سيرته واحكامه عند قيامه ( عليه السلام )
الشيخ عبّاس القمّي
منذ 12 سنةواما سیرته ( علیه السلام ) عند قیامه وطریقة احكامه وما یبینه الله تعالى من آیاته ، فقد جاءت الآثار به حسب ما قدمناه فروى المفضل بن عمر الجعفي ، قال : سمعت ابا عبد الله جعفر بن محمد ( علیهما السلام ) ، یقول : اذا أذن الله تعالى للقائم في الخروج ، صعد المنبر ، فدعا الناس الى نفسه وناشدهم بالله ودعاهم الى حقه ، وان یسیر فیهم بسنة رسول الله ( صلى الله علیه وآله وسلم ) ، ویعمل فیهم بعمله ، فيبعث الله جل جلاله جبرائيل ( عليه السلام ) حتى يأتيه فينزل على الحطيم یقول الى أي شيء تدعو ؟ فیخبره القائم ( علیه السلام ) ، فیقول جبرئیل أنا أول من ابایعك ، ابسط یدك فیمسح علی یده وقد وافاه ثلاثمئة وبضعة عشر رجلاً ، فیبایعونه ویقیم بمكة حتى یتم اصحابه عشرة آلاف نفس ، ثم یسیر منها الى المدینة.
وروی محمد بن عجلان ، عن ابي عبد الله ( علیه السلام ) ، قال : إذا قام القائم ( علیه السلام ) دعا الناس الى الإِسلام جدیداً ، وهداهم الى امر قد دثر (1) فضل عنه الجمهور وانما سمي القائم مهدیا لأنه یهدي الى أمر مضلول عنه ( قد ضلوا عنه خ د ) وسمي بالقائم لقیامه بالحق.
وروی عبد الله بن المغیرة ، عن ابي عبد الله ( علیه السلام ) ، قال : اذا قام القائم من آل محمد ( علیهم السلام ) ، اقام خمسمئة من قریش ، فضرب اعناقهم ثم أقام خمسمئة اخری فضرب اعناقهم ، ثم خمسمئة اخرى ، حتى یفعل ذلك ست مرات ، قلت ویبلغ عدد هؤلاء هذا ، قال نعم منهم ومن موالیهم.
وروی ابو بصیر ، قال : قال ابو عبد الله ( علیه السلام ) : اذا قام القائم ( علیه السلام ) هدم المسجد الحرام حتى یرده الى أساسه ، وحول المقام الى الموضع الذي كان فیه ، وقطع أیدي بنی شیبة وعلقها بالكعبة ، وكتب علیها هؤلاء سراق الكعبة.
وروی ابو الجارود عن ابي جعفر ( علیه السلام ) ، فی حدیث طویل ، أنه قال : اذا قام القائم ( علیه السلام ) سار الى الكوفة فخرج منها بضعة عشر الف نفس یدعون البتریة (2) ، عليهم السلاح ، فیقولون له ارجع من حیث شئت ، فلا حاجة لنا في بني فاطمة ، فیضع فیهم السیف حتى يأتي علی آخرهم ، ثم یدخل الكوفة ، فیقتل بها كل منافق مرتاب ، ویهدم قصورها ویقتل مقاتلها ، حتى یرضي الله عز وعلا.
وروی ابو خديجة ، عن ابی عبد الله ( علیه السلام ) ، قال : اذا قام القائم ( علیه السلام ) جاء بامر جدید ، كما دعا رسول الله ( صلى الله علیه وآله وسلم ) فی بدء الإِسلام الى امر جدید.
وروی علي بن قبة ، عن ابیه ، قال : اذا قام القائم ( علیه السلام ) حكم بالعدل ، وارتفع فی أیامه الجور وأمنت به السبل ، وأخرجت الأرض بركاتها ، ورد كل حق الى أهله ، ولم یبق أهل دین حتى یظهروا الإِسلام ، ویعرفوا بالإِیمان ، اما سمعت الله سبحانه یقول : ( وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) ، وحكم بین الناس بحكم داود وحكم محمد ( صلى الله علیه وآله وسلم ) ، فحینئذ تظهر الأرض كنوزها وتبدي بركاتها ، ولا یجد الرجل منكم یومئذ موضعاً لصدقته ، ولا لبره ، لشمول الغنی جمیع المؤمنین ، ثم قال : إن دولتنا آخر الدول ولم یبق اهل بیت لهم دولة الا ملكوا قبلنا ، لئلا یقولوا اذا رأوا سيرتنا : إذا ملكنا سرنا ، بمثل سیرة ( بسيرة خ د ) هؤلاء وهو قول الله تعالى وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ.
وروی ابو بصیر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) فی حدیث طویل ، انه قال : اذا قام القائم ( علیه السلام ) سار الى الكوفه ، فهدم بها اربعة مساجد ، ولم یبق مسجد علی وجه الأرض له شرُف (3) الا هدمها ، وجعلها جُمّاً (4) ووسع الطریق الاعظم ، وكسر كل جناح (5) خارج فی الطریق ، وابطل الكنف والمآزیب (6) ولا یترك بدعة الا أزالها ولا سنة الا أقامها ، ویفتح قسطنطينية والصین وجبال الدیلم ، فیمكث علی ذلك سبع سنین ، كل سنة عشر سنین من سنیكم هذه ، ثم یفعل الله ما یشاء ، قال : قلت له جعلت فداك ، فكیف یطول السنین ؟ قال یأمر الله تعالى الفلك باللبوث (7) وقلة الحركة فتطول الأيام لذلك والسنون ، قال : قلت له انهم یقولون ان الفلك ان تغير فسد قال ذلك قول الزنادقة ، فاما المسلمون فلا سبیل لهم الى ذلك ، وقد شق الله تعالى القمر لنبیه ( صلى الله علیه وآله وسلم ) ، ورد الشمس من قبله لیوشع بن نون ( علیه السلام ) ، وأخبر بطول یوم القيامة وأنه كالف سنة مما تعدون.
وروی جابر ، عن ابي جعفر ( علیه السلام ) ، انه قال : اذا قام قائم آل محمد ( صلى الله علیه وآله وسلم ) ، ضرب فساطیط (8) لمن یعلّم الناس القرآن ، علی ما انزل الله عز وجل ، فاصعب ما یكون علی من حفظه الیوم ، لأنه یخالف فیه التألیف.
وروی المفضل بن عمر ، عن ابی عبد الله ( علیه السلام ) ، قال : یخرج مع القائم ( علیه السلام ) من ظهر الكوفة سبع وعشرون رجلاً ، خمسة عشر من قوم موسی ( علیه السلام ) الذین كانوا یهدون بالحق ، وبه یعدلون ، وسبعة من اهل الكهف ویوشع بن نون ، وسلیمان ، وابو دجانة الأنصاری ، والمقداد ، ومالك الأشتر ، فیكونون بین یدیه انصاراً وحكاماً.
وروی عبد الله بن عجلان عن ابی عبد الله ( علیه السلام ) ، قال : اذا قام قائم آل محمد ( صلى الله علیه وآله وسلم ) حكم بين الناس بحكم داود ( عليه السلام ) ، ولا یحتاج الى بينة ، یلهمه الله تعالى فیحكم بعلمه ، ویخبر كل قوم بما استبطنوه ، ویعرف ولیه من عدوه بالتوسم.
قال الله سبحانه إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ. انتهى.
ولنختم الكلام : بهذا الدعاء المروي عن الإِمام الهمام ، موسی بن جعفر ، صلوات الله علیه : ( اللهم صل علی محمد وآل محمد ، وعلی منارك فی عبادك ، الداعی الیك باذنك القائم بأمرك ، المؤدي عن رسولك ، علیه وآله السلام ، اللهم اذا اظهرته فانجز له ما وعدته ، وسق الیه اصحابه ، وانصره وقوّ ناصریه ، وبلغه افضل امله واعطه سؤله ، وجدد به عن محمد وأهل بیته ، ( علیهم السلام ) بعد الذل الذي قد نزل بهم ، بعد نبیك فصاروا مقتولین ، مطرودین ، مشردین ، خائفین ، غیر آمنین ، لَقُوا في جنبك الاذى ، والتكذیب ابتغاء مرضاتك ، وطاعتك ، فصبروا علی ما اصابهم فیك ، راضین بذلك مسلمین لك ، فی جمیع ما ورد علیهم وما یرد الیهم ، اللهم عجل فرج قائمهم ، بأمرك وانصره وانصر به دینك ، الذي غُیِّر وبدل ، وجدد به ما امتحی منه وبدل بعد نبیك ( صلى الله علیه وآله وسلم ) ، اللهم صل على جميع النبيين ، والمرسلين الذي بلغوا عنك الهدى واعتقدوا لك المواثیق بالطاعة ، اللهم صل علیهم وعلى ارواحهم واجسادهم والسلام علیهم ورحمة الله وبركاته ).
الهوامش
1. اي اندرس.
2. البترية بضم الباء : فرقة من الزيدية قائلون بامامة ابي بكر وعمر وان اخطأت الأمة في البيعة لهما مع وجود علي ( عليه السلام ) لكنه خطأ ليس على درجة الفسق وتوقفوا في عثمان ، ولعل المذكورين قوم من اعقابهم يسمون بهم ، اذ من عقائد البترية بل مطلق الزيدية الخروج مع من ولده علي بن ابي طالب بادعائه الإِمامة.
3. جمع شرفة بضم الشين وهو من القصر ما اشرف من بنائه.
4. جمع اجم وهو البناء الذي ليس له شرف.
5. وهو ما خرج من البناء عن اصوله في الشارع.
6. الكنف : جناح الابنية ، والمآزيب هي مجاري الماء من السطح.
7. اي التوقف.
8. جمع فسطاط وهو البيت من شعر.
مقتبس من كتاب : [ الأنوار البهيّة ] / الصفحة : 319 ـ 323 / الناشر : دار الأضواء / الطبعة : 1
التعلیقات