الحسن المثنّى بن الإمام الحسن المجتبى
الشيخ ذبيح الله المحلاتي
منذ سنتينالحسن المثنّى بن الإمام الحسن المجتبى
الحسن المثنّى (1) أُمّه خولة بنت منظور الفزاري ، لذلك لمّا أراد القوم قطع الرؤوس وحملها إلى ابن زياد كان الحسن ما يزال فيه رمق ، وكان أسماء بن خارجة حاضراً ، فقال : هذا ابن أختنا فدعوه ، فإن وهبه الأمير لي وإلّا أجرى فيه حكمه ، فحمله معه إلى الكوفة وبلغ ابن زياد الخبر فرأى من مصلحته أن يهبه إلى أسماء بن خارجة لأنّه رئيس بني فزارة ومن أشراف قبائل الكوفة ، وكان أسماء يكنّى أبا حسّان ، وعمل على مداواته حتّى عوفي فسكن المدينة إلى أن توفّي بها وكان قد تزوّج فاطمة بنت الحسين عليه السلام التي ترجمت لها في الجلد الثالث من رياحين الشريعة وهو خاصّ بتراجم عالمات الشيعة.
ولمّا بلغ الإمام الحسين رغبة الحسن في الزواج من إحدى كريمتيه أحضره وقال : يابن أخي ، إنّما هما اثنتان فاختر أحبّهما إلى قلبك ، فطأطأ الحسن رأسه حياءاً ، فقال الإمام الحسين عليه السلام : إنّي اخترت لك ابنتي فاطمة فإنّها أشبه الناس بأُمّي فاطمة ، فأولدها الحسن عليه السلام ثلاثة أولاد : عبدالله المحض وإبراهيم القمر والحسن المثلّث وابنتين إحداهما تسمّى زينب والأُخرى أُمّ كلثوم ، وكان في المدينة على رأس بني هاشم جليل القدر عظيم المنزلة ، له احترام جمّ.
وجاءه عمّه ذات يوم في عهد الحجّاج ونازعه على صدقات أمير المؤمنين وطلب منه أن يشاركه فيها فامتنع الحسن أشدّ امتناع فشكاه عمر إلى الحجّاج فأحضره الحجّاج وقال له : يا أبا محمّد ، هذا عمر بن عليّ عمّك وبقيّة أبناء أبيك عليّ فأشركه في صدقاته ، فقال الحسن المثنّى : أما والله لا غيّرت شرطاً شرطه جدّي عليّ عليه السلام ولا أُدخل من لم يدخله عليّ عليه السلام ، فقال الحجّاج : وما الذي شرطه عليّ ؟! فقال الحسن المثنّى : كان جدّي قد اشترط أن يلي صدقاته أولاد فاطمة الزهراء عليها السلام ، فعزم الحجّاج على إشراك عمر قهراً ، فغادر الحسن إلى الشام وشكى حاله إلى عبدالملك بن مروان ، فكتب عبدالملك إلى الحجّاج كتاباً : إنّي لا آذن لك أن تدخل نفسك في شئون الحسن المثنّى وأن تغيّر شرطاً اشترطوه في صدقاتهم وهي في يد الحسن المثنّى ولم تزل في يده حتّى توفّي وانتقلت إلى ولده عبدالله المحض.
ولمّا انتقل إلى الرفيق الأعلى ـ أعنى الحسن المثنّى ـ ضربت زوجته خيمة على قبره وعكفت عليه تبكيه ، ولمّا حال الحول وأرادت العودة إلى حيث كانت ناداه منادٍ من جانب القبر :
* هل وجدوا ما فقدوا *
فأجابه صائح آخر :
* بل يئسوا فانصرفوا *
الهوامش
1. ذكره المفيد في الإرشاد قال : الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام المعروف بالحسن المثنّى ، كان جليلاً رئيساً فاضلاً ورعاً ، وكان يلي صدقات أمير المؤمنين في وقته وله مع الحجّاج خبر ذكره الزبير بن بكار وكان حضر مع عمّه الحسين عليه السلام الطفّ فلمّا قتل الحسين وأُسر الباقون من أهله جاء أسماء بن خارجة فانتزعه من بين الأُسراء. الإرشاد 22 : 2 و 25.
وقال السيّد في اللهوف : الحسن بن الحسن المثنّى كان قد واسى عمّه في الصبر على الرماح وإنّما ارتُثّ وقد أُثخن بالجراح قتل بين يدي عمّه الحسين عليه السلام سبعة عشر نفساً وأصابه ثمانية عشر جراحة فوقع فأخذه خاله أسماء بن خارجة فحمله إلى الكوفة وداواه حتّى برء وحمله إلى المدينة. اللهوف ، ص 174.
مقتبس من كتاب : [ فرسان الهيجاء ] / المجلّد : 1 / الصفحة : 173 ـ 175
التعلیقات