دور الولي الغائب عجّل الله تعالى فرجه الشريف
الشيخ محمّد جبريل
منذ سنةدور الولي الغائب
أيّها الشيعة الإماميّة ، أنتم تقولون بأنّ إمامكم الثاني عشر ولد في عام 255 للهجرة (1) ولا زال حيّاً إلى هذا اليوم ، واختفى سنة 260 للهجرة ، وإلى هذا اليوم وإلى هذا العام 1189 سنة عمره طيّب هو غائب ، نقول : نعم غائب ، ما الفائدة إذن من غيابه ؟ هل في غيبته يلعب دوراً أم لا يلعب دوراً ؟ فإن قلتم يلعب دوراً فما هو دوره وهو غائب ؟ وإن قلتم لا يؤدّي دوراً هو غائب وينتظر ، فما الفائدة من غيبته ؟ وما الفائدة من وجوده اصلاً ؟
يأتيك الجواب من القرآن الكريم ، تعال نسمع منطق القرآن الكريم حول هذا السؤال ، فلو شخص يسألك ويقول لك أنت إثني عشري ؟ نقول له : نعم ، أوّل إمام عندك أمير المؤمنين عليه السلام ؟ نقول : نعم ، آخرهم المهدي ؟ نقول : نعم ، مهديّكم غائب ؟ نقول : نعم ، فما دوره وماذا يفعل ؟ كيف نجيب على هذا السائل ؟
نقول له تعال انبئك من القرآن الشريف حول هذه المسألة ، القرآن الكريم حدّثنا أنّ أولياء الله نوعان : وليٌ ظاهرٌ يراه الناس ويلعب دوره ، ووليٌ غائب مخفي لا يعرفه الناس ولا يتعرّف عليه الناس ولكنّه يعرف الناس ويعلم بأحوالهم ، ويساعد هولاء الناس. ففي سوره الكهف ذكر الله سبحانه وتعالى هذين النوعين من أولياء الله ، أوّلهم نبي الله موسى على نبيّنا وآله وعليه السلام ، وثانيهم صاحبه الذي صاحبه مؤقّتاً الا وهو الخضر عليه السلام. إسمع ماذا يقول القرآن الكريم : ( فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا * قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ) (2).
من بعد ذلك بدأ القرآن الكريم يقصّ علينا ما صنع هذا الولي المخفي ، لانّ موسى عليه السلام لا يعرفه وإنّما هو بأمر من الله سبحانه وتعالى أمره أن يذهب إليه ويتعلّم منه ، ذهبا سوياً ركبا تلك السفينة وإذا بالخضر يعيب تلك السفينة أيّ يخرق تلك السفينة ( قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ) (3). هذا ما قاله موسى عليه السلام للخضر عليه السلام ، فأجابه : ( قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ) (4). هذا ما حدث لهما في الأمر الأوّل.
الأمر الثاني انتظر موسى انطلقا حتّى وجدا ذلك الغلام فقتله ، الأمر الثالث انطلقا فاذا أتيا أهل القرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما ، بعد ذلك ماذا صنع الخضر وجد فيها جداراً يريد أن ينقذ فأقاماه بنى ذلك الجدار ، موسى أخذ يستفهم من هذا الولي ماذا فعل ، خرق سفينة ، قتل غلاماً ، بنى جداراً ، ماذا فعل ، فأخذ ينبئه الخضر عن سرّ أفعاله تلك ، الولي الظاهر هو موسى النبي عليه السلام والولي الغائب هو الخضر ، وكذلك إمامنا المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف.
الهوامش
1. الإرشاد « للشيخ المفيد » / المجلّد : 2 / الصفحة : 339 / الناشر : دار المفيد للطباعة والنشر / الطبعة : 2 :
وكانَ مولدُه عليه السلامُ ليلةَ النصفِ من شعبان ، سنةَ خمسٍ وخمسين ومائتين.
وأُمُّه أُمُّ ولدٍ يُقالُ لها : نَرْجِس.
وكانَ سِنُّه عِنْدَ وفاةِ أَبي محمد خمسَ سنين ، آتاه اللهُ فيها الحِكْمةَ وفَصْلَ الخطابِ ، وجَعَلَه آيةً للعالمين ، وآتاه الحكمةَ كما آتاها يحيى صبيّاً ، وجَعَله إِماماً في حال الطُفوليّةِ الظاهرةِ كما جَعَلَ عيسى بن مريم عليه السلامُ في المَهْدِ نَبيّاً.
2. الكهف : 65 ـ 66.
3. الكهف : 71.
4. الكهف : 72.
التعلیقات