الاختلاف في معنى الرجعة
الرجعة
منذ 11 سنةالاختلاف في معنى الرجعة :
رغم أنّ الأخبار قد تضافرت عن أهل بيت العصمة عليهمالسلام بوقوع الرجعة إلى الدنيا بعد الموت ، والإمامية بأجمعها على ذلك أخذا بالروايات الصريحة الواردة في هذا الباب ، لكن البعض من المتقدمين تأول ما ورد في الرجعة بأنَّ معناها رجوع الدولة والأمر والنهي إلى آل البيت عليهمالسلام بظهور الإمام المنتظر عليهالسلام من دون رجوع أعيان الأشخاص وإحياء الموتى ، وإلى هؤلاء المتأوّلين يشير الشيخ المفيد قدسسره بقوله : اتفقت الإمامية على رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة ، وإن كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف (3).
وأشار إلى هذا الاختلاف العلاّمة الطبرسي في تفسيره الآية 83 من سورة النمل حيث قال : استدلّ بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الإمامية (4).
__________________
(1) عقائد الإمامية : 109. والآيتان من سورة يس 36 : 78 ـ 79.
(2) عقائد الإمامية : 113.
(3) أوائل المقالات : 46.
(4) مجمع البيان 7 : 366.
57
وقد ذكر هذا الاختلاف الشيخ أبو زهرة حيثُ قال : ويظهر أنّ فكرة الرجعة على هذا الوضع ليست أمرا متّفقا عليه عند إخواننا الاثنى عشرية ، بل فريق لم يعتقده (1).
إذن هناك متأولون للرجعة من بين الشيعة الإمامية ، فهؤلاء ينكرون الرجعة بالمعنى الذي ذهبت إليه أكثر الشيعة الإمامية أخذا بالأخبار والروايات الواردة فيها ، ولم يصرّح أحد بكفر هؤلاء أو خروجهم من الإسلام ، لأنّهم لم ينكروا أصل الاعتقاد بالرجعة والروايات المتكاثرة الواردة فيها.
على أنَّ المحققين من أعلام الطائفة قد أجابوا هؤلاء عن قولهم بما لا مزيد عليه ، قال السيد المرتضى علم الهدى مجيبا على سؤال بهذا الخصوص ، وهو من جملة المسائل التي وردت عليه من الري : فأمّا من تأول الرجعة من أصحابنا على أنّ معناها رجوع الدولة من دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات ، فانّ قوما من الشيعة لمّا عجزوا عن نصرة الرجعة وبيان جوازها وأنها تنافي التكليف (2) عوّلوا على هذا التأويل للأخبار الواردة بالرجعة ، وهو منهم غير صحيح ، لأنَّ الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة فتتطرق التأويلات عليها ، وكيف يثبت ما هو مقطوع على صحته بأخبار الآحاد التي لا توجب العلم ، وإنما المعول في إثبات الرجعة على إجماع الإمامية على معناها ، بأنَّ اللّه يحيي أمواتا عند قيام القائم عليهالسلام من أوليائه وأعدائه على ما بيناه ، فكيف يتطرق التأويل
__________________
(1) الامام الصادق ، للشيخ محمد أبو زهرة : 240.
(2) وسيأتي الجواب تاما عن هذه المسألة في الفصل السادس.
58
على ما هو معلوم ، فالمعنى غير محتمل (1).
__________________
(١) رسائل الشريف المرتضى ١ : ١٢٦.
التعلیقات