حدَّثني أبو القاسم ابن أبي حليس قال : كنت أزور الحسين عليه السلام في النصف من شعبان ...
الشيخ الصدوق
2024 Oct 7حدَّثني أبي رضي الله عنه ، عن سعد بن عبد الله قال : حدَّثني أبو القاسم ابن أبي حليس قال : كنت أزور الحسين عليه السلام في النصف من شعبان فلمّا كان سنة من السنين وردت العسكر قبل شعبان وهممت أن لا أزور في شعبان ، فلمّا دخل شعبان قلت : لا أدع زيارة كنت أزورها فخرجت زائراً وكنت إذا وردت العسكر أعلمتهم برقعة أو برسالة ، فلمّا كان في هذه الدَّفعة قلت لأبي القاسم الحسن بن أحمد الوكيل : لا تعلمهم بقدومي فإنّي أُريد أن أجعلها زورة خالصة قال : فجاءني أبو القاسم وهو يتبسّم وقال : بعث إليَّ بهذين الدِّينارين وقيل لي : ادفعهما إلى الحليسيِّ وقل له : من كان في حاجة الله عزَّ وجلَّ كان الله في حاجته ، قال : واعتللت بسرّ من رأى علّة شديدة أشفقت منها فأطليت مستعدّاً للموت ، فبعث إليَّ بستوقة فيها بنفسجين وأُمرت بأخذه ، فما فرغت حتّى أفقت من علّتي والحمد لله ربِّ العالمين.
قال : ومات لي غريم فكتبت أستأذن في الخروج إلى ورثته بواسط وقلت : أصير إليهم حدثان موته لعلّي أصل إلى حقّي فلم يؤذن لي ، ثمَّ كتبت ثانية فلم يؤذن لي ، ثمَّ كتبت ثالثة فلم يؤذن لي ، فلمّا كان بعد سنتين كتب إليَّ ابتداء « صر إليهم » فخرجت إليهم فوصل إليَّ حقّي.
قال أبو القاسم : وأوصل أبو رميس عشرة دنانير إلى حاجز فنسي حاجز أن يوصلها ، فكتب إليه « تبعث بدنانير أبو رميس » ابتداء.
قال : وكتب هارون بن موسى بن الفرات في أشياء وخطَّ بالقلم بغير مداد يسأل الدُّعاء لابني أخيه وكانا محبوسين ، فورد عليه جواب كتابه وفيه دعاء للمحبوسين باسمهما.
قال : وكتب رجلٌ من ربض حميد يسأل الدُّعاء في حمل له فورد عليه « الدُّعاء في الحمل قبل الأربعة أشهر وستلد انثى ». فجاء كما قال عليه السلام.
قال : وكتب محمّد بن محمّد البصريُّ يسأل في أن يُكفى أمر بناته ، وأن يرزق الحجَّ ويردَّ عليه ماله ، فورد عليه الجواب بما سأل ، فحجَّ من سنته ومات من بناته أربع وكان له ستّ وردَّ عليه ماله.
قال : وكتب محمّد بن يزداذ يسأل الدُّعاء لوالديه ، فورد « غفر الله لك ولوالديك ولأختك المتوفّاة الملقّبة كلكي ، وكانت هذه امرأة صالحة متزوّجة بجوَّار.
وكتبت في إنفاذ خمسين ديناراً لقوم مؤمنين منها عشرة دنانير لابنة عمٍّ لي لم تكن من الإِيمان على شيء ، فجعلت اسمها آخر الرُّقعة والفصول ، ألتمس بذلك الدَّلالة في ترك الدُّعاء فخرج في فصول المؤمنين تقبّل الله منهم وأحسن إليهم وأثابك ولم يدع لابنة عمّي بشيء.
قال : وأنفذت أيضاً دنانير لقوم مؤمنين فأعطاني رجلٌ يقال له : محمّد بن سعيد دنانير فأنفذتها باسم أبيه متعمّداً ولم يكن من دين الله على شيء ، فخرج الوصول من عنوان اسمه محمّد.
قال : وحملت في هذه السنة الّتي ظهرت لي فيها هذه الدَّلالة ألف دينار ، بعث بهذا أبو جعفر ومعي أبو الحسين محمّد بن محمّد بن خلف وإسحاق بن الجنيد ، فحمل أبو الحسين الخروج إلى الدُّور واكترينا ثلاثة أحمرة ، فلمّا بلغت القاطول (٢) لم نجد حميراً فقلت لأبي الحسين : احمل الخرج الّذي فيه المال واخرج مع القافلة حتّى أتخلّف في طلب حمار لإِسحاق بن الجنيد يركبه فإنّه شيخ ؛ فاكتريت له حماراً ولحقت بأبي الحسين في الحير ـ حير سرَّ من رأى ـ وأنا أُسامره (٣) وأقول له : أحمد الله على ما أنت عليه ، فقال : وددت أنَّ هذا العمل دام لي ، فوافيت سرَّ من رأى وأوصلت ما معنا ، فأخذه الوكيل بحضرتي ووضعه في منديل وبعث به مع غلام أسود ، فلمّا كان العصر جاءني برزيمة (٤) خفيفة ، ولمّا أصبحنا خلا بي أبو القاسم وتقدَّم أبو الحسين وإسحاق ، فقال أبو القاسم للغلام الّذي حمل الرُّزيمة جاءني بهذه الدَّراهم وقال لي : ادفعها إلى الرَّسول الّذي حمل الرُّزيمة ، فأخذتها منه ، فلمّا خرجت من باب الدَّار قال لي أبو الحسين من قبل أن أنطق أو يعلم أنَّ معي شيئاً : لمّا كنت معك في الحير تمنّيت أن يجئني منه دراهم أتبرَّك بها ، وكذلك عام أوَّل حيث كنت معك بالعسكر. فقلت له : خذها فقد آتاك الله ، والحمد لله ربِّ العالمين.
قال : وكتب محمد بن كشمرد يسأل الدُّعاء أن يجعل ابنه أحمد من أُمِّ ولده في حلٍّ ، فخرج : « والصقري أحل الله له ذلك » ، فأعلم عليه السلام أنَّ كنيته أبو الصقر.
قال : وحدَّثني عليُّ بن قيس ، عن غانم أبي سعيد الهنديِّ ، وجماعة ، عن محمّد بن محمّد الأشعريِّ ، عن غانم قال : كنت أكون مع ملك الهند بقشمير الدَّاخلة ونحن أربعون رجلاً نقعد حول كرسيِّ الملك وقد قرأنا التوراة والإِنجيل والزَّبور ، ويفزع إلينا في العلم فتذاكرنا يوماً أمر محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم وقلنا : نجده في كتبنا واتّفقنا على أن أخرج في طلبه وأبحث عنه ، فخرجت ومعي مال ، فقطع عليِّ الترك وشلّحوني فوقعت إلى كابل وخرجت من كابل إلى بلخ والأمير بها ابن أبي شور فأتيته وعرَّفته ما خرجت له فجمع الفقهاء والعلماء لمناظرتي فسألتهم عن محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فقالوا : هو نبيّنا محمّد بن عبد الله وقد مات ، فقلت : ومن كان خليفته ؟ فقالوا : أبو بكر ، فقلت : أنسبوه لي فنسبوه إلى قريش ، فقلت : ليس هذا بنبيٍّ إنَّ النبيَّ الّذي نجده في كتبنا خليفته ابن عمّه وزوج ابنته وأبو ولده ، فقالوا للأمير : إنَّ هذا قد خرج من الشرك إلى الكفر مر بضرب عنقه ، فقلت لهم : أنا متمسّك بدين لا أدعه إلّا ببيان ، فدعا الأميرُ الحسينَ بن إسكيب وقال له : ناظره كما أقول لك واخل به وألطف له ، فقال : فخلا بي الحسين فسألته عن محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : هو كما قالوه لك غير أنَّ خليفته ابن عمّه عليُّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب ، ـ ومحمّدٌ ابن عبد الله بن عبد المطّلب ـ وهو زوج ابنته فاطمة ، وأبو ولديه : الحسن والحسين ، فقلت : أشهد أن لا إله إلّا الله وأنَّ محمّداً رسول الله. وصرت إلى الأمير فأسلمت ، فمضى بي إلى الحسين ففقّهني ، فقلت : إنّا نجد في كتبنا أنّه لا يمضي خليفة إلّا عن خليفة ، فمن كان خليفة عليٍّ ؟ قال : الحسن ، ثمَّ الحسين ، ثم سمّى الأئمّة حتّى بلغ إلى الحسن عليهم السلام.
ثمَّ قال : تحتاج أن تطلب خليفة الحسن وتسأل عنه فخرجت في الطلب. فقال محمّد بن محمّد : فوافى معنا بغداد ، فذكر لنا أنّه كان معه رفيق قد صحبه على هذا الأمر فكره بعض أخلاقه ففارقه ، قال : فبينما أنا ذات يوم وقد تمسّحت في الصراة (٥) وأنا مفكّر فيما خرجت له إذا أتاني وقال لي : أجب مولاك ، فلم يزل يخترق بي المحالَّ حتّى أدخلني داراً وبستاناً ، فإذا مولاي عليه السلام قاعدٌ فلمّا نظر إليَّ كلّمني بالهنديّة وسلّم عليَّ وأخبرني باسمي وسألني عن الأربعين رجلاً بأسمائهم عن اسم رجل رجل ؛ ثمَّ قال لي : تريد الحجَّ مع أهل قمّ في هذه السنة فلا تحجَّ في هذه السنة وانصرف إلى خراسان وحجَّ من قابل.
قال : ورمى إليَّ بصرَّة وقال : اجعل هذه في نفقتك ولا تدخل في بغداد إلى دار أحد ولا تخبر بشيء ممّا رأيت.
قال محمّد : فانصرفنا من العقبة ولم يقض لنا الحجّ ، وخرج غانم إلى خراسان وانصرف من قابل حاجّاً وبعث إلينا بألطاف ولم يدخل قمّ وحجَّ وانصرف إلى خراسان فمات بها ـ رحمه الله ـ.
قال محمّد بن شاذان ، عن الكابليِّ : وقد كنت رأيته عند أبي سعيد فذكر أنّه خرج من كابل مرتاداً طالباً وإنّه وجد صحّة هذا الدِّين في الإِنجيل وبه اهتدى. فحدَّثني محمّد بن شاذان بنيسابور قال : بلغني أنّه قد وصل (٦) فترصّدت له حتّى لقيته فسألته عن خبره فذكر أنّه لم يزل في الطلب وأنّه أقام بالمدينة فكان لا يذكره لأحد إلّا زجره فلقى شيخاً من بني هاشم وهو يحيى بن محمّد العريضيُّ فقال له : إنَّ الّذي تطلبه بصرياء ، قال : فقصدت صرياء وجئت إلى دهليز مرشوش فطرحت نفسي على الدُّكان فخرج إليَّ غلام أسود فزجرني وانتهرني وقال لي : قم من هذا المكان وانصرف ، فقلت : لا أفعل فدخل الدَّار ثمَّ خرج إليَّ وقال : ادخل ، فدخلت فإذا مولاي عليه السلام قاعدٌ وسط الدَّار فلمّا نظر إليّ سمّاني باسم لم يعرفه أحدٌ إلّا أهلي بكابل وأجرى لي أشياء ، فقلت له : إنَّ نفقتي قد ذهبت فمر لي بنفقة ، فقال لي : أما أنّها ستذهب منك بكذبك وأعطاني نفقة فضاع منّي ما كان معي وسلم ما أعطاني ، ثمَّ انصرفت السنة الثانية ولم أجد في الدَّار أحداً.
مقتبس من كتاب : [ كمال الدين وتمام النعمة ] / الصفحة : ٤٤٧ ـ ٤٥١ / الناشر : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات / الطبعة : ١
التعلیقات