أضرار العلاقة الزوجية أمام الأطفال
تربية طفلك
منذ يوم
هل تعلمين أن لحظة غفلة واحدة قد تترك أثراً عميقاً في وجدان طفلك؟
في زمن يكثر فيه الانحراف والقلق عند الأطفال، يغفل كثير من الآباء عن أحد أهم المفاتيح التربوية التي أكدت عليها الروايات الإسلامية: حماية عيون وأسماع الأطفال من مشاهدة العلاقة الزوجية.
هذا المقال ليس فقط توجيهاً دينياً، بل هو خريطة أمان لسلامة نفسية طفلك وسعادته المستقبلية. تابعي القراءة لتتعرفي على المخاطر الحقيقية والحلول العملية.
العلاقة الزوجية في غرفة يوجد فيها الطفل
في الروايات، يُنهى بشدة عن العلاقة الزوجية بين الزوجين في غرفة يوجد فيها الطفل، لأن ذلك قد يؤدي إلى البلوغ المبكر، الانحراف، القلق، ومشاكل مشابهة.
من أكثر المجالات التربوية حساسية للطفل هو التربية الجنسية، لما لها من دور كبير في سعادته أو شقائه. في الروايات، يُحذر بشدة من العلاقة الزوجية في حضور الطفل، لأن ذلك قد يتسبب في بلوغه المبكر، انحرافه، قلقه، ومشاكل أخرى. العقل السليم يحكم بأن على الآباء والأمهات أن يكونوا حذرين في علاقاتهم، ولا يسمحوا لأطفالهم بملاحظة أي تفاصيل عنها، لحمايتهم من المخاطر المحتملة.
في الروايات، تم النهي بشدة عن ممارسة العلاقة الزوجية أمام الأطفال، لتجنب إفساد أخلاقهم، ومنع المشاكل التي قد تواجههم في المستقبل.
من المهم الإشارة إلى أن عدم رؤية الطفل ليس المعيار الوحيد، بل يجب ألا يشعر بأي شيء من هذه العلاقة، حتى سماع الأصوات. في هذا الصدد، روي عن النبي صلى الله عليه وآله : « والذي نفسي بيده لو أن رجلا غشي امرأته وفي البيت صبي مستيقظ يراهما ويسمع كلامهما ونفسهما ما أفلح أبدا » (1).
وقال الإمام الصادق عليه السلام: « لا يجامع الرجل امرأته ولا جاريته وفي البيت صبي فان ذلك مما يورث الزنا » (2).
الأطفال يرون كل شيء، يسمعون الأصوات ويفهمونها. حتى لو كانوا نائمين، فإن هذه العلاقة تؤثر عليهم. رغم أنهم لا يستطيعون التعبير جيداً، إلا أن لديهم ذاكرة قوية، حيث تُسجل الصور والأصوات في أذهانهم وتدخل لاوعيهم، وتظهر تأثيراتها عندما يكبرون.
وفقاً للروايات، مشاهدة هذه المشاهد تخلق أرضية للانحراف عند الطفل، وكل مرة يرى فيها هذه المشاهد، تتشكل نقطة سوداء في ذهنه، ومع التكرار، يصبح عقله مظلماً، مما يزيد من احتمالية انحرافه. بالطبع، هذه الروايات لا تعني أن الطفل سيصبح حتماً زانياً أو شقياً، أو أنه لن ينجو أو يحرم من الكمالات الدينية والروحية، بل تُظهر أهمية بالغة لهذه المسألة التي قد تمهد لانحرافات جنسية وأخلاقية لدى الأطفال.
لذلك، يحكم العقل السليم بأن على الآباء والأمهات أن يكونوا حذرين في علاقاتهم، ولا يسمحوا لأطفالهم بملاحظة أي تفاصيل عنها، لحمايتهم من المخاطر المحتملة.
مخاطر مشاهدة الأطفال لهذه المشاهد:
يعانون من خوف وقلق شديد، لأنهم قد يفسرون العلاقة الزوجية على أنها عنف من الأب تجاه الأم، ويعتقدون أن الأب يتشاجر معها ويحاول إيذاءها.
يؤدي إلى تحفيز الغريزة الجنسية مبكراً، مما قد يكون سبباً في فسادهم وانحرافهم الأخلاقي في المستقبل.
الأطفال الأكبر سناً، خاصة البنات، قد ينفرون من جنسهم ويكرهون أنفسهم عند رؤية هذه المشاهد، لأنهم لا يفهمون عمق العلاقة بين الوالدين.
ممارسة العلاقة الزوجية بوجود طفل أقل من سنتين:
بعض الناس يعتقدون أن الرضيع لا يفهم شيئاً ولا يستوعب، لكن هذا خطأ، لأن الأطفال يرون كل شيء، يسمعون الأصوات ويفهمونها. حتى لو كانوا نائمين، فإن العلاقة تؤثر عليهم. رغم أنهم لا يستطيعون التعبير، إلا أن ذاكرتهم قوية، وتُسجل الصور والأصوات في لاوعيهم، وتظهر تأثيراتها لاحقاً.
توصيات الإسلام للتربية الجنسية للطفل:
أهم توصية في الإسلام هي إخفاء العلاقة الزوجية عن الأطفال، مع تقديم بعض النصائح مثل:
فصل سرير نوم الوالدين عن الأطفال.
تعليم الطفل الاستئذان قبل دخول غرفة نوم الوالدين في أوقات خصوصيتهم.
قال الله تبارك وتعالى في كتابه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ (3).
فصل أسرّة الأطفال عن بعضهم، حتى فصل أسرّة الأولاد عن بعضهم.
التزام الوالدين باللباس المناسب أمام الأطفال.
العلاقة الزوجية مع وجود أطفال قد تكون صعبة بعض الشيء، لكن هناك طرق لاستمرار الحياة الجنسية دون تأثير سلبي على الأطفال.
نقاط مهمة حول العلاقة الزوجية مع وجود أطفال:
مارسي العلاقة عندما يكون الطفل نائماً أو خارج المنزل.
ضعي الطفل تحت رعاية شخص آخر لمدة ساعة أسبوعياً لممارسة العلاقة دون قلق.
اجعلي العلاقة ليلاً أو عندما يكون الطفل نائماً.
تحققي من صوت السرير.
شغلي موسيقى هادئة بصوت متوسط.
استخدمي التلفاز مع خفض الصوت قدر الإمكان.
مارسي العلاقة عندما يكون الطفل خارج المنزل.
سؤال شائع للوالدين: كيف يمكن قضاء وقت خاص مع الشريك عندما يكون الطفل في نفس الغرفة؟
بغض النظر عن حجم الغرفة، فإن الطفل الصغير قد يتذكر ما يحدث. هناك حلول بسيطة، مثل:
نقل الطفل إلى غرفة أخرى: قد يبدو هذا واضحاً، لكن بعض الأمهات يعتقدن أن هذا خيانة للطفل. في الواقع، إذا نقلتِ طفلك الرضيع أو الصغير إلى غرفة أخرى للنوم، فلن يلاحظ شيئاً. لكن إذا استيقظ أثناء العلاقة ورآكما، فقد يصاب بالذعر ولن ينسى ما رآه.
الذهاب أنتِ إلى غرفة أخرى: إذا كان الطفل نائماً، فبدلاً من إيقاظه، انتقلي أنتِ إلى مكان آخر في المنزل. بما أن الأطفال ينامون مبكراً، سواء كانوا صغاراً أو في سن المدرسة، فلا يجب أن يمنعكم ذلك من الاستمتاع بوقتكم معاً. عندما يستيقظون ليلاً ويعودون للنوم، يمكنكم ممارسة العلاقة دون قلق.
ماذا تفعل إذا رأى الطفل العلاقة الزوجية؟
إذا شاهد الطفل العلاقة بسبب إهمالكم، حافظوا على هدوئكم وتحملوا المسؤولية، دون لوم الطفل حتى لا يشعر بالذنب. اطلبوا منه بهدوء الذهاب إلى غرفته، ثم اذهبوا إليه لاحقاً بلباس مناسب، واشرحوا له بلغة بسيطة أن الأب والأم يحبان بعضهما، وأحياناً يعبران عن هذا الحب بالمعانقة. لا داعي لإعطاء تفاصيل إضافية، لكن طمئنوا الطفل أن كل شيء على ما يرام.
إذا كان الأطفال أكبر سناً وحدث الموقف بطريقة غير متعمدة، لا حاجة لتفسير الموقف، لكن إذا تكرر، يجب التحدث معهم عن خصوصية الوالدين وأهمية الاستئذان قبل الدخول.
إيجاد الوقت المناسب:
مع انشغال الوالدين، يمكن دائماً إيجاد وقت لتنظيف الأسنان صباحاً، لذا فإن إيجاد وقت للعلاقة الحميمة ليس مستحيلاً! من المهم تنظيم الأولويات لقضاء وقت مع الشريك، دون أن يكون وجود الأطفال عائقاً.
على الرغم من أن العلاقة الصباحية التي كنتم تستمتعون بها أصبحت صعبة مع استيقاظ الأطفال مبكراً، إلا أن هناك حلولاً بسيطة، مثل:
الذهاب إلى الفراش معاً في نفس الوقت.
النوم مبكراً، وإجبار الأطفال على الذهاب إلى غرفهم.
إرسال الأطفال ليقضوا ليلة خارج المنزل مع الأصدقاء أو العائلة.
تخصيص وقت للعلاقة في المساء إذا كنتم متعبين ليلاً.
النتيجة
تربية الطفل تَبدأ من أدقّ التفاصيل التي قد لا نُلقي لها بالاً. العلاقة الزوجية، حين لا تُمارس في بيئة آمنة بعيداً عن الأطفال، قد تترك آثاراً خفية تظهر لاحقاً في شكل قلق، اضطراب، أو حتى انحراف. إنّ التوصيات النبوية والروايات عن أهل البيت عليهم السلام لم تأتِ عبثاً، بل هي حماية مبكّرة لبناء جيل سليم نفسيّاً وأخلاقيّاً. فلنحرص جميعاً على الخصوصية والوعي التربوي.
الأسئلة الشائعة
هل يجوز العلاقة الزوجية بوجود طفل نائم؟
لا، الروايات تؤكد على ضرورة تجنّب ذلك حتى لو كان الطفل نائماً، لأن الصور والأصوات تُخزَّن في لاوعيه.
ما المخاطر النفسية لذلك على الطفل؟
قد يشعر بالخوف أو القلق، أو يفسّر العلاقة كعنف، مما يترك آثاراً عاطفية دائمة.
هل يمكن أن تؤثر هذه المشاهد على البلوغ المبكر؟
نعم، مشاهدة العلاقة أو سماع الأصوات قد تؤدي لتحفيز مبكر للغريزة الجنسية.
ماذا أفعل إذا رأى طفلي العلاقة دون قصد؟
لا توبّخيه، بل تحدثي معه بلغة بسيطة وطمئنيه، مع التأكيد على خصوصية العلاقة بين الوالدين.
كيف أجد وقتاً آمناً للعلاقة الزوجية مع وجود أطفال؟
اختاري وقت نوم الطفل، أو عند وجوده خارج المنزل، أو اطلبي رعايته مؤقتاً من أحد أفراد الأسرة.
لا تدعي هذه المعلومات تبقى حبيسة القراءة فقط! خذي اليوم خطوة عملية: حددي وقتاً مناسباً مع شريكك لمناقشة هذه التوصيات، وأعيدي تنظيم بيئة نوم الأطفال لتكون أكثر أماناً وخصوصية. شاركي هذا المقال مع صديقاتك أو في مجموعة الأمهات، فربما تكونين سبباً في حماية طفولةٍ بريئة من أثر لا يُنسى. التربية الواعية تبدأ منكِ.
1. تحف العقول / لابن شعبة الحراني / الصفحة ٣٥٦.
2. وسائل الشيعة / للشيخ حرّ العاملي / المجلد : 14 / الصفحة : 95 / الطبعة الإسلامية.
3. سورة النور / الآية : 58.
التعلیقات