المعاد مقتضى الربوبية
ادلة المعاد
منذ 15 سنة
المصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج4 ، ص 178 ـ 179
(178)
الدليل السادس : المعاد مقتضى الربوبية
إنّ الربّ في اللغة بمعنى الصاحب ، يقال : ربّ الدّار ، وربّ الضّيعة .
فالربوبية تحكي عن مالكية الرّبّ ، ومملوكية المربوب.
و العلاقة المتّسمة بالربوبية ، تقتضي كون المربوب ذا مسؤولية أمام ربّه ،
وأنّ الربّ لا يتركه سدى ، بل يحاسبه على أعماله ويجازيه بما أتى تجاهه ، وبما أنّ هذه
المحاسبة لا تتحقق في النشأة الدنيوية ، فيجب أن يكون هناك نشأة أُخرى تتحقق
فيها لوازم الربوبية ، فلا معنى لربّ بلا مربوب ، كما لا معنى لمربوب يترك سدى ،
ولا يحاسب على أعماله وأفعاله.
و لعله لهذا الوجه ، يركّز القرآن على كلمة الرّبّ في قوله : { يَاأَيُّهَا الإِنسَانُ
إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاَقِيهِ} (4).
وفي قوله: { وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ
جَدِيدٍ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ } (5).
وهذه الآية الثانية أصرح في المطلوب ، وهو أنّ كفرانهم بربّهم جعلهم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(4) - سورة الإنشقاق : الآية 6.
(5) - سورة الرعد : الآية 5.
________________________________________
(179)
منكرين للمعاد ، فلو عرفوا حقيقة الربوبية ، وعرفوا ربّهم ، لأذعنوا بأنّ مقتضى
الربوبية ، لزوم وجود يوم تطرح فيه أعمال العباد على طاولة الحساب.
* * *
وهذه البراهين الستة تضفي على المعاد ضرورة ، وقطعيّة ، ووجوباً ،
وحتميةً ، وكلّها براهين عقلية أرشدنا إليها الذّكر الحكيم في محكم آياته.
* * *
التعلیقات