أسباب نزول القرآن
السيّد محمّد رضا الحسيني
منذ 6 سنواتأسباب نزول القرآن أَهَمِيَّتُها ، طُرُقُها ، حُجِيَّتُها ، مَصادِرُها
مقدّمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الخلائق وخير المرسلين ، سيّدنا رسول الله محمّد صلّى الله عليه ، وعلى الأئمّة المعصومين من آله المنتجبين ، صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين.
وبعد ، لا ريبَ أنّ اهتمام المسلمين انصبَّ ـ منذ فجر الإسلام ـ على تفسير القرآن الكريم ، توصُّلاً اِلى العمل به ، و تطبيقه.
وكان التفسير في بداية أمره يعتمد عنصر الإبانة والإيضاح بالكشف عن معنى اللفظ لغويّاً ، وعن مدلوله عرفيّاً ، و إظهار ذلك بألفاظ اُخرى أكثر استعمالاً و أسرع دلالة عند العرف العام ، وهذا ما تدلّ عليه كلمة « التفسير » بالذات.
ويجد المتتبّع أنّ أكثر التفاسير المصنّفة في القرنين الأوّل والثاني تعتمد هذا الشكل من التفسير ، كتفسير مجاهد « المتوفّى سنة 104 » ، و زيد الشهيد « سنة 122 » ، وعطاء الخراساني « ت 133 » وغيرهم.
وهذا المنهج التفسيري يبتني في الأغلب على ما ذكره الصحابة وكبار التابعين ، وأكثر من نقل عنه ذلك هو الصحابي الجليل عبدالله بن عبّاس « ت 68 » (1) الذي يُعدّ من روّاد علم التفسير والمشهورين بعلم القرآن ، حتّى لقّب بـ « ترجمان القرآن » (2).
وكان جلّ تلمذته على الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، حتّى شهد الإمام في حقّه ، بقوله : « كأنّما ينظر إلى الغيب من سترٍ رقيق » (3).
وهذا الشكل من التفسير يرتكز ـ كما أشرنا ـ على المعلومات اللغويّة فيتناول الألفاظ الغريبة الواردة في القرآن بالشرح والبيان و إيراد ما فيها من مجازٍ في الكلمة أو الإسناد أو حذف أو تقدير أو نحو ذلك من التصرّفات اللفظيّة.
قال الاُستاذ فؤاد سزگين ـ بعد أن عدّد تلاميذ ابن عبّاس في علم التفسير ـ : « تضمّ تفاسير هؤلاء العلماء وكذلك تفسير شيخهم توضيحات كثيرة ذات طابع لغوي أحرى أن تسمّى : دراسة في المفردات » (4).
وانصبّ جهد المفسّرين في مرحلة تالية على معرفة الحوادث المحيطة بنزول القرآن ، لما في ذلك من أثر مباشر على فهم القرآن والوصول إلى مغزى الآيات الكريمة ، لأنّ موارد النزول والمناسبات التي تحتفّ بها تضمّ قرائن حاليّة تكشف المقاصد القرآنيّة ، و يستدلّ بها على سائر الأبعاد المؤثرة في تحديدها و تفسيرها ، ويُسمّى هذا الجهد « بمعرفة أسباب النزول » في مصطلح مؤلّفي علوم القرآن.
وقد ساهم كثير من الصحابة ، الّذين شهدوا نزول الوحي ، وعاصروا الحوادث المحتفّة بذلك ، وحضروا المشاهد ، وعاشوا القضايا التي نزلت فيها الآيات ، في بيان هذه الأسباب بالإدلاء بمشاهداتهم من أسباب النزول.
واستند المفسّرون إلى تلك الآثار في مجال التفسير مستعينين بها على فهم القرآن و بيان مراده.
و يجدر أن يسمّى هذا الشكل من الجهد التفسيري بمنهج « التفسير التاريخي ».
وقد أشار بعض علماء التفسير إلى هذين الشكلين من الجهد بقوله : إعلم أنّ التفسير في عرف العلماء كشف معاني القرآن وبيان المراد ، أعمّ من أن يكون بحسب اللفظ المشكل وغيره ، وبحسب المعنى الظاهر وغيره.
والتفسير : إمّا أن يُستعمل في غريب الألفاظ ، وإمّا في كلام متضمّن لقصّة لا يمكن تصويره إلّا بمعرفتها (5).
ولقد وجدتُ فراغاً في الكتب المتعرّضة لأسباب النزول سواء العامّة لكلّ الآيات ، أو الخاصّة ببعضها ، حيث أغفلتْ جانب أسباب النزول من حيث أهمّيّتها ، وطرق إثباتها وحجّيّتها ، وأخيراً ذكر مصادرها المهمّة.
فأحببتُ أنْ اُقدِّم هذا البحث عسى أن يسدّ هذا الفراغ ، أو يجد فيه المتخصّصون تحقيقاً منهجيّاً لم يتكفّل استيعابه المؤلّفون لكتب علوم القرآن على الرغم من تعرّض بعضهم له.
عصمنا الله من الخطأ والزلل في القول والعمل.
وكتب السيّد محمّد رضا الحسيني
1 ـ أَهميّتُها
اهتمّ المفسّرون بذكر أسباب النزول ، فجعلوا معرفتها من الضروريّات لمن يريد فهم القرآن والوقوف على أسراره ، و أكّد الأئمّة على هذا الإهتمام ، فجعله الإمام أبوعبدالله جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام من الاُمور التي لو لم يعرفها المتصدّي لمعرفة القرآن لم يكن عالماً بالقرآن ، فقال عليه السلام :
اعلموا رحمكم الله أنّه من لم يعرف من كتاب الله : الناسخ والمنسوخ ، والخاصّ والعامّ ، والمحكم والمتشابه ، والرخص من العزائم ، والمكّي من المدني ، وأسباب التنزيل ... ، فليس بعالم القرآن ، ولا هو من أهله (6).
ومن هنا نعرف سرّ عناية الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام بأمر نزول القرآن ومعرفة أسبابه ومواقعه ، فقد كان يُعلن دائماً عن علمه بذلك ، ويصرّح باطّلاعه الكامل على هذا القبيل من المعارف الإسلاميّة :
ففي رواية رواها أبونعيم الإصبهاني في « حلية الأولياء » عن الإمام عليّ عليه السلام أنّه قال : والله ما نزلتْ آية إلّا وقد علمتُ فيما اُنزلتْ ! و أين اُنزلتْ ! إنّ ربّي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً سؤولاً (7).
وقال عليه السلام : والله ما نزلتْ آية في ليلٍ أو نهارٍ ، ولا سهلٍ ولا جبلٍ ، ولا برٍّ ولا بحر ، إلّا وقد عرفتُ أيّ ساعة نزلتْ ! أو في من نزلتْ ! (8).
وإذا كان أمر نزول القرآن ـ ومنه أسبابه ـ بهذه المثابة من الأهمّية عند الإمام عليّ عليه السلام ، وهو القِمة الشمّاء بين العارفين بالقرآن وعلومه ، بل هو معلّم القرآن بعد النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلم ، كما في الحديث عن أنس بن مالك ، قال النبيّ : عليّ يعلّم الناس بعدي من تأويل القرآن ما لا يعلمون يخبرهم. [ شواهد التنزيل ج 1 ص 29 ].
وقال المفسّر ابن عطيّة : « فأمّا صدر المفسّرين والمؤيّد فيهم فعليّ بن أبي طالب » (9).
فإنّ أهمّية أسباب النزول ومعرفتها تكون واضحة ، حيث تُعدّ من الشروط الأساسيّة لمن يريد التعرّف على القرآن.
وقد أفصح عن ذلك الأعلام والمؤلّفون أيضاً :
قال الواحدي : إذ هي ـ يعني الأسباب ـ اُولىٰ ما يجب الوقوف عليها ، فأَولى أن تصرف العناية إليها ، لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها دون الوقوف على قصّتها وبيان نزولها (10).
وقال السيّد العلّامة الفاني : وأمّا وجه الحاجة إلى شأن نزول الآيات ، فلأنّ الخطأ في ذلك يفضي إلى اتّهام البريء وتبرئة الخائن ، كما ترى أنّ بعض الكتّاب القاصرين عن درك الحقائق ، يذكرون أنّ شأن نزول آية تحريم الخمر إنّما هو اجتماع عليّ عليه السلام مع جماعة في مجلس شرب الخمر ، مع أنّ التاريخ يشهد بكذب ذلك ، ونرى بعضهم يقول : إنّ قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّـهِ ) إنّما نزلت في شأن ابن ملجم (11).
وقال الدكتور شوّاخ : نزل القرآن منجّماً على النبيّ صلّى الله عليه ـ وآله ـ وسلّم حسب مقتضيات الاُمور والحوادث ، وهذا يعني أنّ فهم كثير من الآيات القرآنيّة متوقّف على معرفة أسباب النزول ، وهي لا تخرج عن كونها مجرّد قرائن حول النصّ ، وقد حرّم العلماء المحقّقون الإقدام على تفسير كتاب الله لمن جهل أسباب النزول.
ولذا كان الإقدام على تفسير كتاب الله تعالى محرّماً على اُولئك الّذين يجهلون أسباب النزول ويحاولون معرفة معنى الآية ، أو الآيات دون الوقوف على أسباب نزولها وقصّتها (12).
وبلغ اهتمام علماء القرآن بأسباب النزول إلى حدّ عدّه من أهمّ أنواع علوم القرآن.
فجعله برهان الدين الزركشي أوّل الأنواع في كتابه القيّم « البرهان في علوم القرآن ».
وأفرد له السيوطي « النوع التاسع » من كتابه القيّم « الإتقان في علوم القرآن » بعنوان « معرفة أسباب النزول ».
وسنأتي في الفقرة الأخيرة من هذا البحث على ذكر المصادر العامّة والخاصّة لهذا الموضوع.
و بالرغم من الأهميّة البالغة لأسباب النزول ، فقد عارض بعض هذا الإهتمام ، مستنداً إلى اُمورٍ من الضروري عرضها ثمّ تقييمها :
الأمر الأول : إنّه لا أثر لهذا العلم في التفسير :
قال السيوطي : زعم زاعم أنّه لا طائل تحت هذا الفنّ ـ أي فنّ أسباب النزول ـ لجريانه مجرى التاريخ (13).
ومع مخالفة هذا الإدّعاء لما ذكره الأئمّة والعلماء كما عرفنا تصريحهم بأنّ معرفة أسباب النزول ممّا يلزم للمفسّر حيث لا يمكن الوقوف على التفسير بدونه ، بل يحرم كما قيل.
فقد ردّ السيوطي على هذا الزعم بقوله : وقد أخطأ في ذلك ، بل له فوائد :
منها : معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم.
ومنها : تخصيص الحكم به عند من يرى أنّ العبرة بخصوص السبب.
ومنها : أنّ اللفظ قد يكون عامّاً ، و يقوم الدليل على تخصيصه ، فإذا عرف السبب قصر التخصيص على ماعدا صورته ، فإنّ دخول صورة السبب قطعيّ.
ومنها : دفع توهّم الحصر (14).
الأمر الثاني : إنّ المورد لا يخصّص.
واعترض أيضاً : بأنّ ما يستفاد من أسباب النزول هو تعيين موارد أحكام الآيات و أسبابها الخاصّة ، ومن المعلوم أنّ ذلك لايمكن أن يحدّد مداليل الآيات ولا يخصّص عموم الأحكام ، وقد عنون علماء اُصول الفقه لهذا البحث بعنوان : « إنّ المورد لا يخصّص الحكم ».
قال الاُصولي المقدسي : إذا ورد لفظ العموم على سبب خاصّ لم يسقط عمومه ، وكيف ينكر هذا ، و أكثر أحكام الشرع نزلت على أسباب كنزول آية الظهار في أوس ابن الصامت ، و آية اللعان في هلال بن اُميّة ، وهكذا (15).
والجواب عنه أوّلاً : إنّ البحث الاُصولي المذكور لا يمسّ المهمّ من بحث أسباب النزول ، لأنّ البحث الاُصولي يتوجّه إلى شمول الأحكام المطروحة في الآيات لغير مواردها ، وعدم شمولها ، فالبحث يعود إلى أنّ الآية هل تدلّ على الحكم في غير موردها أيضاً كما تشمل موردها ، أو لا تشمل إلّا موردها دون غيره ؟
ففي صورة الشمول لغير موردها أيضاً ، يمكن الإستدلال بظاهرها الدالّ بالعموم على الحكم في غير المورد.
وأمّا بالنسبة إلى نفس المورد فلا بحث في شمول الآية له ، فإنّ شمول الآية له مقطوع به ومجزوم بإرادته بدلالة نصّ الآية ، وهي قطعيّة لا ظنيّة ، حيث أنّ المورد لا يكون خارجاً عن الحكم قطعاً ، لأنّ إخراجه يستلزم تخصيص المورد ، وهو من أقبح أشكال التخصيص وفاسد بإجماع الاُصوليّين.
قال المقدسي في ذيل كلامه السابق ، في حديث له عن الآيات النازلة للأحكام في الموارد الخاصّة ، ما نصّه : فاللفظ يتناولها ـ أي الموارد الخاصّة ـ يقيناً ، ويتناول غيرها ظنّاً ، إذ لا يُسأل عن شيء فيُعدل عن بيانه إلى غيره ... فنقل الراوي للسبب مفيدٌ ليبيّن به تناول اللفظ له يقيناً ، فيمتنع من تخصيصه (16).
وقال السيوطي : إذا عرف السبب قصر التخصيص على ماعدا صورته ، فإنّ دخول صورة السبب قطعيّ وإخراجها بالاجتهاد ممنوع كما حكى الإجماع عليه القاضي أبوبكر في « التقريب » ولا التفات إلى من شذّ فجوّز ذلك (17).
إذن لا تسقط فائدة معرفة أسباب النزول من خلال البحث الاُصولي المذكور ، بل تتأكّد.
وثانياً : إنّ الرجوع إلى أسباب النزول قد لا يرتبط ببحث العموم والخصوص في الحكم ، و إنّما يتعلّق بفهم معنى الآية و تشخيص حدود موردها وتحديد الحكم نفسه من حيث المفهوم العرفي ، لا السعة والضيق في موضوعه كما اُشير إليه سابقاً ، ولنذكر لذلك مثالاً :
قال الله تبارك و تعالى : ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّـهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّـهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ) سورة البقرة 2 الآية 158.
قال السيوطي : إنّ ظاهر لفظها لا يقتضي أنّ السعي فرض ، وقد ذهب بعضهم إلى عدم فرضيّته ، تمسكاً بذلك (18).
ووجه ذلك أنّ قوله تعالى : ( لَا جُنَاحَ ) يدلّ على نفي البأس والحرج فقط ، ولا يدلّ على الإلزام والوجوب ، فإنّ رفع الجناح لا يستلزم الوجوب لكونه أعمّ منه ، فكلّ مباح لا جناح فيه ، والواجب ـ أيضاً ـ لا جناح فيه ، لكنّ فيه إلزام زيادة على المباح ، ومن الواضح أنّ العامّ لا يستلزم الخاصّ.
لكنّ هذا الإستدلال بظاهر الآية مردود ، بأنّ ملاحظة سبب نزولها يكشف عن سرّ التعبير بـ ( لَا جُنَاحَ ) فيها ، وذلك : لأنّ أهل الجاهليّة كانوا يضعون صنمين على الصفا والمروة ، ويتمسّحون بهما لذلك ، ويعظّمونهما ، وكان المسلمون بعد كسر الأصنام يتحرّجون من الإقتراب من مواضع تلك الأصنام توهّماً للحرمة ، فنزلت الآية لتقول للمسلمين : إنّ المواضع المذكورة هي من المشاعر التي على المسلمين أن يسعوا فيها فإنّها من واجبات الحجّ ، وأمّا قوله تعالى : ( لَا جُنَاحَ ) فهو لدفع ذلك التحرّج المتوهَّم.
فهذا الجواب يبتني على بيان سبب النزول كما أوضحنا ولا يمسّ البحث الاصولي المذكور بشيء.
وقد أورد السيوطي في « الإتقان » أمثلة اُخرى ، ممّا يعتمد فهمُ الآيات فيها على أسباب النزول (19).
وثالثاً : إنّ هذا البحث الاصولي إنّما يجري في آيات الأحكام كما يظهر من عنوانهم له ، دون غيرها ، و سيأتي مزيد توضيح لهذا الجواب فيما يلي.
وقد أثار ابن تيميّة شبهةً حول أهمّية أسباب النزول تعتمد على أساس هذا الإعتراض ، ملخّصها : أنّ نزول الآية في حقّ شخص ـ مثلاً ـ لا يدلّ على اختصاص ذلك الشخص بالحكم المذكور في الآية ، يقول : قد يجيء ـ كثيراً في هذا الباب ـ قولهم : « هذه الآية نزلت في كذا » لا سيّما إذا كان المذكور شخصاً كقولهم : إنّ آية الظهار نزلت في امرأة ثابت بن القيس ، و إنّ آية الكلالة نزلت في جابر بن عبدالله.
قال : فالّذين قالوا ذلك ، لم يقصدوا أنّ حكم الآية يختصّ باُولئك الأعيان دون غيرهم ، فإنّ هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق ، والناس ـ وإنْ تنازعوا في اللفظ العامّ الوارد على سبب ، هل يختصّ بسببه ؟ ـ فلم يقل أحد : إنّ عمومات الكتاب والسنّة تختصّ بالشخص المعيّن ، و إنّما غاية ما يقال إنّها تختصّ بنوع ذلك الشخص ، فتعمّ ما يشبهه.
والآية التي لها سبب معيّن ، إن كانت أمراً أو نهياً ، فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممّن كان بمنزلته ، وإن كانت خبراً بمدح أو ذمّ ، فهي متناولة لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته (20).
والجواب عن هذه الشبهة :
أوّلاً : إنّ ما ذكره من « لزوم تعميم الحكم ، وعدم قابلية الآية للتخصيص بشخص معين » إنّما يبتني على فرضين :
1 ـ أن يكون الحكم الوارد في الآية شرعيّاً فقهيّاً.
2 ـ أن يكون لفظ الموضوع فيها عامّاً.
وهذان الأمران متوفّران في الأمثلة التي أوردها ، كما هو واضح.
أمّا إذا كانت الآية تدلّ على حكم غير الأحكام الشرعيّة التكليفيّة أو الوضعيّة ، أو كان الموضوع فيها بلفظ خاصّ لا عموم فيه ، فإنّ ما ذكره من لزوم التعميم وامتناع التخصيص ، باطل.
توضيح ذلك : إنّ البحث عن أسباب النزول ليس خاصّاً بآيات الأحكام ـ وهي الآيات الخمسمائة المعروفة ـ بل يعمّ كلّ الآيات بما فيها آيات العقائد والقصص والأخلاق وغيرها ، ومن الواضح أنّ من غير المعقول الإلتزام بعموم الأحكام الواردة فيها كلّها.
مثلاً : قصّة موسى وفرعون وبني إسرائيل ، بما لها من الخصوصيّات المتكرّرة في القرآن ، لا معنى للإشتراك فيها ، فهي قضيّة في واقعة إنّما ذكرت للإعتبار بها ، ويستفاد منها في مجالاتها الخاصّة.
وكذلك إذا كان الموضوع خاصّاً لا عموم فيه ، فإنّ القول باشتراك حكم الآية بينه وبين من يشبه ، شططٌ من القول. قال السيوطي في آية نزلت في معيّن ولا عموم للفظها : إنّها تقصر عليه قطعاً ـ وذكر مثالاً لذلك ، ثمّ قال ـ : ووهم من ظنّ أنّ الآية عامّة في كلّ من عمل عمله ، إجراءً له على القاعدة ، وهذا غلط ، فإنّ هذه الآية ليس فيها صيغة عموم (21).
وقوله تعالى : ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) سورة الكوثر 108 الآية 3 فإنّها نزلت في العاص الذي كان يعيّر النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم ، بعدم النسل والذرّيّة ، فعبّرت عن ذمّه وحكمت عليه بأنّه هو الأبتر ، وباعتبار كون الموضوع « شانئ النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم » فهو خاصّ معيّن ، وهذا يُعرف من خلال المراجعة إلى سبب النزول ، فهل القول باختصاص الحكم في الآية بذلك الشخص فيه مخالفة للكتاب أو السنّة ، حتّى لا يقول به مسلم أو عاقل ! كما يدّعيه ابن تيميّة.
لكنّه خلط بين هذه الموارد ، وبين ما مثّل به من موارد الحكم الشرعي بلفظ عامّ ، فاستشهد بتلك على هذه ، وهذا من المغالطة الواضحة.
ونجيب عن الشبهة ، ثانياً : بأنّ الآية لو كانت تدلّ على حكم شرعي ، وكان لفظ الموضوع فيها عامّاً إلّا أنّا عرفنا من سبب النزول كون موردها شخصاً معيّناً باعتباره الوحيد الذي انطبق عليه الموضوع العامّ ، أو كان الظرف غير قابل للتكرار ، فإنّ من الواضح أنّ حكم الآية يكون مختصّاً بذلك الشخص وفي ذلك الظرف ، ولا يمكن القول باشتراك غيره معه.
مثال ذلك ، قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ ... ) سورة المجادلة 58 الآية 12.
فإنّ المكلف في الآية عامّ ، وهم كلّ المؤمنين ، والحكم فيها شرعي وهو وجوب التصدّق عند مناجاة النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم ، لكنّ هذا لا يمنع من اختصاص الآية بشخص واحد ، فعند المراجعة الى أسباب النزول نجد أنّ الإمام عليّاً عليه السلام كان هو العامل الوحيد بهذه الآية ، حيث كان الوحيد الذي تصدّق وناجى الرسول صلّی الله عليه وآله ، و نسخت الآية قبل أن يعمل بها غيره من المسلمين.
فهل يصحّ القول بأنّ الآية عامّة ، وما معنى الإشتراك في الحكم لو كانت الآية منسوخة ؟ وهل في الإلتزام باختصاص الآية مخالفة للكتاب والسنّة ؟
وإذا سأل سائل عن الحكمة في تعميم الموضوع في الآية ، مع أنّ الفرد العامل منحصر ؟
فمن الجائز أن تكون الحكمة في ذلك بيان أنّ بلوغ الإمام عليه السلام إلى هذه المقامات الشريفة كان بمحض اختياره وإرادته ، من دون أن يكون هناك جبرٌ يستدعيه أو أمر خاصّ به ، وإنّما كان الأمر والحكم عامّاً ، لكنّه أقدم على الإطاعة رغبة فيها وحبّاً للرسول ومناجاته ، وأحجم غيره عنها ، مع أنّ المجال كان مفسوحاً للجميع قبل أن تنسخ الآية ، فبالرغم من ذلك لم يعمل بها غيره.
ولا يمكن أن يفسّر إقدامه و تقاعسهم إلّا على أساس فضيلته عليهم في العلم والعمل ، وتأخرهم عنه في الرتبة والكمال.
وبمثل هذه الحكمة يمكننا أن نوجّه افتخار الإمام عليه السلام بكونه العامل الوحيد بهذه الآية.
فقد روى الحبري في تفسيره (22) بسنده ، قال : قال عليّ : آية من القرآن لم يعمل بها أحد قبلي ، ولا يعمل بها أحد بعدي ، اُنزلت آية النجوى [ الآية 12 من سورة المجادلة 58 ] فكان عندي دينار فبعتُه بعشرة دراهم ، فكنتُ إذا أردتُ أن اُناجي النبيّ صلّى الله عليه تصدّقتُ بدرهم حتّى فنيتْ ثمّ نسختْها الآية التي بعدها : ( فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (23).
ولا بدّ من الوقوف عند اعتراض ابن تيميّة على أهمّية أسباب النزول ، لِنُذَكّر بأنّه إنّما أثار مثل هذه الشبهة محاولة منه لتقويض ما استدلّ به معارضوه ، حيث استدلّوا بنزول الآيات في أهل البيت عليهم السلام ، بدلالاتها الواضحة على فضلهم وأحقيّتهم لمقام الولاية على الاُمّة ، والخلافة عن الرسول صلّی الله عليه وآله وسلّم في قيادة المسلمين.
وحيث لم يكن لابن تيميّة طريق للتشكيك في أسانيد الروايات الدالّة على نزولها في فضل أهل البيت عليهم السلام ولا سبيل للنقاش في دلالتها على المطلوب ، عمد إلى إثارة مثل هذه الشبهة بإنكار أهمّية أسباب النزول عموماً ، والتشكيك في إمكان الإستفادة منها في خصوص الآيات النازلة بحقّهم عليهم السلام.
2 ـ طرق إثباتها
لا ريب أنّ تعيين أسباب النزول وتمييز الصحيح منها عن ما ليس بسبب ، عند الإختلاف ، يحتاج إلى طرق مشخّصة ، سنستعرضها فيما يلي.
ولكنّي أرى أنّ أهمّ شيء يجب تحصيله في هذا المجال هو تحديد المقصود لكلمة « أسباب النزول » لكي نعتمد خلال البحث والمناقشة معنى واحداً ، فلا تختلط موارد النفي والإثبات ، ولا تتداخل الأدلّة والردود.
نقول : إنّ الظاهر من كلمة « سبب » هو العلّة الموجبة ، ولو التزمنا بهذا المعنى فإنّ ذلك يقتضي حصر موضوع « أسباب النزول » بما كان علّة لنزول الآية ، وأنّ الآية نزلت من أجله ، و عليه فإنّ أسباب النزول هي القضايا والحوادث التي وردت الآيات من أجلها و في شأنها ، أو نزلت مبيّنة لحكم ورد فيها ، أو نزلت جواباً عن سؤال مطروح.
لكن لابدّ من الإعراض عن هذا الظاهر ، لأنّ الإلتزام بهذا المعنى غير صحيح لوجهين :
الأوّل : إنّ هذا المعنى بعيد أن يقصده علماء الإسلام وخاصّة في مجال علوم القرآن ، لأنّ السبب بهذا المعنى إصطلاح فلسفي لم يتداوله المسلمون إلّا في القرون المتأخّرة ، وعلى ذلك : فلابدّ من حمل كلمة « سبب » على معناها اللغوي ، وهو « ما يتوصّل به إلى أمر » ، وهذا يعمّ ما فيه سببيّة بالمصطلح الفلسفي ، أو يكون مرتبطاً به بشكل من الأشكال ، فسبب النزول هو « كلّ ما يتّصل بالآية من القضايا والحوادث والشؤون » ، سواء كانت علّة نزلت الآية من أجلها أو لم تكن كذلك ، بل ارتبطت بالنزول ولو بنحو الظرفيّة المكانيّة أو الزمانيّة أو الإقتران ، وما شابه.
الوجه الثاني : إنّ ملاحظة ما ذكره المفسّرون وعلماء القرآن من أسباب نزول الآيات تدلّنا بوضوح على أنّ مرادهم به ليس هو خصوص ما كان سبباً بالمصطلح الفلسفي ، بأن يكون علّةً نزلت الآية من أجله ، وإنّما يذكرون تحت عنوان « سبب النزول » كلّ القضايا التي كان النزول في إطارها ، وما يرتبط بنزول الآيات بنحو مؤثّر في دلالتها ومعناها ، بما في ذلك الزمان والمكان ، وإن لم يتقيّد ذلك حتّى بالزمان والمكان ، ولذلك فإنّ سبب النزول يصدق على ما يخالف زمان النزول بالمضيّ والإستقبال.
وقد لا تكون أسباب النزول ، إلّا خصوصيّات في موارد التطبيق تعتبر فهي تُذكر مع الآية لمقارنة حصولها عند نزولها ، ككون العاملين بالآية متّصفين ببعض الصفات ، أو تُعتبر مقارنات نزول الآية لعمل شخص ميّزةً وفضيلةً له.
إلى غير ذلك ممّا يضيق المجال عن إيراد أمثلته وتفصيله ، فإنّ جميع هذه الموارد يسمّونها في كتبهم بـ « أسباب النزول » بينما ليس في بعضها سببيّة للنزول بالمصطلح الأوّل.
فالمصطلح القرآني لكلمة « أسباب النزول » نحدّده بقولنا : «كلّ ما له صلة بنزول الآيات القرآنيّة ».
فيشمل كلّ شيء يرتبط بنزولها ، سواء كان علّة و سبباً أو كان بياناً و إخباراً عن واقع ، أو تطبيقاً نموذجيّاً فريداً ، أو ورد الحكم فيه لأوّل مرّة ، أو كان مورده فيه جهة غريبة تجلب الإنتباه أو نحو ذلك.
وأمّا الطرق التي ذكروها لتعيين أسباب النزول فهي :
1 ـ ما ذكره السيوطي بقوله : والذي يتحرّر في سبب النزول أنّه ما نزلت الآية أيّام وقوعه (24).
وهذا فيه تضييق لأنّه أخصّ ممّا يُطلق عليه اسم سبب النزول عندهم ، لعدم انحصاره بما كان في وقت النزول ، بل الضروري ، هو ارتباط السبب بالآية سواء كان مقارناً لنزولها أو لا ، ويُعلم الربط بالقرائن ، على أنّا لا ننكر مقارنة كثير من الأسباب لنزول آياتها ، مع أنّ الإلتجاء إلى معرفة سبب النزول بما ذكره من النزول أيّام وقوعه يؤدّي إلى انحصار معرفة سبب النزول بطريق المشاهدة بالحاضرين ، فلابدّ من الإعتماد على الروايات لإثباتها إلّا أن يكون مراده تعريف سبب النزول وهو الأظهر ، لكنّه أيضاً تضييق كما عرفت.
2 ـ قال الواحدي : لا يحلّ القول في أسباب نزول الكتاب ، إلّا بالرواية والسماع ممّن شاهدوا التنزيل ، ووقفوا على الأسباب ، أو بحثوا عن علمها وجدّوا في الطِلاب ، وقد ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العثار في هذا العلم بالنار.
أخبرنا أبو إبراهيم ، إسماعيل بن إبراهيم الواعظ ، قال : أخبرنا أبو الحسين ، محمّد بن أحمد بن حامد العطّار ، قال : حدّثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبّار ، قال : حدّثنا ليث ، عن حماد ، قال : حدّثنا أبو عوانة ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، قال :
قال رسول الله صلّى الله عليه ـ وآله ـ وسلّم : اتّقوا الحديث إلّا ما علمتم ، فإنّه من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار ، ومن كذب على القرآنِ من غير علم فليتبوّأ مقعده من النار.
والسلف الماضون رحمهم الله كانوا من أبعد الغاية احترازاً عن القول في نزول الآية (25).
وقال آخر : معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتفّ بالقضايا (26).
3 ـ قولهم نزلت الآية في كذا.
إنّ المراجع لكتب التفاسير ، وخاصّةً الكتب الجامعة لأسباب النزول ، يجدُ أنّهم إذا أرادوا ذكر سبب نزول آية قالوا : نزلت في كذا ، والظاهر أنّ استعمال الصحابة والتابعين لهذا التعبير ، وكون المفهوم من هذا التعبير ما يفهم من قولهم « السبب في نزول الآية كذا » دَفَعهم على المحافظة على هذه العبارة عند بيان أسباب النزول.
و يؤيّده أنّ الحرف « في » يستعمل فيما يناسب السببيّة والربط ، كما في قولك : لامَهُ في أمر كذا ، أي من أجله وعلى فعله (27).
لكن قال الزركشي : عادة الصحابة والتابعين أنّ أحدهم إذا قال : « نزلت هذه الآية في كذا » فإنّه يريد أنّها تتضمّن هذا الحكم ، لا أنّ هذا كان السبب في نزولها ، فهو من جنس الإستدلال على الحكم بالآية ، لامن جنس النقل لما وقع (28).
أقول : لم تثبت هذه العادة ، بل المستفاد من عمل علماء القرآن هو الإلتزام بالعكس ، ولا بدّ أنّهم لم يفهموا الخلاف من الصحابة أو التابعين ، بل الأغلب في موارد قول الصحابة والتابعين : « نزلت في كذا » إنّما هو القضايا الواقعة والوقائع الحادثة ممّا لا معنى له إلّا الرواية والنقل ، ولا مجال لحمله على الإستدلال.
ولو تنزّلنا ، فإنّ احتمال كون قولهم : « نزلت في كذا » للإستدلال مساوٍ لاحتمال كونه لبيان سبب النزول ، ولا موجب لكونه أظهر في الإستدلال.
و يقرب ما ذكرنا أنّ ابن تيميّة احتمل في الكلام المذكور كلا الأمرين : الإستدلال وسبب النزول ، فقال : قولهم : « نزلت هذه الآية في كذا ... » يراد به تارةً سبب النزول ، و يراد به تارةً أنّ ذلك داخل في الآية ، وإن لم يكن السبب ، كما نقول عني بهذه الآية كذا (29).
4 ـ والتزم الفخر الرازي طريقاً آخر لمعرفة سبب النزول ذكره في تفسير آية النبأ ، قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) [ الآية 6 من سورة الحجرات 49 ].
قال : سبب نزول هذه الآية ، هو أنّ النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم بعث الوليد بن عقبة ، وهو أخو عثمان لاُمّه ، إلى بني المصطلق والياً ومصّدّقاً ، فالتقوه ، فظنّهم مقاتلين فرجع إلى النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم ، وقال : « إنّهم امتنعوا ومنعوا » فهمّ الرسول صلّی الله عليه وآله وسلّم بالإيقاع بهم ، فنزلت هذه الآية ، واُخبر الرسول صلّی الله عليه وآله وسلّم أنّهم لم يفعلوا شيئاً من ذلك.
قال الرازي : وهذا جيّد ، إن قالوا بأنّ الآية نزلت في ذلك الوقت ، وأمّا إن قالوا بأنّها نزلت لذلك مقتصراً عليه ومتعدّياً إلى غيره فلا ، بل نقول : هو نزل عامّاً لبيان التثبّت وترك الإعتماد على قول الفاسق.
ثمّ قال : ويدلّ على ضعف قول من يقول : انّها نزلت لكذا ، أنّ الله تعالى لم يقل : « إنّي أنزلتُها لكذا » ، والنبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم لم ينقل منه أنّه بيّن أنّ الآية نزلت لبيان ذلك فحسب.
وقال أخيراً : فغاية ما في الباب أنّها نزلت في مثل ذلك الوقت ، وهو مثل التاريخ لنزول الآية ، ونحن نصدّق ذلك (30).
ويردّ عليه :
أنّ الظاهر منه أنّه بحصر سبب النزول في أن يقول الله : « أنزلت الآية لكذا » أو يصرّح الرسول بنزولها كذلك ، وكذلك يبدو منه أنّه يعتبر في كون الشيء سبباً للنزول أن يكون مدلول الآية خاصّاً به لا عموم فيه.
وكلا هذين الأمرين غير تامّين :
أمّا الأوّل ، فلأنّ كون أمر ما سبباً لمجيء الوحي ونزوله هو بمعنى أنّ الله أوحى إلى نبيّه من أجل ذلك ، فلا حاجة إلى تصريح الله بأنّه أنزل الآية لكذا.
وأيضاً فإنّا لم نجد ولا مورداً واحداً ، كان تعيين سبب النزول على أساس تصريح الباري بقوله : أنزلتُ الآية لكذا.
أفهل ينكر الفخر الرازي وجود أسباب النزول مطلقاً ؟
وأورد عليه المحقّق الطهراني بقوله : وأطرف شيء استدلاله على ضعف قول من يقول « إنّها نزلت في كذا » أنّ الله تعالى لم يقل : « إنّي أنزلتها لكذا » والنبيّ صلّى الله عليه وآله لم ينقل عنه أنّه بيّن ذلك.
فإنّ فهم هذا المعنى لا ينحصر في ما ذكره ، بل مجرّد نزول الآية عند الواقعة مع انطباقها عليها يكفي في استفادة هذا المعنى (31).
وأمّا الثاني : فلأنّ عموم الآية لغير الواقعة ، لا ينافي كون تلك الواقعة هي السبب لنزولها ، فإنّ المراد بسبب النزول ليس هو المورد الخاصّ المنفرد الذي لا يتكرر ، بل قد يكون كذلك ، وقد يكون هو أوّل الموارد الكثيرة باعتبار عموم موضوع الآية.
بل ـ كما ذكر المحقّق الطهراني ـ : إنّ الوقائع في زمان نزول الآية كثيرة ، مع أنّ ذكر المقارنات لنزول الآيات لا معنى له ، بل نزول الآية في الواقعة لا معنى له ، إلّا أنّها المعنيّة بها ، ولو على وجه العموم (32).
والمتحصّل من البحث : أنّ الطرق المثبتة لنزول الآيات تنحصر في أخبار وروايات الصحابة الذين شاهدوا الوحي وعاصروا نزوله ، وعاشوا الوقائع والحوادث وظروفها ، والتابعين الآخذين منهم ، والعلماء المتخصّصين الخبراء ، وسيأتي البحث عن مدى اعتبار هذه الروايات في الفقرة التالية من البحث.
3 ـ حجيّة رواياتها
إنّ الباحث عن أسباب النزول يلاحظ بوضوح اتّسام رواياتها بالضعف أو عدم القوّة ، عند العلماء حسب ما تقرره قواعد علم الرجال ، بل يجد صعوبة في العثور على ما يخلو سنده من مناقشة رجاليّة في روايات الباب ، وكذا تكون النتيجة الحاصلة من الجهد المبذول حول أسباب النزول معرضاً للشكّ من قبل علماء مصطلح الحديث باعتبار أنّ رواياتها غير معتمّدة حسب اُصول هذا العلم أيضاً.
ونحن نستعرض هنا ما قيل أو يمكن أن يقال من وجوه الإعتراض على روايات أسباب النزول ، ونحاول الإجابة عنها بما يزيل الشكّ عن حجّيّتها حسب ما يوصلنا الدليل ، ووجوه الإعتراض إجمالاً هي :
الأوّل : إنّ روايات الباب « موقوفة ».
الثاني : إنّ روايات الباب « مرسلة ».
الثالث : إنّ روايات الباب « ضعيفة ».
قالوا : ولا حجّيّة لشيء من هذه الثلاثة.
ومع هذه المفارقات كيف يمكن الإعتماد على روايات الباب ؟ وبدونها كيف لنا أن نقف على معرفة الأسباب ؟
فلنذكر كلّاً منها مع الإجابة عليه :
الوجه الأوّل : الإعتراض بالإرسال والوقف على الصحابة :
إنّ الحديث إذا اتّصل سنده إلى الصحابي ، ولم يرفعه إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم سمّي « موقوفاً » ، وهو مرسل الصحابي ، وبما أنّ الحديث إنّما يكون حجّة باعتبار اتّصاله بالنبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم ، وكونه كلامه وكاشفاً عن مراده ، فلا يكون الموقوف كاشفاً كذلك ، بل لا يعدو من أن يكون رأياً للصحابي ، ومن المعلوم أنّه لا حجّيّة فيه لنفسه.
والجواب عن ذلك :
أوّلاً : إنّ الصحابي إنّما يذكر من أسباب النزول ما حضره وشهده أو نقله عمّن كان كذلك ، فيكون كلامه شهادة عن علم حسيّ وقضيّة مشاهدة ، وواقعة نزلت فيها الآية وهذا هو القدر المتيقّن من الروايات المقبولة في أسباب النزول ، قال الواحدي : لا يحلّ القول في أسباب النزول إلّا بالرواية والسماع ممّن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها (33).
وقال آخر : معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتفّ بالقضايا (34).
وقد عرفنا في الفقرة السابقة من هذا البحث أنّ من طرق معرفة أسباب النزول هي روايات الصحابة.
إذن ، فما يذكره الصحابي في باب النزول إنّما يكون عن علم وجداني حصل عندهم بمشاهدة القضايا ، ووقوفهم على الأسباب ، فيكون إخبارهم عنها من باب الشهادة ، لا من باب الرواية والحديث.
فلابدّ أن يكون حجّة عند من يقول بعدالة الصحابة بقول مطلق ، أو خصوص بعضهم ، من دون حاجة إلى رفعها إلى النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم ، فهي من قبيل رواية الصحابة لأفعال الرسول صلّی الله عليه وآله وسلّم التي شاهدوها ، وحضروا صدورها منه ، فنقلوها بخصوصيّاتها ، فهي حجّة بالإجماع من دون حاجة إلى رفعها الى النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم.
فكلام الصحابي في هذا الباب ليس حديثاً نبويّاً كي يبحث فيه عن كونه مرسلاً أو لا.
وقد قيّد السيوطي مرسل الصحابي المختلف فيه بكونه « ممّا علم أنّه لم يحضره » (35) ومعنى ذلك أنّ ما لم يحضره ونقله ، فلو كان فعلاً من أفعال النبيّ صلّی الله عليه وآله سمّي مرسلاً ، و إلّا فلا وجه لتسميته « حديثاً » فضلاً عن وصفه بالإرسال ، توضيح ذلك :
إنّ نزاعهم في مرسَل الصحابي إنّما هو في ما ذكره الصحابي من الحوادث التي لم يشهدها ولم يحضرها ، وأمّا ما حضرها من الوقائع وشهدها من الحوادث ، فإنّها لا تكون داخلة في النزاع المذكور ، فإنّ ذلك ليس حديثاً مرسلاً ، لأنّ الصحابي لا يروي ولا ينقل شيئاً ، وإنّما يشهد بما حضره ورآه ، وهو نزول الوحي في تلك الواقعة وغيره ممّا يرتبط بالنزول ، فلا يصحّ أن يقال أنّه حدّث وروى أو نقل شيئاً عن النبيّ صلّى الله عليه وآله ، حتّى يقال أنّه أرسله ولم يرفعه.
ثانياً : وعلى فرض كون كلام الصحابي في أسباب النزول حديثاً مرويّاً ، نقول : إنّ حديث الصحابي ـ في خصوص باب أسباب النزول ـ ليس موقوفاً ولا مرسلاً بل هو مُسْنَد مرفوع.
قال الحاكم النيسابوري : ليعلم طالب الحديث أنّ تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل ، عند الشيخين ، حديث مُسْنَد.
قال : ومشى على هذا أبوالصلاح وغيره (36).
ومراده بالشيخين : البخاري ومسلم.
وقال النووي ـ معلّقاً على كلام الحاكم ـ : ذاك في تفسير ما يتعلّق بسبب نزول الآية (37).
أقول : صريح كلماتهم أنّ حديث الصحابي في مجال أسباب النزول يُعَدّ ـ حسب مصطلح الحديث ـ « مُسْنَداً » والمراد به : ما رفع و اتّصل بالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ونسب إليه ، وإن لم يصرّح الصحابي بأنّه أخذه منه صلّی الله عليه وآله وسلّم.
قال النووي : وأكثر ما يُستعمل ـ أي المُسْنَد ـ فيما جاء عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، دون غيره (38).
وقال الحاكم النيسابوري وغيره : لا يُستعمل « المُسْنَد » إلّا في المرفوع المتّصل (39).
وقال السيوطي ـ معلّقاً على كلام الحاكم هذا ـ : حكاه ابن عبد البرّ عن قومٍ من أهل الحديث ، وهو الأصحّ ، وليس ببعيد من كلام الخطيب ، وبه جزم شيخ الإسلام ـ يعني ابن حجر ـ في النخبة (40).
وعلى هذا ، فتفسير الصحابي خاصّة في موضوع أسباب النزول ، هو من الحديث المسند ، بمعنى أنّه محكوم بالإتّصال بالنبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم فيكون مثله في الحجّيّة والإعتبار.
ثالثاً : لو فرضنا كون كلام الصحابي في هذا الباب حديثاً مرسلاً ، لكن ليس مرسل الصحابي كلّه مردوداً و غير حجّة.
قال المقدسي : مراسيل أصحاب النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم ، مقبولة عند الجمهور ، والاُمّة اتّفقت على قبول رواية ابن عبّاس ونظرائه من أصاغر الصحابة مع اكثارهم ، وأكثر روايتهم عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مراسيل (41).
وقال النووي ـ بعد أن تعرّض لحكم الحديث المرسل بالتفصيل ـ : هذا كلّه في غير مرسل الصحابي ، أمّا مرسله فمحكوم بصحّته ، على المذهب الصحيح.
وقال السيوطي في شرحه لهذا الكلام : « أمّا مرسله » كإخباره عن شيء فعله النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم أو نحوه ، ممّا يعلم أنّه لم يحضره لصغر سنه أو تأخّر إسلامه « فمحكوم بصحته على المذهب الصحيح » الذي قطع به الجمهور من أصحابنا وغيرهم ، وأطبق عليه المحدّثون المشترطون للصحيح ، القائلون بضعف المرسل ، وفي الصحيحين من ذلك ما لا يحصى (42).
ثمّ ، علی فرض صدق « المرسل » على كلام الصحابي إصطلاحاً ، ولو قلنا باعتبار مرسلات الصحابة تلك التي لم يحضرها ، كان القول باعتبار مرسلاتهم التي حضروها لو سمّيت بالمرسل أولى كما لا يخفى.
رابعاً : إنّ الذي عرفناه في الفقرة السابقة هو انحصار طريق معرفة أسباب النزول بالأخذ من الصحابة ، لأنّ أكثر الأسباب المعروفة للنزول إنّما هو مذكور عن طريقهم ومأخوذ من تفاسيرهم ، لأنّهم وحدهم الحاضرون في الحوادث والمشاهدون للوحي ونزوله ، فلو شدّدنا التمسّك بقواعد علم الرجال ومصطلح الحديث ، وطبّقناها على روايات أسباب النزول ، لأدّى ذلك إلى سدّ باب هذا العلم.
وبما أنّا أكّدنا في صدر هذا البحث على أهمّية المعرفة بأسباب النزول فإنّ من الواضح عدم صحّة هذا التشدّد ، وفساد ما ذكر من عدم حجّيّة روايات الباب ، ولا يكون ما ذكر في علمي الرجال والمصطلح مانعاً من الأخذ بأقوال الصحابة في الباب.
الوجه الثاني : الإعتراض بالإرسال والوقف على التابعين
لا شكّ أنّ ما يرويه التابعي من دون رفعٍ إلى من فوقه من الصحابة أو وصله إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يكون « رأياً » خاصّاً له ، فلا يكون حجّة من باب كونه حديثاً نبويّاً ، لأنّه لا يدخل تحت عنوان « السُنّة » و يسمّى ـ في مصطلح دراية الحديث ـ « بالموقوف » هذا ما لا بحث فيه.
وإنّما وقع البحث فيما يذكره التابعي ناقلاً له عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، من دون توسيط الصحابي ، فقال قوم بحجّيّته بعد أن اعتبروه من « السنّة » وسمّوه « مرسلاً » أيضاً (43).
والوجه في التسمية هو أنّ التابعي ـ والمراد به من تأخّر عصره عن عصر صحبة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ولم يرو عنه إلّا مع الواسطة ـ إذا روى شيئاً عنه صلّى الله عليه وآله و رفعه إليه ، فحديثه مرفوع ، إلّا أنّه ليس متّصلاً ، بل هو مرسل ، والواسطة محذوفة ، وهي الصحابي بالفرض ، فيكون حديثه غير مسند ، وقد وقع الخلاف في حجّيّة مرسلات التابعي مطلقاً غير ما يختصّ منها بأسباب النزول.
أمّا في خصوص هذا الباب فإنّهم اعتبروا الموقوف على التابعي من روايات النزول مرفوعاً حكماً ، وقالوا : إن ما لم يرفعه ـ في هذا الباب ـ هو بحكم المرفوع من التابعي ، وإن كان مرسلاً ، فيقع فيه البحث في مرسلاته.
قال السيوطي ـ بعد أن حكم بأنّ الموقوف على الصحابي في باب أسباب النزول بمنزلة المسند المرفوع منه ـ ما نصّه : ما تقدّم أنّه من قبيل المسند من الصحابي ، إذا وقع من تابعي فهو مرفوع أيضاً ، لكنّه مرسل ، فقد يقبل إذا صحّ المسند إليه ، وكان من أئمّة التفسير والآخذين من الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ، أو اعتضد بمرسل آخر ، و نحو ذلك (44).
إذن ، ما ورد في باب أسباب النزول عن التابعين ، يعدّ حديثاً مرفوعاً منسوباً إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ولو لم يرفعه التابعي إليه ، ولا إلى أحد من الصحابة ، فيدخل في البحث عن حجّيّة مرسل التابعي ثمّ أنّ مرسل التابعي ليس بإطلاقه مرفوضاً.
قال الزركشي : في الرجوع الى قول التابعي ، روايتان لأحمد واختار ابن عقيل المنع ، وحكوه عن شعبة ، لكن عمل المفسّرين على خلافه ، وقد حكوا في كتبهم أقوالهم (45).
أقول : بل في غير المفّسرين من يلتزم بحجّيّة مراسيل التابعين.
قال الطبري : أجمع التابعون بأسرهم على قبول المرسل ولم يأت عنهم إنكاره ، ولا من أحد من الأئمّة بعدهم إلى رأس المائتين (46).
وبين القائلين بحجّيّة المرسل ، ثلاثة من أئمّة الفقهاء ، وهم أبوحنيفة ومالك وأحمد ، أيّ خلا الشافعي.
قال النووي والسيوطي : « المرسل : حديث ضعيف » وقال مالك ، في المشهور عنه ، وأبوحنيفة في طائفة منهم أحمد في المشهور عنه : صحيح (47).
أقول : حتّى الشافعي ـ القائل بضعف المرسل ـ يقول باعتباره في بعض الظروف ، كما سيأتي.
ثمّ أنّ المرسل لو كان ضعيفاً ، فإنّ ذلك لا يعني تركه وعدم الأخذ به مطلقاً ، بل هناك طرق مؤدّية إلى تقويته إلى حدّ الإعتبار.
قال النووي : فإن صحّ مخرج المرسل بمجيئه من وجه آخر ، مسنداً أو مرسلاً ، أرسله من أخذ من غير رجال الأوّل ، كان صحيحاً.
وأضاف السيوطي عليه : هكذا نصّ عليه الشافعي في الرسالة (48).
أقول : وهذه طريقة متداولة لتقوية الحديث الضعيف بواسطة الشواهد والمتابعات ، كما سنذكر ذلك في جواب الوجه الثالث التالي.
الوجه الثالث : الإعتراض بضعف روايات الباب
إنّ الكثير من رواة أخبار الباب ضعفاء من الناحية الرجاليّة ، وموهونون في نقل الحديث ، فكثيراً ما نرى هذا السند في روايات النزول : « ... الكلبي عن أبي صالح ... » وقد نقل السيوطي عن الحاكم النيسابوري في هذا السند أنّه « أوهی أسانيد ابن عبّاس مطلقاً » ويقول فيه ابن حجر « هذه سلسلة الكذب » (49).
والجواب : إنّ ما ذكر صحيح في الجملة ، إلّا أنّ ضعف سند حديث ما لا يعني ـ إطلاقاً ـ ضعف متنه ، فإنّ من الممكن أن لا يكون المتن ضعيفاً بل يكون صحيحاً بسند آخر ، غير هذا السند الضعيف ، توضيح ذلك :
قال اللكهنوي : قولهم : « هذا حديث ضعيف » فمرادهم أنّه لم تظهر لنا فيه شروط الصحّة ، لا أنّه كذب في نفس الأمر ، لجواز صدق الكاذب ، وإصابة من هو كثير الخطأ ، هذا هو القول الصحيح الذي عليه أكثر أهل العلم ، كذا في شرح الألفيّة للعراقي ، وغيره (50).
وقال أيضاً : كثيراً ما يقولون « لا يصحّ » و « لا يثبت هذا الحديث » ويظنّ منه من لا علم له : أنّه موضوع أو ضعيف ، وهو مبنيّ على جهله بمصطلحاتهم ، وعدم وقوفه على مصرّحاتهم ، فقد قال عليّ القارئ : لا يلزم من عدم الثبوت وجود الوضع (51).
وقال الدكتور عتر : قد يضعف السند ويصحّ المتن ، لوروده من طريق آخر ... إذا رأيتَ حديثاً بإسناد ضعيف ، فلك أن تقول : « ضعيف بهذا الإسناد » وليس لك أن تقول : « هذا ضعيف » كما يفعله بعض المتمجد هين في هذا العلم الشريف ، فتعيّن به ضعف متن الحديث ، بناءً على مجرّد ضعف ذلك الإسناد !؟ فقد يكون مرويّاً بإسناد آخر صحيح ، يثبت بمثله الحديث (52).
إذن فليس كلّ حديث ضعيف السند باطلاً ، موضوعاً ، ضعيف المتن ، بل هناك فرق بين ما يكون إسناده ضعيفاً وبين ما يكون متنه ضعيفاً ، وبين الحديث المتروك والحديث الموضوع ، ومحلّ التفصيل هو علم المصطلح أو « دراية الحديث ».
وقد قرّر علماء الدراية والمصطلح طرقاً يعرف بها أيّ الأحاديث الضعيفة السند لا يمكن الأخذ بها ؟ وأيّها يؤخذ بها من وجوه اُخر ؟
قال النووي والسيوطي ـ وقد جمعنا بين كلامهما متناً بين الأقواس وشرحاً خارجها ـ : إذا ورد الحديث من وجوه ضعيفة ، لا يلزم أن يحصل من مجموعها حسن.
[ والمراد من قوله : « لا يلزم ... » أنّه ليس ضروريّاً لصيرورة الحديث الضعيف حديثاً حسناً أن يلتزم بأنّ الأسانيد تقوّي بعضها بعضاً ، وليس بحاجة إلى كثرة فيها ، حتّى تصل إلى درجة الحسن ، بل يكفي الأقلّ من ذلك ، كطريق واحد آخر ، كما يشرحه في الفقرات التالية ].
قالا : بل :
1 ـ ما كان ضعفه راويه الصدوق الأمين ، زال بمجيئه من وجهٍ آخر ، وصار حسناً.
2 ـ « وكذا إذا كان ضعفها لإرسال » أو تدليس ، أو جهالة رجال ، كما زاده شيخ الإسلام ـ ابن حجر ـ « زال بمجيئه من وجهٍ آخر » وكان دون الحسن لذاته.
3 ـ « وأمّا الضعف لفسق الراوي » أو كذبه « فلا يؤثر فيه موافقة غيره » له إذا كان الآخر مثله ، نعم يرتقي بمجموع طرقه من كونه منكراً لا أصل له ، صرّح به شيخ الاسلام ، قال :
4 ـ بل ربّما كثرت الطرق ، حتّى أوصلته إلى درجة المستور السيء الحفظ بحيث إذا وجد له طريق آخر فيه ضعف قريب محتمل ، ارتقى بمجموع ذلك إلى درجة الحسن (53).
أقول : ومن هذا الباب تقوية الحديث بالشواهد والمتابعات ، فقد يُردَف الحديث بما يُسمّى « شاهداً » فيقال : يشهد له حديث كذا ، أو بما يُسمّى « متابعة » فيقال : « تابعه على حديثه فلان » وتوضيحه :
إنّ الشاهد هو حديث مروي عن صحابي آخر يشبه الحديث الذي يُظنّ تفرّد الصحابي الأوّل به ، سواء شابهه في اللفظ والمعنى أو في المعنى فقط (54).
والمتابعة : أن يوافق راوي الحديث على ما رواه من قبل راوٍ آخر ، فيرويه الثاني عن شيخ الأوّل أو عن من فوقه من الشيوخ (55).
والمقصود بالشواهد والمتابعات ، كما أسلفنا ، هو تقوية الحديث ورفع درجته من الضعف إلى الحسن ، أو من الحسن إلى الصحّة.
مثاله ما ذكره السيوطي ، بعد أن روى حديثاً في شأن نزول آية ، سنده هكذا : « ابن مردويه ، من طريق ابن اسحاق ، عن محمّد بن أبي محمّد ، عن عكرمة أو سعيد ، عن ابن عبّاس » قال السيوطي : إسناده حسن ، وله شاهد عند أبي الشيخ ، عن سعيد بن جبير ، يرتقي به إلى درجة الصحيح (56).
ثمّ لا يخفى أنّ بعضهم اعتبر عدم المتابعة للحديث طعناً في الراوي.
قال البخاري في ترجمة « أسماء بن الحكم الفزاري » : لم يُروَ عنه إلّا هذا الحديث ، وحديث آخر لم يتابع عليه (57).
لكن لا يصحّ هذا الطعن :
قال المزي : هذا ـ أيّ عدم وجود المتابعة ـ لا يقدح في صحّة الحديث ، لأنّ وجود المتابعة ليس شرطاً في صحّة كلّ حديث صحيح (58).
وقال الذهبي : بل الثقة الحافظ إذا انفرد بأحاديث كان أرفع وأكمل رتبة ، وأدلّ على اعتنائه بعلم الأثر وضبطه ـ دون أقرانه ـ لأشياء ما عرفوها.
و إنّ تفرّد الثقة المتقن ، يعدّ صحيحاً غريباً (59).
وقال اللكهنوي : ربّما يطعن العقيلي أحداً ويجرحه بقوله : « فلان لا يتابع على حديثه » فهذا ليس من الجرح في شيء ، وقد ردّ عليه العلماء في كثير من المواضع بجرحه الثقات بذلك (60).
وأمّا ما نقل عن الحاكم و ابن حجر حول « أوهى أسانيد ابن عبّاس » فنجيب عنه :
أوّلاً : إنّ التمثيل لأوهى أسانيد ابن عبّاس بهذا السند لم يرد في كتاب الحاكم النيسابوري أصلاً ، فقد ذكر أمثلة لأوهى الأسانيد في كتابه « معرفة علوم الحديث » ولم يرد فيها هذا السند.
وقد تنبّه الشيخ الدكتور نورالدين عتر إلى هذا ، وأشار في هامش كتابه القيّم « منهج النقد في علوم الحديث » إلى كتاب الحاكم « معرفة علوم الحديث : ص 56 ـ 58 » وقال : إلّا المثال الأخير ، فليتنبّه (61).
أقول : وهذا تنبيه جليل إلى وقوع التصحيف في النقل عن الحاكم ، حيث زيد في المنقول عنه التمثيل لأوهى الأسانيد بهذا السند « الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ».
وقد وردت هذه الزيادة في كتاب السيوطي نقلاً عن الحاكم (62).
لكنّ السيوطي المعروف بكثرة النقل عن من سبقه في التأليف من دأبه الإشارة إلى انتهاء النقل قبل أن يضيف عليه شيئاً و يصرّح بأنّ الزيادة من عند نفسه ، وهذا يؤيّد أن تكون زيادة هذا السند من عبث بعض المحرّفين.
و ثانياً : إنّ الكلبي ليس بتلك المثابة من الضعف والوهن ، وخاصّة إذا كان راوياً عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس ، و بالأخصّ في مجال « تفسير القرآن ».
قال الحافظ الرجالي الناقد ، أبو أحمد ابن عديّ في كتابه « الكامل » المعدّ لذكر الضعفاء ما نصّه : للكلبي أحاديث صالحة وخاصّة عن أبي صالح وهو معروف بالتفسير ، وليس لأحدٍ تفسير أطول منه ولا أشبع فيه ، و بعده مقاتل بن سليمان إلّا أنّ الكلبي يفضل على مقاتل ، لما في مقاتل من المذاهب الرديئة (63) وقد ذكره ابن حبان في « الثقات » (64).
وقال ابن حجر في ترجمته : قال ابن عدي : « رضوه في التفسير » (65).
وعلى هذا ، فهل يصحّ أن يقال في حديث الكلبي ، وخاصّة في التفسير و أسباب النزول أنّ سنده « أوهى الأسانيد » أو « سلسلة الكذب » ؟
أليس هذا من التناقض الواضح ؟!
4 ـ مصادرها
ويدلّ على مدى اهتمامهم بموضوع « أسباب النزول » كثرة الجهود المبذولة في سبيلها ، فالتفسير بالمنهج التاريخي المتمثّل في أحاديث أسباب النزول ، والعناية بها منتشر في بطون التفاسير الموسّعة الجامعة ، أمّا الصغيرة ـ و خاصّة القديمة تلك التي كانت طلائع فنّ التفسير ـ فهي منحصرة بهذا المنهج ، كما أشرنا في صدر البحث.
وبعد هذا فإنّ كثيراً من العلماء بذلوا جهوداً في سبيل جمع أسباب النزول في مؤلّفات خاصّة ، ويمكن من ناحية فنيّة تقسيم هذه المؤلّفات الى قسمين :
الأوّل : الباحثة عن أسباب نزول القرآن ، بصورة عامّة و شاملة لجميع الآيات ، وذكر أسبابها ، من دون تخصيص بجانب معيّن.
الثاني : الباحثة عن أسباب نزول بعض الآيات في موضوع معيّن أو في أشخاص معيّنين.
فلنذكر المؤلّفات تحت هذين العنوانين.
القسم الأوّل : المؤلّفات الشاملة
قال السيوطي : أفرده بالتصنيف جماعة [ الإتقان ج 1 ص 107 ] ، ثمّ ذكر عدّة منها.
و نحن نورد ما وقفنا عليه أو على اسمه منها ، مرتّبة حسب أوائل أسمائها :
1 ـ إرشاد الرحمن لأسباب النزول ، والنسخ والمتشابه ، و تجويد القرآن : تأليف : عطية الله بن البرهان الشافعي الاجهوري ، المتوفّى « 1190 ».
* معجم مصنّفات القرآن الكريم ، لشوّاخ « ج 1 ص 127 رقم 204 ».
2 ـ أسباب النزول :
تأليف : عليّ بن هبة بن جعفر ، أبي الحسن المديني السعدي ، المتوفّى « 234 ».
* إيضاح المكنون « 3 / 69 ».
وذكره السيوطي قائلاً : أقدمهم عليّ بن المديني شيخ البخاري [ الإتقان ج 1 ص 107 ] وفيمن يأتي ذكره بعض من هو أقدم منه وفاة.
3 ـ أسباب النزول :
تأليف : محمّد بن أسعد ، القرافي.
* كشف الظنون « ج 1 ص 76 ».
4 ـ أسباب نزول القرآن ، المطبوع باسم « أسباب النزول » :
تأليف : عليّ بن أحمد ، أبي الحسن الواحدي ، النيسابوري ، المتوفّى « 468 » ، ولدينا منه مصوّرة عن نسخة قديمة مصحّحة.
قال السيوطي : من أشهرها كتاب الواحدي ، على ما فيه من إعواز.
* الإتقان « ج 1 ص 107 » ، وكشف الظنون « 1 / 76 » ، والنابس في أعلام القرن الخامس « ص 118 ».
5 ـ أسباب النزول :
تأليف : الشيخ سعيد بن هبة الله بن الحسن ، قطب الدين الراوندي ، المفسّر ، المتوفّى « 573 ».
قال : شيخنا آقا بزرك الطهراني : هو من مآخذ كتاب « بحار الأنوار » صرّح به في أوّله ، و ينقل عنه فيه.
* الذريعة إلى تصانيف الشيعة « ج 2 ص 12 ».
6 ـ أسباب النزول :
تأليف : عبدالرحمن بن محمّد ، أبي المطرف ، المعروف بابن فطيس الأندلسي ، المتوفّى « 402 » ، في أجزاء عديدة.
* سير أعلام النبلاء « 11 / ق 46 » ، وكشف الظنون « 1 / 76 » ، وسمّاه في معجم مصنّفات القرآن « ج 1 ص 123 » بالقصص والأسباب التي نزل من أجلها الكتاب.
7 ـ أسباب النزول :
تأليف : عبدالرحمن بن عليّ ، أبي الفرج ، ابن الجوزي البغدادي.
* كشف الظنون « 1 / 76 ».
8 ـ الأسباب والنزول على مذهب آل الرسول :
تأليف الشيخ محمّد بن عليّ ، ابن شهرآشوب ، السروي ، الحافظ ، المتوفّى « 588 ».
* معالم العلماء « ص 119 » ، وانظر : تأسيس الشيعة « ص 337 » ، والذريعة « 1 / 12 » ، وكشف الظنون « 1 / 77 ».
9 ـ الإعجاب ببيان الأسباب :
تأليف : أحمد بن عليّ ، شهاب الدين ابن حجر العسقلاني ، المتوفّى « 852 » ، مجلّد ضخم.
* كشف الظنون « 1 / 120 ».
أقول : ولعلّه ما ذكره السيوطي في الإتقان « 1 / 107 » بقوله : وألّف فيه شيخ الإسلام أبوالفضل ابن حجر كتاباً مات عنه مسوّدة ، فلم نقف عليه كاملاً.
10 ـ البيان في نزول القرآن :
تأليف : محمّد بن عليّ النسوي ، وهو في أسباب نزول القرآن.
* معجم مصنّفات القرآن الكريم ، رقم « 2608 ».
11 ـ التنزيل من القرآن والتحريف :
تأليف المحدّث عليّ بن الحسن بن فضال الكوفي ، المتوفّى « 224 ». كذا سمّاه السيّد الصدر.
* تأسيس الشيعة « ص 335 » ، وانظر « ص 330 » ، والذريعة « ج 4 ص 454 » ، وذكره في إيضاح المكنون « 4 / 283 » باسم : « التنزيل في القرآن ».
12 ـ التنزيل وترتيبه :
تأليف : الحسن بن محمّد بن الحسن بن حبيب النيسابوري ، المتوفّى « 406 ».
قال الدكتور شوّاخ : مخطوط ، ورد ذكره في فهرس المكتبة الظاهرية برقم « 3 مجمع 26 » مكتوب في القرن السابع.
* معجم مصنّفات القرآن الكريم « ج 1 ص 134 » رقم « 216 ».
13 ـ التنزيل :
من مصادر « المصباح » للكفعمي.
* الذريعة « ج 4 ص 454 ».
14 ـ التنزيل :
تأليف : محمّد بن مسعود بن محمّد بن عياش ، السلمي ، السمرقندي ، صاحب تفسير العياشي.
* الذريعة « ج 4 ص 454 ».
15 ـ التنزيل عن ابن عبّاس :
تأليف : عبدالعزيز بن يحيى الجلودي ، أبي أحمد البصري ، المتوفّى « 332 ».
* الذريعة « ج 4 ص 454 » عن رجال النجاشي.
16 ـ الصحيح المسند في أسباب النزول :
تأليف : مقبل الوادي طبع بمكتبة المعارف ، الرياض ، بلا تاريخ.
17 ـ لباب النقول في أسباب النزول ، وهو مطبوع متداول.
تأليف : عبدالرحمان بن جلال الدين السيوطي ، المتوفّى « 911 » ، قال في الإتقان : وقد ألّفتُ فيه كتاباً حافلاً موجزاً لم يؤلّف مثله في هذا النوع.
* الإتقان « 1 / 107 ».
18 ـ لبّ التفاسير في معرفة أسباب النزول والتفسير :
تأليف : محمّد بن عبدالله ، القاضي الرومي الحنفي ، الشهير بـ « لبي حافظ » المتوفّى « 1195 ».
* إيضاح المكنون « 4 / 400 ».
19 ـ مختصر أسباب النزول :
تأليف : إبراهيم بن عمر بن إبراهيم ، برهان الدين ، الجعبري ، المتوفّى « 732 ».
قال السيوطي : قد اختصره ـ يعني كتاب الواحدي ـ الجعبري ، فحذف أسانيده ، ولم يزد عليه شيئاً.
* الإتقان « 1 / 107 » ، وكشف الظنون « 1 / 72 ».
20 ـ مدد الرحمان في أسباب نزول القرآن :
تأليف : عبدالرحمن بن علاء الدين بن عليّ بن إسحاق القاضي ، زين الدين التميمي ، الخليلي ، المقدسي ، الشافعي ، المتوفّى « 876 ».
* إيضاح المكنون « 4 / 455 ».
21 ـ نزول القرآن :
تأليف : الحسن بن سيار البصري ، أبي سعيد ، المتوفّى « 110 ».
قال شوّاخ : كان راويته عمرو بن عبيد المعتزلي ، المتوفّى سنة « 144 ».
* معجم مصنّفات القرآن الكريم « ج 1 ص 137 » رقم « 223 ».
22 ـ نزول القرآن :
تأليف : الضحاك بن مزاحم ، الهلالي ، اللخمي ، الخراساني ، المتوفّى « 105 ».
تاريخ التراث العربي « ج 1 ق 1 ص 187 ».
23 ـ نزول القرآن :
تأليف : محمّد بن إسحاق بن خزيمة ، أبي بكر النيشابوري ، المتوفّى « » ينقل عنه في كتابه « قوارع القرآن ».
* معجم المؤلّفات القرآنيّة للسيّد الحسيني ، مخطوط قيد التأليف.
24 ـ نزول القرآن :
تأليف : الحسن بن أبي الحسن البصري
الفهرست للنديم « ص 40 ».
25 ـ نزول القرآن :
تأليف : عكرمة عن ابن عبّاس.
الفهرست للنديم « ص 40 ».
القسم الثاني : المؤلّفات المختصّة
وبذل ثلّة من الأعلام جهوداً في تأليف أسباب نزول آيات معيّنة ، نزلت في شؤون خاصّة ، أو بشأن أشخاص معيّنين ، وقد ألّف على هذه الطريقة جمع من القدماء والمتأخرين ، ولعلّ من ذلك ما عنونه السيوطي بـ « النوع الحادي والسبعين » في أسماء من نزل فيهم القرآن ، قال : رأيت فيهم تأليفاً مفرداً لبعض القدماء ، لكنّه غير محرّر.
وأضاف : وكتب « أسباب النزول » و « المبهمات » يغنيان عن ذلك [ الإتقان ج 4 ص 119 ].
وبما أنّ الأغراض تختلف في جمع الآيات وذكر أسبابها حسب اختلاف المواضيع المقصودة بالبحث والتأليف ، فإنّ الوقوف على جميع ما اُلّف على هذا النمط متعذّر ، ولم اتفرّغ أنا للتتبّع الكامل ، كي أستقصي جميع المؤلّفات المختصّة كذلك ، و إنّما جمعتُ أسماء ما توفّر لديّ أثناء إعداد هذا البحث ، بالإضافة إلى ما استفدته من الفهارس والفوائد المتناثرة التي أمكنني الوقوف عليها ، ونرتّبها هنا حسب أوائل أسمائها :
1 ـ الآيات النازلة في أهل البيت عليهم السلام :
للسيّد محمّد بن أبي زيد بن عربشاه الوراميني « القرن 8 » وهو صاحب كتاب « أحسن الكبار في معرفة الأئمّة الأطهار ».
* فهرس مكتبة السيّد المرعشيّ « رقم 749 ـ 750 ».
2 ـ الآيات النازلة في أهل البيت عليهم السلام :
لابن الفحّام ، الحسن بن محمّد بن يحيى ، أبي محمّد المقرئ النيسابوري ، المتوفّى « 458 ».
* لسان الميزان ، لابن حجر « ج 2 ص 251 ».
3 ـ الآيات النازلة في ذمّ الجائرين على أهل البيت عليهم السلام :
لحيدر عليّ بن محمد بن الحسن الشيرواني.
* الذريعة للطهراني « ج 1 ص 48 ».
4 ـ الآيات النازلة في فضائل العترة الطاهرة :
للشيخ عبدالله ، تقيّ الدين الحلبي.
* الذريعة « ج 1 ص 49 ».
5 ـ آية التطهير في الخمسة أهل الكساء :
للسيّد محيي الدين الموسوي الغريفي ، طبع بالمطبعة العلميّة ـ النجف 1377.
6 ـ آية التطهير :
للسيّد محمّد باقر الخرسان الموسوي ، لا يزال مخطوطاً عند المؤلّف.
7 ـ آية التطهير :
للسيّد محمّد جواد الحسيني الجلالي لايزال مخطوطاً عند المؤلّف.
8 ـ إبانة ما في التنزيل من مناقب آل الرسول :
تأليف : أحمد بن الحسن بن عليّ أبي العبّاس الطوسي ، الفلكي ، المفسّر ويسمّی أيضاً « مثار الحقّ ».
* معالم العلماء « ص 23 ».
9 ـ أربعون آية في فضائل أميرالمؤمنين :
لمؤلّف مجهول
الذريعة « 11 / 49 ـ 50 » وانظر « 17 / 264 »
10 ـ أسماء أمير المؤمنين عليه السلام في كتاب الله عزّوجلّ :
لابن أبي الثلج ، محمّد بن أحمد بن عبدالله أبي بكر البغدادي ، المتوفّى « 325 »
* الذريعة « 11 / 75 » وقال : ذكره الشيخ في الفهرست.
11 ـ أسماء أميرالمؤمنين عليه السلام من القرآن :
تأليف : الحسن بن القاسم بن محمّد بن أيّوب بن شمّون ، أبي عبدالله الكاتب « القرن 4 ».
رجال النجاشي « ص 52 » ، والذريعة « 2 / 165 ».
12 ـ أسماء من نزل فيهم القرآن :
تأليف اسماعيل الضرير المديني
* كشف الظنون « 1 / 89 ».
13 ـ أعظم المطالب في آيات المناقب :
للسيّد أحمد حسين الامروهري ، المتوفّى « 1338 »
* الذريعة « 11 / 95 ».
14 ـ أوضح دليل فيما جاء في عليّ وآله من التنزيل :
للشيخ عليّ بن الشيخ جعفر بن أبي المكارم العوامي القطيفي.
ذكر السيّد الحسيني أنّه موجود عنده في آخر كتاب « الهداية الى حبوة الميراث ».
15 ـ تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة :
للسيّد عليّ شرف الدين ، الحسيني ، الاسترآبادي ، النجفي ، تلميذ المحقّق الكركي ، الذي توفّي سنة 940 ، وقد يسمّى « تأويل الآيات الباهرة »
* الذريعة « 3 / 304 »
منه نسخة في مكتبة السيد الحكيم العامّة بالنجف برقم « 639 » ، ونسخ في مكتبة السيّد المرعشي النجفي ، بقم ، بالأرقام « 259 و 290 و 359 و 438 وغيرها » ، ونسخ في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام بمشهد ، ونسخة في مكتبة المتحف العراقي ببغداد.
16 ـ تأويل الآيات النازلة في فضل أهل البيت عليهم السلام :
لبعض الأصحاب
* الذريعة « ج 3 ص 306 ».
17 ـ تنزيل الآيات الباهرة في فضل العترة الطاهرة :
للسيّد عبدالحسين شرف الدين العاملي الصوري « ت 1377 » صاحب « المراجعات »
* الذريعة « ج 4 ص 455 ».
18 ـ تحفة الإخوان في تقوية الإيمان :
للشيخ فخرالدين الطريحي صاحب « مجمع البحرين ».
* الذريعة « 3 / 414 » ، وفهرس مكتبة المشكاة « ج 1 ص 30 »
19 ـ تفسير الآيات المنزلة في أميرالمؤمنين عليه السلام :
للشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان ، التلعكبري البغدادي ، المتوفّى « 413 ».
* الذريعة « 12 / 183 » ذكر أنّه من مصادر « سعد السعود » لابن طاووس.
20 ـ تفسير الكوفي :
تأليف : فرات بن إبراهيم الكوفي « من أعلام القرن الرابع ».
مطبوع ونسخه المخطوطة كثيرة.
21 ـ تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين :
تأليف : محسن بن محمّد بن كرامة الجشمي الحاكم البيهقي ، المتوفّى « 494 »
منه نسخة مصوّرة بدار الكتب المصريّة بالقاهرة برقم « 27622 ب »
* ذكره شيخنا في الذريعة « ج 4 ص 446 » ناسباً له إلى بعض قدماء الأصحاب وقال : « وقد ينسب إلى الشريف المرتضى علم الهدى ».
وانظر : أهل البيت في المكتبة العربيّة « رقم 117 ».
22 ـ جامع الفوائد و دافع المعاند :
للشيخ علم بن صيف بن منصور النجفي الحلي.
* الذريعة « 5 / 66 » وهو مختصر « تأويل الآيات » لشرف الدين.
23 ـ الحجّة البالغة :
للسيّد خلف الحويزي الموسوي ، المتوفّى « 1074 ».
* الذريعة « ج 6 ص 258 ».
24 ـ حدائق اليقين في فضائل إمام المتّقين والآيات النازلة في شأن أمير المؤمنين :
للمولى أبي طالب الإسترآبادي.
* الذريعة « 6 / 292 ».
25 ـ حقائق التفضيل في تأويل التنزيل :
تأليف : جعفر بن ورقاء بن محمّد بن جبلة ، أبي محمّد ، أمير بني شيبان بالعراق.
* رجال النجاشي « ص 96 ».
26 ـ خصائص أمير المؤمنين في القرآن :
للحاكم الحسكاني ، عبيدالله بن عبدالله ، أبي القاسم « القرن الخامس ».
* معالم العلماء « ص 78 ».
27 ـ خصائص أميرالمؤمنين عليه السلام من القرآن :
تأليف : الحسن بن أحمد بن القاسم بن محمّد بن عليّ بن أبي طالب ، أبي محمّد الشريف ، النقيب ، شيخ النجاشي.
* رجال النجاشي « ص 51 » ، والذريعة « 7 / 165 ».
28 ـ خصائص الوحي المبين في مناقب أميرالمؤمنين :
للشيخ يحيى بن عليّ بن الحسن بن البطريق الحلّي « القرن السادس »
* الذريعة « 7 / 175 » وقال : طبع بطهران سنة « 1311 ».
29 ـ الخيرات الحسان في ما ورد من آي القرآن في فضل سادة بني عدنان :
للشيخ محمّد رضا الغرّاوي النجفي.
* ذكر الحسيني : إنّه رآه عند ابن المؤلّف في العراق.
30 ـ الدرّ الثمين في ذكر خمسمائة آية نزلت من كلام ربّ العالمين في فضائل أمير المؤمنين :
للحافظ الشيخ رجب بن محمّد البرسي ، الحلّي « كان حيّاً 813 ».
* الذريعة « 8 / 64 ـ 65 ».
31 ـ الدرّ الثمين في أسرار الأنزع البطين :
للشيخ تقي الدين عبدالله الحلبي ، وقد مرّ له « الآيات النازلة » برقم « 4 ».
* الذريعة « 8 / 65 » وهو مختصر من « الدرّ الثمين » للشيخ البرسي السابق الذكر.
32 ـ ذكر الآيات النازلة في أمير المؤمنين :
لمؤلّف مجهول.
* ذكره السيّد ابن طاووس في « سعد السعود » كما في الذريعة « 10 / 33 ».
33 ـ ذكر ما نزل من القرآن في رسول الله وأهل البيت :
لمؤلّف مجهول.
* الذريعة « 10 / 36 ».
34 ـ رجال أنزل الله فيهم قرآناً :
تأليف : عبدالرحمن بن عميرة الرياحي.
* معجم مصنّفات القرآن الكريم « 1 / 131 » وقال : طبع دار اللواء.
35 ـ روائح القرآن في فضائل اُمناء الرحمان :
للسيّد مير محمّد عبّاس بن علي أكبر الهندي التستري ، المتوفّى « 1306 »
* الذريعة « 11 / 255 » وقال طبع بلكهنو الهند سنة 1278.
36 ـ زبد الكشف والكرامة في معرفة الإمامة :
للسيّد محمّد مؤمن بن محمّد تقي الموسوي الهندي.
* فهرس مكتبة المرعشي النجفي.
37 ـ شواهد التنزيل لقواعد التفضيل :
للحاكم الحسكاني ، عبيدالله بن عبدالله ، أبي القاسم « القرن 5 ».
* طبع بتحقيق الشيخ محمّد باقر المحمودي ، في بيروت ، ومرّ للمؤلّف كتاب « خصائص أمير المؤمنين » برقم « 26 ».
38 ـ العترة الطاهرة في الكتاب العزيز :
للشيخ عبدالحسين بن أحمد الأميني النجفي صاحب « الغدير »
* الغدير « ج 2 ص 55 ».
39 ـ عين العبرة في غبن العترة :
للسيّد ابن طاووس ، أحمد بن موسى الحلّي « ت 673 ».
وهو مطبوع بالنجف.
40 ـ اللوامع النورانيّة في أسماء أميرالمؤمنين القرآنيّة :
للسيّد هاشم بن سليمان التوبلي ، المحدّث البحراني.
طبع في قم سنة « 1394 ».
41 ـ ما نزل في الخمسة ـ أصحاب الكساء ـ :
تأليف عبدالعزيز بن يحيى ، أبي أحمد الجلودي البصري ، المتوفّى « 332 ».
* رجال النجاشي « ص 180 » والذريعة « 19 / 30 ».
42 ـ ما نزل من القرآن في أعداء آل محمّد :
لمؤلّف مجهول.
* الذريعة « 19 / 28 » عن ابن شهرآشوب.
43 ـ ما نزل من القرآن في أهل البيت :
لابن الجحّام ، محمّد بن العبّاس بن عليّ بن مروان ، أبي عبدالله البزّاز.
قال النجاشي : قال جماعة من أصحابنا : « إنّه لم يصنّف في معناه مثله ، وقيل إنّه ألف ورقة ».
الذريعة « 3 / 306 » و « 19 / 29 » وقد نقل عنه السيّد ابن طاووس في « سعد السعود » وكتاب اليقين « ص 79 » باب « 98 » ، ووصف النسخة التي كانت عنده من هذا الكتاب ، ونقل عنه السيّد شرف الدين في « تأويل الآيات » كثيراً.
44 ـ ما نزل من القرآن في أعداء أهل البيت :
45 ـ ما نزل من القرآن في شيعة أهل البيت :
لابن الجحام المذكور.
ذكرهما في الذريعة « 3 / 306 ».
46 ـ ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليه السلام :
تأليف : إبراهيم بن محمّد بن سعيد بن هلال ، أبي إسحاق الثقفي الكوفي ، المتوفّى « 283 ».
رجال النجاشي « ص 12 » ، والذريعة « 19 / 28 ».
47 ـ ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين :
تأليف : أحمد بن عبدالله الحافظ ، أبي نعيم الإصفهاني ، المتوفّى « 430 ».
معالم العلماء « ص 25 » ، والذريعة « 19 / 28 ».
وقد ألّف الشيخ محمّد باقر المحمودي كتاب « النور المشتعل المقتبس من كتاب ما نزل » جمع فيه ما وجده من روايات « ما نزل ... » لأبي نعيم ، هذا ، وهو في طريقه إلى الطبع.
48 ـ ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليه السلام :
تأليف : علي بن الحسين ، أبي الفرج الإصفهاني ، صاحب الأغاني ، المتوفّى « 356 ».
* معالم العلماء « ص 141 » ، والذريعة « 19 / 28 ».
49 ـ ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين :
تأليف : محمّد بن أحمد بن عبدالله بن إسماعيل ، أبي بكر الكاتب البغدادي ، المعروف بـ « ابن أبي الثلج » المتوفّى 325 ، و يسمّى بـ « التنزيل ».
الذريعة « 19 / 28 » وانظر « 4 / 454 » ، ومرّ له كتاب « أسماء أمير المؤمنين في القرآن » برقم « 10 ».
50 ـ ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين :
تأليف : محمّد بن أورمة ، أبي جعفر القمّي.
* رجال النجاشي « ص 253 » ، والذريعة « 19 / 29 ».
51 ـ ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليه السلام :
تأليف : محمّد بن عمران ، أبي عبيدالله ، المرزباني ، الخراساني ، البغدادي ، المتوفّى 378.
معالم العلماء ، « ص 118 » ، والذريعة « 19 / 29 ».
52 ـ ما نزل من القرآن في صاحب الزمان عليه السلام :
تأليف : أحمد بن محمّد بن عبيدالله ، أبي عبدالله الجوهري ، المتوفّى 401.
سمّاه ابن شهر آشوب بـ « مختصر ما نزل من القرآن في صاحب الزمان ».
* رجال النجاشي « ص 67 » ، و معالم العلماء « ص 20 » ، والذريعة « 19 / 30 » ، و إيضاح المكنون « 4 / 421 ».
53 ـ ما نزل من القرآن في علي عليه السلام :
تأليف : الحسين بن الحكم بن مسلم الحبري ، أبي عبدالله الكوفي ، المتوفّى « 286 ».
* طبع بعنوان « ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام » بتحقيق السيّد أحمد الحسيني ، سلسلة المختار من التراث رقم « 1 » ، مطبعة مهر استوار ـ قم.
وقد قمنا بتحقيقه مع التوسّع في ترجمة مؤلّفه ، و تخريج أحاديثه ، وطبع باسم « تفسير الحبري » في بغداد ، مطبعة أسعد « 1396 ».
54 ـ ما نزل في علي من القرآن :
تأليف : عبدالعزيز بن يحيى الجلودي ، أبي أحمد البصري ، المتوفّى 332.
رجال النجاشي « ص 180 » ، والذريعة « 19 / 28 » ، ومرّ له « ما نزل في الخمسة » برقم « 41 ».
55 ـ ما نزل من القرآن في علي عليه السلام :
تأليف : هارون بن عمر بن عبدالعزيز ، أبي موسى المجاشعي
* رجال النجاشي « ص 342 » ، والذريعة « 19 / 29 ».
56 ـ مجمع الأنوار ـ أو ـ آية التطهير وحديث الكساء
تأليف : السيد حسين الموسوي الكرماني.
* طبع بالمطبعة العلميّة ـ في قم « 1391 ».
57 ـ المحجّة في ما نزل في الحجة :
تأليف : السيّد هاشم بن سليمان التوبلي ، المحدّث البحراني
* طبع بتحقيق السيّد منير الميلاني في بيروت.
58 ـ مختصر شواهد التنزيل :
اختصره القاضي إسماعيل بن الحسين جغمان الخولاني الصنعاني ، المتوفى « 1256 ».
نسخة ضمن مجموعة من مؤلفاته في المتحف البريطاني ، رقم « 3898 Or ».
59 ـ المصابيح في ذكر ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام :
تأليف : أحمد بن الحسن ، أبي العبّاس الاسفراييني ، المفسّر ، الضرير.
قال النجاشي : كتاب حسن كثير الفوائد.
رجال النجاشي « ص 73 ».
60 ـ المصابيح في ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام :
تأليف : أحمد بن جعفر بن محمّد بن إبراهيم العلوي الخيبري ، المتوفّى 376.
* إتقان المقال ، للشيخ محمّد طه نجف « ص 159 ».
61 ـ المهدي الموعود في القرآن الكريم :
تأليف : السيّد محمّد حسين بن السيّد علي بن السيّد مرتضى الرضوي النجفي.
في طريقه إلى الطبع.
62 ـ نصائح أهل العدوان :
للسيّد محمّد مرتضى الحسيني الجنفوري ، المتوفّى 1333.
* الذريعة « 24 / 168 ».
63 ـ النصّ الجلي في أربعين آية في شأن عليّ :
تأليف : الملّا حسين بن باقر البروجردي ، فرغ منه « 1273 ».
* الذريعة « 24 / 172 » ، طبع سنة « 1320 ».
64 ـ نزول القرآن في شأن أميرالمؤمنين عليه السلام :
تأليف : محمّد بن مؤمن الشيرازي.
معالم العلماء « ص 118 » ، فهرست منتجب الدين « ص 165 ».
هذا ما وقفنا عليه ـ ونحن لم نتصدّ للإستيعاب ـ ومن المؤكّد فوات أسماء كثيرة.
هذا في مجال المؤلّفات المنفردة ، أمّا ما ذكر ضمن الكتب ممّا يرتبط بالآيات النازلة ، و بالخصوص تلك التي شملت فصولاً مطوّلة جداً ، ممّا يعدّ كتاباً ضخماً لو انفرد ، فكثير ، مثل ما جاء في كتاب « غاية المرام » للسيّد هاشم البحراني ، و « إحقاق الحقّ » للقاضي نور الله المرعشي ، و « التعليقات » الضافية التي خرّجها سماحة السيد المرعشي في ملحقات إحقاق الحقّ ، وغير ذلك من الكتب والمؤلّفات ، وإنّما لم نذكرها لخروجها عن هدفنا ، وهو جمع أسماء المؤلّفات المستقلة.
وكذلك لم نذكر بعض المطبوعات الحديثة التي اقتبست من هذه المؤلّفات نقلاً حرفياً ، ولم تُضِفْ إليها فائدة ، ولم تُضْفِ عليها غير الأخطاء الشنيعة ، بما لا يعود على الفكر والتراث منها إلّا العارُ والضرر.
ويؤسفنا أن تجد أمثال هذه التصحيفات طريقها إلى المطابع بينما عيون التراث مخبوءة في زوايا الإهمال.
خاتمة :
الملاحظ في قائمة المؤلّفات الخاصّة أن كثيراً من الكتب معنونة بـ « ما نزل من القرآن في أميرالمؤمنين » وأمثاله ، وقد يخطر على البال سؤال :
لماذا كلّ هذا الإهتمام ؟
وما هو المبرّر للعناية بربط القرآن بخصوص الإمام علي عليه السلام ؟
وما هو الموجب للإلتزام بهذا المنطق والتصدّي لتأليف الكتب على هذا الشكل ؟
نقول :
إنّ الربط بين القرآن والإمام ، جاءت به الأحاديث النبويّة الشريفة ، بل احتوت على عبارة تدلّ على هذا الارتباط بشكل أدقّ هي « المعيّة ».
وقبل أن نتعرّض لتوجيه ذلك و تفسيره ، لابدّ أن نستعرض هذه النصوص ونتعرّف على بعض مصادرها.
1 ـ روى الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين :
عن أبي سعيد التيمي ، عن أبي ثابت ، قال : كنت مع علي عليه السلام يوم الجمل ، فلما رأيت عائشة واقفة ، دخلني بعض ما يدخل الناس ! فكشف الله عنّي عند صلاة الظهر ، فقاتلت مع أمير المؤمنين ، فلمّا فرغ ذهبت إلى المدينة ، فأتيت اُمّ سلمة ، فقلت : إنّي ـ والله ـ ما جئت أسأل طعاماً ولا شراباً ولكني مولى لأبي ذرّ.
فقالت : مرحباً.
فقصصت عليها قصّتي.
فقالت : أين كنت حين طارت القلوب مطائرها ؟
قلت : إلى حيث كشف الله ذلك عنّي عند زوال الشمس.
قالت : أحسنت ، سمعت رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم يقول : « علي مع القرآن ، والقرآن مع علي ، لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض ».
[ مستدرك الصحيحين ج 3 ص 124 وقال : صحيح الإسناد ، وأورده الذهبي في تلخيصه وصحّحه ، والطبراني في المعجم الصغير ج 1 ص 255 ]
وروي هذا الحديث عن شهر بن حوشب ، واُمّ سلمة بألفاظ اُخرى.
[ ذكره الخوارزمي في المناقب « ص 110 » ، والحموي في فرائد السمطين « ج 1 ص 177 » ، وانظر الجامع الصغير للسيوطي « ج 2 ص 66 » ، والصواعق المحرقة لابن حجر « ص 74 » ]
2 ـ وعن اُمّ سلمة في حديث آخر ، قالت :
قال رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم في مرضه الذي قبض فيه وقد امتلأت الحجرة من أصحابه :
أيّها الناس ، يوشك أن اُقبض قبضاً سريعاً وقد قدّمت إليكم القول معذرة إليكم ، ألا إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله عزّوجلّ ، وعترتي أهل بيتي ، ثمّ أخذ بيد علي ، فقال :
« هذا علي مع القرآن ، والقرآن مع علي ، لا يفترقان حتّى يردا عليَّ الحوض فأسألهما : ما أخلفتم فيهما ؟ ! ».
[ الصواعق المحرقة لابن حجر ص 75 ]
هذه جملة من طرق الحديث ، وقد صحّح النقّاد بعضها وحسّنوا بعضها الآخر ، وبذلك تتصافق الأيدي على ثبوته وصحّته.
وكلمة لابدّ من تقديمها على شرح الحديث وتشخيص مفاده هي أنّ الرسول الكريم هو أوّل من تعرّف على القرآن من خلال الوحي الذي نزل به الروح الأمين على قلبه ، فهو صلّی الله عليه وآله وسلّم أول مضطلع بحمله ، فعرّف البشريّة به كما اُنزل ، فهو صلّی الله عليه وآله وسلّم أعرف شخص بهذا الكتاب العظيم.
وكان علي أمير المؤمنين عليه السلام ابن عمّه ، ربّاه في حجره صبيّاً ، طلبه من والده أبي طالب لمّا أصابت قريشاً أزمة ، فأخذه معه إلى بيته ، وذلك قبل البعثة الشريفة بسنين ، فلم يزل عليه السلام معه صلّی الله عليه وآله ، نهاراً وليلاً ، حتّى بُعِثَ صلّی الله عليه وآله نبيّاً ، ولم يفارق عليّ عليه السلام داره بعد ذلك ، بل ظلّ معه في منزله ، حتى زوّجه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ابنته فاطمة الزهراء.
[ لاحظ الإستيعاب ج 1 ص 25 ـ 26 ]
وظلّ الإمام مع النبيّ ، رفيقاً وناصراً ، وفادياً بنفسه ، ومجابهاً الأهوال والمخاطر من أجله ، ومجاهداً معه الكفّار في كلّ الحروب والمعارك ، فكان مؤمنَ حقّ به ، ورفيق صدق له ، والنبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم يعلّمه ويرشده ، فهو أقرب الناس من علي عليه السلام ، وأعرفهم به وبمنزلته ومقامه.
فالنبيّ الأكرم صلّی الله عليه وآله وسلّم هو أدرى إنسان بالقرآن وأهدافه ، وأعرف إنسان بعلي عليه السلام وقابليّاته ، وإذا علمنا بأنّه « لا ينطق عن الهوى » بنصّ القرآن الكريم. فلو قال : ما ورد في الحديث « علي مع القرآن ، والقرآن مع علي » فعلی ماذا يدلّ هذا الكلام ؟
وما هي أبعاد هذا القول ؟
نقول : إنّ الحديث يحتوي على جملتين :
1 ـ إنّ عليّاً مع القرآن.
2 ـ إنّ القرآن مع علي.
أمّا الجملة الاُولى : فمعيّة علي للقرآن لاتخلو من أحد معان ثلاث :
الأول : أنّ عليّاً متحمِل للقرآن حقّ التحمّل ، وعارف به حقّ المعرفة.
وتضلعُّ علي بالقرآن وعلومه ممّا سارت به الركبان ، فقد حاز السبق في هذا الميدان ، بمقتضى ظروفه الخاصّة التي أشرنا إلى طرف منها قبيل هذا.
وقد تضافرت الآثار المعبّرة عن ذلك وأعلن هو عليه السلام عنه ، كنعمة منحها الله إيّاه ، تحديثاً بها ، وأداء لواجب شكرها ، وقياماً بواجب إرشاد الاُمّة إلى التمسّك بحبل القرآن ، ومنعها عن الإنحراف والطغيان ، فورد في الأخبار أنّه نادى خطيباً على المنبر :
سلوني ، فوالله لا تسألوني عن شيء إلّا أخبرتكم ، سلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلّا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار ، أم في سهل أم في جبل.
[ الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقّه ج ص ، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل « ج 1 ص 30 ـ 31 الفصل 4 » ، والمحبّ الطبري في الرياض النضرة « ج 2 ص 262 » ، وابن عبد البرّ في الإستيعاب « ج 2 ص 509 » ، وجامع بيان العلم « ج 1 ص 114 » ، والخوارزمي في المناقب « ص 49 » ، وابن حجر في تهذيب التهذيب « ج 7 ص 7 ـ 338 » ، وفتح الباري شرح البخاري « ج 8 ص 485 » ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء « ص 185 » ، وفي الإتقان « ج 2 ص 318 ـ 319 » الطبعة الاُولى ]
وقال عليه السلام : والله ، ما نزلت آية إلّا وقد علمت فيم اُنزلت ! و أين اُنزلت ! إنّ ربّي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً سؤولاً.
[ ابن سعد في الطبقات الكبرى « ج 2 ص 338 » ، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل « ج 1 ص 33 » ، و أبونعيم في حلية الأولياء « ج 1 ص 68 » ، والخوارزمي في المناقب « ص 46 » ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب « ب 52 ص 208 » ، وفي الصواعق المحرقة لابن حجر « ص 76 » ]
وقد أقرّ أعلام الصحابة و كبار التابعين للإمام عليه السلام بهذا المقام في العلم بالقرآن.
ففي رواية عن عمر بن الخطاب ، قال : علي أعلم الناس بما اُنزل على محمّد صلّی الله عليه وآله وسلّم.
[ شواهد التنزيل « ج 1 ص 30 » ]
وعن عبدالله بن مسعود : إنّ القرآن اُنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلّا له ظهر و بطن ، وإنّ علي بن أبي طالب عنده علم الظاهر والباطن.
[ أبونعيم في حلية الأولياء « ج 1 ص 65 » ، و رواه القندوزي في الينابيع « ب 65 ص 448 » عن ابن عبّاس ]
وعن عبدالله بن عبّاس قال : علم النبيّ صلّی الله عليه وآله من علم الله ، وعلم عليّ من علم النبيّ ، وعلمي من علم علي ، وما علمي وعلم الصحابة في علم علي إلّا كقطرة في سبعة أبحر.
[ الينابيع « ب 14 ص 80 » ]
وعن عامر الشعبي : ما أحد أعلم بما بين اللوحين من كتاب الله ـ بعد نبيّ الله ـ من علي بن أبي طالب.
[ شواهد التنزيل « ج 1 ص 36 » ]
وكيف لا يكون كذلك وقد تربّی في حجر نزل القرآن فيه ، فكانا ـ هو والقرآن ـ رضيعي لبان ، وقد كان يأخذه من فم رسول الله غضّاً.
[ مناقب الخوارزمي ص 16 ـ 22 ]
ويقول هو عليه السلام في هذا المعنى : ما نزلت على رسول الله آية من القرآن ، إلّا أقرأنيها ، أو أملاها عليَّ فأكتبها بخطّي ، وعلّمني تأويلها وتفسيرها ، وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، ودعا الله لي أن يعلّمني فهمها وحِفْظها ، فلم أنس منه حرفاً واحداً.
[ شواهد التنزيل « ج 1 ص 35 » ]
المعنى الثاني : أنّ الإمام واقف مع القرآن في الدفاع عنه والنصرة له ، فهو المحامي عنه بكلّ معنى الكلمة ، و معه بكلّ ما اُوتي من حول وقوّة ، والمتصدّي لتطبيق أحكامه ودفع الشبه عنها ، وإعلاء برهانه وتوضيح دلائله ، وتبليغ معانيه وأهدافه ، والمحافظة على نصّه.
وقد تكلّلت جهوده في هذا المجال بمبادرته العظيمة إلى تأليف آياته وجمع سوره بعد وفاة الرسول الأكرم صلّی الله عليه وآله وسلّم مباشرة ، بالرغم من فجعة المصاب وعنف الصدمة بفقده ، فمنذ يوم وفاته اختار الإمام عليه السلام الإنفراد ، واعتكف في الدار ، منهمكاً بالمهمّة ، وهو لها أهل ، حفاظاً على أعظم مصدر للشريعة والفكر الإسلامي من الضياع والتحريف والتلاعب ، وعلى حدّ قوله عليه السلام : « خشية أن ينقلب القرآن ».
وقد تناقلت هذا الإقدام صحف الأعلام :
فعن عبد خير ، عن علي عليه السلام أنّه رأى من الناس طيرة عند وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فأقسم أن لا يضع على ظهره رداء حتّى يجمع القرآن ، فجلس في بيته حتّى جمع القرآن ، فهو أوّل مصحف جمع فيه القرآن ، جمع من قلبه.
[ ابن سعد في الطبقات الكبرى « ج 2 ص 338 » ، وأبونعيم في حلية الأولياء « ج 1 ص 67 » ، وشواهد التنزيل « ج 1 ص 26 ـ 28 الفصل 3 » ، والخوارزمي في المناقب « ص 49 » ، والصواعق المحرقة لابن حجر « ص 76 » ].
وتدلّ على هذا المعنى الأحاديث المرويّة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بعنوان « إنّ عليّاً يقاتل على تأويل القرآن » وهي كثيرة ، نورد بعضها :
1 ـ أخرج أحمد والحاكم بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري : انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لعليّ : إنّك تقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله.
[ الصواعق المحرقة لابن حجر « ص 74 » ، والإصابة في معرفة الصحابة « ج 1 ص 25 » ].
2 ـ المناقب السبعون ، « الحديث 15 » : عن وهب البصري قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أنا اُقاتل على تنزيل القرآن ، وعلي يقاتل على تأويل القرآن ، رواه صاحب الفردوس.
[ ينابيع المودّة « ب 56 ص 276 » ].
3 ـ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنّ فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ، وهو علي بن أبي طالب.
[ الحاكم في المستدرك « ج 3 ص 122 ـ 123 » ، وأبونعيم في الحلية « ج 1 ص 67 » ، والنسائي في الخصائص « ص 131 » ، وابن المغازلي في المناقب « ص 54 رقم 78 » و « ص 298 رقم 341 » و بذيله عن الكلابي في مسنده « ص 438 رقم 23 » ، وأخرج بمعناه أحمد في مسنده « ج 3 ص 31 و 33 و 82 » وبهامشه منتخب كنز العمال « ج 5 ص 33 » وأشار إلى أبي يعلى والبيهقي وسعيد بن منصور وغيرهم ].
وتعني هذه الروايات أنّ عليّاً عليه السلام يقاتل الآخرين دفاعاً عن القرآن وتطبيقه ، كما قاتل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الكفّار من أجل نزوله والتصديق به.
المعنى الثالث : أنّ الإمام عليه السلام مع القرآن في مسير الهداية ، يشتركان في أداء الهدف من خلافتهما عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فالقرآن يشرّع وعليّ ينفّذ ، والقرآن طريق رشاد وعليّ خير هادٍ على هذا الطريق ، والقرآن هو الحقيقة الثابتة والنصّ المحفوظ ، أمّا علي فهو الناطق باسمه ، والمفسّر لما تشابه منه.
يقول عليه السلام عن القرآن :
« ... النور المقتدى به ، ذلك القرآن ، فاستنطقوه ! ولن ينطق !
ولكن اُخبركم عنه : ألا إنّ فيه علم ما يأتي ، الحديث عن الماضي ، و دواء دائكم ، و نظم ما بينكم ... ».
[ نهج البلاغة ، الخطبة « 156 » ص 180 ]
والأحاديث الشريفة الدالّة على هذا المعنى تنصّ على أنّ القرآن وعليّاً عليه السلام نصبهما الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم علمين ، خلّفهما في اُمّته من بعده ، ليكونا استمراراً لوجوده بينهم ، فلا تضلّ الاُمّة بعده أبداً ما تمسّكت بهما ، ونهاهم عن التخلّف عنهما ، وهما « الثقلان » أخبر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّهما « معاً ، لا يفترقان » الى يوم القيامة.
و بِنَصّ حديث الثقلين ، فإنّ التمسّك بهما معاً واجب ، فلا يغني أحدهما عن الآخر ، فالكتاب وحده ليس حسبنا ، بل هو أحد الثقلين ، والآخر هو العترة الطاهرة : أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه وعليهم ، والإمام عليّ عليه السلام سيّد العترة وزعيمهم.
وإليك بعض نصوص الحديث :
عن زيد بن ثابت : قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم :
إنّي تارك فيكم خليفتين ، كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يتفرّقا حتّى يردا عليَّ الحوض.
[ مسند أحمد بن حنبل « ج 3 ص 14 و 17 و 26 و 59 » و « ج 4 ص 367 و 371 » ، ورواه في المناقب أيضاً ، ورواه الترمذي في الجامع الصحيح « كتاب المناقب 546 ب 31 » ، ورواه الطبراني في المعجم الصغير « ج 1 ص 131 و 135 » ، وفي المعجم الكبير أيضاً ، وذكره السيوطي في الجامع الصغير « ج 1 ص 104 » وقال : صحيح ].
وأمّا الجملة الثانية : فمعيّة القرآن لعليّ عليه السلام ، لها معنيان ، على وجه منع الخلو :
الأوّل : إنّ القرآن هو مع عليّ عليه السلام جنباً إلى جنب في مسير هداية العباد ، فالقرآن ثاني اثنين إلى جنب أهل البيت في الخلافة عن النبيّ الكريم صلّى الله عليه وآله وسلّم.
فهما الثقلان اللذان خلّفهما النبيّ لهداية الاُمّة ، وأخبر أنّهما معاً لا يفترقان حتّى يردا عليه الحوض يوم القيامة.
المعنى الثاني : إنّ القرآن هو مع عليّ عليه السلام في الإعلان بفضله والنداء بإثبات حقّه ، فإنّ الإمام هو الكاشف عن أسرار الكتاب ، والناطق عنه ، والمبيّن لحقائقه الناصعة الرصينة ، والمعلن عن فضله والأمين على حفظه روحاً ومعنويّاً ، ولفظاً وظاهريّاً.
فكذلك القرآن يتصدّى ـ بفصيح آياته ولطيف كناياته ـ للإشادة بفضل الإمام عليّ عليه السلام ، وبيان عظيم منزلته في الإيمان بالسبق والثبات ، وفي العمل بالإخلاص والجدّ ، وفي القرب من الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم بالتضحية والفداء والطاعة والحبّ.
وقد تضافرت الآثار عن كبار الصحابة في هذا المعنى.
1 ـ فعن ابن عبّاس : قال : ما نزل في أحدٍ من كتاب الله تعالى ما نزل في عليّ.
2 ـ وعنه أيضاً : قال : نزلت في عليّ ثلاثمائة آية.
3 ـ وعن مجاهد ، قال : نزلت في علي سبعون آية لم يشركه فيها أحد.
[ شواهد التنزيل ج 1 ص 39 ـ 43 الفصل الخامس ]
وأمّا التفصيل في هذا المعنى فهو ما حاول مؤلّفو الكتب السابقة المعنونة باسم « ما نزل من القرآن في عليّ » استيعابه في كتبهم ، كلٌّ حسب ما وقف عليه من الروايات.
ومن الملاحظ أنّ هذه المؤلّفات ، وبهذا العنوان بالخصوص ، كانت شائعة في القرون الاُولى بشكل واسع ، فأكثر مؤلّفيها هم من أعلام تلك القرون مثل : الثقفي « ت 283 » ، والحبري « ت 286 » ، وابن شمّون و فرات الكوفي « ق 4 » ، وابن أبي الثلج البغدادي « ت 325 » ، والجلودي البصري « ت 332 » ، وأبي الفرج الإصفهاني « ت 356 » ، والخيبري « ت 376 » ، والمرزباني « ت 378 » ، والجوهري « ت 401 » ، والشيخ المفيد « ت 413 » ، وأبونعيم الإصفهاني « 430 » وغيرهم.
وإذا لاحظ الناقد ترجمة هؤلاء الأعلام ووقف على مراتبهم السامية عند المحدّثين والعلماء ، وراجع مؤلّفاتهم القيّمة في هذا الموضوع ، ونقد أسانيدها ، تمكّن من معرفة السرّ في التزامهم بتأليف هذا النوع من الكتب وتحت هذا العنوان بالذات.
وفقنا الله للعلم والعمل ، وهدانا إلى أقوم السبل ، وصلّى الله على محمّد سيّد الرُسل ، وعلى آله الطيّبين الطاهرين أئمّة الحقّ والعدل.
« سبحانَ ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون ، وسلام على المرسلين والحمدلله ربّ العالمين »
الهوامش
1. جمع الجلال السيوطي ما نقل عن ابن عبّاس في هذا المعنى في كتابه : الإتقان في علوم القرآن « ج 2 ص 6 ـ 106 ».
2. لاحظ الفقيه والمتفقّه للخطيب « ص » ، تأسيس الشيعة للسيّد الصدر « ص 322 ».
3. سعد السعود لابن طاووس « ص 287 و 296 » ، البرهان في علوم القرآن للزركشي « ج 1 ص 8 ».
4. تاريخ التراث العربي « المجلّد الأوّل ج 1 ص 177 ».
5. الإتقان ، للسيوطي « ج 4 ص 193 » ، ولاحظ الذريعة « ج 3 ص 34 ».
6. بحار الأنوار للمجلسي « ج 93 ص 9 » نقلاً عن تفسير النعماني.
7. تأسيس الشيعة « ص 318 » ، و سيأتي في نهاية هذا البحث ذكر أحاديث اُخرى بهذا المضمون.
8. تفسير الحبري ، الحديث « 37 و 74 » ، شواهد التنزيل للحسكاني « ج 1 ص 280 » ، وسنتحدّث في خاتمة هذا البحث عن ارتباط الإمام بالقرآن.
9. المحرّر الوجيز « ج 1 ص 8 ـ 9 » من مخطوطة دار الكتب المصريّة رقم « 168 » تفسير ، بواسطة البرهان للزركشي « ج 1 ص 8 » بتحقيق أبوالفضل إبراهيم.
10. أسباب النزول للواحدي « ص 4 ».
11. آراء سماحة السيد العلّامة الفاني « حول القرآن » « ص 29 ».
12. معجم مصنّفات القرآن الكريم « ج 1 ص 6 ـ 127 ».
13. الإتقان « ج 1 ص 107 ».
14. المصدر السابق « ج 1 ص 7 ـ 109 ».
15. روضة الناظر وجنّة المناظر لابن قدامة المقدسي « ص 5 ـ 206 » ، وانظر الإتقان للسيوطي « ج 1 ص 110 ».
16. روضة الناظر « ص 206 ».
17. الإتقان « ج 1 ص 107 ».
18. المصدر السابق « ج 1 ص 109 ».
19. المصدر نفسه « ج 1 ص 8 ـ 109 ».
20. المصدر نفسه « ج 1 ص 112 ».
21. المصدر نفسه « ج 1 ص 12 ـ 113 ».
22. تفسير الحبري ـ بتحقيقنا ـ الحديث « 66 » « ص 47 » من الطبعة الاُولى.
23. ذكر هذا الحديث مرفوعاً عن عليّ عليه السلام في عدّة من التفاسير والمصادر الحديثيّة مثل : تفسير القرطبي « 17 / 302 » ، وابن جرير « 28 / 15 » ، وابن كثير « 4 / 327 » ، ومثل : كنز العمال « 3 / 155 » ، ومناقب ابن المغازلي « ص 114 و ص 325 » ، وكفاية الطالب للكنجي « ص 135 » ، وأحكام القرآن للجصاص « ج 3 ص 526 » ، والدرّ المنثور « 6 / 185 ».
ورواه في الرياض النضرة للطبري « 2 / 265 » عن ابن الجوزي في أسباب النزول ، وذكره الواحدي في أسباب النزول « ص 276 » ، وانظر : جامع الاُصول للجزري « 2 / 2 ـ 453 » ، وفتح القدير « 5 / 186 ».
نقلنا هذه التخريجات من تفسير الحبري ، تخريج الحديث « 66 ».
24. الإتقان « ج 1 ص 116 ».
25. أسباب النزول للواحدي « ص 4 ».
26. الإتقان « ج 1 ص 115 ».
27. لاحظ : مغني اللبيب لابن هشام « ص 224 ».
28. الإتقان « ج 1 ص 116 ».
29. المصدر السابق « ج 1 ص 5 ـ 116 ».
30. التفسير الكبير
31. محجّة العلماء « ص 258 ».
32. المصدر والموضع.
33. أسباب النزول « ص 4 ».
34. الإتقان « ج 1 ص 114 ».
35. تدريب الراوي « ص 115 » عن المستدرك للحاكم ، ونقله في « ص 116 » عن معرفة علوم الحديث للحاكم.
36. تدريب الراوي « ص 115 ».
37. تقريب النواوي متن تدريب الراوي « ص 107 ».
38. تدريب الراوي « ص 107 ».
39. المصدر « ص 108 ».
40. المصدر والموضع.
41. روضة الناظر « ص 112 ».
42. تدريب الراوي شرح تقريب النواوي « ص 126 ».
43. تقريب النواوي المطبوع مع التدريب « ص 118 ».
44. الإتقان « ج 1 ص 117 ».
45. البرهان في علوم القرآن للزركشي « ج 2 ص 158 ».
46. تدريب الراوي « ص 120 ».
47. المصدر والموضع.
48. المصدر والموضع.
49. المصدر « ص 106 ».
50. الرفع والتكميل في الجرح والتعديل « ص 136 ».
51. المصدر السابق « ص 137 ».
52. منهج النقد في علوم الحديث « ص 290 ».
53. تدريب الراوي بشرح تقريب النواوي « ص 104 ».
54. منهج النقد « ص 418 ».
55. المصدر والموضع السابقان.
56. الإتقان « ج 1 ص 120 ».
57. تهذيب التهذيب « ج 1 ص 267 ».
58. نقله في هامش الرفع والتكميل « ص 122 ».
59. ميزان الإعتدال « ج 2 ص 231 ».
60. الرفع والتكميل « ص 122 ـ 123 ».
61. منهج النقد « ص 288 » الهامش « 1 ».
62. تدريب الراوي « ص 106 ».
63. البرهان للزركشي « ج 2 ص 159 ».
64. لسان الميزان « ج 7 ص 359 ».
65. المصدر السابق ، نفس الموضع.
مقتبس من مجلّة [ تراثنا ] / العدد : 4 / الصفحة : 19 ـ 67
التعلیقات