المصريون ينصرون الإمام المهدي (عج)
الشيخ علي الكوراني
منذ 12 سنةمصر في عصر ظهور الإمام المهدي (عج)
وردت عدة أحاديث عن مصر في عصر ظهور الإمام المهدي (ع) وفيها أحاديث ضعيفة ، وفيها ما يتعلق بحركة الفاطميين ودخولهم الى مصر وقد خلطها بعضهم بأحاديث خروج السفياني وظهور المهدي (ع) .
لكن بعض أحاديثها صحيح ، وهو يمدح نجباء مصر وأنهم وزراء للإمام المهدي (عج) ومنها ما يذكر أن الإمام (ع) سيجعل مصر منبراً عالمياً للإسلام.
وقد عقدنا لها فصلاً في: المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي (عج) .
نجباء مصر وزراء الإمام المهدي (عج)
وقد روت حديث نجباء مصر مصادر الطرفين .
فمن مصادرنا: غيبة الطوسي/284 : «عن جابر الجعفي، عن الإمام الباقر (ع) قال: يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاث مائة ونيف عدة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من أهل الشام ، والأخيار من أهل العراق ، فيقيم ما شاء الله أن يقيم ».
وفي دلائل الإمامة للطبري الشيعي/248، بسنده عن أمير المؤمنين (ع) قال:« قال رسول الله (ص) :يا علي، عشر خصال قبل يوم القيامة ، ألا تسألني عنها؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: اختلافٌ وقتل أهل الحرمين ، والرايات السود وخروج السفياني ، وافتتاح الكوفة ، وخسف بالبيداء ، ورجل منا أهل البيت يبايع له بين زمزم والمقام ، يركب إليه عصائب أهل العراق ، وأبدال الشام ، ونجباء أهل مصر، ونصير أهل اليمن ، عدتهم عدة أهل بدر ».
وفي الإختصاص للمفيد/208: «عن حذيفة قال:سمعت رسول الله (ص) يقول: إذا كان عند خروج القائم ، ينادي مناد من السماء: أيها الناس قُطع عنكم مدة الجبارين ، وولي الأمر خير أمة محمد فالحقوا بمكة .
فيخرج النجباء من مصر والأبدال من الشام وعصائب العراق ، رهبانٌ بالليل ليوثٌ بالنهار ، كأن قلوبهم زبر الحديد ، فيبايعونه بين الركن والمقام .
قال عمران بن الحصين: يا رسول الله صف لنا هذا الرجل ، قال: هو رجل من ولد الحسين كأنه من رجال شنوءة ، عليه عباءتان قطوانيتان ، إسمه إسمي ، فعند ذلك تفرح الطيور في أوكارها ، والحيتان في بحارها، وتمُد الأنهار ، وتفيض العيون ، وتُنبت الأرض ضعف أكلها ، ثم يسير ، مقدمتُه جبرئيل ، وساقته إسرافيل ، فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً ».
ومجمع البيان:4/398 ،وإثبات الهداة:3/621، ونحوه عقد الدرر للسلمي/83 .
ورواه ابن حماد في الفتن:1/356:«قادة المهدي خير الناس ، أهل نصرته وبيعته ، من أهل كوفان ، واليمن ، وأبدال الشام .
مقدمته جبريل وساقته ميكائيل ، محبوب في الخلائق ، يطفئ الله تعالى به الفتنة العمياء ، وتأمن الأرض ، حتى إن المرأة لتحج في خمس نسوة ما معهن رجل.
لايتقي شيئاً إلا الله تعطي الأرض زكاتها والسماء بركتها ».
وفي سنن الداني/104 ، بسنده عن حذيفة قال: «قال رسول الله (ص) .
.
بنحو حديث الإختصاص ، وفيه: « فقام عمران بن الحصين الخزاعي فقال: يا رسول الله كيف لنا بهذا حتى نعرفه ؟ فقال: هو رجل من ولدي كأنه من رجال بني إسرائيل ، عليه عباءتان قطوانيتان ، كأن وجهه الكوكب الدري في اللون ، في خده الأيمن خال أسود ، ابن أربعين سنة ، فيخرج الأبدال من الشام وأشباههم، ويخرج إليه النجباء من مصر ، وعصائب أهل المشرق وأشباههم ، حتى يأتوا مكة فيبايع له بين زمزم والمقام.
.
.
الخ.
».
وفردوس الأخبار للديلمي:5/523 ح 8963 ، بعضه ، كما في الداني .
وتفسير الطبري:15/17 ، بعضه ، عن حذيفة ، كما في الداني .
والفائق للزمخشري:1/87 ، وتهذيب ابن عساكر:1/62، و63، و96، وفيه: « عن علي (ع) : الأبدال من الشام ، والنجباء من أهل مصر ، والأخيار من أهل العراق».
« قبة الإسلام بالكوفة ، والهجرة بالمدينة ، والنجباء بمصر ، والأبدال بالشام، وهم قليل».
أقول: هذه فضيلة كبيرة لمصر وأهلها، لأن أصحاب المهدي (ع) الخاصين لهم مقام عظيم ، فهم ممدوحون على لسان النبي (ص) وأهل بيته (ع) .
وهم في دولة العدل الإلهي حكام في العالم .
وفي تاريخ بغداد:3/289: « عبيد الله بن محمد العيشي قال: سمعت الكتاني يقول: النقباء ثلاث مائة ، والنجباء سبعون ، والبدلاء أربعون ، والأخيار سبعة ، والعُمَد أربعة ، والغوث واحد .
فمسكن النقباء المغرب ، ومسكن النجباء مصر ، ومسكن الأبدال الشام ، والأخيار سياحون في الأرض ، والعمد في زوايا الأرض ، ومسكن الغوث مكة ، فإذا عرضت الحاجة من أمر العامة ابتهل فيها النقباء ، ثم النجباء ، ثم الأبدال ، ثم الأخيار ، ثم العمد ، ثم أجيبوا وإلا ابتهل الغوث، فلايتم مسألته حتى تجاب دعوته»وتاريخ دمشق:1/300، والشعراني/178، والعجلوني:1/25، والداني5/1092 .
وفي الفائق:1/87 ، وتهذيب ابن عساكر:1/62، عن علي (ع) :« قبة الإسلام بالكوفة ، والهجرة بالمدينة ، والنجباء بمصر ، والأبدال بالشام وهم قليل» .
أقول: هذا فضيلة كبيرة لمصر وأهلها ، لأن أصحاب المهدي (ع) الثلاث مئة وثلاثة عشر لهم مقام عظيم ، فهم ممدوحون على لسان النبي وأهل بيته (ص) .
وهم وزراء المهدي (ع) وحكام العالم في دولة العدل الإلهي.
وفد مصر الذي يحمل البيعة للإمام المهدي (عج)
في الإرشاد/360: « عن الإمام الرضا (ع) قال: كأني برايات من مصر مقبلات خضر مصبغات ، حتى تأتي الشامات فتؤدى إلى ابن صاحب الوصيات ».
وفي رواية: تهدي البيعة .
وهذا الوفد غير النجباء من أصحابه ، الذين يأتون اليه عند ظهوره في مكة .
ومعنى تؤدي اليه البيعة أو تهديها: أنها تبايعه نيابة عن أهل مصر ، وهو إشارة الى أن حكومة موالية للمهدي (ع) تقوم في مصر .
أمير الأمرة في مصر سنة ظهور المهدي (عج)
روى النعماني في كتاب الغيبة/283، بسنده عن عبيد الله بن العلاء ، عن الإمام الصادق (ع) قال: « إن أمير المؤمنين (ع) حدث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم ، فقال الحسين: يا أمير المؤمنين ، متى يطهر الله الأرض من الظالمين ، فقال أمير المؤمنين: لايطهر الله الأرض من الظالمين حتى يسفك الدم الحرام ثم ذكر أمر بني أمية وبني العباس في حديث طويل، ثم قال: إذا قام القائم بخراسان ، وغلب على أرض كوفان والملتان ، وجاز جزيرة بني كاوان .
وقام منا قائم بجيلان ، وأجابته الآبر والديلمان ، ظهرت لولدي رايات الترك متفرقات في الأقطار والجنبات ، وكانوا بين هنات وهنات .
إذا خربت البصرة وقام أمير الإمرة بمصر».
وتدل الفقرة الأخيرة على أن حركة أمير الإمرة مؤيدة للإمام (ع) ، وأمير الأمرة أي الأمير المطاع من الجميع ، فهو قائدٌ لقادة ، وقد يكون صاحب رتبة في الجيش أو أنه بعد نجاحه يكون حاكم مصر .
وقد جعل قيامه علامة لظهور الإمام (ع) ، فيكون قبله من مقدماته والتمهيد له ، أو مرافقاً لظهوره (ع) .
ويؤيد ذلك ذكر القائم بخراسان وجيلان ورايات الترك بآذربيجان ، وقد ورد أنها في سنة ظهور الإمام (ع) .
الإمام المهدي (عج) يدخل مصر ويجعلها مركزه الإعلامي
روت مصادرنا عن علي (ع) أنه قال: «لأبنين بمصر منبراً ، ولأنقضن دمشق حجراً حجراً ، ولأخرجن اليهود من كل كور العرب ، ولأسوقن العرب بعصاي هذه .
فقال الراوي وهو عباية الأسدي: قلت له: يا أمير المؤمنين كأنك تخبر أنك تحيا بعدما تموت ؟ فقال: هيهات ياعباية ، ذهبت غير مذهب .
يفعله رجل مني ، أي المهدي (ع) ».
(معاني الأخبار:406، والإيقاظ/385 ).
وهو يشير الى معركة المهدي (ع) مع السفياني في دمشق ومن وراءه من اليهود ، فينتصر عليهم ويدخل القدس كما نصت الروايات ، وأنه بعد انتصاره يُخرج اليهود من بلاد العرب ، ويجعل مصر مركزاً إعلامياً عالمياً .
وقد وصفت خطبة رويت عن أمير المؤمنين (ع) تسمى خطبة المخزون ، حركة المهدي (ع) وحروبه ، وذكرت دخوله الى مصر ، وهي خطبة طويلة رواها الحسن بن سليمان في مختصر بصائر الدرجات/195، وفي طبعة/210، وطبعة/519 ، عن السيد بن طاووس بسنده عن الإمام الصادق (ع) ، جاء فيها: «وإن لكل شئ إنّاً يبلغه ، لا يعجل الله بشئ ، حتى يبلغ أناه ومنتهاه ، فاستبشروا ببشرى ما بشرتم به ، واعترفوا بقربان ما قرب لكم ، وتنجزوا من الله ما وعدكم .
إن منا دعوة خالصةً ، يظهر الله بها حجته البالغة، ويتم بها النعمة السابغة، ويعطى بها الكرامة الفاضلة، من استمسك بها أخذ بحكمة منها ، آتاكم الله رحمته ومن رحمته نور القلوب ، ووضع عنكم أوزار الذنوب ، وعجل شفاء صدوركم وصلاح أموركم ، وسلام منا لكم دائماً عليكم تسلمون به في دول الأيام ، وقرار الأرحام أين كنتم ، وسلامه لسلامه عليكم في ظاهره وباطنه .
.
.
فإن الله عز وجل اختار لدينه أقواماً انتجبهم للقيام عليه ، والنصرة له ، بهم ظهرت كلمة الإسلام ، وأرجاء مفترض القرآن ، والعمل بالطاعة في مشارق الأرض ومغاربها.
.
.
إن أمرنا صعب مستصعب ن لا يحتمله ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان.
لايعي حديثنا إلا حصون حصينة ، أو صدور أمينة أو أحلام رزينة .
ياعجباً كل العجب بين جمادى ورجب.
.
.
ألا أيها الناس سلوني قبل أن تشرع برجلها فتنة شرقية ، وتطأ في خطانها بعد موت وحياة أو تشب نار بالحطب الجزل غربي الأرض، ورافعة ذيلها تدعو يا ويلها ، بذحلة أو مثلها ، فإذا استدار الفلك قلتم مات أو هلك ، بأي واد سلك ، فيومئذ تأويل هذه الآية: ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ.
.
.
ولذلك آيات وعلامات ، أولهن إحصار الكوفة بالرصد والخندق ، وتحريق الزوايا في سكك الكوفة ، وتعطيل المساجد أربعين ليلة ، وتخفق رايات ثلاث حول المسجد الأكبر يشبهن بالهدى ، القاتل والمقتول في النار ، وقتل كثير وموت ذريع ، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين ، والمذبوح بين الركن والمقام.
.
.
ثم يسير إلى مصر فيعلو منبره ، ويخطب الناس ، فتستبشر الأرض بالعدل ، وتعطى السماء قطرها ، والشجر ثمرها ، والأرض نباتها ، وتتزين لأهلها ، وتأمن الوحوش حتى ترتعي في طرف الأرض كأنعامهم ، ويقذف في قلوب المؤمنين العلم ، فلا يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من العلم.
.
.
فيومئذ تأويل هذه الآية: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ .
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ .
قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ .
فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ .
فيمكث فيما بين خروجه إلى يوم موته ثلاث مائة سنة ونيفاً ، وعدة أصحابه ثلاث مائة وثلاثة عشر ».
وهذا يدل على أن المهدي (ع) يحتل دمشق بعد معركة كبرى مع السفياني، ويكون اليهود متواجدين في عصره في بلاد العرب ، فيخرجهم منها ، وأنه يجعل مصر مركز إعلامياً للعالم .
وروى في مختصر البصائر/210، وصف علي (ع) دخول الإمام المهدي (ع) الى مصر واستقبال أهلها له ، قال: «ويسير الصديق الأكبر براية الهدى.
.
.
ثم يسير إلى مصر فيعلو منبره ويخطب الناس فتستبشر الأرض بالعدل.
.
».
كما تذكر رواية أن للإمام المهدي (ع) في هرمي مصر ، كنوزاً وذخائر من العلوم ، رواها الصدوق في كتابه كمال الدين/564 ، عن أحمد بن محمد الشعراني ، الذي هو من ولد عمار بن ياسر رضي الله عنه ، عن محمد بن القاسم المصري، قال: «إن ابن أحمد بن طولون شغَّل ألف عامل في البحث عن باب الهرم سنة ، فوجدوا صخرة مرمر وخلفها بناء لم يقدروا على نقضه ، وأن أُسْقُفاً من الحبشة قرأها، وكان فيها عن لسان أحد الفراعنة قوله: «وبنيت الأهرام والبراني، وبنيت الهرمين وأودعتهما كنوزي وذخائري.
فقال ابن طولون: هذا شئ ليس لأحد فيه حيلة إلا القائم من آل محمد (ص) .
ورُدَّت البلاطة كما كانت مكانها».
وفي الرواية نقاط ضعف ، لكنها تصلح مؤيداً .
الأبقع الذي تسانده مصر
ذكرت روايات حركة السفياني أن الأبقع يخرج قبله على حاكم الشام الأصهب ، ويكون بينهما صراع ، ثم يأتي بالسفياني من جهة حوران فيقاتلهما وينتصر عليهما ، ويسيطر على سوريا .
وورد في وصف الأبقع أن أنصاره من مصر ، أو هو مصري الأصل .
ففي فتن ابن حماد/77 عن علي (ع) قال: « تخرج بالشام ثلاث رايات: الأصهب والأبقع من مصر ، فيظهر السفياني عليهم ».
وفي تفسير العياشي(1/65): «وإن أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات: الأصهب والأبقع والسفياني ».
دخول جيش المغرب الى مصر
روى ابن حماد في كتابه الفتن وغيره روايات عن علاقة مصر بأحداث خروج السفياني ، تذكر دخول أهل المغرب الى مصر ، وغالبها مراسيل وأقوال أشخاص ، ويبدو انها من تحريف الرواة لأحاديث دخول جيش المغرب الفاطمي الى مصر والشام، ولا علاقة لها بظهور الإمام المهدي (ع) .
قال ابن حماد:1/222: «عن عمار بن ياسر قال: وخروج ثلاثة نفر بالشام ، وخروج أهل المغرب إلى مصر، وتلك أمارة السفياني».
والداني/78 .
وقال ابن حماد:1/285: « عن أرطاة قال: إذا اجتمع الترك والروم ، وخسف بقرية بدمشق وسقط طايفة من غربي مسجدها، رُفع بالشام ثلاث رايات: الأبقع والأصهب والسفياني ، ويحصر بدمشق رجل فيقتل ومن معه ويخرج رجلان من بني أبي سفيان فيكون الظفر للثاني ، فإذا أقبلت مادة الأبقع من مصر ، ظهر السفياني بجيشه عليهم فيُقتل الترك والروم بقرقيسيا، حتى تشبع سباع الأرض من لحومهم ».
والأبقع: في وجهه بقع.
والأصهب: إسم للأسد ، وصفة للأصفر الوجه .
ومادة الأبقع: أنصاره .
والصحيح أن حركة الأبقع تكون في الشام ، وهو مؤيد من مصر، أو أصله من مصر .
أما دخول جيش المغرب الى مصر ، فينطبق على حركة الفاطميين ولا علاقة لها بظهور المهدي (ع) .
وأحاديث السفياني قبيل ظهور المهدي (ع) متواترة ، لكن لم يثبت علاقتها بدخول المغربيين الى مصر .
وكذلك الروايات التي تتحدث عن أزمة اقتصادية في الحجاز بسبب منع المواد التموينية عنها من مصر، فهي تخص القرون الأولى ، حيث كانت مصر مصدر تموين الحجاز ، لكن الرواة خلطوها بأحاديث المهدي (ع) ، كما في مسند أحمد:2/262، عن أبي هريرة: قال رسول الله (ص) :« مَنَعت العراق قفيزها ودرهمها ، ومَنَعت الشام مدها ودينارها ، ومَنَعت مصر إرْدَبَّها ودينارها ، وعدتم من حيث بدأتم «ثلاثاً» وقال: يشهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه » ! والقفيز والمد والإردب: مكاييل للغلات .
ونحوه مسلم:4/2220 ، وأبو داود:3/166، والبيهقي:9/137، ودلائل النبوة:6/329، كلها عن أبي هريرة .
وهي ترتبط بقطع التموين عن الجزيرة يومذاك من العراق والشام ومصر .
ولعل من نوعها الرواية عن حاكم مصر الذي يأتي بالروم ويبسط يدهم في حكمها ، رواها ابن المنادي/33: « عن أبي ذر (رض) قال عن النبي (ص) : سيكون رجل من بني أمية بمصر يلي سلطاناً ثم يغلب على سلطانه أو ينزع منه ، ثم يفر إلى الروم فيأتي بالروم إلى أهل الإسلام ، فذلك أول الملاحم».
وتهذيب ابن عساكر:4/147، والجامع الصغير:2/63.
ومضافاً الى الإشكال في سندها، فقد يكون حدثها وقع وانتهى ، ولا ينافي ذلك قوله: فذلك أول الملاحم ، فهو يستعمل بمعنى أحداث ظهور المهدي (ع) ، وقد يقصد به ملاحم في ذلك العصر.
والنتيجة: أنه لا يصح عد هذه الروايات من علامات ظهور المهدي (ع) ، مضافاً الى ضعفها وإرسالها .
كذبة كعب في أن الدجال من مصر
قال ابن حجر في فتح الباري:13/277: «وأخرج أبو نعيم أيضاً من طريق كعب الأحبار أن الدجال تلده أمه بقوص من أرض مصر قال: وبين مولده ومخرجه ثلاثون سنة ! قال: ولم ينزل خبره في التوراة والإنجيل ، وإنما هو في بعض كتب الأنبياء .
وأخلق بهذا الخبر أن يكون باطلاً ، فإن الحديث الصحيح أن كل نبي قبل نبينا أنذر قومه الدجال ، وكونه يولد قبل مخرجه بالمدة المذكورة مخالف لكونه ابن صياد ، ولكونه موثوقاً في جزيرة من جزائر البحر.
.
.
وأقرب ما يجمع به بين ماتضمنه حديث تميم وكون ابن صياد هو الدجال ، أن الدجال بعينه هو الذي شاهده تميم موثوقاً ، وأن ابن صياد شيطان تبدَّى في صورة الدجال في تلك المدة ، إلى أن توجه إلى أصبهان فاستتر مع قرينه إلى أن تجئ المدة التي قدر الله تعالى خروجه فيها » !
ثم اعترف ابن حجر بتناقض أحاديثهم الصحيحة في الدجال فقال: «ولشدة التباس الأمر في ذلك سلك البخاري مسلك الترجيح فاقتصر على حديث جابر عن عمر في ابن صياد ، ولم يخرج حديث فاطمة بنت قيس في قصة تميم، وقد توهم بعضهم أنه غريب فرده وليس كذلك ، فقد رواه مع فاطمة بنت قيس أبو هريرة وعائشة وجابر .
أما أبو هريرة فأخرجه أحمد من رواية عامر الشعبي عن المحرز بن أبي هريرة عن أبيه بطوله ، وأخرجه أبو داود مختصراً وابن ماجة عقب رواية الشعبي عن فاطمة ».
أقول: يقصد كعب أن الدجال الذي هو ملك اليهود سيولد في مصر كموسى (ع) ، ويقود بني إسرائيل !
وقد روى المسلمون قبل كعب أن الدجال يهودي ، ففي مسند أحمد:3/224 ، قال أنس: «قال رسول الله (ص) : يخرج الدجال من يهودية أصبهان(محلة في أصفهان) معه سبعون ألفاً من اليهود ، عليهم التيجان ».
ونحوه مسلم:8/207.
لكن كعباً جعل الدجال عربياً ، وجعل أنصاره عرباً ! ففي مصنف ابن أبي شيبة:8/671، و:15/182: «كأني بمقدمة الأعور الدجال ست مائة ألف من العرب يلبسون السيجان».
(والدر المنثور:5/354».
وفي كنى البخاري/65، وغيره ، عن ابن عمر: «يتبع الدجال أربعون ألفاً من صلب العرب ».
ثم جعل كعب الدجال عراقياً ، لأن أهل العراق وخاصة القبائل اليمانية كانوا يعرفون زيف كعب ويكذبونه ! فقال كعب كما في عبد الرزاق:11/396: «يخرج الدجال من العراق» !
وقال كعب لعمر لما أراد أن يسكن العراق: «لا تفعل فإن فيها الدجال ، وبها مردة الجن ، وبها تسعة أعشار السحر، وبها كل داء عضال يعني الأهواء».
عبد الرزاق:11/251، والدر المنثور:5/354 .
وقد فصلنا حديث الدجال في معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) .
وبينا أن حركته بعد ظهور الإمام المهدي ونزول عيسى’، وبينا اضطراب روايات أتباع السلطة فيه وتناقضها .
والمشكلة عندهم أنها كلها صحيحة ! فقد قال عمر إن الدجال هو ابن صياد المعاصر له ، وقال تميم الداري إنه رآه موثقاً في جزيرة في البحر ، وقال كعب إنه في جزيرة باليمن موثق من زمن سليمان (ع) !
بغض كعب الأحبار لمصر وكذبه عنها
نشط كعب الأحبار في نشر مدح الشام وذم الحجاز ومصر والعراق ، وتحولت أقواله على يد تلاميذه الى أحاديث نبوية ! منها حديث ابن عمر أن النبي (ص) قال: «دخل إبليس العراق فقضى حاجته ، ثم دخل الشام فطردوه ، ثم دخل مصر فباض فيها وفرخ ، وبسط عَبْقَريَّه» ! أي فرش بساطه ، واستقر في مصر !
(رواه الطبراني في الأوسط: 6/286، والكبير:12/262، ووثقه في الزوائد:10/60).
وفي تاريخ دمشق:1/317 و318: «ثم دخل الشام فطردوه حتى بلغ بُسَاق» وعقبة بُساق: في طريق الذاهب الى مصر! (معجم البلدان:1/413).
وفي معجم الطبراني الأوسط:6/286، والكبير:12/262، وتاريخ دمشق:1/99، عن إياس بن معاوية: قال رسول الله (ص) : « إن الله تعالى قد تكفل لي بالشام وأهله ، وإن إبليس أتى العراق فباض فيها وفرخ ، وإلى مصر فبسط عبقريه واتكأ ! وقال: جبل الشام جبل الأنبياء ».
كما روى الحاكم:4/462 ، نبوءة كعب وأحلامه بخراب مصر ، قال: «الجزيرة آمنة من الخراب حتى تخرب أرمينية ، ومصر آمنة من الخراب حتى تخرب الجزيرة، والكوفة آمنة من الخراب حتى تخرب مصر، ولا تكون الملحمة حتى تخرب الكوفة ، ولا تفتح مدينة الكفر حتى تكون الملحمة ، ولا يخرج الدجال حتى تفتح مدينة الكفر» .
وكل هذا من مكذوباته ، ولعله اتفق مع الروم فأشاع في المسلمين أنهم إذا فتحوا القسطنطينية فسيخرج الدجال ، وتخرب مكة والمدينة ، وتخرب مصر وبلاد المسلمين !
وروى ابن حماد:1/236: «عن كعب قال: رأس الأرض الشام وجناحاها.
ولا مصر والعراق والذنباء أي الحجاز! وعلى الذنباء يسلح الباز » !
وهذا ذم يهودي خبيث لمصر والعراق والحجاز مركو النبوة ! والعجيب أن رواة الخلافة وعلماء المذاهب ، قبلوه ورووه ، ولم يردوا عليه !
(( ضمن كتاب مصر و اهل البيت ع ))
التعلیقات