هل ان المرأة موجود لطيف او هي انسان ضعيف؟
موقع البوابة الجامعة لأهل البیت(ع)
منذ 8 سنواتيعطي القرآن للمرأة مقاماً و منزلة عالية جداً، و القرآن يعتبر الرجل و المرأة من حيث الخلقة مخلوقين من جنس واحد و
انهما متساويان في اصل الجوهر الانساني.
و في هذا الكتاب السماوي ذكر لنساء كنّ مورداً للّطف الالهي الخاص و طرفاً لتلقي وحي مقام الربوبية و كانت الملائكة تتحدث معهن، و قد جعلهن نموذجاً و اسوة للناس في الايمان و المقاومة في سبيل الله، و يمكن في هذا المجال الاشارة الي الآيات المتعلقة بالسيدة مريم (س) و امرأة فرعون.
و كون الرجل متميزاً عن المرأة ببعض الخصوصيات و القابليات، و كون المرأة ايضاً أقوي من الرجل في بعض الصفات، لا يكون دليلاً علي قوّة او ضعف اي منهما، و اساساً فان المقارنة بين المرأة و الرجل من هذه الناحية ليست صحيحة، لانه كما ان كون الرجل أبا (مسؤول عن النفقة) يقتضي ان تكون له قوة بدنية اكبر من المرأة، فكذلك كون المرأة اُمّاً (مسؤولة عن تربية الطفل) يقتضي ان تكون لها عواطف و أحاسيس اكثر من الرجل و هذا هو العدل الذي قيل في تعريفه انه وضع كل شيء في موضعه.
و اللطف و الضعف هي من الامور النسبية القابلة للتشكيك؛ اي انه يمكن لشيء ان يكون قوياً غليظاً، لكن نفس ذلك الشيء يكون لطيفاً و ضعيفاً بالنسبة الي شيء آخر. و كمثال علي ذلك فقد عد الانسان موجوداً ضعيفاً في منطق القرآن: "يريد الله ان يخفف عنكم و خلق الانسان ضعيفاً"، و لكن من البديهي ان نفس هذا الانسان يعتبر قوياً بالنسبة الي كثير من الموجودات في اطرافه اذن فيجب مراعاة تلك الملاكات عند اصدار الاحكام، اي انه من الممكن ان يكون موجود ما هو الأضعف باعتبار ملاك و اساس معين مثل القدرة الجسمية و لكنه يكون الاقوي علي اساس ملاك آخر مثل القدرة العلمية.
و علي أي حال فان المرأة و الرجل صنفان من الانسان و يوجد اختلاف و تفاضل بينهما، فهما مختلفان من الناحية الجسمية و الظروف الفيزيولوجية و لهذا فقد خلقا من اجل القيام بوظائف خاصة، و هذا الاختلاف - و ليس التمييز - هو عين الحكمة و هو من أجل استمرار النسل البشري و ليس معني ذلك ان طريق الكمال مغلق علي النساء أو محدود.
و من الخصائص النفسية الاساسية الملازمة للنساء، روح الانفعال و التأثر امام العواطف و الأحاسيس، و لذا فهن يتأثرن بالانفعالات النفسانية اسرع من الرجال؛ كتأثرهن بالفرح و القلق و البكاء و الضحك و....
فالله سبحانه و بمقتضي طبيعة المرأة و التكاليف الملقاة علي عاتقها جعل في وجودها لطافة و ظرافة لتتمكن من القيام بمسؤولياتها و من هنا كانت المرأة الطف و أضعف من الرجل.
مفصل:
للاجابة عن السؤال يجب الالتفات الي بعض الملاحظات:
۱- ان القرآن جعل للمرأة مقاماً و منزلة رفيعة جداً، فالرجل و المرأة من حيث الخلقة مخلوقان من جنس واحد و انهما متساويان في اصل الجوهر الانساني: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء﴾.[۱]
و من ناحية الفضيلة و نيل القيم الانسانية النبيلة و المقام المعنوي و القدرة علي اكتساب صفات الكمال، لا نري اختلافاً في التعابير القرآنية بين المرأة و الرجل، و توجد في هذا المجال آيات كثيرة و في بعض هذه الآيات نراها تؤكد ان ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾.[٢] و قد تحدث القرآن عن الرجل باعتباره أباً و عن المرأة باعتبارها اُمّاً، تحدث عنهماً معاً دائماً و فرض علي الولد احترامهما و عدم الاسائة اليهما حتي لو كانا مشركين، فمع انه يجب عليه عدم اطاعتهما فيما لو امراه بالشرك و لكن في نفس الوقت يجب ان يعاشرهما بالاحسان، و قد مدح الاب و الام معاً في جميع الموارد.
و قد اشار القرآن الكريم الي القيم الانسانية التي ينبغي ان يتحلي بها كل من المرأة و الرجل في قوله تعالي: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ ...﴾.[۳]
و يتحدث القرآن الكريم عن نساء كن مورداً للّطف الالهي الخاص و طرفاً لتلقي وحي مقام الربوبية حيث كانت الملائكة تتحدث معهن و قد جعلهن نموذجاً و أسوة للناس في الايمان و المقاومة في سبيل الله و في هذا المجال يمكن الاشارة الي الآيات المتعلقة بالسيدة مريم (س) و أم النبي موسي (ع) و زوجة فرعون.[۴]: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾[۵] ثم قال: ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ﴾.[۶]
٢- نسبية معني اللطيف و الضعيف:
ينبغي التذكير بان اللطف و الضعف ليساً متلازمين؛ اي انه ليس كلما كان احدهما موجوداً وجب ان يكون الآخر الي جانبه؛ اي انه يمكن ان يكون موجود ما غليظا خشناً لكنه ضعيف، و بالعكس، و مع ذلك فانه يمكن ان يجتمعا بان يكون موجود ما لطيفاً و ضعيفاً.
فهما من الامور النسبية و القابلة للتشكيك؛ اي انه يمكن لشيء ان يكون قوياً و غليظاً لكن نفس ذلك الشيء يكون لطيفاً و ضعيفاً بالنسبة الي شيء آخر و كمثال علي ذلك فقد عد الانسان موجوداً ضعيفاً في منطق القرآن: ﴿يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾.[۷] لكنه يعتبر قوياً بالنسبة الي كثير من الموجودات فهو يقوم بأعمال تعجز عن القيام بها كثير من الموجودات القوية، يقول القرآن ايضاً: ﴿قالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾! [۸] ، [۹].
اذن فيجب ان تتحدد الملاكات عند اصدار الاحكام اي انه من الممكن ان يكون موجود ما هو الأضعف باعتبار ملاك و اساس معين كالقدرة الجسمية مثلا، و لكنه يكون هو الاقوي علي اساس ملاك آخر كالقدرة العلمية و....
۳- بالرغم من كون المرأة و الرجل من نوع واحد، و ان كل ما ثبت للانسان من التكوين و التشريع من جهة كونه انساناً فهو ثابت للمرأة و الرجل كليهما، الا انه يجب الالتفات الي ان هذين الصنفين بينهما اختلاف - لا تمييزاً - هو عين الحكمة و هو ضروري لاستمرار النسل البشري، و ليس معني ذلك ان طريق الكمال موصد امام النساء او محدود.
و من الخصائص النفسية الاساسية الملازمة للنساء، روح الانفعال و التأثر امام العواطف و الأحاسيس و لذا فهن يتأثرن اسرع من الرجال بالانفعالات النفسانية مثل الفرح و القلق و البكاء و الضحك. و بعبارة اخري: ان خلقة المرأة و طبيعتها هي ان تكون مركزاً للعاطفة و المحبة، و هذه نظرة ايجابية تثمن مقام المرأة و منزلتها. و ان الجنبة العاطفية للمرأة ذاتاً ليست مانعة من السيطرة علي قواها العقلية و الفكرية، فيمكن للمرأة كالرجل ان تحصل علي اتزان العقل النظري و ان لا تكون جنبة التعقل و الاتزان مغلوبة لعاطفتها و أحاسيسها. و بالطبع فانه قد تكون النساء بحاجة الي تمرين السيطرة علي العواطف اكثر من الرجال.[۱۰]
ان المرأة و الفتاة من حيث انها موجود لطيف جداً و كما قال امير المؤمنين (ع): "المرأة ريحانة و ليست بقهرمانة"،[۱۱] فهي اكثر حساسية و قابلية للانعطاف و يمكن ان تتأثر و تنفعل بسرعة ، و لهذا يجب ان تنال العناية و الرعاية الخاصة بها.
و كون الرجل متميزاً عن المرأة في بعض الخصوصيات و القابليات، و كون المرأة أيضاً أقوي من الرجل في بعض الصفات فذلك يعني انه ليس أحدهما اقوي او اضعف من الآخر بشكل مطلق. و اساساً فان المقارنة بين المرأة و الرجل من هذه الناحية ليست صحيحة، لانه كما ان كون الرجل أباً (مسؤولاً عن النفقة) يقتضي ان تكون له قوة بدنية اكبر من المرأة، فكذلك كون المرأة اُمّاً (مسؤولة عن تربية الطفل) يقتضي ان تكون لها عواطف و أحاسيس اكثر من الرجل و هذا هو العدل الذي قيل في تعريفه انه وضع كل شيء في موضعه.
نعم فان الله جعل في كيان المرأة لطافة و ظرافة بمقتضي طبيعتها و الوظائف الملقاة علي عاتقها ليمكنها من القيام بذلك.
و مع الالتفات الي ما ذكرنا، فان اراد أحد المقارنة بين هذين الاثنين فانه سيصل الي نفس النتيجة و هي ان المرأة موجود ألطف و اضعف بالنسبة الي الرجل من دون ادني شك.
المصادر:
[۱] النساء، ۱.
[٢] النحل، ۹۷.
[۳] الاحزاب، ۳۵.
[۴] التحريم،۱۱، "و ضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون اذ قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة و نجني من فرعون و عمله و نجني من القوم الظالمين".
[۵] آل عمران، ۳۷.
[۶] آل عمران، ۴٢.
[۷] النساء، ٢۸.
[۸] النمل، ۴۰.
[۹] مكارم الشيرازي، تفسير الامثل ج ۱٢، ۶۶، "مّا الشخص الآخر فقد كان رجلا صالحا له علم ببعض ما في الكتاب، و يتحدث عنه القرآن فيقول: "قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ" فلمّا وافق سليمان عليه السّلام على هذا الأمر، أحضر عرش بلقيس بطرفة عين بالاستعانة بقوته المعنوية "فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ" ثمّ أضاف قائلا: "وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ". و هناك اختلاف بين المفسّرين و كلام طويل في أن هذا الشخص الذي جاء بعرش الملكة، من كان؟! و من أين له هذه القدرة العجيبة؟! و ما المراد عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ؟
إلا أنّ الظاهر أنّ هذا الشخص هو أحد أقارب سليمان المؤمنين و أوليائه الخاصين، و قد جاء اسمه في التواريخ بأنه (آصف بن برخيا) وزير سليمان و ابن أخته.
[۱۰] نفس المصدر، ص ۳۵۳.
التعلیقات