشرق الأميركي فيليب حتي.
2ـ اللهوف على قتلى الطفوف / السيد بن طاووس / المجلّد: 1 / الصفحة: 190 ـ 193؛ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد: 45 / الصفحة: 141 ـ 142 / ط مؤسسة الوفاء.
3ـ سورة البقرة: الآية 137.
4ـ موسوعة كربلاء / لبيب بيضون / المجلّد: 2 / الصفحة: 295.
التعلیقات