نبىّ كلّ أمّة
الحساب والشهود
منذ 15 سنةالمصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج4 ، ص 256
(256)
الشاهد الثاني : نبىّ كلّ أمّة
يدل القرآن الكريم على أنّ لكلّ أُمّة شهيداً من أنفسهم ، وقدجاء ذلك في
عدة آيات منها قوله سبحانه : {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ
أَنفُسِهِمْ } (1) .
وقوله سبحانه: { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ *
وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ...} (2) .
والظاهر أنّ هذا الشاهد من كل أُمّة هو نبيهم ، وإن لم يصرح به في
الآيات ؛ وذلك للزوم كون الشهادة القائمة هناك مشتملة على حقائق لا سبيل
للمناقشة فيها ، فيجب أن يكون هذا الشاهد عالماً بحقائق الأعمال التي يشهد
عليها ، لا بظاهر صورها وهيئاتها المحسوسة ؛ لأنّ صورها مشتركة بين الطاعة
والمعصية .
ولايكون هذا إلاّ بأن يستوي عنده الحاضر والغائب ، ويعاين حقيقة ما
انعقدت عليه القلوب ، فيتميز هذا الشاهد بخصوصيتين .
الأولى: أنّه محيط إحاطة علمية تامةً على حقائق الأعمال ، ومايجري في
القلو ، ويختلج في النفوس .
الثانية : أن يكون ذا عصمة إلهية ليمتنع عليه الخطأ والاشتباه عند تحمّل
الشهادة ، والكذب والخيانة عند أدائها .
ولا يتصور هذا المقام إلا لنبىّ كلّ أُمّة ، وسيأتي تتميم لذلك في الشاهد
الرابع .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) -سورة النحل :الآية 89 .
(2) - سورة القصص: الآيتان 74 ـ 75.
التعلیقات