المراقبة وأثرها في تربية الطفل
مجلة الزهراء سلام الله عليها
منذ 8 سنوات
ثمة رغبات عديدة للانسان في حياته يتمنى تحقيقها وقد تكون من ضرورياته. وينبغي احياناً تحقيق تلك الرغبة، لكن الملاحظة المهمة هي ان الاستسلام لبعض الرغبات والقبول بها يعد نوعا من الاذلال للشخصية.
ولو كان ذلك مباحاً للطفل الصغير فانه لا يناسب الانسان الكبير اذ يفرض العقل والدين عليه ان يفكر في تلك الأماني وتبني طريق انساني يرضى به العقل
.
نعم، فالرغبات عديدة والاستسلام لها يعني السقوط في متاهات لاحد لها مما تؤدي الى الخسارة والانحطاط. وينبغي ان ترتكز الجهود والافكار على ما يحتاجه الانسان من اجل رشده وبنائه والسعي في هذا الطريق لا البحث عن اللذات ونيلها كيفما كان.
ولكي يراقب الانسان سلوكه خاصة عندما تقع عليه مسؤولية التربية، لابد له ان يهتم ببعض الامور الضرورية واولها ما يتعلق بذات الانسان، اذ يجب عليه من خلال التمييز والتشخيص ان يوفر موجبات رشده ونموه والارضية التي يرتكز عليها في تحقيق كماله وسعادته. وبناء الذات يعتبر مهماً جداً لوجود عوامل عديدة تطوق الانسان وتعيق بناءه ورشده، وتجره الى الشقاء والاذلال مما يستوجب مراقبة السلوك والوقوف امام عوامل السقوط .
وتتأكد هذه المراقبة للمربي اذ سيكون عمله وسلوكه نموذجاً للطفل يحتذي به. ولشدة هذا التأثير قيل ان الولد على سرِّ أبيه او ان ولد العالم نصف العالم.
أراء عامة في المراقبة:
ثمة محاذير عديدة في هذا المجال، ويمكن الاطلاع على تفاصيلها في كتب الاخلاق وغيرها من الكتب الخاصة ببناء النفس والذات. وينبغي للانسان ان يفكر في نفسه وخلقه وهذا من ضروريات الحياة الانسانية. ويمكننا هنا ان نشير الى اهم النقاط التي يجب على المربي – وخاصة الوالدين – ان يفكر فيها ويراقب نفسه بشأنها:
1 – السلوك الذاتي: لابد للمربي ان يلتفت الى ان الاجهزة الحسية للطفل تشبه النوافذ المفتوحة على العالم الخارجي فيتأثر بما يشاهده ويدركه ويمارسه، مما يتوجب عليه ان يهتم بسلوكه حتى يقوم على ضوابط معينة.
فالممارسات الحسنة والمذمومة واللين والقسوة والقلق والاستقرار وغير ذلك تؤثر جميعها على الطفل. وإن التزام الأب أو الام مثلاً بالآداب والضوابط وطريقة تعاملهما مع الحوادث يؤثر ايضاً على الطفل.
يجب على الأب ان يراقب سلوكه، فلا يحيد عن حدود الأدب واللياقة. ولا ينتخب سلوكاً تكون نتيجته انحراف الطفل الذي تؤثر فيه جميع المشاهد وحالات القصور والتقصير.
2 – الكلام: ويعد من الجوانب المهمة في المراقبة. اذ ما اكثر الدروس السيئة التي يقتبسها الطفل فتؤثر على خلقه وسلوكه. وان الكلام الجميل والعبارات الرزينة تبني شخصية الطفل بينما الكلام القبيح يؤدي به الى السقوط والانحطاط.
مثلاً من وظيفة الأب التربوية والاخلاقية ان ينادي ولده (سواء كان ذكراً ام انثى) بكلمات جميلة يطغى عليها الاحترام، وان يتحدث معه بعبارات تقدم له درساً في الأدب والاخلاق والانسانية، ولكي ينشأ انساناً حقيقياً. وليس صحيحاً ابداً اللجوء الى الكلمات البذيئة حتى في حالات الغضب لأن الطفل سيتعلمها. بل ويجب على الأب او المربي ان يراقب ولده حتى لا يقضي وقته مع افراد من هذا النمط فيتعلم منهم الكلام البذيء.
3 – التعامل: إن تعامل الأب مع اولاده بل وحتى الآخرين الذين يشاهدهم الطفل، يمثل درساً بناءً او سيئاً بالنسبة لهم.
إذ يجب على الأب او المربي ان يعاشر من له منزلة ومكانة تليق بمكانة الاسرة، وأن يكون التعامل بالشكل الذي يريده من طفله وولده.
فما اكثر العلاقات الاجتماعية التي تكون سبباً للانحطاط والانحراف مما تهدد عملية بناء الطفل ورشده.
والخلاصة، فلو اردنا بناء اولادنا بحيث لا تكون اية حاجة لتعديل واصلاح اخلاقهم، فما علينا سوى ان نعدّل اخلاقنا وسلوكنا وتعاملنا بحيث نمتنع عن النفاق والازدواجية في اظهار مشاعرنا وعواطفنا تجاه الآخرين فيكون الظاهر مطابقاً للباطن.
التعلیقات