رسالة العلم… في يوم الطالب العالمي
تربية طفلك
منذ 3 ساعاتيأتي اليوم العالمي للطلاب في 17 نوفمبر من كلّ عام، ليذكّر العالم بأنّ الطلاب ليسوا فقط متلقّين للعلم، بل هم القلب النابض للمجتمع، وصانعو مستقبله. وقد وُلِد هذا اليوم من ذكرى مؤلمة عام 1939 عندما احتلّ النازيون الجامعات التشيكية وقَتَلوا عددًا من الطلاب واعتقلوا آخرين. ومع مرور الزمن تحوّل هذا الحدث إلى مناسبةٍ عالميّة يحتفل بها العالم تقديرًا لقيمة الطلاب، واحترامًا لدورهم في نهضة المجتمع.
اليوم لم يعُد الاحتفال ذا طابع سياسي، بل صار مناسبة تُبرز تنوع الطلاب الثقافي، وحقّهم في التعلّم، وواجب المجتمع تجاههم.
في السابع عشر من نوفمبر من كل عام، يقف العالم كلّه ليُكرّم الطلّاب، ويستذكر شجاعتهم وصوتهم الذي لا ينطفئ. إنّه اليوم الذي يُذكّرنا بأنّ درب العلم لم يكن يومًا مجرّد فصول وكتب، بل رحلة وعيٍ، ونهضةٍ، ومسؤوليةٍ تجاه النفس والمجتمع.
وفي هذا اليوم، يليق بنا أن نفتح نوافذ قلوبنا على كلمات أهل البيت عليهم السلام، الذين جعلوا العلم محور الحياة ومفتاح اليقظة.
العلم… سلوك يومي لا مناسبة عابرة
يقول الإمام الصادق سلام الله علیه: « لَسْتُ أُحِبُّ أَنْ أَرَى الشَّابَّ مِنْكُمْ إِلَّا غَادِياً فِي حَالَيْنِ: إِمَّا عَالِماً أَوْ مُتَعَلِّماً » (1)
هذه الرواية تُعلّمنا أنّ الإنسان بين طريقين: إمّا أن يكون صانعًا للمعرفة أو سالكًا طريقها.
وفي يوم الطالب العالمي، نتذكّر أنّ العلم ليس نشاطًا مدرسيًا ينتهي مع آخر الجرس، بل هو موقف داخلي، ورغبة مستمرة في الفَهم، وتغيير النفس نحو الأفضل.
العلم نور يفتح البصيرة… ويوقظ الإنسان من الغفلة
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « الْعِلْمَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ وَ نُورُ الْأَبْصَارِ مِنَ الْعَمَى، وَ قُوَّةُ الْأَبْدَانِ مِنَ الضَّعْفِ » (2).
وهذه الكلمات تقدّم لنا معنى عميقًا: فالعلم ليس معلومات تُحفظ، بل هو نورٌ يكشف الحقائق، ويجعل الإنسان يقف على قدميه أمام الظلم والفساد.
إنّه الشرارة التي توقظ القلب من الغفلة، وتمنح صاحبها بصيرة تميّز بين الطريقين.
واجبات الطالبة في مرآة الروايات
يقول الإمام علي عليه السلام: « على المتعلّم أن يؤدّب نفسه فى طلب العلم و لا يملّ من تعلّمه و لا يستكثر ما علم » (3).
هذه الرواية تحوّل الطالبة إلى صاحبة مسؤولية واضحة: الاجتهاد، والصبر، والتواضع العلمي.
فالعلم رحلة تحتاج إلى ثبات، وإلى قلب لا يتكبر بما تعلّم، ولا يَملّ من متابعة الطريق.
ثمّ تأتي كلمة النبيّ صلى الله عليه وآله لتؤكّد أنّ طلب العلم ليس شأن الرجال وحدهم، بل مسؤولية مشتركة بين المرأة والرجل، حيث قال: « طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَ مُسْلِمَةٍ » (4).
وفي ضوء هذا الحديث، يتّضح أنّ المرأة ليست متلقّيًا ثانويًا للعلم، بل هي شريكة في نهضة المعرفة.
فالمرأة المتعلّمة تصبح زوجةً أكثر وعيًا، ومربيةً أقدر على تنشئة جيلٍ واعٍ، وبذلك تُسهم في تقوية بنيان الأسرة واستقرارها؛ وهي قيمة حثّ عليها الإسلام وجعلها من ركائز المجتمع الصالح.
ومن هنا، فإنّ العلم بالنسبة للطالبة ليس مجرّد واجب، بل مفتاح لنضجها، ولبناء أسرة واعية، ولمجتمع أكثر بصيرة واتزانًا.
اليوم العالمي للطالب: نافذة على رؤية دوليّة
اليوم العالمي للطالب مناسبة عالميّة تهدف إلى تشجيع التعلّم، وتنمية المشاركة الفعّالة، وتقوية روح التعاون بين الطلاب في مختلف الدول. هذا اليوم فرصة ليفتح الطالب عينيه على العالم، ويتعرّف إلى أساليب جديدة في التعلّم، ويكتسب مهارات تساعده في حياته المدرسيّة والاجتماعية.
في كثير من البلدان تُنظَّم فعاليات متنوّعة في هذا اليوم، مثل:
1. الندوات وورش العمل التي تطوّر مهارات الطالب العلميّة والاجتماعيّة.
2. الأنشطة الثقافيّة والفنيّة كالمعارض، والمسرح القصير، والعروض الموسيقيّة.
3. المشاريع العلميّة والجماعيّة التي تقوّي روح التعاون وتُنمّي الإبداع.
4. برامج توعويّة حول أهميّة التعلّم، واحترام الآخرين، وأدب العمل الجماعي.
هذه الفعاليات تمنح الطالب رؤية أوسع للتعليم، وتشجّعه على أن يكون أكثر اندفاعًا نحو التطوّر الشخصي والعلمي. كما أنّها تجعل المدرسة مكانًا حيًّا مليئًا بالتجارب الجميلة، لا مجرّد صفوف وكتب.
والرسالة المشتركة بين اليوم العالمي للطالب واليوم الوطني في بعض الدول هي: الاحتفاء بالعلم، وتشجيع الجهد، ورفع مكانة الطالب في المجتمع. فكلّما شعر الطالب أنّه جزء مهم من وطنه، زاد حرصه على النجاح وبناء مستقبل أفضل.
ومع مرور السنوات، تحوّل اليوم العالمي للطالب إلى مناسبة تُبرز تنوع الهويات والثقافات الطلابية في العالم، فتحتفل بعض الجامعات بهذا اليوم بروح غير سياسية، مركّزةً على قيم التعاون، والانفتاح، وتعدد الخلفيات الثقافية بين الدارسين.
وإدراج هذا اليوم في ذاكرة العالم ليس مجرد احتفال، بل رسالة تقول: إن الطالب قادر على أن يكون صوتًا للعدالة، ورمزًا للوعي، وأن العلم هو السلاح الذي تكتب به الشعوب مستقبلها.
كيف نَجعل يوم الطالب يوماً مُلهِماً ولا يُنسى؟
لتحويل يوم الطالب إلى تجربة جميلة وذات أثر، يمكن القيام بخطوات بسيطة تُطبَّق في المدرسة وفي البيت معًا.
في المدرسة، يمكن للمعلمين تنظيم مسابقات علميّة صغيرة، أو معرض لأعمال الطلاب الفنيّة، أو ورشات قصيرة لتنمية المهارات الاجتماعية. هذه الأنشطة تزيد الحماس عند الطلاب، وتُشجّعهم على المشاركة والتعلّم بطريقة ممتعة. كما أنّ الأنشطة الجماعيّة ـ مثل الألعاب الفريقية، والمشاريع المشتركة، والتحديات الإبداعية ـ تعزّز روح التعاون والانتماء إلى المدرسة، وتجعل التعلّم تجربة مليئة بالمرح.
وفي البيت أيضًا تستطيع الأسرة أن تجعل يوم الطالب يومًا مميّزًا لابنها أو بنتها. يمكن مثلًا القيام بأنشطة بسيطة مثل قراءة قصة معًا، تنفيذ مشروع فني، لعب ألعاب فكرية، أو الحديث عن الأحلام والأهداف المستقبلية. كما يمكن مشاركة الأبناء في برامج تُنمّي مهارات الحياة بطريقة لطيفة وممتعة. حتى الأمور الصغيرة ـ مثل كتابة رسالة تشجيع قصيرة، أو إهداء دفتر جميل للتحفيز، أو وضع نبتة صغيرة على مكتب الدراسة ـ يمكن أن تُعطي للطالب شعورًا بالاهتمام وتزيد من ثقته بنفسه.
ويمكن أيضًا تخصيص جزء من هذا اليوم لتقوية المهارات الاجتماعية والذكاء العاطفي من خلال أنشطة جماعية تحتاج إلى اتخاذ القرارات، وحلّ المشكلات، والتعاون بين الطلاب. بهذه الطريقة يشعر الطالب بالمتعة، ويتعلّم في الوقت نفسه مهارات عملية يحتاجها في حياته اليومية.
وعندما يجتمع المرح مع التعلّم الحقيقي، يصبح يوم الطالب ذكرى جميلة وتجربة مُلهِمة تبقى في قلب كلّ طالب لوقتٍ طويل.
الخاتمة
في يوم الطالب العالمي نتذكّر أنّ العلم ليس مجرّد كتب وامتحانات، بل هو مسؤولية ورسالة. الطالب الذي يحمل احترام المعلم، والصبر أمام صعوبات الدراسة، وروح التعاون مع زملائه، هو الذي يصنع مستقبله بيده. وكلّ بيت يزرع في أولاده حبّ التعلم والأخلاق الحسنة، فإنما يضع أساسًا لمجتمع أقوى وأقرب إلى قيم الإسلام.
أسئلة وأجوبة
1. لماذا يُعدّ يوم الطالب العالمي مهمًا للمجتمع؟
الجواب: لأنه يذكّر بدور الطلاب في بناء المستقبل، ويشجّع العائلات والمدارس على دعمهم وإعدادهم ليكونوا نافعين في المجتمع.
2. ما معنى صبر الطالب في ضوء الروايات؟
الجواب: الصبر يعني أن يتحمّل الطالب التعب، وكثرة الدروس، والضغوط، دون أن يترك الدراسة. مثلما يصبر على فهم مسألة صعبة أو حفظ درس طويل.
3. لماذا هو ضروري احترام المعلم؟
الجواب: لأن المعلم هو الذي يفتح للطالب باب العلم. احترامه يجلب البركة في التعلم، ويجعل قلب الطالب مفتوحًا للفهم والاستفادة.
4. كيف يمكن للطالب تطبيق الصدق في حياته الدراسية؟
الجواب: بالابتعاد عن الغشّ، والاعتراف إذا لم يفهم الدرس، والالتزام بالوعود مثل تسليم الواجبات في وقتها.
5. ما هو التكافل بين الطلاب؟
الجواب: هو أن يساعد الطلاب بعضهم في الدروس، ويتقاسموا الملاحظات، ويشجع الواحد الآخر بدل السخرية أو الإحباط.
6. كيف يكون شكر النعمة في التعليم؟
الجواب: بأن يحافظ الطالب على كتبه، يستغل وقته، يشكر أسرته على توفير الدراسة، ويستخدم علمه في الخير لا في الأذى.
7. ما هي أهم قيمة يحتاجها الطالب اليوم؟
الجواب: الإرادة. لأنها القوة التي تدفعه للاستمرار رغم التعب والمشاكل، وبها ينجح ويتقدّم في حياته الدراسية والشخصية.
1. الأمالي / الشيخ الطوسي / دار الثقافة / الصفحة : 303.
2. الخصال / الشيخ الصدوق / المجلد : 2 / الصفحة : 523.
3. غرر الحكم و درر الكلم / التميمي الآمدي، عبد الواحد بن محمد 1 / الصفحة : 452.
4. مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) / ورّام بن أبي فراس / المجلد : 2 / الصفحة : 176.







التعلیقات