المتعة رخصة للمضطر
المصدر : زواج المتعة ، تأليف : السيّد جعفر مرتضى الحسيني العاملي ، ج3 ، ص 99 ـ 144
________________________________________ الصفحة 99 ________________________________________
الفصل الثالث
المتعة رخصة للمضطر..
________________________________________ الصفحة 100 ________________________________________
________________________________________ الصفحة 101 ________________________________________
لابد من القول:
قد خصصنا هذا الفصل للحديث عن مقولة: «إن تشريع المتعة إنما كان للمضطر» ثم نسخ هذا التشريع. وقد كان من الممكن تلخيص كلماتهم، والإجابة عنها مرة واحدة.. ولكننا وجدنا في الصياغات المختلفة لهذه المقولات حيثيات تختلف وتتفاوت، ولربما يحسب بعض القراء أننا لم نلتفت إليها ولم نراعها في مقام المناقشة، الأمر الذي يترك نوعاً من التشويش والقلق فيما يرتبط بدقة المناقشات أو باستيفائها للشروط الموضوعية.
فكان هذا الأمر: حافزاً لنا إلى أن نتركها على حالها ونوجه مناقشتنا إليها مباشرة من دون أي تصرف أو إخلال بحرفية نصوصها.. الأمر الذي نشأ عنه الإحساس بأن ثمة تكراراً ـ لو يسيراً ـ في بعض الأحيان. مما قد يعتبره البعض
________________________________________ الصفحة 102 ________________________________________
حالة سلبية من الناحية الفنية أو إخلالاً لا مبرر لتحمله، أو الرضا به.
ولأجل ذلك كان لابدّ من: تقديم العذر عن هذا الأمر، وإعلام القارئ الكريم بأن ثمة تعمداً دعت إليه ضرورة والتزام أدبيّ تجاه القارئ الكريم..
وبناءً على ما تقدم فإننا نستهل حديثنا:
مع المقبلي في تأويلاته وتوجيهاته:
فنقول:
لقد حاول المقبلي الخروج من المأزق الذي نشأ من تحريم عمر للمتعة، فقال ما ملخصه:
إنك إذا رميت هيبة الناس، واقتصرت على المتيقن تجد:
1 ـ إن الأصل هو المنع، لأنه رخصة خلاف النكاح المعروف في الشرع، وهو الدائم.
2 ـ إنهم لم يروا حلية المتعة على الإطلاق، بل لم يروا وقوعها إلا لمضطر، وذلك هو السبب في تحليلها وتحريمها، فهي تحل عند الحاجة وتمنع عند انقضائها.
وذلك ليس من باب النسخ ليقال: أحلت، ثم نسخت، ثم
________________________________________ الصفحة 103 ________________________________________
أحلت، ثم نسخت.
3 ـ ما روي عن جماعة من الصحابة أنهم ثبتوا عليها، يراد منه ثباتهم على تحليلها للمضطر.. ولأجل ذلك لم يرو عن أحد أنه فعلها في غير هذه الحال. كما أنه لم يرو عن أحد أنه قال: إنها تفعل حال الرفاهية، بل غاية ما روي هو الإطلاق، والواقع.
مع أن ما كان يجري على أرض الواقع وقول ابن عباس يمنعان هذا الإطلاق.
4 ـ.. قال: والذين عدهم ابن حزم في جملة القائلين بحلية المتعة لم يرو عنهم ما يدل على اعتقادهم إطلاق التحليل وتعميمه لغير المضطر.
بل غاية ما روي عنهم أنهم فعلوها على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كقول أسماء: فعلناها، على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لم تزد على ذلك.
وأشدها إيهاماً قول جابر: تمتعنا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلخ.. وهو الذي حمل ابن حزم على قوله: رواه جابر عن الصحابة، اغتر بضمير الجمع في قوله: «فعلناها» ولعل جابراً لم
________________________________________ الصفحة 104 ________________________________________
يبلغه النسخ.. ثم لم يبلغه إلى أن نهى عنها عمر، واعتقد أن الناس باقون على ذلك.
ولا بد من الحمل على هذا، وإلا لكان فعل عمر تشريعاً، لأن النسخ تشريع ليس بالرأي، ولو كان كذلك فكيف يوافقه جميع الصحابة والتابعين.
فعمر والجمهور قد علموا بالنسخ، ولم يعلمه أقوام، فاتفق من بعضهم التمتع، فأشاع عمر بيان النسخ، فتوهم من لم يعلم بالنسخ أن الناس جميعاً إنما وافقوا عمر(1).
ونقول:
أولاً:
قد عرفت أن الروايات التي تحدثت عن تحليل المتعة مطلقة غير مقيدة، والذين قيدوا التحليل بالاضطرار ـ كما نسب إلى ابن عباس ـ لو صح النقل عنهم، لا يكون رأيهم هذا حجة على غيرهم، فإن سائر الصحابة قد أطلقوا القول بالحلية، وكذلك فإن ما ورد من نصوص عنهم، وعن النبي (صلى الله عليه وآله)، وكذلك الآية القرآنية ـ قد جاء مطلقا غير
____________
(1) راجع: المنار في المختار من جواهر البحر الزخار ج 1 ص 46 و 464.
________________________________________ الصفحة 105 ________________________________________
مقيد، لا باضطرار ولا بغيره، فحمله كلامهم على صورة الاضطرار لمجرد كون ابن عباس، وفلان، وفلان ـ لو صح النقل عنهم ـ يخصون التحليل بهذه الصورة لا مبرر له، ولا منطق يساعده، وهو محض تحكم ممقوت، وممجوج.
ثانياً:
قال: إن سبب تحليلها وتحريمها هو وجود الاضطرار وارتفاعه، فلو صحّ ذلك، فلماذا تحرم على المضطر في زماننا هذا، فإن الاضطرار إذا كان سبباً في التحليل، فليكن سبباً في التحليل مطلقاً وفي كل زمان.
ثالثاً:
إن قوله: إن الأصل هو المنع، لأنه رخصة على خلاف النكاح المعروف، المشرّع، وهو الدائم..
ما هو إلا كلام شاعري لا يرجع إلى قاعدة مقبولة أو معقولة، فإن هذا النكاح مشرّع، وذاك أيضاً نكاح مشرّع، وهذا معروف، وذاك أيضاً معروف، فلماذا كان هذا أصلاً، وذاك على خلاف الأصل، وهل مجرد عادة الناس، على أمر تجعل هذا الأمر أصلاً، وتجعل غيره فرعاً؟!.
رابعاً:
قوله: إن الذين عدهم ابن حزم في جملة القائلين بحلية المتعة لم يرو عنهم ما يدل على اعتقادهم إطلاق التحليل
________________________________________ الصفحة 106 ________________________________________
وتعميمه إلخ..
مثير للدهشة حقاً، فهل روي عنهم أنهم خصّوا التحليل بالمضطر؟! سوى ما نسب إلى ابن عباس مما قد عرفت عدم صحته أكثر من مرة، وستعرف المزيد من ذلك أيضاً في هذا الفصل بالذات.
خامساً:
قوله: ولعل جابراً لم يبلغه النسخ..
يجاب عنه: أنه هو نفسه قد ادعى في بداية كلامه: أن هذا ليس من قبيل النسخ، ليقال: أحلت ثم نسخت.. أي أن التحليل للمضطر، إنما هو ترخيص، ثم منع منه بعد ارتفاع الضرورة. وذلك يعني: أن الاضطرار يرفع المنع كلما وجد، كما هو الحال في أكل الميتة لحفظ النفس من الهلاك، فإن التزم بهذا فعليه أن يفتي بحلية المتعة للضرورة في كل عصر ومصر، وإن التزم بالنسخ وقع في محذور التهافت بين كلاميه.
سادساً:
لماذا لا يكون نهي عمر هو الناشئ عن عدم معرفته بتأخر الإجازة، والتحليل.. لا سيما إذا علمنا أن الصحابة لم يقبلوا منه هذا المنع والذين قبلوه إنما قبلوه مرغمين خوفاً من بطشه، وحذراً من تنفيذ تهديداته برجم
________________________________________ الصفحة 107 ________________________________________
وعقاب الفاعل.
ولأجل ذلك: استمر أهل مكة وغيرهم في زمن الصحابة والتابعين، وتابعيهم على استعمال هذا الزواج.
سابعاً:
بل إن ثمة نصوصاً تقدمت عن عمر، يصرح هو فيها: أن المتعة كانت حلالاً في عهد النبي (صلى الله عليه وآله)، وفي عهد أبي بكر.
ثامناً:
قوله: لا بد من الحمل على عدم معرفة الناس بالنسخ والمنع حتى أعلمهم عمر به، وإلا لكان فعل عمر تشريعاً.. غير مقبول، لأننا رأينا عمر يقوم بالتشريع والأمر في أكثر من مناسبة، ولا يتمكن أحد من الاعتراض عليه، كما في صلاة التراويح وغيرها.
وهناك إيرادات أخرى على كلام المقبلي تعرف مما ذكرناه في ثنايا هذا الكتاب، وفيما ذكرناه كفاية لمن أراد الرشد والهداية.
المتعة رخصة في سفر:
وقد تحدث المدّعون للتحريم عن أن المتعة كانت رخصة في
________________________________________ الصفحة 108 ________________________________________
سفر، ولا دليل أبداً على أنها كانت معمولاً بها في حالات الإقامة(1)، فإباحتها كانت للضرورة، في خصوص السفر فلا يتوسع بها، لأن ما جاء على خلاف القياس فغيره به لا يقاس..
ونقول:
1 ـ إن النصوص الكثيرة والمتضافرة، وكذلك الآية الشريفة، قد اثبتت حلية المتعة مطلقاً، ومن دون تقييد، فتقييدها بالضرورة، في خصوص السفر هو الذي يحتاج إلى إثبات..
2 ـ إن قول علي (عليه السلام) وابن عباس، لولا تحريم عمر للمتعة ما زنا إلا شفا، أو إلا شقي، وكذلك قول عمران بن الحصين: نزلت آية المتعة في كتاب الله، ثم لم تنزل آية تحرمها إلخ.. واستمتاع معاوية وابناء خلف. وابن أم أراكة، وسعيد بن جبير، بل واستمتاع ابن جريج بسبعين امرأة، وذهاب فقهاء مكة والمدينة واليمن.. وعشرات من الصحابة وغيرهم إلى التحليل المطلق لهذا الزواج، وغير ذلك مما ذكرناه في فصل النصوص
____________
(1) الاعتبار ص 176.
________________________________________ الصفحة 109 ________________________________________
والآثار وغيره ـ إن ذلك كله ـ يدل على أن تشريع المتعة لم يكن مقيداً بسفر ولا بضرورة، وهذا هو الذي فهمه الصحابة، وغيرهم..
3 ـ لو سلمنا: فإن الضرورة لم ترتفع فاللازم الحكم ببقاء التشريع، خصوصاً في حالات السفر حسبما يدعيه هؤلاء. فهل يقبل هؤلاء بذلك؟! فإنهم ينكرون حليتها مطلقاً في السفر وفي الحضر، وفي الضرورة وغيرها!!.
4 ـ على أن الضرورة قد تكون في الحضر أشد منها في السفر، وليس في السفر خصوصية في صنع حالات الضرورة، فإن بين عنواني الضرورة والسفر عموماً وخصوصاً من وجه. فإن كان الملاك هو الضرورة، فإنها قد تحقق في الحضر أيضاً، وإن كان الملاك هو السفر، فقد لا يكون فيه ضرورة للنساء أيضاً، وإن كان الميزان الضرورة، والسفر معاً أي الضرورة في خصوص السفر فهو يحتاج إلى إثبات وهو دعوى عهدتها على مدعيها..
الرخصة المنسوخة:
وقد زعم الشوكاني: أن النكاح الذي جاءت به الشريعة هو
________________________________________ الصفحة 110 ________________________________________
ما كان بشهود، وما كان بِوَلي.. وما يحصل به التوارث، ويثبت به النسب، ويترتب عليه الطلاق، والعدة.
وعلى هذا فالمتعة: ليست بنكاح شرعي، وإنما هي رخصة للمسافر مع الضرورة، ثم لا خلاف في ثبوت الحديث المتضمن للنهي عن هذا النكاح إلى يوم القيامة، وليس بعد هذا شيء، ولا يصلح معارضته بشيء مما زعموه.
وما ذكروه من: أن بعض الصحابة قد استمتع بعد موته (صلى الله عليه وآله) لا يجدي؛ إذ قد يخفى الحكم على بعض الصحابة إلخ..(1) انتهى ملخصاً..
وقد تقدم في فصل النصوص والآثار: في رواية عمران بن سوادة: أن عمر قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحلها في زمان ضرورة ثم رجع الناس إلى السعة».
وعن الشفاء بنت عبد الله: أن عمر بن الخطاب نهى عن المتعة، فأغلظ فيها القول: ثم قال: إنما كانت المتعة ضرورة(2).
____________
(1) راجع: السيل الجرار ج 2 ص 267 و 268.
(2) كنز العمال ج 22 ص 94 عن ابن جرير.
________________________________________ الصفحة 111 ________________________________________
ونقول:
1 ـ قد عرفت أنه لا معنى لنفي كون المتعة نكاحاً شرعياً، وحصرها بكونها رخصة، للمسافر عند الضرورة!! لأن ذلك يختزن القول بأن النبي (صلى الله عليه وآله) قد رخص بالزنا في حالات الضرورة!!.
2 ـ أما بالنسبة لإشتراط إذن الولي، وكذلك الإشهاد، وثبوت النسب، وثبوت العدة، فقد ذكرنا غير مرّة: أنها أحكام لا يفرق فيها بين الزواج الدائم، والمنقطع.
3 ـ أما الطلاق فهو حكم ثابت للدائم فقط، لأن نفس الدوام هو الذي اقتضى الطلاق.
أما زواج المتعة فإن طبيعة التوقيت، ترفع موضوع الطلاق.
4 ـ أما الإرث: فقد اقتضاه الدوام في الزواج الدائم أيضاً، الأمر الذي يفرض هذا التكافل المتبادل، وليس الأمر كذلك في الزواج المؤقت.
5 ـ قد تقدم أنه لا توارث في نكاح الإماء حتى ولو كان دائماً، وحدوث القتل أيضاً، يمنع من التوارث في الدائم، كما أن
________________________________________ الصفحة 112 ________________________________________
الكافر لا يرث المسلم، بالإضافة إلى موارد أخرى لا يتوارث فيها الزوجان في الدائم..
6 ـ قد تقدم أن حكم الضرورة غير قابل للنسخ..
7 ـ على أن الضرورة إذا اقتضت الترخيص في السابق، فلماذا لا تقتضيه في اللاحق، وإلى يومنا هذا..
8 ـ وأما بالنسبة إلى أنه قد يخفى الحكم على بعض الصحابة، فبينه عمر لهم.
فنقول:
أ ـ إن عمر نسب التحريم إلى نفسه.
ب ـ إن عمران بن الحصين قد اعتبر ذلك رأياً لعمر.
ج ـ إنه حتى بعد نهي عمر فإن كثيراً من الصحابة، والتابعين، وأهل مكة، واليمن، وأكثر أهل الكوفة، وغيرهم، قد استمروا مصرّين على موقفهم.
تشريع المتعة كتشريع أكل الميتة:
وقد نسب إلى ابن عباس، أنه إنما أفتى بها من باب أكل
________________________________________ الصفحة 113 ________________________________________
الميتة، أي أنها زنا قد شرعه الله ورسوله لأجل الضرورة.
ومن الواضح: أن الزنا قد حرم منذ بدء الإسلام وقد ورد تحريمه في السور المكية قبل سورة المؤمنون، والإسراء، والمعارج، والفرقان وغيرها، وقد قال تعالى: (إن الله لا يأمر بالفحشاء). ولا يحل نسبة التحليل إلى الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله)، لأجل العجز عن توجيه التحريم الصادر من عمر بن الخطاب.
بعض المتشيعين يخص الحلية بالضرورة:
وقد يحاول البعض أن يستشهد بقول بعض المنسوبين إلى مذهب التشيّع، وأنه يقول: إن حلية زواج المتعة تختص بحالات الضرورة، وهذا يمثل تراجعاً، أو فقل: إعترافاً بصوابية القول بالتحريم..
ونقول:
1 ـ إنه لا قيمة لقول هذا البعض، بعد أن حكم مراجع الشيعة، وأكابر علماء المذهب بأن أقاويله تمثل خروجاً على
________________________________________ الصفحة 114 ________________________________________
قواعد مذهب أهل البيت (عليه السلام)، بل حكموا عليه بأنه ضال مضل، وبأنه خارج عن طريقة المذهب الاثني عشري.
2 ـ إن هذا البعض لم يعترف له أحد من العلماء ذوي الشأن بأنه في مستوى يؤهله للفتوى، بل لم يعترفوا له بالعلمية، ولا بالاجتهاد، فضلاً عما سوى ذلك من مراتب ومقامات، وإنما هو ادعى لنفسه هذه المراتب، وسوقها بين العامة، بأساليبه الخاصة، والغريبة والعجيبة..
3 ـ إن الاحتجاج بأقوال الأشخاص لا مبرر له، بل لا بد من الرجوع أولاً إلى مصادر التشريع لمعرفة ما قرره الشرع الحنيف أولاً، ثم تقاس أقوال الناس عليها، ليعرف من خلال ذلك المحق من المبطل، والمتبع من المبتدع.
نحن نقول:
قال الله (عز وجل) ورسوله (صلى الله عليه وآله) فهم الحجة، وقولهم الفصل، وحكمهم العدل؛ فلا معنى للقول في مقابل ذلك: قال فلان من الناس: هذا، وقال فلان الآخر: ذاك.
________________________________________ الصفحة 115 ________________________________________
لا اختصاص للمتعة بالمضطر:
لقد ادعى البعض: أن زواج المتعة إنما شرّع للمضطر فقط، على سبيل الرخصة، ثم نسخت هذه الرخصة إلى الأبد.
ولتوضيح ذلك نقول:
لقد رووا عن أبي ذر رحمه الله، أنه قال: «إن كانت المتعة لخوفنا وحربنا»(1).
وقالوا أيضاً: نسب لزيد بن علي قوله: «المتعة مثل الميتة، والدم، ولحم الخنزير».
وسئل عنها فقال: «رخصة نزل بها القرآن وحرمها لما نزلت العدة والمواريث، وهذا إجماع أهل البيت، فقيل: يا ابن رسول الله، وما الآي التي نسختها؟
فقال: قوله: (والذين هم لفروجهم حافظون ـ إلى قوله ـ العادون).
____________
(1) سنن البيهقي ج 7 ص 207، وفتح الباري ج9 ص148، ونيل الأوطار ج6 ص270.
________________________________________ الصفحة 116 ________________________________________
فلم يستثن الله تعالى إلا الزوجة أو ملك اليمين فقط»(1).
ونسب ذلك لعلي (عليه السلام) أيضاً(2) وقال: إنها كانت رخصة لمن لم يجد، فلما أنزل الله تعالى النكاح والطلاق والميراث بين المرأة وزوجها نسخت(3).
وقالوا: إنها كانت في أول الإسلام رخصة لمن اضطر إليها، وعلى حد تعبير البعض، أنها كالميتة والدم، ولحم الخنزير، ثم أحكم الله الدين بعد.. نقل ذلك عن أبي عمرة(4).
وتقدم قول ابن كثير وغيره: «روي عن ابن عباس وطائفة من الصحابة القول بإباحتها
____________
(1) راجع: مسند زيد ص304/305 هامش.
(2) سنن البيهقي ج 7 ص 207، والجامع لأحكام القرآن ج 5 ص130، وكتاب العلوم لأحمد بن عيسى بن زيد ج 3 ص 13، ومجمع الزوائد ج 4 ص 265 عن الطبراني في الأوسط وتحريم نكاح المتعة ص 55.
(3) تحريم نكاح المتعة ص 56 و 55 وسنن الدارقطني ج 3 ص 359.
(4) صحيح مسلم ج 4 ص 134 وسنن البيهقي ج 7 ص 205، ونصب الراية ج 3 ص 177، والمصنف للصنعاني ج 7 ص 502، وكتاب العلوم لاحمد بن عيسى بن زيد ج 3 ص 13، وشرح الموطأ للزرقاني ج 4 ص 45، وراجع مرقاة المفاتيح ج 3 ص 423، وشرح النووي على صحيح مسلم ج 9 ص 180، وتحريم نكاح المتعة ص 115 و 116.
________________________________________ الصفحة 117 ________________________________________
للضرورة، وهو رواية عن الإمام أحمد»(1).
وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «لا تحل المتعة إلا لمضطر»(2).
وقال ابن كثير أيضاً عن ابن عباس: «.. وأما المتعة فإنما كان يبيحها عند الضرورة في الأسفار. وحمل النهي على ذلك في حال الرفاهية، والوجدان.
وقد تبعه على ذلك: طائفة من أصحابه، وأتباعهم. ولم يزل ذلك مشهوراً عن علماء الحجاز الى زمن ابن جريج، وبعده.
وقد حكي عن الإمام أحمد رواية كمذهب ابن عباس. وهي ضعيفة، وحاول بعض من صنف في الحلال نقل رواية عن الامام بمثل ذلك. ولا يصح أيضاً»(3).
بل نسب ذلك: إلى ابن عباس أيضاً، وإلى طائفة من
____________
(1) تفسير القرآن العظيم ج 1 ص 474.
(2) الاعتبار للحازمي ص180 وتحريم نكاح المتعة للأهدل ص255 عنه وعن المقدسي في رسالة تحريم نكاح المتعة ص113.
(3) البداية والنهاية ج4 ص 194.
________________________________________ الصفحة 118 ________________________________________
أصحابه(1) فقد رووا بسند ضعيف(2) عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: هل ترى ما صنعت، وبما أفتيت؟ سارت بفتياك الركبان، وقالت فيه الشعراء، قال: وما قالوا؟ قال: قالوا:
قد قلت للشيخ لما طال مجلســه يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس
في بضّةٍ رخصة الأطراف ناعمة تكون مثواك حتى مرجع النـــاس
فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. لا والله، ما بهذا أفتيت، ولا هذا أردت، ولا أحللت منها إلا ما أحل الله من الميتة، والدم،
____________
(1) راجع صحيح البخاري ج 3 ص 158، وفتح الباري ج 9 ص 148 عن الخطابي والفاكهي والبيهقي، ووكيع في الغرر، ونيل الأوطار ج 6 ص 268 و 270، وراجع البناية في شرح الهداية ج 4 ص 98، وراجع البحر المحيط ج 3 ص 218، وراجع الدر المنثور ج 2 ص 140، والبداية والنهاية ج 4 ص 194، ومجمع الزوائد ج 4 ص 265، وشرح معاني الآثار ج 3 ص 26 و 27، والتمهيد ج 9 ص 121، وسنن البيهقي ج 7 ص 205، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج 1 ص474، وعون المعبود ج 6 ص 84، وشرح النووي على صحيح مسلم ج 9 ص 180، والتفسير الكبير للرازي ج 10 ص 49، وغاية المأمول شرح التاج الجامع للأصول ج 2 ص 335، وذكره عن ابن عباس في مرقاة المفاتيح ج 3 ص 322.
(2) راجع: نكاح المتعة للأهدل ص253.
________________________________________ الصفحة 119 ________________________________________
ولحم الخنزير..(1).
وقد أضاف أمين محمود خطاب قوله: «كان ابن عباس يتأول إباحته للمضطر إليه، بطول العزبة، وقلة اليسار، والجدة، ثم توقف عنه، أو أمسك عن الفتوى به»(2).
ويقول عبد الرحمن الجزيري:
أما أصل مشروعية نكاح المتعة، فهو أن المسلمين في صدر الإسلام كانوا في قلة تقضي عليهم بمناضلة أعدائهم باستمرار، وهذه حالة لا يستطيعون معها القيام بتكاليف الزوجية وتربية الأسرة، خصوصاً أن حالتهم المالية كانت سيئة إلى أقصى مدى،
____________
(1) فتح القدير ج 1 ص 455، وراجع: التمهيد ج 9 ص 121، وفتح الملك المعبود ج 3 ص 226 و 227، ومجمع الزوائد ج 4 ص 265عن ابن جرير في تهذيبه وابن المنذر، والطبراني، والبيهقي، والاستذكار ج 16 ص 300، والاعتبار في الناسخ والمنسوخ ص 179، وسنن البيهقي ج 7 ص 205، وفتح الباري ج 9 ص 148، وتحريم نكاح المتعة ص 116 و 117 و 91 و 92، وفيه أنه خرج يوم عرفة فقال للناس إلخ..، وعن معالم السنن للخطابي ج 3 ص 191، وراجع: لباب التأويل ج 1 ص 343، وزاد المعاد ج 2 ص 204، وعون المعبود ج 6 ص83 و84، والمنار في المختار ج1 ص461 و462، والمرأة في القرآن والسنة ص179، والتفسير الحديث ج9 ص53، والمنتقى للفقي ج2 هامش صفحة518 و520 و521، وفقه السنة ج2ص43، وجواهر الأخبار ج4 ص23، وإرواء الغليل ج 6 ص 319، ونكاح المتعة للأهدل ص252 و253 عن فتح الباري ج9 ص171 وعن التلخيص الحبير 2/1/158.
(2) فتح الملك المعبود ج 3 ص 225.
________________________________________ الصفحة 120 ________________________________________
فليس من المعقول أن يشغلوا أنفسهم بتدبير الأسرة من أول الأمر.
وإلى جانب هذا: إنهم كانوا حديثي عهد بعاداتهم التي ربوا عليها قبل الإسلام، وهي فوضى الشهوات في النساء. حتى كان الواحد منهم يجمع تحته ما شاء من النساء. فيقرب من يحب، ويقصي من يشاء، فإذا كان هؤلاء في حالة حرب فماذا يكون حالهم؟
إلا أن الطبيعة البشرية. لها حكمها، والحالة المادية لها حكمها كذلك. فيجب أن يكون لهذه الحالة تشريع مؤقت يرفع عنهم العنت، ويحول بينهم وبين تكاليف الزوجية.
وذلك هو نكاح المتعة، أو النكاح المؤقت، فهو يشبه الحكم العرفي المؤقت بضرورة الحرب. وذلك لأن الجيش يحتوي على شباب لا زوجات لهم، ولا يستطيعون الزواج الدائم، كما لا يستطيعون مقاومة الطبيعة البشرية. وليس من المعقول في هذه الحالة مطالبتهم بإضعاف شهواتهم بالصيام، كما ورد في حديث آخر، لأن المحارب لا يصح إضعافه بأي وجه، وعلى أي حال. فهذه الحالة هي الأصل في تشريع نكاح المتعة، يدل على ذلك ما رواه مسلم عن سبرة، قال: أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمتعة عام
________________________________________ الصفحة 121 ________________________________________
الفتح، حين دخلنا مكة، ثم لم نخرج حتى نهانا عنها، فهذا صريح في أنه حكم مؤقت اقتضته ضرورة القتال.
وروى ابن ماجة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «يا أيها الناس إني كنت أذنت في الاستمتاع، ألا وإن الله حرمها إلى يوم القيامة».. إلى أن قال: «أما ما روي من أن ابن عباس قال: إنه جائز.. فالصحيح أنه قال ذلك قبل أن يبلغه نسخه. وقد وقعت بينه وبين ابن الزبير مشادة في ذلك، فقد روي أن ابن الزبير قال: ما بال أناس أعمى الله بصائرهم كما أعمى أبصارهم يقولون بحل نكاح المتعة ـ يعرض بابن عباس، لأنه كف بصره ـ فقال ابن عباس: إنك جلف جاف، لقد رأيت إمام المتقين رسول الله يجيزه، فقال له ابن الزبير، والله إن فعلته لأرجمنك.
فظاهر هذا: أن ابن عباس لم يبلغه النسخ، فلما بلغه عدل عن رأيه، فقد روى أبو بكر بإسناده عن سعيد بن جبير: أن ابن عباس قام خطيباً، فقال: إن المتعة كالميتة، والدم ولحم الخنزير، وذلك مبالغة في التحريم.
وبهذا كله يتضح: أن نكاح المتعة أو النكاح المؤقت باطل
________________________________________ الصفحة 122 ________________________________________
باتفاق المسلمين، وما نقل من إباحته في صدر الإسلام، فقد كان لضرورة إقتضتها حالة الحرب والقتال»(1).
وقال السيد سابق: «أما ابن عباس فإنه سلك هذا المسلك في إباحتها عند الحاجة والضرورة، ولم يبحها مطلقاً، فلما بلغه إكثار الناس منها رجع، وكان يحمل التحريم على من لم يحتج إليها»(2).
والقول بأنها إنما أحلت للمضطر تجده في العديد من المصادر(3).
ويرى البعض: أن ابن عباس «لم يقل بحلها مطلقاً، بل في صدر الإسلام» وذلك إستناداً لما رواه الترمذي عنه أنه قال: «إنما كانت المتعة في أول الإسلام، كان الرجل يقدم البلدة، ليس له بها معرفة، فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه مقيم،
____________
(1) الفقه على المذاهب الأربعة ج 4 ص 90 و 91 وراجع ص 93.
(2) فقه السنة ج 2 ص 23، والمنتقى ج 2 هامش ص 521.
(3) راجع تحفة المحتاج شرح المنهاج للهيثمي ج 7 ص 224، وشرح النووي على صحيح مسلم ج 9 ص 180.
________________________________________ الصفحة 123 ________________________________________
فتحفظ له متاعه، وتصلح له شيئه حتى إذا نزلت الآية: (إلا على أزواجهم، أو ما ملكت أيمانهم) قال ابن عباس: فكل فرج سواها فهو حرام»(1).
قال العسقلاني عن هذا الحديث: «إسناده ضعيف، وهو شاذ مخالف لما تقدم من علة إباحتها»(2) أي أن هذا مخالف لقولهم إنها أبيحت في السفر لاشتداد العزوبة عليهم.
وقال في غاية المأمول عن زواج المتعة: «كان جائزاً في صدر الإسلام للضرورة، ثم نسخ»(3).
وراجع أيضاً ما عن القاضي عياض(4).
____________
(1) الجامع الصحيح للترمذي مطبوع مع تحفة الأحوذي ج 4 ص 269 وعن الحازمي في الاعتبار ص 178، وغاية المأمول في شرح التاج الجامع للأصول ج 2 ص 335، والمنار في المختار ج 1 ص 461، ونيل الأوطار ج 6 ص 268 و 269، وفتح الباري ج 9 ص 148.
(2) فتح الباري ج 9 ص 148.
(3) غاية المأمول شرح التاج الجامع للاصول ج2 ص 334، وراجع: الفواكه الدواني، لابن مهنا النفراوي المالكي شرح رسالة أبي زيد القيرواني ج 5 ص 33.
(4) مرقاة المفاتيح ج 3 ص 423.
________________________________________ الصفحة 124 ________________________________________
وقال ابن القيم: «لكن الحظر هل هو تحريم بات، أو هو مثل تحريمه الميتة، والدم ونكاح الأمة، فيباح عند الضرورة، وخوف العنت، وهذا الذي لحظه ابن عباس فأفتى بحلها للضرورة فلما توسع الناس فيها ولم يقتصروا على موضع الضرورة أمسك عن فتياه ورجع عنها»(1).
وقال الحازمي: «إنما كان ذلك يكون في أسفارهم، ولم يبلغنا أن النبي (صلى الله عليه وآله) أباحه لهم، وهم في بيوتهم، ولهذا نهاهم عنه غير مرة، ثم أباحه لهم في أوقات مختلفة، حتى حرّمه عليهم في آخر أيامه (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع، وكان تحريم تأبيد لا تأقيت»(2).
وعن الطحاوي: ما يقرب من هذا فراجع(3).
وقال آخر: «.. وقيل لم يحرمها (صلى الله عليه وآله) مطلقاً، بل عند الاستغناء عنها، وأباحها عند الحاجة إليها، أي خوف الزنا،
____________
(1) تعليقات محمد الفقي على بلوغ المرام ص 207.
(2) الاعتبار في الناسخ والمنسوخ للحازمي ص 176، وتحفة الأحوذي ج 4 ص 268، عن الاعتبار ومرقاة المفاتيح ج 30 ص 423، وفتح الملك المعبود ج 3 ص 225، ونيل الأوطار ج 6 ص 270 و 272.
(3) الجامع لأحكام القرآن ج 5 ص 131.
________________________________________ الصفحة 125 ________________________________________
وبذلك كان يفتي ابن عباس، وفي كلام فقهائنا: والنهي عن نكاح المتعة في خبر الصحيحين، الذي لو بلغ ابن عباس لم يستمر على القول بإباحتها لمن خاف الزنا، مخالفاً في ذلك لكافة العلماء»(1).
وقال الحازمي: «أما ما يحكى عن ابن عباس فإنه كان يتأول في إباحته للمضطرين إليه، بطول العزبة، وقلة اليسار، والجدة، ثم توقف عنه، وأمسك عن الفتوى به، ويوشك أن يكون سبب رجوعه عنه قول علي رضي الله عنه، وإنكاره عليه إلخ..»(2).
وقال الألباني: «إن ابن عباس (رض) روى في المتعة ثلاثة أقوال: الأول: الإباحة مطلقاً. الثاني: الإباحة عند الضرورة. والآخر [الحرمة ظ] مطلقاً، وهذا مما لم يثبت عنه صراحة بخلاف القولين الأولين»(3).
____________
(1) بجيرمي على الخطيب ج 3 ص 336.
(2) الاعتبار في الناسخ والمنسوخ ص 178 و 179.
(3) إرواء الغليل ج 6 ص 319.
________________________________________ الصفحة 126 ________________________________________
وقال آخر: «في كلام ابن عباس ما يشعر بإنكار إباحتها على الإطلاق، بل في الحال الشديدة، فينحصر دعوى الإجماع فيها. وأيضاً لم يرو فقط أنها وقعت إباحة في غير ذلك الحال..»(1).
وقيد البعض: التحليل بالغزو(2)، أو لعزبة كانت في الناس(3).
وقالوا: إنما كان ذلك في الجهاد [أو في الحال الشديد]، والنساء قليل، كما عن مولى لابن عباس، وصدّقه ابن عباس نفسه كما يدّعون(4).
____________
(1) المنار في المختار ج 1 ص 461.
(2) راجع الجامع لأحكام القرآن ج 5 ص 130، والمنتقى ج 2 هامش ص 519.
(3) الاستذكار ج16 ص293، ونيل الأوطار ج6 ص270، وفتح الباري ج9 ص147 و148.
(4) سنن البيهقي ج 7 ص 204 و 205، والبخاري في الصحيح ج 3 ص 158، وراجع فتح الباري ج 9 ص 147 و 148، ونيل الأوطار ج 6 ص 268 و 269، والمنار في المختار ج 1 ص 461.
________________________________________ الصفحة 127 ________________________________________
مناقشة أدلة التخصيص بالمضطر:
ونقول:
إن ذلك كله لا يصح، لما يلي:
1 ـ إنهم يروون أن ابن أبي عمرة سأل ابن عباس عن متعة النساء، فرخص له فيها، فقال مولى له: «إنما ذلك في الحال الشديد، وفي النساء قلة، فقال ابن عباس: نعم»(1).
فالقول بأنها أحلت للضرورة ليس هو قول ابن عباس، وإلا، لم يكن لقول ابن أبي عمرة معنى.
2 ـ قولهم: إن ابن عباس قد رجع حين رأى اكثار الناس منها، عجيب وغريب، فهل يصح أن يجعل اكثار الناس من أمر سبباً في الرجوع عن حكم الله تعالى فيه؟!.
3 ـ إن هذا التعليل للرجوع معناه: أن ابن عباس قد اجتهد في مقابل النص.
4 ـ إن من البديهي: أن الرخصة لأجل الضرورة، لا تجعل
____________
(1) نيل الأوطار ج 6 ص 134 ط دار الحديث ـ القاهرة.
________________________________________ الصفحة 128 ________________________________________
المتعة من قسم الحلال حتى تنسخ، كما أن النسخ لا يتعلق بالرخصة الناشئة عن الاضطرار، للعلم بثبوت الرخصة الناشئة عن الاضطرار مطلقاً، وأن الله قد رفع عن الأمة ما اضطروا إليه كما دل عليه الكتاب والسنة، ولذا تباح الميتة، والدم ولحم الخنزير في مقام الضرورة، وعدم إباحتها بعد ارتفاع الضرورة لا يعني النسخ، بل هو بسبب عدم وجود موضوع الحكم.
على أن أدلة حلية المتعة، ولو في زمن خاص، واضحة الدلالة على جوازها اختياراً، وهو مجمع عليه.
هذا كله، مع قطع النظر عن أسانيد هذه الأخبار، بل سائر أخبار النسخ، وإلا، فالكلام في ذلك واسع المجال(1).
5 ـ ونضيف أيضاً إلى ما تقدم: أن قياس الاضطرار للمتعة على الاضطرار إلى الدم والميتة، ولحم الخنزير، قياس مع الفارق، إذا لوحظ: أن الاضطرار للميتة، ونحوها، إنما هو فيما لو توقفت حياة الإنسان على ذلك، وليس الأمر كذلك بالنسبة إلى المتعة، فلا مجال لدعوى الضرورة فيها من
____________
(1) دلائل الصدق ج 3 ص 106.
________________________________________ الصفحة 129 ________________________________________
الأساس.
قال الخطابي: بالنسبة لما نسب إلى ابن عباس من إحلالها للمضطر: «فهذا يبين لك أنه سلك فيه مذهب القياس، وشبهه للمضطر إلى الطعام الذي به قوام الأنفس، وبعدمه يكون التلف، وإنما ذلك من باب غلبة الشهوة، ومصابرتها ممكنة وقد تحسم مادتها بالصوم والعلاج، وليس أحدها في حكم الضرورة كالآخر»(1).
وبعبارة أخرى: «سلك فيه (رض)، طريق القياس، ولكنه غير صحيح، فإن الميتة أبيحت لدفع الهلاك، وحبس الشهوة لا هلاك فيه»(2).
6 ـ وأيضاً، فإن اجتهاد ابن أبي عمرة أو غيره، لا يكون حجة علينا، والحجة فقط هي النص عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولا نص عنه في ذلك، كما لا شيء في القرآن
____________
(1) الاعتبار في الناسخ والمنسوخ ص 179، ونكاح المتعة للأهدل ص255 عن معالم السنن ج3 ص193.
(2) غاية المأمول شرح التاج الجامع للأصول ج 2 ص 335، وراجع: فتح الملك المعبود ج 3 ص 227 عن الخطابي في معالم السنن ج 3 ص 190، وعون المعبود ج 6 ص 84، والمنتقى للفقي ج 2 هامش ص 521.
________________________________________ الصفحة 130 ________________________________________
يثبت ذلك، وإلا أمكن إدعاء هذا الأمر في سائر الأحكام، فيقال: إن هذا الحكم أو ذاك قد شرّع للضرورة ثم هي قد ارتفعت، فلا حاجة بعد إليه، فهل يلتزم بهذا مسلم؟!.
7 ـ وإذا كانت المتعة قد أحلت للضرورة، فالضرورة لا تزال قائمة، ولسوف تبقى، لأن الضرورة إن كانت هي السفر، فالناس لا يزالون يسافرون أسفاراً طويلة، وبعيدة وشاقة، وإن كانت الضرورة هي الجهاد، فالجهاد لا يزال، وإن كانت هي الشبق والشهوة الجنسية فهي باقية أيضاً.
وإن تشريعها لمدة ثلاثة أيام في كل تاريخ الإسلام لا يزيل الشبق عنهم ولا عن غيرهم، إن لم نقل: إزدادت حدة عما كانت عليه في ظرف تشريع هذا الزواج في صدر الإسلام الأول.. فلماذا نسخت كما يدعون؟
8 ـ هل الحكم الإرفاقي التسهيلي قابل للنسخ؟! وهل ثمة سياسة إلهية في الإرفاق بفريق والتسهيل عليه، وعدم الإرفاق بل التشديد على فريق آخر؟! ولماذا كانت هذه السياسة وما هي مبرراتها؟!!!.
قال ابن كثير: «.. وقيل: إنها إنما أبيحت للضرورة، فعلى
________________________________________ الصفحة 131 ________________________________________
هذا إذا وجدت ضرورة أبيحت، وهذه رواية عن الإمام أحمد»(1).
9 ـ ولو كانت قد أحلت للضرورة، فإن ذلك إنما يوجب حليتها لخصوص المضطر، لا لجميع الناس، كما حصل في صدر الإسلام.
وبعبارة أخرى: إن أبيحت لمن اضطر إليها فاللازم القول ببقاء اباحتها لكل مضطر، فإن الاضطرار للشيء في كل زمان يوجب حلية ذلك الشيء إذا خاف على نفسه التلف، وإن كانت أبيحت لكافة المسلمين لوجود بعض المسلمين المضطرين فهذا حكم لم نسمع بمثله إذ كيف يكون اضطرار شخص موجباً للحلية لغيره..
هذا كله عدا عما تقدم، وسيأتي مما يلقي الضوء على فساد هذا الزعم الواهي.
10 ـ أضف إلى ذلك: أن الصحابي الذي أحلت له أولاً للاضطرار، هل يرتفع اضطراره بمجرد وفاة رسول الله (صلى
____________
(1) البداية والنهاية ج 4 ص 318.
________________________________________ الصفحة 132 ________________________________________
الله عليه وآله)؟ فكما كانوا يسافرون في زمنه فإنهم ما زالوا يسافرون بعد وفاته، وقد كانوا يغزون وما زالوا..
11 ـ إن معنى قولهم: ان المتعة إنما حللت للمضطر(1) هو:
أن المتعة من قسم الفحشاء أحلت للمضطر، وأذن له فيها، وعلى هذا نقول:
أ ـ ما معنى قوله تعالى: (إن الله لا يأمر بالفحشاء)؟!.
ب ـ وما معنى استشهاد ابن مسعود بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم). فإن المتعة إذا كانت من الطيبات، فكيف تكون من الزنا أو من الفحشاء، التي لا يأمر الله تعالى بها؟!.
12 ـ وأخيراً.. فإن هناك من علماء أهل السنه من ينكر وجود أية ضرورة لتحليل زواج المتعة: يقول الشيخ قاسم الشماعي الرفاعي:
____________
(1) قد جاء ذلك أيضاً في مجلة: الهلال المصرية عدد 13 جمادى الأولى سنة 1397 هـ.ق. أول مايو سنة 1977 م. ومصادر أخرى لهذه المقولة..
________________________________________ الصفحة 133 ________________________________________
«على أنه لا حاجة للمتعة كما أنه لا حاجة للزواج المؤقت ما دام أن الزوجات الصالحات العفيفات، الشريفات، قائمات وموجودات، والحمد لله في كل زمان ومكان، وأي ضرورة تدعو إلى الخروج عن الزواج الدائم، فإن الضرورة لا تتحقق، وليس من باب الحل المطلق، لأن أحكام الضرورة قائمة إلى يوم القيامة، بقوله تعالى: (إلا ما اضطررتم إليه)»(1).
ونقول:
إن إنكار الضرورة مطلقا مما لا يمكن قبوله، فإن الزوجات العفيفات لأجل الدائم موجودات، ولكن لا يستطيع كل أحد منهن ومن الرجال الزواج الدائم في مدد طويلة من حياتهما، وهي المدة الأكثر شراسة في طغيان الحافز الجنسي لدى الشاب والفتاة.
فإن كان يقصد أن لا ضرورة اجتماعية فهو صحيح، وإن كان يقصد نفي الضرورات الشخصية فهو غير مقبول، بل إن هناك ضرورة اجتماعية عامة أيضاً، إلى جانب الضرورات
____________
(1) زواج المتعة حلال ص 142 و 143 عن الشماعي الرفاعي.
________________________________________ الصفحة 134 ________________________________________
الشخصية الخاصة..
قياس ابن عباس:
وقال بعضهم: «إن ابن عباس قد بلغه من علي بن أبي طالب تحريمها بخيبر، فكيف ساغ له القياس مع وجود النص واطلاعه عليه، حتى إن ابن الزبير لما حاوره في شأنها قال: «لقد فعلت في عهد إمام المتقين» وذلك في خلافة ابن الزبير، كما يدل على ذلك قوله: فوالله لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك».
فالجواب:
أن ابن عباس لم يكن مستنده في ذلك إلا آية الاستمتاع، وفعلها في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام في ظروف الغزو والعنت في الأسفار فعندما أعلم تحريمها بخيبر التي وسع الله فيها على المسلمين، أدرك زوال الأسباب المرخصة فيها، فبقي على تحريمها في حالة السعة وإباحتها في حالة الضيق. ولو أعلم بتحريمها تأبيداً لقامت عليه الحجة، ولما استمر في الترخيص فيها لمن احتاج إليها.
وذكر الألوسي: «أنه استمر على القول بجوازها حتى إلى ما بعد وفاة علي رضي الله عنه وهو ظاهر محاورته مع ابن الزبير
________________________________________ الصفحة 135 ________________________________________
في عهد خلافته»(1) انتهى.
ونقول:
أولاً:
إنه قد ادعى: أن التحريم الذي أخبره به علي عليه السلام إنما هو التحريم يوم خيبر، ونلاحظ عليه:
ألف: إنه هو نفسه قد أقر بأن هذا التحريم لم يكن للتأبيد إذ قد تعقبه التحليل في يوم الفتح(2) فلا يبقى معنى لاستدلال علي (عليه السلام) على ابن عباس به. كما لا معنى لقبول ابن عباس بهذا الاستدلال.
ب: إن النهي عن المتعة في الغزو ـ سواء في غزوة الفتح، أو في خيبر أو في غيرها لا يعني التحريم، بل إن ذلك لو صح، فإنه يكون من أجل قرب مغادرة الناس لتلك المنطقة، فلا معنى لتجديد عقود في وقت يكون العاقد فيه على أهبة السفر، بل المناسب هو تسريح المعقود عليهن بطريقة تحفظ الحقوق، وتقلل من احتمالات الوقوع في السلبيات، فيكون النهي يوم خيبر ـ لو
____________
(1) راجع: نكاح المتعة للأهدل ص257.
(2) المصدر السابق ص321.
________________________________________ الصفحة 136 ________________________________________
صح ـ نهي تدبير، لا نهي تحريم..
ج: ومع غض النظر عن هذا وذاك فإن التحريم في خيبر يعاني من إشكالات كثيرة قدمنا شطراً كبيراً منها في الجزء الأول من هذا الكتاب، تجعل الاعتماد على مثل هذه الدعوى مجازفة كبيرة لا مجال للدخول فيها، ولا لقبولها من أحد..
ثانياً:
قد تقدم، ما يمنع بصورة قاطعة من قبول دعوى أن تشريع المتعة قد كان على سبيل الاضطرار كالاضطرار إلى الميتة ولحم الخنزير، فلا نعيد.
كانت المتعة لنا خاصة:
وإذ تحقق لدينا عدم صحة القول بأن المتعة إنما شرعت لخصوص المضطر، وتحقق لدينا أيضاً عدم صحة القول بنسخ هذا التشريع، فإننا نعرف أن ما ينسب إلى أبي ذر رحمه الله مما يظهر منه ذلك، لا يمكن القبول به. ولا بد من رده على قائله ولا أقل من الشك في صحة نسبة ذلك إلى هذا الصحابي الجليل فقد قال أبو عمر: أخبرنا محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا محمد بن معاوية، قال أخبرنا أحمد بن شعيب، قال: أخبرنا
________________________________________ الصفحة 137 ________________________________________
بشر بن خالد، قال: أخبرنا غندر، عن شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر (رحمه الله): كانت «المتعة لنا رخصة»(1).
وأخرج البيهقي من حديث أبي ذر بإسناد حسن: «إنما كانت المتعة لحربنا وخوفنا»(2).
ويمكن أن يقال: إن هذين الحديثين لا يدلان على اختصاص حكم المتعة بالصحابة، بل المراد بيان الحال العامة في بداية التشريع.
فالحديث التالي: هو الصريح ـ فقط ـ في هذا الاختصاص حيث يقول: «فقد روى نصر بن إبراهيم المقدسي عن نصر بن سرور الرهاوي، عن محمد بن إبراهيم البصري، عن خيثمة بن سليمان عن أحمد بن حازم عن أبي نعيم، عن عبد السلام، عن ليث، عن طلحة، عن خيثمة عن أبي ذر قال: «إن متعة النساء كانت كرامة أكرم الله بها أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله)، وكانت رخصة
____________
(1) التمهيد ج 23 ص 364.
(2) فتح الباري ج 9 ص 148 والسنن الكبرى ج 7 ص 207 ونيل الأوطار ج 6 ص 270.
________________________________________ الصفحة 138 ________________________________________
لهم دون الناس»(1).
وحدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جرير، عن فضيل، عن زبيد عن إبراهيم التيمي، عن أبيه قال:
قال أبو ذر (رض): لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة، يعني متعة النساء ومتعة الحج(2).
فإن كان أبو ذر قد أراد بكلمة: «لنا» هو أمة محمد (صلى الله عليه وآله) دون سائر الأديان، فهو ظاهر في حلية المتعتين، وإن كان مراده خصوص الصحابة، فقوله لا تصلح المتعتان إلا لهم خاصة لم يعرف وجهه، حيث يظهر من سياق الكلام أنه اجتهاد منه..
ويلاحظ: أن هذا الحديث مروي عن أبي ذر بصيغة أخرى، فقد جاء عن أبي معاوية، عن الأعمش إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر قال: «كانت المتعة لأصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
____________
(1) تحريم نكاح المتعة ص 67 و 68.
(2) صحيح مسلم ج 4 ص 46 وشرح معاني الآثار ج 3 ص 26 والتمهيد ج 23ص 364.
________________________________________ الصفحة 139 ________________________________________
خاصة»(1).
والملفت: أن الصحابة قد استمروا على ممارسة المتعة والجهر بتحليلها رغم التهديد الشديد والوعيد من قبل الخليفة الثاني.. هذا فضلاً عن استمرار أهل مكة واليمن وغيرهما من البلاد على ممارسة هذا الزواج، والفتوى بحليته وبقاء تشريعه، بل إنك لتجد فتاوى للأئمة الأربعة باستثناء الشافعي تبيح هذا الزواج في حالات الضرورة وغيرها، فضلاً عما يذهب إليه أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم.
جمع فأوعى:
ونلاحظ هنا: أن البعض قد التزم بالشروط كلها، فجمعها في صعيد واحد حين أجاب عن أخبار التحليل بجوابين:
أحدهما:
1 ـ إن الإباحة كانت على عهد النبي (صلى الله عليه وآله) مخصوصة، وهي ثلاثة أيام.
____________
(1) صحيح مسلم ج 4 ص 46.
________________________________________ الصفحة 140 ________________________________________
2 ـ إنها لقوم مخصوصين وهم الصحابة دون من سواهم..
3 ـ إنها لعذر مخصوص وهو الحاجة، والضرورة إلى النساء في المغازي، والمباح بهذه الشروط لا يجوز الحكم ببقائه بدونها.
الثاني:
إن أخبار التحريم قد جاءت بعد أخبار التحليل، وقد نسخته إلى يوم القيامة «لأنه كان في زمن الفتح في حجة الوداع» ولم يكن بعدها في الغزوات ما كانوا يحتاجون فيه ويضطرون إلى ذلك. انتهى بتصرف وتلخيص(1).
ثم هو يلحق بهذا الجواب جواباً ثالثاً، وهو:
أن أخبار التحريم: «ناقلة عن الأصل الذي كان في الجاهلية، وبعض الإسلام، وأخبارهم مبقية على الأصل، فكان الناقل أولى، كما قلنا في نظائر ذلك»(2).
____________
(1) تحريم نكاح المتعة ص 100 و 101.
(2) رسالة: تحريم نكاح المتعة ص 102.
________________________________________ الصفحة 141 ________________________________________
ونقول:
أما بالنسبة لدليله الأول فهو لا يصح، لما يلي:
أ ـ إن الإباحة لو كانت مخصوصة بهم لوجب بيان ذلك، حتى لا يقع الآخرون في المحذور.
ب ـ إن أبا ذر قد صرّح في ما روي عنه بأنه لا يدري إن كانت المتعة خاصة بهم أم أنها عامة..
فإذا كان مثل هذا الرجل العظيم لا يدري وهو حاضر وناظر، وهو من العلماء الفهماء، فهل يدري غيره من عوام الناس الذين ليس لهم منزلته ومقامه في العلم والفهم، والفضل، فضلاً عن غيرهم ممن غاب عن المشهد، وسمع من الناس.
ج ـ إن حاجتهم إلى النساء في المغازي لم تنته يوم الفتح، فقد أعقب ذلك غزوات كانوا فيها أشد حاجة إلى النساء، مثل غزوة تبوك التي كانت الشقة فيها بعيدة..
د ـ لماذا يخلط في كلامه بين يوم الفتح، وحجة الوداع، فإن الفرق بينهما كالنار على المنار، وكالشمس في رابعة النهار،
________________________________________ الصفحة 142 ________________________________________
وقد كانت الأولى في سنة ثمان والثانية في سنة عشر..
هـ ـ إذا كانت قد حللت لمدة ثلاثة أيام فقط في زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهل يعقل أن لا يحتاج الصحابة إليها في كل تلك الغزوات إلا هذه الثلاثة أيام؟! وماذا كان يصنع المسلمون في سائر غزواتهم وسراياهم التي يقال: إنها أنافت على الثمانين غزوة وسرية؟!.
و ـ إذا كانت قد شرعت لعذر مخصوص، وهو الحاجة إلى النساء في المغازي وقد زال هذا العذر، ولم يعد ثمة حاجة إلى النساء.
فهل كان: زوال العذر بسبب فقد الناس الغريزة الجنسية؟!
أم بسبب: توفر النساء لكل غاز ومسافر؟!
أم بسبب: زوال حالات الغزو والحرب فيما بين البشر بمجرد موت رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟؟!.
وأما بالنسبة لدليله الثاني:
وهو: ناسخية أخبار التحريم لأخبار التحليل لكونها قد جاءت بعدها فيرد عليه:
أ ـ ما ذكرناه آنفاً في فقرة: جيم.
________________________________________ الصفحة 143 ________________________________________
ب ـ ما ذكرناه في فقرة: دال.
ج ـ ما ذكرناه في فقرة: واو.
د ـ قد عرفت عدم صحة الأخبار التي ذكرت: أن النسخ كان عام الفتح فراجع: ما ذكرناه حول هذا الموضوع، حين تكلمنا عن النسخ بالأخبار.
هـ ـ إن تشريع هذا الزواج إن كان بالكتاب فهو لا ينسخ بالأخبار.
و ـ قد ذكرنا: أن هذا الزواج لم يكن من أنكحة الجاهلية.
ز ـ إن أخبار التحليل قد تضمنت إصرار الصحابة على حلية هذا الزواج وعلى ممارسته رغم منع عمر منه، وعنه، فالصحابة أنفسهم لا يرضون، ولا يصدقون دعوى التحريم. ولا نقل ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لو سلم نقل ذلك لهم، والممتنع منهم إنما إمتنع خوفاً من العقوبة، لا قبولاً بالنسخ.
ح ـ إن عمر بن الخطاب قد نسب المنع إلى نفسه، ولم ينسب ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهذا يعارض الأحاديث الواردة بالتحريم عنه (صلى الله عليه وآله)، ويسقطها عن الاعتبار..
________________________________________ الصفحة 144 ________________________________________
إلى غير ذلك من أمور أشرنا إليها في ثنايا هذا الكتاب لا مجال لإعادتها..
التعلیقات