الخطر الأكبر على الأمة..الأئمة المضلون
الشيخ علي الكوراني
منذ 12 سنة1- الأئمة المضلون هم الخطر على الأمة وليس الدجال !
من الأحاديث النبوية الخطيرة التي لايحبها رواة الخلافة القرشية: تحذيرات النبي صلى الله عليه وآله المشددة لأمته من الأئمة المضلين الذين يأتون بعده ، وهي أحاديث صحيحة ومتواترة وشديدة ! أدرجناها في الكتاب لأن عدداً منها نص على أن فتنتهم تستمر حتى يبعث الله المهدي من ذرية النبي صلى الله عليه وآله .
أحمد:4/123، عن شداد بن أوس أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن الله عز وجل زوى لي الأرض(جَمَعَها)حتى رأيت مشارقها ومغاربها ، وإن مُلك أمتي سيبلغ ما زويَ لي منها وإني أعطيت الكنزين الأبيض والأحمر ، وإني سألت ربي عز وجل أن لايهلك أمتي بِسِنِةٍ بعامة ، وأن لايسلط عليهم عدواً فيهلكهم بعامة ، وأن لا يلبسهم شيعاً ولا يذيق بعضهم بأس بعض . قال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لايرد ، وإني قد أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة ، ولا أسلط عليهم عدواً ممن سواهم فيهلكوهم بعامة ، حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً وبعضهم يقتل بعضاً وبعضهم يسبي بعضاً . قال: وقال النبي صلى الله عليه وآله : وإني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المضلين ، فإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة) . ونحوه أحمد:5/278 ، عن ثوبان ، ومسلم:4/2215 ، وفيه: وإني سألت ربي لأمتي أن لايهلكها بسنة عامة ، وأن لا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم... حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً . وابن ماجة:2/1304 ، كأحمد ، بتفاوت ، وزاد فيه: وستعبد قبائل من أمتي الأوثان وستلحق قبائل من أمتي بالمشركين ، وإن بين يدي الساعة دجالين كذابين ، قريباً من ثلاثين كلهم يزعم أنه نبي ، ولن تزال طائفة من أمتي على الحق منصورين ولا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل . قال أبو الحسن: لما فرغ أبو عبد الله من هذا الحديث ، قال: ما أهْوَله ! وبنحوه أبو داود:4/97 ، والترمذي:4/410 ، وحسنه وصححه. والبيهقي:9/181، وصحح مجمع الزوائد:5/239 ، آخره برواية أحمد والألباني/7 ، أوله عن مسلم وأبي داود والترمذي وابن ماجة وأحمد .
وفي أحمد:1/98 ، عن علي رضي الله قال: ذكرنا الدجال عند النبي صلى الله عليه وآله وهو نائم فاستيقظ محمراً لونه فقال: غير ذلك أخوف لي عليكم ، ذكر كلمة) . خاف الراوي أن يذكرها فتنطبق على حكام عصره !
وفي أحمد:5/145، عن أبي ذر قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: لغير الدجال أخوفني على أمتي قالها ثلاثاً ، قال قلت: يا رسول الله ، ما هذا الذي غير الدجال أخوفك على أمتك ؟ قال: أئمة مضلون) . وفي ابن أبي شيبة:15/142، عن علي قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وآله جلوساً وهو نائم فذكرنا الدجال فاستيقظ محمراً وجهه فقال: غير الدجال أخوف عليكم عندي من الدجال: أئمةٌ مضلون ).
وفي أحمد:5/389 ، عن حذيفة قال: ذكر الدجال عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: لأنا لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجال). وصححه في الزوائد:7/335 . ونحوه في الفردوس:3/131، وقال في هامشه: قال الإمام العراقي: روى أحمد عن أبي ذر بإسناد جيد: لأنا من غير الدجال أخوف عليكم من الدجال ، فقيل: وما ذلك؟ قال: من الأئمة المضلين) .
صحيحة الألباني:271ح54 ، عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أخوف ما أخاف على أمتي أئمة مضلين ! إذا وضع السيف لم يرفع الى يوم القيامة ).
وفي سبل الهدى:10/138: وروى أبو يعلى وابن حبان عن أبي سعيد وأبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ليأتين على الناس زمان يكون عليهم أمراء سفهاء ، يقدمون شرار الناس ويظاهرون بخيارهم ، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها ، فمن أدرك ذلك منكم ، فلا يكونن عريفاً ولا شرطياً ولا جابياً ولا خازناً . وروى أحمد بن منيع برجال ثقات وابن أبي شيبة ، وأبو يعلى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : تعوذوا بالله من رأس السبعين ومن أمارة الصبيان . وروى عن ابن عباس ووثقه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يكون عليكم أمراء هم شر من المجوس) .
وفي حلية الأولياء:7/69: عن سفيان الثوري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لسلمان: إن طعام أمرائي بعدي مثل طعام الدجال ، إذا أكله الرجل انقلب قلبه) .
أقول: وردت كلمة المضلين في بعض الأحاديث منصوبة وحقها الرفع ، وإن صح أن النبي صلى الله عليه وآله نصبها فهو بتقدير أعني ، وفائدته مزيد التأكيد .
والمقصود من الحديث الأخير تحذير المسلمين من التقرب إلى أمراء الجور ودعوة الى مقاطعتهم وعدم تناول طعامهم لأن له تأثيراً على قلب المسلم وإيمانه يسبب انحرافه ، كطعام الدجال الذي ورد أنه يغري به الناس فيكفرون .
2- الأئمة المضلون يسفكون دماء العترة والأمة
روينا عن أهل البيت عليهم السلام تحذير النبي صلى الله عليه وآله في أحاديث الأئمة المضلين من سفك دماء عترته الطاهرة عليهم السلام ، لكن رواة الخلافة حذفوا ذلك ! وليس بعيداً على أتباع الحكام المضلين أن يسقطوا ما يتعلق بسفكهم دماء العترة الطاهرة !
ففي أمالي الطوسي:2/126 وطبعة/512 ، عن عبد الله بن يحيى الحضرمي قال: سمعت علياً عليه السلام يقول: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وآله وهو نائم ورأسه في حجري فتذاكرنا الدجال ، فاستيقظ النبي محمراً وجهه فقال: غير الدجال أخوف عليكم من الدجال: الأئمة المضلون ، وسفك دماء عترتي من بعدي ، أنا حربٌ لمن حاربهم وسلمٌ لمن سالمهم) . ومثله الإحتجاج:1/265 وطبعة/395 .
وفي أمالي الطوسي/65، وأمالي المفيد/288، عن علي عليه السلام قال: لما نزلت على النبي صلى الله عليه وآله : إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ، قال لي: يا علي ، لقد جاء نصر الله والفتح ، فإذا رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً . يا علي ، إن الله تعالى قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي كما كتب عليهم جهاد المشركين معي . فقلت: يا رسول الله وما الفتنة التي كتب علينا فيها الجهاد؟ قال: فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وهم مخالفون لسنتي وطاعنون في ديني . فقلت: فعلى مَ نقاتلهم يا رسول الله ، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله؟ فقال على إحداثهم في دينهم وفراقهم لأمري ، واستحلالهم دماء عترتي . قال: فقلت: يا رسول الله ، إنك كنت وعدتني الشهادة فسل الله تعجيلها لي . فقال: أجل قد كنت وعدتك الشهادة فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذا؟ وأومى إلى رأسي ولحيتي فقلت يا رسول الله أما إذا بينت لي ما بينت فليس هذا بموطن صبر ، لكنه موطن بشرى وشكر . فقال: أجل فأعد للخصومة فإنك تخاصم أمتي . قلت: يا رسول الله أرشدني الفلج .قال: إذا رأيت قوماً قد عدلوا عن الهدى إلى الضلال فخاصمهم فإن الهدى من الله والضلال من الشيطان . يا علي إن الهدى هو اتباع أمر الله دون الهوى والرأي ، وكأنك بقوم قد تأولوا القرآن وأخذوا بالشبهات واستحلوا الخمر بالنبيذ والبخس بالزكاة والسحت بالهدية . قلت: يا رسول الله فما هم إذا فعلوا ذلك ، أهم أهل ردة أم أهل فتنة؟ قال: هم أهل فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل ! فقلت: يا رسول الله العدل منا أم من غيرنا؟ فقال: بل منا ، بنا يفتح الله ، وبنا يختم ، وبنا ألف الله بين القلوب بعد الشرك ، وبنا يؤلف الله بين القلوب بعد الفتنة ، فقلت: الحمد لله على ما وهب لنا من فضله).
أقول: روت مصادرهم جزءً من حديث أمالي المفيد والطوسي الأول ، وحذفوا منه ذكر الأئمة المضلين ، وهذا ديدنهم في تجزئة الأحاديث لتضييعها!
روى الحاكم:3/149، عن أبي هريرة قال: نظر النبي صلى الله عليه وآله إلى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال: أنا حربٌ لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم . وحكم بصحته واستشهد له بحديث مشابه عن زيد بن أرقم ، وفيه أنا حربٌ لمن حاربتم وسلمٌ لمن سالمتم).
ورووه أيضاً عن زيد بن أرقم والخدري وأم سلمة وغيرهم وأن النبي صلى الله عليه وآله قاله مكرراً عندما نزلت آية التطهير ، فكان يذهب فجراً أربعين صباحاً الى باب دار علي عليه السلام فيدق عليهم الباب ويقرأ الآية ويقول هذا الكلام ، وقاله في حي في المدينة ، وقاله في مرض وفاته ، ومناسبات أخرى ! كما ترى في مسند أحمد:2/442، وابن ماجة:1/52، والترمذي:5/360 ، ومجمع الزوائد:9/169 ، وابن شيبة:7/512 ، وأمالي المحاملي/447 ، وصحيح ابن حبان: 15/434 ، وأوسط الطبراني:3/179، و:5/182، و:7 /197، والأصغر:2/3، والأكبر:3/40، و:5/184، وفضائل سيدة النساء لعمر بن شاهين/29 ، وموارد الظمآن:7/201 ، وتفسير الثعلبي:8/311 ، وشواهد التنزيل:2/44 ، وتاريخ بغداد:7/144، وتاريخ دمشق:13/218 ، و:14/144، وسير أعلام النبلاء:2/122 .
وراجع من مصادرنا أيضاً: تفسير الإمام العسكري عليه السلام /376 ، وتفسير فرات الكوفي/338 .
3 ـ محاولات تبرئة الصحابة وتأخير الوعد النبوي بالمضلين
أحمد:1/458 ، عن ابن مسعود ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما من نبي بعثه الله عز وجل في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلَّف من بعدهم خلوفٌ يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون).
الحواريون والحواري: الأصحاب الخاصون . الخلوف: جمع خليفة، أي أجيال .
وفي أحمد:1/461 ، عن ابن مسعود نحوه ، وفي مسلم:1/69 ، وفيه: قال أبو رافع: فحدثت عبد الله بن عمر فأنكره عليَّ ، فقدم ابن مسعود فنزل بقناة فاستتبعني إليه عبد الله بن عمر يعوده ، فانطلقت معه فلما جلسنا سألت ابن مسعود عن هذا الحديث فحدثنيه كما حدثته ابن عمر .
الطبراني الكبير:22/362: ستكون عليكم أئمة يملكون أرزاقكم ، يحدثونكم فيكذبونكم ويعملون ويسيئون العمل ، لا يرضون منكم حتى تحسنوا قبيحهم وتصدقوا كذبهم ، فأعطوهم الحق ما رضوا به ، فإذا تجاوزوا فمن قتل على ذلك فهو شهيد) . ومثله في:22/373، وفي الفردوس:2/317: يلون أرزاقكم فيمنعونكموها حتى تصدقوهم بكذبهم وتحسنوا قبيحهم... فمن قتل على ذلك فهو شهيد .
الطبراني الكبير:22/375 ، عن الصدفي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: سيكون من بعدي خلفاء ومن بعد الخلفاء أمراء ومن بعد الأمراء ملوك ومن بعد الملوك جبابرة ، ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ).انتهى.
أقول: لايمكنهم إبعاد أحاديث الأئمة المضلين عن الصحابة ، لأن أحاديث الحوض الصحيحة عندهم نصت على أن أكثر الصحابة يُغَيِّرون ويُبَدِّلون بعد النبي صلى الله عليه وآله فيدخلهم الله النار ! بل نصت رواية بخاري على أنهم في النار ولا ينجو منهم إلا قلة ممن ينفردون عن قطيعهم ! فقد روى في صحيحه:7/208 أن النبي صلى الله عليه وآله وصف الصحابة في المحشر فقال: (بينا أنا قائمٌ فإذا زمرةٌ حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلمَّ ، فقلت أين؟ قال إلى النار والله ! قلت: وما شأنهم؟! قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ! ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلمَّ ! قلت: أين؟! قال: إلى النار والله ! قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ! فلا أراه يخلص منهم إلا مثل هَمَل النعم). انتهى. ومعنى هذا أن لأئمة المضلين من الصحابة !
وتلاحظ أن أحاديثهم في الخروج والثورة على الأئمة المضلين متناقضة ، فبعضها يأمر بالخروج والمقاومة حتى الشهادة ، وبعضها ينهى عنه ما أقاموا الصلاة ، وبعضها ينهى عنه مهما ظلموا ! ومعناه أن السلطة تدخلت في الرواية وضيعت الأمر النبوي !
4- إن أطعتموهم أضلوكم وإن عصيتموهم قتلوكم !
الطبراني، الكبير:8/176، عن أبي أمامة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لست أخاف على أمتي جوعاً يقتلهم ، ولا عدواً يجتاحهم(يستأصلهم) ولكني أخاف على أمتي أئمة مضلين ، إن أطاعوهم فتنوهم(أضلوهم)وإن عصوهم قتلوهم ).
الطبراني الصغير:1/264: عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وآله قال: خذوا العطاء ما دام عطاء ، فإذا صار رشوة على الدين فلا تأخذوه ولستم بتاركيه، يمنعكم الفقر والحاجة ألا إن رحا بني مرح قد دارت وقد قتل بنو مرح . ألا إن رحا الإسلام دائرة فدوروا مع الكتاب حيث دار . ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان فلا تفارقوا الكتاب . ألا إنه سيكون أمراء يقضون لكم فإن أطعتموهم أضلوكم وإن عصيتموهم قتلوكم . قال: يا رسول الله فكيف نصنع؟ قال كما صنع أصحاب عيسى بن مريم نُشِّروا بالمناشير وحُملوا على الخشب ! موتٌ في طاعة الله خير من حياة في معصية الله عز وجل) . ورواه في المطالب العالية:4/267 ، كالطبراني بتفاوت يسير ، والدر المنثور:2/300 ، عن عبد بن حميد . ووثقه في مجمع الزوائد:5/227 . وبنو مرح: أهل الفرح والزهو ، كناية عن المشركين . والمقصود بافتراق السلطان والقرآن: أن الحكام سيحكمون بغير ما أنزل الله تعالى ، كما حصل .
عبد الرزاق:11/329، عن النبي صلى الله عليه وآله : إنها ستكون عليكم أمراء يتركون بعض ما أمروا به ، فمن ناواهم نجا ومن كره سلم أو كاد يسلم ، ومن خالطهم في ذلك هلك أو كاد يهلك . وفي:11/330: عن الحسن البصري أن النبي صلى الله عليه وآله قال: ستكون عليكم أمراء بعدي فيعملون أعمالاً تعرفون وتنكرون ، فمن أنكر فقد برئ ومن كره فقد سلم ولكن من رضي وشايع . قالوا: أفلا نقاتلهم يا رسول الله؟قال: لا ، ما صلوا). ونحوه ابن أبي شيبة:15/71 ، و/243، عن أم سلمة وفيه: ومن اعتزلهم سلم أو كاد ، ومن خالطهم هلك . والترمذي:4/529 ،كرواية ابن أبي شيبة الأولى بتفاوت يسير ، وفيه: سيكون عليكم أئمة . وقال: هذا حديث حسن صحيح . والطبراني الكبير:11/39 ، كرواية ابن أبي شيبة الثانية بتفاوت يسير والبيهقي:8/157 ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله : سيكون بعدي خلفاء يعملون بما يعلمون ويفعلون مايؤمرون ، وسيكون بعدهم خلفاء يعملون بما لايعلمون ويفعلون ما لايؤمرون ، فمن أنكر عليهم برئ ومن أمسك يده سلم ، ولكن من رضي وتابع . ومثله الطبراني الأوسط:5/374 ، ومسند البزار:6/61، عن أم سلمة ، وفيه: قالت: يا رسول الله أو لا نقتلهم ؟ قال: لا ، ما أقاموا الصلاة . ومثله في الطبراني الأوسط:1/252، والشاميين:1/371 ، وأبي يعلى:10/308 . وتعبير الجميع بالأمراء والخلفاء والأئمة ، يدل على أن المقصود بهم واحد .
5- تطبيق أمير المؤمنين عليه السلام للأئمة المضلين
في نهج البلاغة:2/188: (ومن كلام له عليه السلام وقد سأله سائل عن أحاديث البدع وعما في أيدي الناس من اختلاف الخبر؟ فقال عليه السلام : إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً وصدقاً وكذباً وناسخاً ومنسوخاً وعاماً وخاصاً ومحكماً ومتشابهاً وحفظاً ووهماً . ولقد كُذب على رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده حتى قام خطيباً فقال: من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ! وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس: رجلٌ منافق مظهر للإيمان متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج يكذب على رسول الله متعمداً ! فلو علم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه ولم يصدقوا قوله ، ولكنهم قالوا صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله رأى وسمع منه ولقف عنه فيأخذون بقوله ! وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك ووصفهم بما وصفهم به لك ، ثم بقوا بعده عليه وآله السلام فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والبهتان فولَّوْهم الأعمال وجعلوهم حكاماً على رقاب الناس وأكلوا بهم الدنيا . وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله ، فهوأحد الأربعة...). والكافي: 1/62، والخصال/256.
وفي الكافي:8/62: عن أمير المؤمنين عليه السلام يشكو حال الأمة ، قال: قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين لخلافه ، ناقضين لعهده ، مغيرين لسنته ! ولو حملت الناس على تركها وحولتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله لتفرق عني جندي... والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة ، وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي: يا أهل الإسلام غُيِّرت سنة عمر ، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً ! ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري ! ما لقيت من هذه الأمة من الفرقة وطاعة أئمة الضلالة والدعاة إلى النار؟! ) .
6- تطبيق عُبَادَة بن الصامت رحمه الله للأئمة المضلين
ابن أبي شيبة:15/233 ، عن أزهر بن عبد الله قال: أقبل عُبَادَة بن الصامت حاجاً من الشام فقدم المدينة فأتى عثمان بن عفان فقال: يا عثمان ألا أخبرك شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال: بلى ، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ستكون عليكم أمراء يأمرونكم بما تعرفون ويعملون ما تنكرون ، فليس لأولئك عليكم طاعة . وفي/357 ، أنه قال لعثمان: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله محمداً أبا القاسم يقول: ستكون عليكم أمراء ، يأمرونكم بما تعرفون ويعملون ما تنكرون، فليس لأولئك عليكم طاعة . فلا تُعْتِبوا أنفسكم ، فوالذي نفسي بيده إن معاوية من أولئك ! فما راجعه عثمان حرفاً . وقال: وقد روي هذا الحديث بإسناد صحيح على شرط الشيخين في ورود عُبَادَة بن الصامت على عثمان بن عفان متظلماً ، بمتن مختصر . ونحوه أحمد:5/329 .
مسند الشاشي:3/172، عن رفاعة (أن عُبَادَة بن الصامت مرت عليه قطارة وهو بالشام تحمل الخمر فقال: ما هذه؟ أزَيْتٌ ؟ قيل: لا بل خمر تباع لفلان(معاوية) ! فأخذ شفرة من السوق فقام إليها ولم يذر منها راوية إلا بقرها ، وأبو هريرة إذ ذاك بالشام فأرسل فلان إلى أبي هريرة فقال: ألا تمسك عنا أخاك عُبَادَة بن الصامت ! أما بالغدوات فيغدو إلى السوق فيفسد على أهل الذمة متاجرهم ، وأما بالعشي فيقعد بالمسجد ليس له عمل إلا شتم أعراضنا وعيبنا ، فأمسك عنا أخاك. فأقبل أبو هريرة يمشي حتى دخل على عبادة فقال: يا عبادة مالك ولمعاوية ؟ ذره وما حمل فإن الله يقول تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ، قال: يا أبا هريرة لم تكن معنا إذ بايعنا رسول الله صلى الله عليه وآله ! بايعناه على السمع والطاعة في النشاط والكسل ، وعلى النفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن نقول في الله لاتأخذنا في الله لومة لائم ، وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب فنمنعه ما نمنع منه أنفسنا وأزاجنا وأهلنا ولنا الجنة ، ومن وفى وفى الله له الجنة بما بايع عليه رسول الله صلى الله عليه وآله ، ومن نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ! فلم يكلمه أبو هريرة بشئ ، فكتب فلان إلى عثمان بالمدينة أن عُبَادَة بن الصامت قد أفسد عليَّ الشام ، فإماأن يكف عنا عُبَادَة بن الصامت وإما أن أخلي بينه وبين الشام . فكتب عثمان إلى فلان أدخله الى داره من المدينة فبعث به فلان حتى قدم المدينة فدخل على عثمان الدار وليس فيها إلا رجل من السابقين بعينه ، ومن التابعين الذين أدركوا القوم متوافرين ، فلم يهم عثمان به إلا وهو قاعد في جانب الدار فالتفت إليه فقال: ما لنا ولك يا عبادة؟ فقام عبادة قائماً وانتصب لهم في الدار فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله أبا القاسم يقول: سيلي أموركم من بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تعرفون فلا طاعة لمن عصى الله فلا تضلوا بربكم فوالذي نفس عبادة بيده إن فلاناً لمن أولئك ! فما راجعه عثمان بحرف) ! ومسند الشاميين:2/282 ، عن عبدالله بن عمرو مختصراً ، وصحيحة الألباني:2/138، وسير الذهبي:2/9 ، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة ، قال: كتب معاوية الى عثمان: إن عُبَادَة بن الصامت قد أفسد عليّ الشام وأهله ، فإما أن تكفه إليك وإما أن أخلّي بينه وبين الشام . فكتب إليه أن رحِّل عبادة حتى ترجعه إلى داره بالمدينة . قال: فدخل على عثمان فلم يفاجأه إلاّ به وهو معه في الدار فالتفت إليه فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ماتنكرون.... فلا طاعة لمن عصى ولاتضلوا بربكم).
هذا ، وقد بحثنا مواجهة عبادة رحمه الله لمعاوية وعثمان في(جواهر التاريخ ج2).
7 ـ نصَّ النبي صلى الله عليه وآله على أن الأئمة المضلين من صحابته !
عبد الرزاق:11/345، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وآله قال لكعب بن عجرة: أعاذك الله يا كعب بن عجرة من إمارة السفهاء ، قال: وما إمارة السفهاء؟ قال: أمراء يكونون بعدي لايهتدون بهديي ولايستنون بسنتي ، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست منهم ولايَرِدِون عليَّ حوضي، ومن لم يصدقهم على كذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردون علي حوضي . ياكعب بن عجرة: الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة ، والصلاة قربان . ياكعب بن عجرة: إنه لايدخل الجنة لحم نبت من سحت أبداً ، النار أولى به . يا كعب بن عجرة: الناس غاديان: فمبتاع نفسه فمعتقها ، أو بائعها فموبقها). ومثله أحمد:3/231 .
لايردون عليَّ الحوض: أي لايسقون من حوض الكوثر ولا يدخلون الجنة . جُنَّة: أي حجاب من النار . السُّحت: المال الحرام . الغادي: السائر في صبح النهار. المبتاع: المشتري .
وفي أحمد:5/111، عن أبي خباب بن الأرت قال: إنا لقعود على باب رسول الله صلى الله عليه وآله ننتظر أن يخرج لصلاة الظهر إذ خرج علينا فقال: إسمعوا ، فقلنا: سمعنا ، ثم قال: إسمعوا ، فقلنا: سمعنا ، فقال: إنه سيكون علكيم أمراء فلا تعينوهم على ظلمهم ، فمن صدقهم بكذبهم فلن يَرِدَ عليَّ الحوض) .
وفي مسند أحمد /384 ، عن حذيفة ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إنها ستكون أمراء يكذبون ويظلمون فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منهم ولا يرد عليَّ الحوض ، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه ، وسيرد عليَّ الحوض . ونحوه في:6/395 ، وأوسع منه في:4/243: عن كعب بن عجرة ، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله أو دخل ونحن تسعة وبيننا وسادة من آدم فقال... وفي/267 ، عن النعمان بن بشير قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن في المسجد بعد صلاة العشاء ، فرفع بصره إلى السماء ثم خفض حتى ظننا أنه قد حدث في السماء شئ فقال: ألا إنه سيكون بعدي أمراء يكذبون ويظلمون فمن صدقهم بكذبهم ومالأهم على ظلمهم فليس مني ولا أنا منه . ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يمالئهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه . ومسند ابن المبارك/163، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله : ستكون أمراء يغشاهم غواش أو حواش من الناس يظلمون ويكذبون ، فمن أعانهم على ظلمهم وصدقهم بكذبهم فليس مني ولا أنا منه ، ومن لم يصدقهم بكذبهم ويعينهم على ظلمهم فأنا منه وهو مني. ونحوه سنن الترمذي:2/512 ، عن كعب بن عجرة ، وفي/137 ، بعضه ، عن جابر بن عبد الله ، وعن ابن عمر قال: خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن أربعة من العرب وخمسة من الموالي فقال: هل سمعتم أنه سيكون بعدي أمراء فمن أعانهم على ظلمهم وصدقهم بكذبهم وغشى أبوابهم... ونحوه صحيح ابن حبان:5/9 ، والطبراني الكبير:3/135، عن كعب بن عَجْرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن تسعة خمسة من العرب وأربعة من العجم فقال: إسمعوا ، أما سمعتم أنه سيكون بعدي أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه وليس بوارد عليَّ الحوض.... ونحوه المسند الجامع:10/749 ، عن ابن عمر ، والحاكم:1/78 ، أخبرني خباب أنه كان قاعداً على باب النبي صلى الله عليه وآله قال فخرج ونحن قعود ، فقال: إسمعوا قلنا: سمعنا يا رسول الله ، قال: إنه سيكون...وفي:4/126 ، كما في عبد الرزاق ، وصححه ، ونحوه تاريخ بغداد:5/361، وقال في مجمع الزوائد:5/248: رواه أحمد ، والبزار ، وقال: وأحد أسانيد البزار رجاله رجال الصحيح ، ورجال أحمد كذلك..الخ.
وفي صحيح مسلم:3/1476 ، عن حذيفة: قلت: يا رسول الله إنّا كنا بِشَرٍّ فجاء الله بخير فنحن فيه فهل من وراء هذا الخير شرٌّ ؟ قال: نعم . قلت هل وراء ذلك الشر خيرٌ؟ قال: نعم . قلت: فهل وراء ذلك الخير شر؟ قال: نعم . قلت كيف ؟ قال: يكون بعدي أئمة لايهتدون بهداي ولايستنون بسنتي ، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان الآدميين . قال قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك قال: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ، فاسمع وأطع) .
8- وقال عمر إن النبي صلى الله عليه وآله أسرَّ اليه التحذير من الأئمة المضلين
مسند أحمد:1/42: قال عمر لكعب(الأحبار): إني أسألك عن أمر فلا تكتمني ! قال: والله لا أكتمك شيئاً أعلمه ، قال: ما أخوف شئ تخوفه على أمة محمد صلى الله عليه وآله ؟ قال: أئمة مضلين . قال عمر: صدقت قد أسر ذلك إليَّ وأعلمنيه رسول الله صلى الله عليه وآله ) .
وفي مجمع الزوائد:5/239 ، قال: رواه أحمد ورجاله ثقات . وفي مسند الشاميين للطبراني:2/97: عن كعب الأحبار عن عمر بن الخطاب قال: أسرَّ إليَّ رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إن أخوف ما أخاف على أمتي أئمة مضلين . قال كعب فقلت: والله ما أخاف على هذه الأمة ، غيرهم). ومثله في تاريخ دمشق:50/152 ، ومعرفة الصحابة:1/232 .
9- وجاء النبي صلى الله عليه وآله الى بيت عمر ولعلها المرة الوحيدة !
حلية الأولياء:5/119: حدثنا أبو عمرو بن حمدان قال: ثنا الحسن بن سفيان قال: ثنا كثير بن عبيد الحذاء قال: ثنا محمد بن حميد ، عن مسلمة بن علي عن عمر بن ذر ، عن أبي قلابة ، عن أبي مسلم الخولاني ، عن أبي عبيدة بن الجراح ، عن عمر بن الخطاب قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بلحيتي وأنا أعرف الحزن في وجهه فقال: إنا لله وإنا اليه راجعون ! أتاني جبريل آنفاً فقال لي: إنا لله وإنا اليه راجعون ! فقلت: أجل إنا لله وإنا اليه راجعون ، فمِمَّ ذاك يا جبريل؟ فقال: إن أمتك مفتتنة بعدك بقليل من دهر غير كثير ! فقلت: فتنة كفر أو فتنة ضلالة ؟ فقال: كل سيكون ! فقلت: ومن أين وأنا تارك فيهم كتاب الله ؟! قال: فبكتاب الله يفتنون وذلك من قبل أمرائهم وقرائهم ! يمنع الناسَ الأمراءُ الحقوق فيظلمون حقوقهم ولا يعطونها فيقتتلون ويفتتنون . ويتبع القراء أهواء الأمراء فيمدونهم في الغي ثم لا يقصرون ! فقلت: كيف يسلم من سلم منهم؟ قال: بالكف والصبر إن أعطوا الذي لهم أخذوه وإن منعوه تركوه ). وفي الدر المنثور:3/155: وأخرج الحكيم الترمذي عن عمر بن الخطاب قال: أتاني رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا أعرف الحزن في وجهه فأخذ بلحيتي فقال..الخ. والجليس الصالح/599 والمعرفة والتاريخ/580 . وفي كنز الفوائد/61 ، عن أبي عبيدة الجراح عن عمر بن الخطاب قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بلحيتي وأنا أعرف الحزن في وجهه فقال... بنحوه .
10- سبب ابتلاء الأمة بهؤلاء الأئمة المضلين
سببه أن الأمة اختارت ذلك مع سبق قصد وإصرار ، عندما رفضت أعظم عرض قدمه نبيٌّ لأمته ! فقد أحضرهم النبي صلى الله عليه وآله في مرض وفاته ، وعرض عليهم أن يكتب لهم عهداً يؤمِّنهم من الضلال الى يوم القيامة ويجعلهم سادة العالم ، وهو عرضٌ فريد في كل تاريخ النبوات ! فأحست قريش أنه يريد أن يجعل ولاية علي والعترة رسمياً بعهد مكتوب ويأخذ منهم إقراراً والتزاماً بالإطاعة . فواجه عمر بن الخطاب النبي صلى الله عليه وآله قائلاً لا حاجة لنا بعهدك ، كتاب الله يكفينا ! وأيده الطلقاء القرشيون وصاحوا القول ما قاله عمر ! القول ما قاله عمر ! ولغطوا ، واتهموا النبي صلى الله عليه وآله بأنه يهجر وقال لمن أصر عليهم أن يقبلوا بالعهد النبوي: إستفهموه إنه يهجر ! وكانوا مستعدين لأن يعلنوا ردتهم عن الإسلام إن أصرَّ النبي صلى الله عليه وآله على كتابة عهده ! ويقولوا إنه لم يكن نبياً بل كان يريد تأسيس ملك لبني هاشم ! فغضب النبي صلى الله عليه وآله عليهم وقال لهم: (قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع ما أنا فيه خيرٌ مما تدجعوني اليه)! فكان ابن عباس يقول: إن الرزيئة كل الرزيئة ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين كتابه)! رواه صحيح بخاري:1/36 ، في ست مواضع ، وخفف منه ما استطاع ! ورواه غيره بأوسع منه .
11- أحاديث الشجرة الملعونة في القرآن تفسر المضلين
قال الله تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا طُغْيَاناً كَبِيراً . وقد روى المسلمون السنة تفسير النبي صلى الله عليه وآله لهذه الآية بالأئمة المضلين من بني أمية ، ففي مجمع الزوائد:5/243، عن أبي يعلى ، ووثقه: (عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله رأى في منامه كأن بني الحكم ينزون على منبره وينزلون ! فأصبح كالمتغيظ فقال: ما لي رأيت بني الحكَم ينزون على منبري نزو القردة ؟! قال: فما رؤي رسول الله مستجمعاً ضاحكاً بعد ذلك حتى مات صلى الله عليه وآله ) ! وفي:5/240، وصححه: عن عبد الله بن عمرو قال: كنا جلوساً عند النبي وقد ذهب عمرو بن العاص يلبس ثيابه ليلحقني فقال صلى الله عليه وآله ونحن عنده: ليدخلنَّ عليكم رجل لعين! فوالله ما زلت وجلاً أتشوف خارجاً وداخلاً حتى دخل فلان يعني الحكم ).
وفي معجم الطبراني الكبير:3/90، عن الحسن بن علي رضي الله عنه ، أنه قالَ لِمن اعترض على صلحه مع معاوية: رحمك الله فإن رسول الله قد أريَ بني أمية يخطبون على منبره رجلاً فرجلاً فساءه ذلك ، فنزلت هذه الآية: إنَّا أعطيناك الكوثَرْ ، نهر في الجنة: ونزلت: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. تملكه بني أمية ! قال القاسم: فحسبنا ذلك فإذا هو ألفٌ لا يزيد ولا ينقص) . والبيهقي في فضائل الأوقات/211 ، والترمذي:5/115، والحاكم:3/170 ، وصححه ، وروى أحاديث أخرى في:3/175، و4:/74) !
وفي فتح الباري:8/287: (عن ابن عباس أنه سأل عمر عن هذه الآية: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ؟ فقال مَن هم؟قال: هم الأفجران من بني مخزوم وبني أمية ، أخوالي وأعمامك ! فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر وأما أعمامك فأملى الله لهم إلى حين ! ثم أورد حديث علي عليه السلام وقال: وهو عند عبد الرزاق أيضاً ، والنسائي ، وصححه الحاكم ). انتهى.
أقول: يقصد عمر بقوله: (فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر) بني مخزوم ، وكان رئيسهم أبو جهل ، وتنسب اليهم حنتمة أم عمر ، وكان خالد بن الوليد لا يقر بذلك . ويشير عمر الى قوله تعالى: لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِين. لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمر شَئٌْ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ.(آل عمران:121-128) .
لكن معنى الآية: أن الإرادة الإلهية أن يُمهل بعض قبائل قريش ويقطع طرفاً منهم بقتل زعمائهم واستئصالهم سياسياً ، وإخراجهم من ساحة الصراع مع الإسلام ! لذلك لم نرَ لهم أيَّ دور مهم في التاريخ ! وهم: بنو عبد الدار ، الذين كانوا فرسان قريش وأصحاب حربها ، وقد قَتَلَ علي عليه السلام منهم في بدر وأحُد بضعة عشر فارساً كلهم أبطال ، حَمَلةُ راية قريش ! وبنو المغيرة العائلة المالكة في بني مخزوم ، وقد انطفأوا بعد مقتل أبي جهل في بدر ، وبرز منهم عسكري واحد هو خالد بن الوليد ، وطمع ابنه عبد الرحمن بالخلافة فقتله معاوية ! كما انتهت تيْمٌ وعديٌّ بعد أبي بكر وعمر ، وهكذا لم يبق في الساحة السياسية إلا أمية وهاشم !
أما مصادرنا فروت تأكيد النبي وآله صلى الله عليه وآله على أن كل قريش مسؤولة عن تبديل نعمة الله كفراً ، وليس بني المغيرة المخزوميين وبني أمية فقط ! قال الإمام الصادق عليه السلام لأحدهم: ما تقولون في ذلك؟ فقال: نقول هما الأفجران من قريش بنو أمية وبنو المغيرة . فقال عليه السلام : بل هي قريش قاطبة ! إن الله خاطب نبيه فقال: إني قد فضلت قريشاً على العرب وأتممت عليهم نعمتي وبعثت إليهم رسولاً ، فبدلوا نعمتي ، وكذبوا رسولي ). (تفسيرالعياشي:2/229 ) .
وفيالكافي:8/345، عن الباقر عليه السلام قال:أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله يوماً كئيباً حزيناً، فقال له علي عليه السلام : ما لي أراك يا رسول الله كئيباً حزيناً؟ فقال: وكيف لا أكون كذلك وقد رأيت في ليلتي هذه أن بني تيم وبني عدي وبني أمية يصعدون منبري هذا يردُّون الناس عن الإسلام القهقرى فقلت: يارب في حياتي أوبعد موتي؟ فقال: بعد موتك) !
12- حديث: الخلافة بعدي ثلاثون سنة صحيح عندهم
أحمد:4/273، عن النعمان بن بشير قال: كنا قعوداً في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وكان بشير رجلاً يكفُّ حديثه فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال: يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وآله في الأمراء؟ فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته ، فجلس أبو ثعلبة فقال حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ، ثم تكون ملكاً عاضاً فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكاً جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، ثم سكت . قال حبيب: فلما قام عمرو بن عبد العزيز وكان يزيد بن النعمان بن بشير في صحابته فكتبت إليه بهذا الحديث أذكره إياه فقلت له: إني أرجو أن يكون أمير المؤمنين يعني عمر بعد الملك العاض والجبرية فأدخل كتابي على عمر بن عبد العزيز فسُرَّ به وأعجبه) . وفي الطيالسي/31 ، عن أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن الله عز وجل بدأ هذا الأمر نبوة ورحمة ، وكائناً خلافة ورحمة ، وكائناً ملكاً عضوضاً ، وكائناً عنوة وجبرية وفساداً في الأرض ، يستحلون الفروج والخمور والحرير ، وينصرون على ذلك ويرزقون أبداً ، حتى يلقوا الله) .
وفي الدارمي:2/114، عن أبي عبيدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أول دينكم نبوة ورحمة ثم ملك ورحمة ثم ملك أعفر ، ثم ملك وجبروت يستحل فيها الخمر والحرير . قال أبو محمد:سئل عن أعفر فقال:يشبه بالتراب وليس فيه خير). ونحوه أبو يعلى:2/177، وفيه: عتواً وجبرية وفساداً في الأمة . ونحوه الطبراني الكبير11/88 ، وفيه: ثم يتكادمون عليها تكادم الحمر ! فعليكم بالجهاد وإن أفضل جهادكم الرباط وإن أفضل رباطكم عسقلان).
ملكاً جبرية: أي تسلطاً غير شرعي بالإجبار والقهر . ملكاً عاضاً أو عضوضاً: شديد الظلم على الناس ، يعضهم كالكلب !
أقول: هذا الحديث يُفسر الأئمة المضلين ببني أمية ، وينص على أن حكم معاوية وكل من بعده الى عمر بن عبد العزيز حكمٌ جبري ظالم غير شرعي! وهو صحيح عندهم . قال في فتح الباري:8/61: (وإشارته بهذا الكلام تطابق الحديث الذي أخرجه أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن حبان وغيره من حديث سفينة أن النبي صلى الله عليه وآله قال: الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكاً عضوضاً). وقال في:1/543: (وغالب طرقها صحيحة أو حسنة وفيه عن جماعة آخرين يطول عددهم). وقال الذهبي في سيره:1/421: (وهو متواتر عن النبي صلى الله عليه وآله ). وقال الألباني في صحيحته:1/742:(رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وهذا من دلائل صدق نبوة النبي صلى الله عليه وآله فإن أبابكر تولى عام11هـ. وتنازل عنها الحسن بن علي عام41 هـ . وهي ثلاثون عاماً كاملة) .
وهذا الحديث يتفق مع مذهبنا في نفي الشرعية عن حكم معاوية وأمثاله ، لكنا لا نقبله لأنه يخالف ما تواتر عند الجميع من وصية النبي صلى الله عليه وآله بعلي والعترة عليه السلام الى جنب القرآن ، ونعتبره محاولة لإخراج ابن عبد العزيز من ذم النبي صلى الله عليه وآله لبني أمية !
13- استمرار حكم الأئمة المضلين وأتباعهم حتى ظهور المهدي( عجل الله تعالى فرجه الشريف )
عقد الدرر/62 ، عن حذيفة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ويحُ هذه الأمة من ملوك جبابرة كيف يقتلون ويخيفون المطيعين إلا من أظهر طاعتهم ، فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه ويفر منهم بقلبه . فإذا أراد الله عز وجل أن يعيد الإسلام عزيزاً قصم كل جبار ، وهو القادر على ما يشاء أن يصلح أمة بعد فسادها . فقال عليه السلام : يا حذيفة لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي ، تجري الملاحم على يديه ، ويُظهر الإسلام ، لايخلف وعده ، وهو سريع الحساب . أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في صفة المهدي). ومثله العرف الوردي:2/2 ، والبرهان للهندي/92، وينابيع المودة/448 ، وكشف الغمة:3/262، والبحار:51/83 .
وقوله صلى الله عليه وآله : لطول الله ذلك اليوم: كناية عن حتمية ظهور المهدي عليه السلام . والملاحم: جمع ملحمة ، وأصلها المعركة التي يلتحم فيها الناس ، وتطلق على الأحداث الكبيرة .
(( ضمن كتاب المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي عج ))
التعلیقات