العلة التي من أجلها يحتاج إلى الامام عليه السلام
الشيخ الصدوق
2024 Oct 13١ ـ حدَّثنا أبي ؛ ومحمّد الحسن رضي الله عنهما قالا : حدَّثنا سعد بن عبد الله قال : حدَّثنا محمّد بن عيسى بن عبيد ؛ ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة الثماليِّ ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : أتبقى الأرض بغير إمام ؟ قال : لو بقيت الأرض بغير إمام ساعة لساخت.
٢ ـ حدَّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال : حدَّثنا محمّد بن الحسن الصفّار قال : حدَّثنا العبّاس بن معروف ، عن عليِّ ابن مهزيار ، عن محمّد بن الهيثم ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الرِّضا عليه السلام قال : قلت له : أتبقى الأرض بغير إمام ، فقال : لا ، قلت : فإنّا نروى عن أبي عبد الله عليه السلام أنّها لا تبقى بغير إمام إلّا أن يسخط الله على أهل الأرض أو على العباد ، فقال : لا تبقى إذاً لساخت.
٣ ـ حدَّثنا أبي ؛ ومحمّد الحسن رضي الله عنهما قالا : حدَّثنا سعد بن عبد الله قال : حدَّثنا محمد بن عيسي بن عبيد ، عن أبي عبد الله زکريّا بن محمّد المؤمن ، عن أبي هراسة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال : لو أنَّ الإِمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها کما يموج البحر بأهله (١).
٤ ـ حدَّثنا أبي رضي الله عنه قال : حدَّثنا سعد بن عبد الله قال : حدَّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ وإبراهيم بن مهزيار ، عن عليِّ بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن أبي عليٍّ البجليِّ ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة بن أعين ، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث له في الحسين عليٍّ عليهما السلام أنّه قال في آخره : ولولا من على الأرض من حجج الله لنفضت الأرض ما فيها وألقت ما عليها ، إنَّ الأرض لا تخلو ساعة من الحجَّة.
٥ ـ حدَّثنا أبي رضي الله عنه قال : حدَّثنا سعد بن عبد الله قال : حدَّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن أبي داود سليمان بن سفيان المسترق ، عن أحمد بن عمر الحلّال قال : قتل لأبي الحسن الرِّضا عليه السلام : إنّا روينا عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال : إنَّ الأرض لا تبقى بغير إمام ، أو تبقي ولا إمام فيها ؟ فقال : معاذ الله لا تبقى ساعةً إذاً لساخت.
٦ ـ حدَّثنا أبي رضي الله عنه قال : حدَّثنا الحسن بن أحمد المالکيُّ ، عن أبيه عن إبراهيم بن أبي محمود قال : قال الرِّضا عليه السلام : نحن حجج الله في خلقه ، وخلفاؤه في عباده ، وأمناؤه علي سرِّه ، ونحن کلمة التقوى ، والعروة الوثقى ، ونحن شهداء الله وأعلامه في بريّته ، بنا يمسک الله السموات والأرض أن تزولا ، وبنا ينزِّل الغيث وينشر الرَّحمة ، ولا تخلو الأرض من قائم منّا ظاهر أو خاف ، ولو خلت يوماً بغير حجّة لماجت بأهلها کما يموج البحر بأهله.
٧ ـ حدَّثنا أبي رضي الله عنه قال : حدَّثنا سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر الحميريُّ قالا : حدَّثنا إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه عليِّ بن مهزيار ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن سعد بن أبي خلف ، عن الحسن بن زياد قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إنَّ الأرض لا تخلو من أن يکون فيها [ حجّة ] عالم ، إنَّ الأرض لا يصلحها إلّا ذلک ولا يصلح النّاس إلّا ذلک.
٨ ـ وبهذا الإسناد ، عن عليِّ بن مهزيار ، عن الحسن بن عليٍّ الخزَّاز ، عن أحمد بن عمر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام أتبقى الأرض بغير إمام ؟ قال : فقال : لا ، قلت : فإنّا نروي أنّها لا تبقى إلّا أن يسخط الله على العباد ؟ فقال : لا تبقى إذاً لساخت.
٩ ـ حدَّثنا أبي ؛ ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدَّثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر قالا : حدَّثنا محمّد بن عيسي ، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن أبي عبد الله المؤمن ؛ والحسن بن عليِّ بن فضّال ، عن أبي هراسة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : لو أنَّ الإمام رفع من الأرض لماجت الأرض بأهلها کما يموج البحر بأهله.
١٠ ـ حدَّثنا أبي ؛ ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدَّثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر قالا : حدَّثنا محمّد بن عيسي ، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطاب جميعاً عن محمّد بن سنان ، عن حمزة الطيّار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : لو لم يبق من أهل الأرض إلّا إثنان لکان أحدهما الحجة. ـ أو کان الثاني الحجّة ـ الشّک من محمّد بن سنان.
١١ ـ وبهذا الإِسناد ، عن محمّد بن عيسي ، عن يونس بن عبد الرَّحمن ، عن أبي الصبّاح ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إنَّ الله تبارک وتعالى لم يدع الأرض إلّا وفيها عالم يعلم الزِّيادة والنقصان ، فإذا زاد المؤمنون شيئاً ردَّهم وإذا نقصوا شيئاً أکمله لهم ولولا ذلک لالتبست على المؤمنين أُمورهم.
١٢ ـ وبهذا الإِسناد ، عن يونس بن عبد الرَّحمن ، عن ابن مسکان ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : إنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يدع الأرض بغير عالم ولولا ذلک لما عُرف الحقُّ من الباطل.
١٣ ـ حدَّثنا أبي ؛ ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدَّثنا سعد بن عبد الله ؛ وعبد الله بن جعفر قالا : حدَّثنا يعقوب بن يزيد ، عن أحمد بن هلال في حال استقامته (٢) عن محمّد بن أبي عمير ، عن ابن أُذينة ، عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : يمضي الإِمام وليس له عقب ؟ قال : لا يکون ذلک قلت : فيکون ماذا ؟ قال : لا يکون ذلک إلّا أن يغضب الله عزَّ وجلَّ على خلقه فيعاجهلم.
١٤ ـ حدَّثنا أبي ، ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدَّثنا عبد الله بن جعفر قال : حدَّثنا محمّد بن أحمد ، عن أبي سعيد العصفريِّ ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : لو بقيت الأرض يوماً بلا إمام منّا لساخت بأهلها ولعذَّبهم الله بأشدِّ عذابه ، إنَّ الله تبارک وتعالى جعلنا حجّة في أرضه وأماناً في الأرض لأهل الأرض ، لم يزالوا في أمان من أن تسيخ بهم الأرض ما دمنا بين أظهرهم ، فإذا أراد الله يهلکهم ثمَّ لا يمهلهم ولا يُنظرهم ذهب بنا من بينهم ورفعنا إليه ، ثمَّ يفعل الله ما شاء وأحبَّ.
١٥ ـ حدَّثنا أبي ؛ ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قال : حدَّثنا عبد الله بن جعفر الحميريُّ ، عن أحمد بن هلال ، عن سعيد بن جناح ، عن سليمان الجعفريِّ قال : سألت أبا الحسن الرِّضا عليه السلام فقلت : أتخلو الأرض من حجّة ، فقال : لو خلت من حجّة طرفة عين لساخت بأهلها.
١٦ ـ حدَّثنا محمّد بن الحسن رضي الله عنه قال : حدَّثنا سعد بن عبد الله ؛ وعبد الله بن جعفر الحميري جميعاً ، عن محمّد بن عيسي ، عن عليِّ بن إسماعيل الميثميِّ ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن عبد الأعلى بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : ما ترک الله الأرض بغير عالم ينقص ما زادوا ويزيد ما نقصوا ، ولولا ذلک لاختلطت على النّاس أمورهم.
١٧ ـ حدَّثنا أبي رضي الله عنه قال : حدَّثنا عبد الله بن جعفر الحميريُّ ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن داوود ، عن فضيل الرَّسّان قال : کتب محمّد بن إبراهيم إلى أبي عبد الله عليه السلام : أخبرنا ما فضلکم أهل البيت ؟ فکتب إليه أبو عبد الله عليه السلام : إنَّ الکواکب جعلت في السّماء أماناً لأهل السّماء ، فإذا ذهبت نجوم السّماء جاء أهل السماء ما کانوا يوعدون ، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « جعل أهل بيتي أماناً لأُمّتي فإذا ذهب أهل بيتي جاء أُمّتي ما کانوا يوعدون ».
١٨ ـ حدَّثنا محمّد بن عمر الحافظ البغداديُّ قال : حدَّثنا أحمد بن عبد العزيز بن الجعد أبو بکر قال : حدَّثنا عبد الرَّحمن بن صالح قال : حدَّثنا عبيد الله بن موسى ، عن موسى بن عبيدة ، عن أياس بن سلمة ، عن أبيه يرفعه قال : قال النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : النّجوم أمان لأهل السّماء وأهل بيتي أمان لأُمّتي.
١٩ ـ حدَّثنا محمّد بن عمر قال : حدَّثني أبو بکر محمّد بن السّري بن سهل قال : حدَّثنا عبّاس بن الحسين قال : حدَّثنا عبد الملک بن هارون بن عنترة ، عن أبيه ، عن جدِّه ، عن عليِّ بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : النجوم أمان لأهل السّماء فإذا ذهبت النّجوم ذهب أهل السّماء ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض.
٢٠ ـ حدَّثنا أبي رضي الله عنه قال : حدَّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن العبّاس بن معروف ، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن البصريِّ ، عن أبي المغرا حميد بن المثنّى العجليِّ ، عن أبي بصير ، عن خيثمة الجعفيِّ ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : نحن جنب الله ، ونحن صفوته ، ونحن حوزته ، ونحن مستودع مواريث الأنبياء ، ونحن أُمناء الله عزَّ وجلَّ ، ونحن حجج الله ، ونحن أرکان الإِيمان ، ونحن دعائم الإِسلام ، ونحن من رحمة الله على خلقه ، ونحن مَن بنا يفتح وبنا يختم ، ونحن أئمّة الهدى ، ونحن مصابيح الدُّجى ، ونحن منار الهدى ، ونحن السابقون ، ونحن الآخرون ، ونحن العَلم المرفوع للخلق ، مَن تمسّک بنا لحق ، ومن تأخَّر عنّا غرق ، ونحن قادة الغرِّ المحجّلين ، ونحن خيرة الله ، ونحن الطريق الواضح والصراط المستقيم إلى الله عزَّ وجلَّ ، ونحن من نعمة الله عزَّ وجلَّ على خلقه ، ونحن المنهاج ، ونحن معدن النبوَّة ، ونحن موضع الرِّسالة ، ونحن الّذين إلينا تختلف الملائکة ، ونحن السّراج لمن استضاء بنا ، ونحن السّبيل لمن اقتدى بنا ، ونحن الهداة إلي الجنّة ، ونحن عرى الإِسلام ، ونحن الجسور والقناطر ، من مضى عليها لم يُسبق ، ومن تخلّف عنها محق ، ونحن السّنام الأعظم ، ونحن الّذين بنا ينزِّل الله عزَّ وجلَّ الرَّحمة ، وبنا يسقون الغيث ، ونحن الّذين بنا يُصرف عنکم العذاب ، فمَن عرفنا وأبصرنا وعرف حقّنا وأخذ بأمرنا فهو منّا وإلينا.
٢١ ـ حدَّثنا أبي رضي الله عنه قال : حدَّثنا سعد بن عبد الله قال : حدَّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي الطفيل ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لأمير المؤمنين عليه السلام : اکتب ما أُملي عليک ، قال : يا نبي الله أتخاف عليَّ النسيان ؟ فقال : لست أخاف عليک النسيان ، وقد دعوت الله لک أن يحفظک ولا ينسيک ، ولکن اکتب لشرکائک ، قال : قلت : ومن شرکائي يا نبيَّ الله ؟ قال : الأئمّة من ولدک ، بهم تسقى أُمّتي الغيث وبهم يستجاب دعاؤهم ، وبهم يصرف الله عنهم البلاء ، وبهم تنزل الرَّحمة من السّماء وهذا أوَّلهم ـ وأومأ بيده إلى الحسن عليه السلام ، ثمَّ أومأ بيده إلى الحسين عليه السلام ـ ثمَّ قال عليه السلام : الأئمّة من ولده.
٢٢ ـ حدَّثنا محمّد بن أحمد الشيبانيُّ رضي الله عنه قال : حدَّثنا أحمد بن يحيى بن زکريّا القطّان قال : حدَّثنا بکر بن عبد الله بن حبيب قال : حدَّثنا الفضل بن صقر العبديِّ قال : حدَّثنا أبو معاوية ، عن سليمان بن مهران الأعمش ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن عليٍّ ، عن أبيه عليِّ بن الحسين عليهم السلام قال : نحن أئمّة المسلمين ، وحجج الله على العالمين ، وسادة المؤمنين وقادة الغرِّ المحجّلين ، وموالى المؤمنين ، ونحن أمان لأهل الأرض کما أنَّ النّجوم أمان لأهل السّماء ، ونحن الّذين بنا يمسک الله السماء أن تقع على الأرض إلَّا بإذنه ، وبنا يمسک الأرض أن تميد بأهلها وبنا ينزل الغيث ، وتنشر الرَّحمة ، وتخرج برکات الأرض ، ولولا ما في الأرض منّا لساخت بأهلها ، ثمَّ قال : ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجّة الله فيها ظاهر مشهورٌ أو غائب مستور ، ولا تخلوا إلى أن تقوم الساعة من حجّة الله فيها ، ولولا ذلک لم يعبد الله. قال : سليمان : فقلت للصادق عليه السلام : فکيف ينتفع النّاس بالحجّة الغائب المستور ؟ قال : کما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب.
٢٣ ـ حدَّثنا أبي رضي الله عنه قال : حدَّثنا سعد بن عبد الله قال : حدَّثنا إبراهيم بن هاشم قال : حدَّثنا إسماعيل بن مرَّار قال : حدَّثني يونس بن عبد الرَّحمن قال : حدَّثني يونس بن يعقوب قال : کان عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة من أصحابه فيهم حمران بن أعين ، ومؤمن الطّاق ، وهشام بن سالم ، والطيّار ، وجماعة من أصحابه ، فيهم هشام بن الحکم وهو شابٌّ فقال أبو عبد الله عليه السلام : يا هشام قال : لبّيک يا ابن رسول الله قال : ألا تخبرني کيف صنعت بعمرو بن عبيد ؟ وکيف سألته ؟ قال هشام : جعلت فداک يا ابن رسول الله إنّي أُجلّک وأستحييک ولا يعمل لساني بين يديک ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : إذا أمرتکم بشيء فافعلوه ، قال هشام : بلغني ما کان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة وعظم ذلک عليَّ فخرجت إليه ودخلت البصرة يوم الجمعة فأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة کبيرة وإذا أنا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء من صوف مؤتزرٌ بها ، وشملة مرتد بها ، والنّاس يسألونه فاستفرجت النّاس فأفرجوا لي ، ثمَّ قعدت في آخر القوم على رکبتيَّ ، ثمَّ قلت : أيّها العالم أنا رجلٌ غريبٌ تأذن لي فأسألک عن مسألة ؟ قال : فقال : نعم ، قال : قلت له : ألک عينٌ ؟ قال : يا بنيَّ أيُّ شيء هذا من السؤال إذا ترى شيئاً کيف تسأل عنه ؟ فقلت : هکذا مسألتي قال : يا بنيَّ سل وإن کانت مسألتک حمقاء ، قلت : أجبني فيها ، قال : فقال لي : سل ، قال : قلت : ألک عينٌ ؟ قال : نعم ، قال : قلت : فما ترى بها ؟ قال : الألوان والأشخاص ، قال : قلت : ألک أنف ؟ قال : نعم قال : قلت : فما تصنع به ؟ قال : أشمُّ به الرَّائحة ، قال : قلت : ألک لسانٌ ؟ قال : نعم ، قال : قلت : فما تصنع به ؟ قال : أتکلّم به قال : قلت : ألک أُذن ؟ قال : نعم قال : قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أسمع بها الأصوات ، قال : قلت : أفلک يدان ؟ قال : نعم قال : قلت : فما تصنع بهما ؟ قال : أبطش بهما وأعرف اللّين من الخشن ، قال : قلت : ألک رجلان ؟ قال : نعم ، قال : قلت : فما تصنع بهما ؟ قال : أنتقل بهما من مکان إلى مکان ، قال : قلت : ألک فمٌ ؟ قال : نعم ، قلت : ما تصنع به ؟ قال : أعرف به المطاعم علي اختلافها ، قال : قلت : أفلک قلب ؟ قال : نعم ، قال : قلت : فما تصنع به ، قال : أُميّز به کلّما ورد على هذه الجوارح ، قال قلت : أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب ؟ قال : لا ، قلت : وکيف ذلک وهي صحيحة ؟ قال : يا بنيَّ إنَّ الجوارح إذا شکّت في شيء شمّته أو رأته أو ذاقته ردَّته إلى القلب ليقرَّ به اليقين ويبطل الشّک ، قال : قلت : فإنّما أقام الله عزَّ وجلَّ القلب لشکِّ الجوارح ؟ قال : نعم ، قال : قلت : ولا بدَّ من القلب وإلّا لم يستيقن الجوارح ؟ قال : نعم ، قال : قلت : يا أبا مروان إنَّ الله لم يترک جوارحک حتّى جعل لها إماماً يصحّح لها الصحيح وينفي ما شکّت فيه ، ويترک هذا الخلق کلّهم في حيرتهم وشکّهم واختلافهم لا يقيم لهم إماماً يردُّون إليه شکّهم وحيرتهم ويقيم لک إماماً لجوارحک يردُّ إليک شکّک وحيرتک ؟ قال : فسکت ، ولم يقل لي شيئاً ، قال : ثمَّ التفت إليَّ فقال : أنت هشام ؟ فقلت : لا ، قال : فقال لي : أجالسته ؟ فقلت : لا ، قال : فمن أين أنت ؟ قلت : من أهل الکوفة قال : فأنت إذاً هو ، قال : ثمَّ ضمّني إليه فأقعدني في مجلسه ، وما نطق حتّى قمت ، فضحک أبو عبد الله عليه السلام ، ثمَّ قال : يا هشام من علّمک هذا ؟ قال : قلت : يا ابن رسول الله جرى على لساني ، قال : يا هشام هذا والله مکتوب في صحف إبراهيم وموسى عليهم السلام.
قال مصنّف هذا الکتاب رضي الله عنه : وتصديق قولنا إنَّ الإِمام يحتاج إليه لبقاء العالم على صلاحه أنّه ما عذّب الله عزَّ وجلَّ أُمّة إلّا وأمر نبيّها بالخروج من بين أظهرهم کما قال الله عزَّ وجلَّ في قصّة نوح عليه السلام ( حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ) (٤) منهم وأمره الله عزَّ وجلَّ أن يعتزل عنهم مع أهل الإِيمان به ولا يبقى مختلطاً بهم وقال عزَّ وجلَّ : ( وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ) (٥) وکذلک قال عزَّ وجلَّ في قصّة لوط عليه السلام ( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ) (٦) فأمره الله عزَّ وجلَّ بالخروج من بين أظهرهم قبل أن أنزل العذاب بهم لأنّه لم يکن جلَّ وعزَّ لينزله عليهم ونبيّه لوط عليه السلام بين أظهرهم وهکذا أمر الله عزَّ وجلَّ کلَّ نبيٍّ أراد هلاک أُمّته أن يعتزلها کما قال إبراهيم عليه السلام مخوِّفاً بذلک قومه ( وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىٰ أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا * فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ ) (٧) أهلک الله عزَّ وجلَّ الّذين کانوا آذوه وعنتوه وألقوه في الجحيم وجعلهم الأسفلين ونجّاه ولوطاً کما قال الله تعالي : ( وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ) (٨) ووهب الله [ جلّت عظمته ] لإِبراهيم إسحاق ويعقوب کما قال عزَّ وجلَّ : ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ ) (٩).
وقال الله عزَّ وجلَّ لنبيّه محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم : ( وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ) (١٠).
وروي في الأخبار الصحيحة عن أئمّتنا عليهم السلام أنَّ من رأى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أو واحداً من الأئمّة صلوات الله عليهم قد دخل مدينة أو قرية في منامه فإنّه أمن لأهل تلک المدينة أو القرية ممّا يخافون ويحذرون وبلوغ لما يأملون ويرجون.
وفي حديث هشام مع عمرو بن عبيد حجّة في الانتفاع بالحجّة الغائب عليه السلام وذلک أنَّ القلب غائب عن سائر الجوارح لا يرى بالعين ولا يشمُّ بالأنف ولا يذاق بالفمِّ ولا يلمس باليد وهو مدبّر لهذه الجوارح مع غيبته عنها وبقاؤها على صلاحها ولو لم يکن القلب لانفسد تدبير الجوارح ولم تستقم أُمورها فاحتيج إلى القلب لبقاء الجوارح على صلاحها کما احتيج إلى الإِمام لبقاء العالم على صلاحه ولا قوَّة إلّا بالله.
وکما يعلم مکان القلب من الجسد بالخبر فکذلک يعلم مکان الحجّة الغائب عليه السلام بالخبر وهو ما ورد عن الأئمّة عليهم السلام من الأخبار في کونه بمکّة وخروجه منها في وقت ظهوره ، ولسنا نعني بالقلب المضغة الّتي من اللّحم لأنَّ بها لا يقع الانتفاع للجوارح وإنّما نعني بالقلب اللّطيفة الّتي جعلها الله عزَّ وجلَّ في هذه المضغة لا تدرک بالبصر وإن کشف عن تلک المضغة ، ولا تلمس ولا تذاق ولا توجد إلّا بالعلم بها لحصول التمييز واستقامة التّدبير من الجوارح والحجّة بتلک اللّطيفة على الجوارح [ قائمة ما وجدت والتکليف لها لازم ما بقيت فإذا عُدمت تلک اللّطيفة انفسد تدبير الجوارح وسقط التکليف عنها فکما يجوز أن تحتجَّ الله عزَّ وجلَّ بهذه اللّطيفة الغائبة عن الحواسِّ على الجوارح فکذلک جائز أن يحتجَّ عزَّ وجلَّ على جميع الخلق بحجّة غائب عنهم به يدفع عنهم وبه يرزقهم وبه ينزل عليهم الغيث ولا قوَّة إلّا بالله ].
الهوامش
١. ماج أي اضطرب.
٢. أحمد بن هلال العبرتائي من أصحاب الهادي عليه السلام کان غالياً متهماً في دينه ويظهر من هذا الکلام استقامته في أول الأمر ثم تحزبه إلى الضلال.
٣. هو محمد بن عمر بن محمد بن سالم أبو بکر التميمي يعرف بابن الجعابي.
٤. سورة هود ؛ الآية : ٤٠.
٥. سورة هود ؛ الآية : ٣٧.
٦. سورة هود ؛ الآية : ٨١.
٧. سورة مريم ؛ الآيتان : ٤٩ و ٥٠.
٨. سورة الأنبياء / الآية : ٧١.
٩. سورة الأنبياء / الآية : ٧١.
١٠. سورة الأنفال ؛ الآية : ٣٤. وتمام الآية ( وَمَا كَانَ اللَّـهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ).
مقتبس من كتاب : [ كمال الدين وتمام النعمة ] / الصفحة : ١٩٤ ـ ٢٠٣
التعلیقات