لماذا يستوحش الإنسان من الموت؟
الموت
منذ 15 سنةالمصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج4 ، ص224
(224)
الأمر الرابع : لماذا يستوحش الإنسان من الموت؟
إنّ للإنسان علاقة شديدة بالبقاء ، وهي ميل طبيعي يحسّه بفطرته . وبما أنّ
الموت يضادّ تلك النغمة الفطرية ، فيجزع الإنسان العادي غير العارف بحقيقة
الموت .
وعلى كل تقدير ، فالناس في الحياة الدنيا على قسمين: قسم يستوحش من
الموت ، ويتصوره شبحاً مخيفاً ، يريد أن يقطع أنياط قلبه ويفترس حياته ، وهؤلاء
بين من يرى الموت آخر الحياة ونفادها ، ويتخيّلون أنّ الموت إبطال لذواتهم
وشخصياتهم ، ومن يعتقد أنّ الموت نافذة للحياة الأُخرى ، من دون أن يستعدوا
لتلك المرحلة بصالح الأعمال ، بل أثقلوا كواهلهم بالمعاصي والذنوب ، فالموت
عندهم سمّ يتجرعونه .
يقول سبحانه تنديداً باليهود : { قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمْ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ
خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ
أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} (1) .
وقسم آخر ، يشتاقون إلى الموت ، ويتلقونه بصدور رحبة ، ووجوه مشرقة ؛
لأنّهم يرونه انتقالاً من حياة مُرّة إلى حياة حُلوة ، وهؤلاء هم الأنبياء والأولياء.
يقول الإمام أمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ: « ولولا الأجل الّذي كتب عليهم ،
لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقاً إلى الثواب ، وخوفاً من العقاب ،
عظم الخالق في أنفسهم ، فصغر ما دونه في أعينهم » .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) -سورة البقرة : الآيتان 94ـ95، ولاحظ الجمعة : الآيتان 7ـ8.
التعلیقات