النيروز عند أهل البيت (عليهم السلام)
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 6 سنواتقررت اليونسكو إدراج عيد النوروز في القائمة النموذجية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، كما اعترفت بيوم 21 آذار بوصفه «يوم نوروز الدولي» في شباط 2010 ميلادي.
يحتفل اليوم ما يقرب من 300 مليون شخص في جميع أنحاء العالم بالنوروز، ومن مراسم النوروز تجهيز مائدة خاصة تسمى بـ«سفره ى هفت سين» أي مائدة السينات السبع، التي تحتوي على سبعة أشياء تبدأ بحرف السين. ومن العادات الاخرى ظهور الحاج فيروز في الشوارع، ويرتدي في العادة لباسا أحمر، ويصبغ وجهه بلون أسود، وبعدها يقوم بإنشاد زغاريد شعبية.
توجد عادات وتقاليد لطيفة في هذا اليوم لم تخالف الآداب الإسلامية، بل توافقها مثل المزاورة الموجودة أي تذهب العوائل لزيارة كبار السن مثل الآباء والأمهات والأجداد، وتكون هذه الأيام كلها مليئة بصلة الأرحام، وهي من الآداب الإسلامية المؤكدة والتي لها فوائد اجتماعية ودينية عظيمة، كما جاء في الحديث الشريف عن الإمام الصادق عليه السلام حيث قال: (إن صلة الرحم تزكي الأعمال، وتنمي الأموال، وتيسر الحساب، وتدفع البلوى، وتزيد في الرزق).(1)
ومن العادات الموجودة تنظيف البيوت بشكل أساسي وغسل السجّادات وشراء الملابس الجديدة لأفراد العائلة وتقديم الهداياء، وأيضاً وردت روايات عن طريق أهل البيت عليهم السلام لهذا اليوم مثل ما ذكره المعلى بن خنيس، عن الإمام الصادق عليه السلام في يوم النيروز قال: إذا كان يوم النيروز، فاغتسل، والبس أنظف ثيابك، وتطيب بأطيب طيبك، وتكون ذلك اليوم صائما، فإذا صلّيت النوافل والظهر والعصر، فصلّ بعد ذلك أربع ركعات ، تقرأ....)،(2) وذكر تفاصيل الصلاة الشيخ عباس القمي رحمه الله في كتابه القيّم (مفاتيح الجنان)، فليراجع.
وأيضا هناك رواية وردت في هذا الباب، وهي في قبول هدية أيام نوروز «أتي علي عليه السلام بهدية النيروز.
فقال عليه السلام: ما هذا؟
قالوا: يا أمير المؤمنين اليوم النيروز.
فقال عليه السلام : اصنعوا لنا كل يوم نيروزاً».(3)
وأما فضل هذا اليوم: فَرُوِيَ بِأَسَانِيدَ مُعْتَبَرَةٍ عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ النَّيْرُوزِ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
أَ تَعْرِفُ هَذَا الْيَوْمَ؟ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، هَذَا يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْعَجَمُ وَتَتَهَادَى فِيهِ.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَالْبَيْتِ الْعَتِيقِ الَّذِي بِمَكَّةَ مَا هَذَا إِلَّا لِأَمْرٍ قَدِيمٍ أُفَسِّرُهُ لَكَ حَتَّى تَفْهَمَهُ.
قُلْتُ: يَا سَيِّدِي! إِنَّ عِلْمَ هَذَا مِنْ عِنْدِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَعِيشَ أَمْوَاتِي وَتَمُوتَ أَعْدَائِي!
فَقَالَ: يَا مُعَلَّى! إِنَّ يَوْمَ النَّيْرُوزِ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ فِيهِ مَوَاثِيقَ الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَأَنْ يُؤْمِنُوا بِرُسُلِهِ وَحُجَجِهِ، وَأَنْ يُؤْمِنُوا بِالْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَهُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ، وَهَبَّتْ بِهِ الرِّيَاحُ، وَخُلِقَتْ فِيهِ زَهْرَةُ الْأَرْضِ. وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي اسْتَوَتْ فِيهِ سَفِينَةُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْجُودِيِّ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أَحْيَى اللَّهُ فِيهِ (الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ)(4). وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ جَبْرَئِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي حَمَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى مَنْكِبِهِ حَتَّى رَمَى أَصْنَامَ قُرَيْشٍ مِنْ فَوْقِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَهَشَمَهَا، وَكَذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُبَايِعُوا عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي وَجَّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى وَادِي الْجِنِّ يَأْخُذُ عَلَيْهِمُ الْبَيْعَةَ لَهُ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي بُويِعَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِ الْبَيْعَةَ الثَّانِيَةَ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي ظَفِرَ فِيهِ بِأَهْلِ النَّهْرَوَانِ وَقَتَلَ ذَا الثُّدَيَّةِ وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ قَائِمُنَا وَوُلَاةُ الْأَمْرِ وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يَظْفَرُ فِيهِ قَائِمُنَا بِالدَّجَّالِ فَيَصْلِبُهُ عَلَى كُنَاسَةِ الْكُوفَةِ، وَمَا مِنْ يَوْمِ نَيْرُوزٍ إِلَّا وَنَحْنُ نَتَوَقَّعُ فِيهِ الْفَرَجُ، لِأَنَّهُ مِنْ أَيَّامِنَا وَأَيَّامِ شِيعَتِنَا، حَفِظَتْهُ الْعَجَمُ وَضَيَّعْتُمُوهُ أَنْتُمْ(5).
ــــــــــــــــــــــ
1ـ الكافي: ج 2، ص 157.
2ـ وسائل الشيعة: ج 8، ص 172.
3ـ من لا یحضره الفقیه: ج۳ ، ص ۳۰۰.
4ـ سورة البقرة: 243.
5ـ زاد المعاد: ص 327.
التعلیقات